دِيسْتُوبْيَا

عندما تأتي الوقائع أكثر قهراً ماذا ستفعل؟

أمسِ،كنا نَدْرُسُ المدعو”تاريخ” عبر قيلَ قالَ في الكتب والكُتّاب وردهات المكتبات وحكايات آلخيال؛ أما الآن، متحركا نعاينه _زاحفا في خرافات آلمُحال بلا رِجلين يلعب البهلوان ينهش ما ينهش بلا أنياب بلا أضراس يفتك علنا يهدر ساخرا في أسواق آخر صيحات عُروض الخَيَالة غير مبال. مَسخرة من مسرح آلعبث، نعيشها، يمثلها عُرْجٌ يتراشقون بالقُبل بصحبة عُمي لا يبصرون إلا غبش سواد في ملهاة مُبكية تراجيدية يتابع عتهها جمهورٌ من الحمقى والمغفلين..هذا ما كان..لا داعي للقلق..لنستمر في آلبيات في آلحجر في آلمنع في الحظر في الطوق في التطويق في التسييج فيما شئتم،فأسمج وقائع آلقهر أن تغدو لحظات الحبس الصحي أو الوقائي أو سَمِهِ بما يعن لك من مسميات أزمنة الكبس والضغط، أن تصبح فترات حرجة مزمنة تستغرق معيشك كله أو ما تبقى منه تفرض عليك شروط الاستثناء وشروطا أخرى أكثر جورا وقساوة لا قبل لك بها لم تك مطلقا تخمنها أو تخطر على بالك لتعد لها العدة وتواجه تبعاتها الفجائية.

ماذا خبأ المستقبل للطبيب توماس في رواية “كائن لا تحتمل خفته”؟

ألم يجد “توماس” الطبيب في رواية التشيكي”ميلان كونديرا” كائن لا تحتمل خفته” نفسَه وآخرين في وضعية متغيرة فرضت عليه تحولا إجباريا قاهرا لا يحتمل ثقله؛ فمن جَرًّاح مختص في الدماغ الى عامل نظافة يصقل زجاج الابنية المغشاة بالسخام في دروب براغ الى مُزارع عَرَضي في إحدى قرى الضواحي، ألَم يخطر على بال أحدنا أن مهنة ما آستغرقت أكثر من نصف حياته يمكن في لحظة عبور مارقة تمتد بقدرة قادر تمسي دائمة تُمسَخ الى ما لا يمكن أن يحتمل المرء بثقله وخفته معا، فما عسى الواحد يفعل إذْ تتقدم به سنون الأعمار تجبره على آمتهان مهن كيفما تأتي بها الصدف لسد رمق فيه وأفواه من يعول، هل تُرى فَكَّرنا في هذا الاحتمال الجهنمي الحالك الديستوبي السوداوي القميء، هل أعددنا العدة، هل زودنا ذواتنا بما يكفي من مهارات لتحمل مستجدات القهر، هل نحن على آستعداد لتحمل أكثر مما نطيق…

هل هيّأ الإنسان نفسه لمواجهة المستقبل؟

رواية كونديرا صاغت الاحتمال في تجليات جماعية كان إحدى أمثلتها ما عاشته الشخصية الرئيسة”توماس” الذي تحول مزارعا وجوابَ آفاق في شوارع غرب أوروبا، والسفير التشيكي الذي غدا نادلا في حان ووو… فهل أهَّلْنا أنفسنا بما يكفي من المهارات اليدوية وغير اليدوية من أجل تخفيف ثقل عبء مثل هذه السيناريوهات المشؤومة التي أنبأتنا بها أزمة كورونا وباقي أزمنة الطّوَاعين السابقة واللاحقة لا قدر الله…

_ خطوري عبدالله

فيديو مقال دِيسْتُوبْيَا

 

 

أضف تعليقك هنا