عطر الإحسان

بقلم: عبدالله سلام

وكل من يُستفتى في الإحسان يجيب بإتقان، فهذا الإنسان الذي شاء الله أن يكون خليفة في أرضه، عجيب أمره، يحب أن يحكم ويتهم غيره، وينسى هو عيبه، سأُبدي رأيي حول أصناف قلوب النّاس؛ فهناك التي تُعطرك بصفاء فعلها إذا دنوت منها، وهناك التي تُلطخك بصفاقة فعلها.

كيف يكون الإحسان مزيفاً؟

لنفتتح الكلام بالتي تلطخنا وتلوثنا برائحتها الكريهة، كثير من الناس ينافق نفسه، فيدعي فعل الخير، ونيته خبيثة وله مصلحة شخصية يخفيها وراء فعله الحسن أمام الملأ. وأما مُراوغته وتلاعبه بالألفاظ، فمكر كبير لتأمين ضحاياه. وهكذا لا يَكْشف زيف إحسانه إلا الوقت، لأنه حين يقضي وطره ويحتال على أولئك الأبرياء يهجرهم هجراً أبدياً.

ومن الظواهر المنتشرة نجد قبح الكلام والألفاظ الدنيئة كذلك، جدران المدارس حيثُ التعلم، تراها مُلطخة بأقوال فاحشة وعبارات فاسقة.كم يأسف الواحد حين يسمع قولاً رديئاً وهو يتمشى في مكان ما، أو حين نرى وراء شاشة الهاتف اتهامات في تعليقات على صفحات التواصل الإجتماعي. بل هناك من يبالغ في الحكم على الآخرين فيعبر عن رأيه بعبارات نتنة.

صفات الإحسان الحقيقي 

أما الإحسان فهو عطر القلب السليم الفتّان، فإن كان تفتح الورود ذا عطر وبهاء، فتفتح القلب بإحسانه للإنسان فيه عطر ونقاء. وسبحان الله العين تراه ! ترى سخاء المُحسن إذا أنفق، وترى نفاق المنافق إذا أنفق. عطر السخاء ليس كعطر أهل الأهواء، فالسخي يحسن ويعطي بقلب عطر زكي مليء بمكارم الأخلاق، والمُخادع يُنفق إذا اقتضى الأمر ذلك كي ينهب بعد ذلك ويسرق.

من تجليات عطر الإحسان، لين الكلام ، فالإنسان الحصيف، يقذف عطراً جميلاً إذا تكلم، ويعطر من حوله به. كلماته تؤنس وتخفف وتبشر بالخير، الإنسان العطوف حقًاً، لا يحب أن يُحمد على فعل قام به، فيزداد عطره وبخصاله الحميدة مميز لدى كل من يخالطه.إنه مفتاح للخير مغلاق للشّر، يطعم ويُكرم ولايخشى الإملاق، فقلبه مليء بعنبر الإيمان ومسك الإحسان، وفي كليهما راحة للأرواح.

صفات المحسنين كما بيّنها الله تعالى في القرآن الكريم 

يقودنا حديثنا عن الإحسان إلى تساؤل أخر؛ ألا يكفي أن نصف كل إنسان بالمحسن، مادام يُحسن من حين لآخر؟ سواءً كان مسلماً أو من ملَّةٍ أخرى؟ يجيبنا كتابنا العزيز-القرآن- فيبين لنا أن الله يحب المحسنين، فما هي صفاتهم؟

بالتأكيد الصفة الأولى ستكون عدم الظلم، ظلم النفس وظلم الناس، وأما في علاقتنا مع الله فأول خصلة وجب التحلي بها هي عبادته سبحانه بإخلاص لأنه هو الذي صورنا وأخرجنا من بطون أمهاتنا، وقد أمرنا أن نعبده وحده ولا نشرك به شيئاً، فكيف بمن يُشرك به أو بالذي اتخذ إلهه هواه، كيف له أن يدّعي الإحسان وقد ضل الطريق.

والإحسان إلى الوالدين، لأنهما سهرا وصبرا على رعايتنا عدد سنين، حق علينا تأديته. وأما الإحسان إلى الخلق يتجلى في مُخالطتهم ومعاملتهم بإحسان، وكي لانُتَّهَم بالنفاق يتوجب علينا الإنصاف في المعاملة؛ فلا نكون من أولئك الذين يهدون الأغنياء أشياءً غاليةً وذات قيمة، ويهبون الفقراء أثاثهم القديمة والغير الصالحة للإستعمال.

كيف نجعل إحساننا حقيقياً؟

ونجد صفات أخرى في كتاب الله، أغلب البشر لا يتحلون بها، بل السواد الأعظم من النّاس ليسوا مسلمين، وكثير من المسلمين يفتقرون إلى هذه الخصال الحميدة، ويتباهون بإحسانهم الموسمي المبلل بالغرور بسبب ضباب النفاق. وإذا لم تكن فينا الصفات المذكورة في آيات كتاب الله (المحسنين حقاً، المؤمنين حقاً، المتقين حقاً)، فلنراجع أنفسنا قبل ادعاء الإحسان، إذا توفرت فينا فنحن الأحسن بسبب إحساننا. بسم الله الرحمان الرّحيم: “وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ” سورة فُصلت، الآية 33 (شاهد فيديو موقع مقال على اليوتيوب).

بقلم: عبدالله سلام

 

أضف تعليقك هنا