الجزء 14 والأخير من روايـــــــة // عـــــوبـــــار // تـــألــيـــف: // زيــد العــرفـــج //

ما مصير حيران؟

خرجنا نحو دلمون فوصلنا إليها في غضون عشرة أيام من السير المتواصل على ظهر الإبل، وبحثنا عن العلماء الذين اتفقوا مع الأستاذ عيّاد على أن يحفظوا العلم الذي سيصل به حيران إليهم فتبين لنا عدم وصوله بتاتاً، عرجنا على سواحل الخليج العربي ومنه سرنا نحو الجزء الشرقي من ديارنا القديمة لنلتقي في سواحل عُمان بالفريق الذي عبر المفازات المهلكة مروراً بوسط بلادنا القديمة، فتبين لنا عدم عثورهم على أي شيء يدلهم على مصير حيران ومصير العلم الذي يحمله، أكملنا مسيرنا بعد أن صار الفريقان فريقاً واحداً نحو اليمن، ومنها عدنا لوسط الجزيرة العربية لنلتقي مع الفريق الثالث الذي كان خالي الوفاض أيضاً، ومنها عدنا إلى ديارنا الجديدة في منطقة الحجر.

كان الأستاذ عيّاد ينتظرنا بفارغ الصبر وقد بدا عليه القلق والهم، فلما أخبرناه بالأمر سقط على الأرض مغشياً عليه، فالصدمة كانت كبيرة، أرسلنا فرقاً أكثر للبحث في كافة المناطق المحيطة بنا.. إلى الشام.. إلى مصر.. إلى العراق.. ولكن دون جدوى، انتشر الخبر بين الناس جميعاً ومفاده (أن رجلاً من قوم عاد خرج من الكارثة وهو يحمل علماً من أهم العلوم.. إنه علم الطاقة الأثيرية.. هذا العلم الذي منح قبيلة عاد القوة والمنعة والسيطرة على العالم بأكمله).

اختفاء حيران والعلم الذي يحمله

وهنا بدأ الناس يبحثون عن مصير هذا الرجل والعلم الذي يحمله، فالملوك الذين شكلوا دويلات على أنقاض دولتنا في الجزيرة العربية والشام والعراق ومصر وحتى في بلاد فارس والهند وغيرها اهتموا بالأمر وأرسلوا من يبحث عن هذا العلم، كما أن الكثير من الناس استهواهم البحث عن الكنز المفقود، فالعلم المفقود أصبح هاجساً للجميع.

ما زلنا نبحث عن حيران وعن العلم الذي فقده، وبما أنه من المفترض أن يتوجه حيران إلى دلمون بحسب الناقة التي اختارها مصادفةً والمدربة على المسير نحو تلك الوجهة، فإن تلك المنطقة صارت هدفاً رئيسياً للبحث عن الكنز المفقود، ونتج عن ذلك افتراضات عديدة منها: إن الرجل ربما ركب البحر بالسفينة وتوجه نحو شواطئ العراق كما أكد ذلك بعض السكان المحليين من أنهم رأوا رجلاً يحمل مواصفات حيران قد ركب البحر حاملاً حقيبة جلدية، لذلك بدأ البحث المحموم عن هذا الكنز المفقود في قاع الخليج العربي، ومن ثم صارت جزيرة دلمون أو البحرين أسطورة للجنة المفقودة تتناقلها الأجيال من جيل إلى جيل، هل لأن فقدان العلم الأثيري في تلك الديار جعلها تحمل في مكنونها سر الجنة التي كان يعيشها العالم.

نعم.. قد يأتي بعدنا أقوام آخرون ويرون أن تلك المنطقة المسماة دلمون تدفن في خباياها جنتنا المفقودة المتمثلة بعلم طاقة الأثير، ويرون أن صورة تلك الجنة المفقودة المتمثلة بتطبيقاتها مدفونة تحت رمال الربع الخالي التي طمرت مملكتنا، فالسر مدفون في منطقة وصورته التي تنتج عنه مدفونة في منطقة أخرى.

