في قلبي ثمة لهفة تناديك

بقلم: زينب الخضيري

هل ينحصر الحب بشخص واحد؟

أعتقد أن أعظم النصوص هي التي كُتبِت وأصحابها يمتطون أحلامهم، وقلوبهم، تقول انايسس نن:  “ارِم أحلامك في الفضاء، كما ترمي طائرة ورقية، فأنت لا تعرف ما الذي ستعود به، حياةَ جديدة، صديقاً جديداَ، حباً جديداً، بلداً جديداً”. لذلك أجزم أن الحب لا ينحصر على عاشق فقط، فقد تكون الذاكرة ملهمة ومحفزة للحب بكل ما تحمله من صور ومواقف وتجارب، رائحة، أو لون، أو مكان، فقد تشكل كل هذه الأشياء مادة للإلهام والحب.

ولم يكن الحب بالنسبة لي مرتبطاً بقصة حب رجل واحد, فقد “عشقت ستة رجال”مثل: برتراند راسل، ومكسيم غوركي، ودوستويفسكي، وبلزاك، وهيرمان هسه، والبرتو مانغويل، رجال غيروا تفكيري وألهموني الكتابة والابداع في حياتي ، والواقع أن الإلهام لا يقتصر على وجود قصة حب في حياة المبدعة ،بل يرجع إلى مدي التهيئة النفسية للكاتبة ومدى نباهتها في التقاط التفاصيل لكل ما حولها، قد يكون الحزن، الفرح، الظلم، القهر، عدم المساواة، الحب ،الأمومة, ملهمات للإبداع ودوافع قوية للكتابة فحبي لنصوصي يجعلني أتماس مع كل ما حولي , وأجدني صريعة للإلهام, ومنكبة على الكتابة بفكري وروحي وإحساسي ,فكل ما حولي يمثل منهل ثرّ للإبداع. إلا أن أنني أميل لمقولة جلال الدين الرومي: “لا يهدأ قلب العاشق قط ما لم يبادله المحبوب الوله. وحين يشع نور الحب في القلب فذاك يعني أن هناك إحساساً بالحب في القلب الآخر”.

للحب لغة تختلف من شخص لآخر 

كنت أتساءل كيف تمكن الشعراء من الاحتفاظ بجمرات الحب داخل قلوبهم دون أن تحرقهم أو تنطفئ, فقد أثار الشعراء حفيظة العقلانيين حينما جنحوا نحو العاطفة واستشعار جمالها ووضعوها في هذا القالب، حيث الصراع الأزلي بين العقل والعاطفة، فالعقل لا يستطيع أن يُحسّ ويستشعر الجمال بالوجود، هو فقط مرشد مثل النجم القطبي في السماء، أو يعمل كناسخ ضوئي ينقل الصور للقلب فيستشعرها وينعم بجمالها، فدرجة الإحساس بجماليات المشاعر والإيمان بأهمية الحب تختلف من انسان لآخر، فهناك من لم يدرس الفلسفة ومن لم يفهم التحليل النفسي، كذلك لا يستطيع فك شفرة رموز محمود درويش أو حتى تفسيرها، ولا يستطيع أن يقرأ نوته واحده لبيتهوفن أو فاغنر، ولم يشاهد لوحه لبيكاسو أو رامبرانت، ومع ذلك لدية حسّ عالي في  التعامل مع الأشياء الجميلة من حوله ولدية قدره عالية على تذوقها بشكل مميز وتقييمها، وإذا كنا نستطيع أن نتعامل مع الأشياء بلغة علمية مرتكزة على نظريات وبشكل مجرد، فنحن لا نستطيع أن نتحدث عن المشاعر بذات اللغة ونقيسها بالمسطرة والقلم ، لذلك نداء المشاعر غالباً ينبع من نفس رقيقة شفافة ولهفة تنادي قلباً آخر أعياه السهد. (شاهد مقاطع فيديو موقع مقال على اليوتيوب).

بقلم: زينب الخضيري

 

أضف تعليقك هنا