نعلن أم نلعن رد على مقال طارق الشناوي جريدة الشرق الأوسط

بقلم: فارس كمال محمد

نُعلن أم نَلعن؟! طارق الشناوي 31 يناير 2022 جريدة الشرق الأوسط، من يقرأ المقال يدرك منذ البداية تحمسك الشديد لأن يكون فيلم (أصحاب ولّا أعز) زلزالا مدويا هد أركان الأرض العربية وقوض دعائم بنيتها وأسس عمرانها الفكرية والاجتماعية والأخلاقية ثم طال واستطال وارتقى البناء المحكم للموروث الديني ومفاهيم عقيدته التي هي أساس قيام ونشوء حضارته..

تحليل طارق الشناوي لشخصية المجتمع كما أظهرها فيلم أصحاب ولا أعز   

كان الفيلم إذن تحليلا عميقا لشخصية المجتمع ويقرّ أن ظواهر سلوكية ونوازع نفسية وعواطف غريزية تتصارع في أعماق النفس المضطربة تدفع بتياراتها الشديدة إلى ظاهر الجسم وأعضائه في حياء وخجل وخوف من أن تتكشف أمام الأغيار من الناس .. وحسِب المقال ظواهر (الزنا والخيانة الزوجية، المثلية الجنسية، البرودة الجنسية، ومؤكد غيرها وإن لم يذكر).. وكذلك حرص إنساننا العربي المسلم على أن تبقي هذه الظواهر أمواجا متلاطمة وثورة عارمة أسفل سطح البحر العظيم الساكن، ولن يبان من آثارها إلا تقارب بين المحمومين المتباعدين حياء واتحاد بين المنفصلين قهرا وغصبا، وكأنها صيحة القانون الطبيعي الخالد (  للحياة العضوية) تقر بـ (براءة الحواس) وأن لا مبرر بعد الآن للاستحياء والخجل (أستغفر الله العظيم)

أليس هذا بعضا من صور انحلال كثير من التيارات الاجتماعية في الغرب ونوازع فردية متفشية فيهم ..؟ أليس هذا هو خطاب المقالة التي جئتنا بها صائحا وثائرا مؤكدا أنها الحقيقة التي سيكشفها المستقبل إن لم يكن اليوم أو غدا..؟ ولن تحجبها عن الأنظار قوى المجتمع الجامدة والدين المتزمت ولا المقالات الظلامية والدعوات الرجعية..كانت صيحتك يا أستاذ متفائلة جدا وكأنك تحسبها نقطة تحول في مسار تاريخنا الاجتماعي والديني وبداية عهد جديد من التشريعات القانونية والحركات والأنظمة الاجتماعية والحضارة المتقدمة الراقية.

الظواهر الجنسية كما يراها العرب والغرب 

مررت اليوم على مقطع فيديو (الانترنيت) عن رجل الكابوي البرونزي وقد اتخذ لنفسه مكاناً ظاهراً ملفتاً لأنظار المارين في المدينة (من الدول الغربية) وكأنه تمثال أسود منحوت من البرونز، مر عليه الكثير وفيهم نساء أعجبن به وجلسن بقربه، لكن الملفت للنظر أن أكثرهن قد ركزن على أن يمددن بأيديهن ليمسكن بعضوه! ولم يبدين حرجا من ذلك مع أنه تحرك وهن أمام الانظار، بل منهن من أصررن على أن يجلسن على رجليه وتقبيل شفتيه، وليس بعيدا عنا الحفل الذي أقامته سيدات من مجتمعنا العربي الخجول في  شيء كبير من الخصوصية والتعتيم، الحفل الذي قُدمت فيه الحلوى على أشكال الأعضاء الجنسية للرجل، ولو أن في التقديم هذا شيء كبير من الدعابة والهزل لكن شيئا أكبر يبعث على التساؤل والتبصر ويكشف عن النوازع النفسية العميقة والحاجات الغريزية التي تترسب إلى الأعماق السحيقة من النفس الإنسانية واللاشعور فيطفو أثر منها وجزء ظاهر من طاقتها على صور النكات المستملحة والدعابة الهازلة والألعاب المضحكة وفيها تنفيس لا ينكر.