هل سنعثر على الكنز الحقيقي؟

قد يستطيع الإنسان لاحقاً أن يخرج كنوز المنطقة بأكملها ويعجز عن الوصول لكنز المنطقة الحقيقي، قد يجد اللؤلؤ والمرجان عندما يغوص في أعماق ذلك الخليج بحثاً عن السر العظيم بل الكنز المفقود، وبعد أن يجد اللؤلؤ يرى فيه جزءاً من ذلك الكنز المفقود، وقد يكتشف كنوزاً أخرى كالنفط مثلاً، ولكن جميعها تظل دون الكنز الحقيقي الذي ضاع.

بحثنا كثيراً عن سرنا المفقود.. عن علمنا الضائع ولكن دون جدوى، هل هو مدفون تحت بحر الرمال الذي اجتاح ديارنا وتركها خراباً بلقعاً، هل حيران لم يستطع الخروج من دائرة الهلاك التي حاقت بنا، أم أنه وصل لدلمون وأضاع العلم هناك تحت بحرٍ من المياه، هل ضاع العلم تحت بحر الرمال أم تحت بحر المياه … الأمر سيان لقد فقدناه تحت أحد البحرين وانتهى الأمر.

كنت ما أزال أبحث مع صمّاد عن حيران وعن العلم الذي فقده، فقد رأينا في حصولنا على ذلك العلم العودة لغابر مجدنا وعظمتنا، وأن البشرية بأجمعها ستنتفع به، خاصةً بعد تشربنا بالمبادئ الأخلاقية التي أخذناها عن نبي الله هود والمتمثلة في أن البشر جميعهم أخوة ومتساوون فلا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود إلا بمقدار قربه من الله ونفعه للبشرية، كنا نريد العثور على ذلك العلم لا لنتحكم بالعالم من خلاله، بل لننتفع به مع البشر أجمعين.

إن جولاتنا الطويلة في البحث عن العلم المفقود في طول البلاد وعرضها جعلنا نتعرّف على حالة تلك الشعوب بعد انهيار مملكتنا العظيمة وضياع العلم الأهم – علم طاقة الأثير.

الكارثة التي حلت بنا علمتنا الكرم

قال صمّاد: ما رأيك يا جراح في العودة لديارنا الجديدة وأن نعيش ما تبقى من عمرنا بسلام.
فقلت: أوافقك الرأي، ولكن ألا ترى معي أن الناس قد تغيروا تبعاً للوضع الجديد الذي يعيشونه بعد الكارثة، ألا ترى معي أن من فقد شيئاً عظيماً كان يمتلكه قد هان عليه كل شيء دونه.
فقال صمّاد: ماذا تقصد.
فقلت: أقصد نحن العرب … عندما فقدنا العلم الأغلى والأهم صار عندنا كل شيء رخيصاً، فزهدنا في كل ما نملك، وهذا الشعور ولّدَ لدينا صفة جيدة بل رائعة هي الكرم، ألا تلاحظ أن جميع العرب في الشام ومصر والعراق وجزيرة العرب من نجدها لحجازها إلى يمنها وعُمانها وخليجها وبحارها قد اتصفوا بصفة الكرم الشديد فلا شيء غالٍ عندهم، إنهم كريمون جداً وهذا العطاء نابع من فكرة: ((أنه ليس هناك ما يستحق أن نتملكه أو نحافظ عليه))، فالكارثة التي حلت ببلادنا ولدت شعوراً جمعياً لدى العرب بأن كل شيء هيّن في هذه الدنيا الفانية عدا فعل الخير وإكرام الآخرين وبالتالي السمعة الطيبة والصيت العطر.