الشريعة الإسلامية موضحة للسلوك الصحيح والخاطئ فيما يتعلق بالظواهر الجنسية

من قال أن الشريعة الإسلامية غافلة عن الظواهر الجنسية التي مررت عليها في مقالتك، وقد اعتمدت في أسلوب الدراسة  والتناول لمواضيع السلوك المقبول والمرفوض والحلال والحرام مفاهيم (خجولة) لا تمر عليها إلا بالتلميح والعجل وابتسار يخرج بالفكرة والحكم قبل نضوجهما واستكمال الوضوح ..؟

إننا نرى في نصوص شرعية تمر علينا ونحن من الجهال المبتدئين استيعابا فائقاً عند علمائنا وقدرات عالية على الإيجاز والإطناب على مقتضى اللازم من الأمور وذكاء فائقاً يثير الاعجاب، ولولا انصراف الناس عنها بسبب أو آخر من الأسباب فإن رد الشبهة التي أرادوا منها النيل من العقل العلمي والمنهج الموضوعي الصريح للفكر الشرعي الإسلامي ليس بحاجة لعناء وقد يكفي القول (لا حياء في الدين ما يمنع عن التفقه والسؤال، وأن الله تعالى لا يستحي من الحق) وأن تسال المرأة النبي صلى الله عليه وسلم صراحة أعليها الغسل إن احتلمت)

الحياء أمر فطري 

إن في الامر حياء فطري في نظر الدين، حياء يبين في موقف آدم (عليه السلام) عندما بانت عورته، وشعور ضروري لازم يبين فعله عندما تستدعي الشدائد والمحن إظهار الرجل لصفاته ومزايا رجولته وشجاعته، ولعلها من ضرورات التكيف الطبيعي والاجتماعي أن يبني عليها صورا مثلى للعفة والحياء والزهد والإباء والكرامة وعزة النفس و….

من فعل الشيطان  (في نظر الدين) عندما تحايل على آدم فأظهر سوأته تكونت فكرة أن شياطين الإنس وعبدة الشيطان وأبناء ماسون هم منفذو المؤامرة الكونية الكبرى وهم القوى الاجتماعية وأصحاب النظريات والفلسفات الهدامة والحركات الإباحية والمنحلة. ومن الحيلة والمكر اعتبار ان الزنا بامرأة الصديق وكذلك الزواج المثلي الذي يتزوج فيه الذكر ذكرا آخر وكذلك الأنثى حينما تتزوج أنثى مثلها، هناك من رد عليها ردا علميا مفحما وكشف أنها تتناقض مع المادة وقوانين الانتخاب الطبيعي حسب مفهومهم، ومن هنا كانت ردة فعل القوى الاجتماعية الملتزمة والدينية (والرجعية) على فكرة فيلم أصحاب ولا أعز.

صارت التهمة الموجهة لإنسان اليوم بالسفالة والدناءة والانحطاط الأخلاقي عامة وشاملة، أرى أن يتحلى أصحاب الرجولة بالشجاعة والصراحة والجرأة فيعلنوا عن ما يجيش في خواطرهم ويوجهوا تهمهم إلى الأحياء الراغبين بالدفاع عن أنفسهم (فقط)  في صراحة بلا همز ولا لمز فإن في الصراحة كشف للمتحايلين والمنافقين وإظهار للحقيقة ولجم للمتآمرين، وأن يخيروهم بالوقوف أمام أجهزة كشف الكذب ففي هذا لوحده حل للكثير من الإشكالات. وأثر إيجابي مهم في كشف الأخطاء وعصابات الإجرام ورؤوس المجرمين.

بقلم: فارس كمال محمد

 

أضف تعليقك هنا