الكارثة ولدت لدينا الشجاعة

فقال صمّاد: نعم أوافقك الرأي في ذلك، بل إن الكارثة التي حلت بنا ولدت أيضاً قيمة أخرى لدى العرب وهي الشجاعة، فالشجاعة نبعت من أن فقدان ذلك الشيء العظيم (علم الطاقة الأثيرية) جعل كل شيء هيناً في نظرهم حتى روحهم، فتجدهم شجعاناً في مواجهة الصعاب، وقد رأيت معي من يركب المهالك منهم في سبيل حماية أهله أو من يستجير به.

الكارثة جعلتنا نستصغر عظمة ما نملك  

فقلت: نعم لقد استصغرنا كل شيء بعد فقدان تلك الحضارة العظيمة وفقدان ذلك العلم الباهر، لذلك لم نعد نتمسك بشيء في هذه الحياة عدا كرامتنا وعزتنا، فالكرم أصبح صفة عامة لنا، فالرجل منا يجود بكل ما يملك لأنه يرى أن تلك الأشياء التي يمتلكها تافهة مقارنة بما فقدناه من علم وحضارة وملك عظيم، نعم لقد فقد العرب جنتهم، وهذا ولد الشجاعة لديهم كما قلت يا صمّاد، فأصبحوا شجعاناً متهورين يقتلون لأتفه الأسباب وأعظمها، ويضحون بأنفسهم لأتفه الأسباب وأعظمها أيضاً.
فقال صمّاد: إنها إرادة الله غالبة على كل شيء، فالله أعطى والله أخذ، فهذا العلم فقدناه بإرادة الله كما مُنحناه أيضاً بإرادة الله.

لليد واللسان قوة عظيمة في بناء الحضارة

فقلت: نعم … لله ما أعطى ولله ما أخذ، ولكن ألا ترى يا صمّاد أن الله خلقنا في أحسن تقويم ووضع في جسدنا من الملكات التي إن تمكنا من استغلالها أنتجت لنا العلم والفكر والحضارة، انظر لجسدك فالقلب والدماغ لهما ما لهما من الميزات ولكنهما يتشابهان مع أدمغة وقلوب الكثير من الحيوانات الثدية، ولكن هناك ملكتين منحهما الله عز وجل للإنسان هما من طورا عقلنا وتفكيرنا ووصلنا بهما لأعظم الحضارات ((إنهما: اليد واللسان))، فالله وهبنا يداً عظيمة.. إنها ملكة إلهية.. نعم إنها من العطاءات الإلهية العظيمة فحركة اليد هي من قدحت الشرارة الأولى في تفكيرنا بالأشياء المحيطة بنا وتسخيرها، فتلويح يدك بشكل دائري في كل الاتجاهات وحركة الأصابع وأهمها رئيس الأصابع وسيدها ((الإبهام))، كل ذلك حرض دماغنا ليفكر أكثر وأكثر ومن ثم يبتكر.

وأما اللسان فأهم ما وهبنا الله فيه هو الكلام … نعم إنه النطق بتلك اللغة البديعة التي نتخاطب بها وننقل من خلالها أفكارنا لبعضنا البعض … فهي من ولدت لدينا الحوار والتفكير المنطقي، فاليد انتجت العلوم التطبيقية واللسان أنتج العلوم التجريدية … إن هذه الملكات هي ملكات إلهية وهبها الله لنا، لذلك وصف الله سبحانه وتعالى نفسه بصفات تقارب ذهن البشر من خلال يد الله وكلمة الله مع أنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فاليد والكلمة قاما بالشيء الكثير ….. ولذلك ما دمنا نمتلك هاتين اليدين وإبهاميهما البديعين، وهذا اللسان الناطق فإننا قادرين على إعادة إنتاج الحضارة وابتكار العلوم، فليذهب كنز عاد للجحيم، فالكنز الإلهي الذي وهبه الله لنا مازلنا نمتلكه، وعلينا أن نستثمره في سبيل الله الذي أنعم به علينا.

المنام الذي رآه كل من صمّاد وجرّاح

وصلت مع صمّاد للحجاز فنزلنا بطحاء مكة فوجدنا ديارها قد عفت ورسمت، نمنا ليلتنا تلك في بطاح بكة، ورأيت في المنام حلماً غريباً وجميلاً بنفس الوقت، فحدثت صمّاد به فقلت: لقد رأيت مناماً غريباً ليلة البارحة. فقال صمّاد متبسماً: وأنا كذلك، لكن حدثني عن منامك أولاً.

فقلت: سأحدثك عن حلمي من خلال خريطة سأرسمها على الرمال الصفراء اللامعة المولودة حديثاً، فرسمت خريطة توضح منطقة الجزيرة العربية والبحر الأحمر ومصر والبحر المتوسط والشام والعراق والخليج العربي، وقلت: لقد رأيت بالمنام نخلة عظيمة تنبت من أرض اليمن وتمتد باسقة بأوراقها وثمارها نحو الشام والعراق ومصر، وأن قلبها (جُمّارها) في المكان الذي نبيت فيه الآن، إنه في بكة، وأن ثمارها قد أينعت وبدأت تتساقط رطباً جنياً على من حولها، فأكل من ثمارها كل الناس الموجودون في تلك المناطق وأكثر من ذلك. وهنا أكملت رسم النخلة مع أوراقها وثمارها المتساقطة، فكانت أوراقها تغطي الشام والعراق والأناضول وبلاد فارس ومصر والمغرب العربي وجنوب أوروبا وكانت تمتد بعيداً في آسيا، وهناك أوراق استطالت فغطت الهند والحبشة وأجزاء من إفريقيا.

فقال صمّاد: قبل أن أفسر لك رؤياك سأروي لك ما رأيت أنا أيضاً في المنام. فمحى صمّاد النخلة التي رسمتها وقال: رأيت منطقة الجزيرة العربية مع الشام والعراق على شكل بابٍ كبير، وأن ذلك الباب هو بوابة الاتصال بين السماء والأرض، فمن خلاله سينزل الوحي وستبعث الرسل وستتنزل الكتب المقدسة، ورأيت رجلاً عربياً يعتبر أمةً لوحده يخرج من العراق ليتزوج بامرأة عربية من مصر، ويسكن في الشام وتحديداً في فلسطين ليخرج بعد ذلك بزوجته وابنه ويجيء بهما إلى موقع في الباب، والذي أحسبه في بكة، فيضع قفلاً أسوداً رائعاً بهياً ويجعل مفتاحه حجراً جميلاً من حجارة الجنة، ولكنه يغادر المكان فتعود الأمور للحيرة والاضطراب حتى يجيء رجلٌ لم أرَ في حياتي أبهى وأجمل منه صورة، فيضع ذلك الحجر الكريم (المفتاح) بيديه الشريفتين، فيظهر نور عظيم يغطي المشرقين والمغربين، فيكون ذلك إيذاناً بأن العرب سيحملون رسالة عظيمة للعالم أجمع على يد ذلك الرجل العظيم.

المنام يبشر بقدوم نبي يقيم أمة وحضارة عظيمة

نعم أنت رأيت عمتنا النخلة باسقة تمتد وتظلل تلك الديار وتمنحها الرطب اللذيذ، وأنا رأيت ذلك النور المشع الذي أعطى لتلك الديار بهاءها ورونقها. أنا أرى في نخلتك رجلاً عظيماً يعتبر أمةً لوحده، إنه ذلك الرجل الذي رأيته في حلمي، هذا الرجل سينتشر نسله في تلك البلاد ويعطيها الثمار العظيمة في كل شيء من الدين إلى الحضارة إلى الفكر…

فقلت: وتقصد أن النور الذي سينبعث من هذه البقعة المباركة هو الرجل الثاني الذي رأيته في حلمك.
فقال صمّاد: نعم، إنه ذلك الرجل بعينه، هذا الرجل الذي سيجعل من العرب الذين يأتون من بعدنا أمةً من أفضل الأمم وأعظمها، فهو لن يقدم العرب كما قدمناهم نحن كأمة متجبرة تمتلك حضارة عظيمة وتتحكم من خلالها بالبشرية جمعاء، بل سيقدمهم كأمة تحمل معاني التشاركية الإنسانية لتخرج الناس من الظلمات إلى النور.

فقلت: وكأني أرى أمة العرب ستقوم من بعدنا على يد رجل يرفع قواعد نهضتها على أساس متين، ولمّا يشارف ذلك البناء العظيم على الاكتمال يبقى جزءاً ناقصاً منه، فيراه الناس ويقولون ما أجمل هذا البناء وأروعه لولا القطعة الناقصة فيه، فلو اكتمل البناء بتلك القطعة لوصل لغاية الروعة والبهاء، فيأتي ذلك الرجل الذي سيسمى بالنبي العربي الأمي ليكمل ذلك البناء فتظهر فوائده العظيمة التي تعم الكون.. حزمت أنا وصمّاد أمتعتنا وركبنا ناقتينا وعدنا نحو الديار.

بعد مضي سنوات على الكارثة..

بعد مرور سبع سنوات على الكارثة ……………. تقول لي حيرا: جراح هل انتهيت من نحت غرفة حيران؟ فأقول لها: أنا على وشك وضع اللمسات الأخيرة عليها، ولكن ألا ترين أن اهتمامي بابننا حيران ليس لطلبك ذلك مني، بل لأننا أسميناه على اسم ذلك الرجل العظيم الذي فقدناه …. شقيقك حيران. فرأيت مسحة من الحزن في عينيها على شقيقها حيران ممزوجة بحسرة على العلم الذي فقدناه جميعنا معه.

ثم أكملت حديثي لأخرجها من ذهولها فقلت لها: كم صار عمر حيران الصغير؟ فقالت: أن عمره من عمر الكارثة فقد ولدته بعد وصولنا للحجر، إنه من أبناء الجيل الجديد الذين لم يعرفوا شيئاً عن معيشتنا في عوبار. شعرت بالضيق فألقيت الإزميل من كفي وخرجت لأستنشق بعض الهواء النقي … نظرت إلى الجبال الصخرية المحيطة بنا، فرأيت كيف صارت عامرة بالبيوت المنحوتة والناس الذين يقطنونها، وكيف أن بعض الرجال من قومنا ما يزالون ينحتون بيوتاً جديدة في تلك الجبال العظيمة. نعم إنهم ينحتون بيوتهم، يعيدون صناعة جزء من مجدهم الغابر، نعم إنها اليد بقبضتها وأصابعها وإبهامها تصنع الفارق من جديد، وتدفع بنا بعيداً عن عالم الحيوانات، وترقى بنا لنكون خلفاء الله على هذه الأرض.

حضارتنا العظيمة في عوبار باتت خيالاً

خرجت حيرا لتقف بجانبي وتنظر مثلي إلى ذلك المنظر المهيب من الجبال الصخرية المنحوتة، وأولادنا يلعبون في الخارج ببعض الألعاب البسيطة، فتناهى لمسامعنا صوت شقيقهم الأصغر حيران يقول: هل يعقل أن الناس كانوا في عوبار يطيرون في الفضاء، وينتقلون بمركبات تختلف عن الإبل وهي سريعة جداً.. ضحكت أنا وحيرا من كلامه، وقد طفق أشقاءه يقنعونه بذلك وهو يرفض التصديق، فيطلبون منه أن يسألني ويسأل أمه حيرا، فيقول لهم: إن أبي وأمي ما يزالان يرياني صغيراً في السن، فهم يحدثونني بهذا الحديث وكأنه حكايات ما قبل النوم.

فقالت حيرا: يا إلهي إن حيران لا يصدق ما نرويه له.
فقلت لها: ولما الاستغراب، كنت أشعر في كل مرة أن حديثنا بالنسبة لحيران يندرج تحت قصص الخيال التي تسلي الصغار وتجعلهم يتخيلون، أتعلمين يا حيرا.. إن ما كنا نعيشه في ديارنا السابقة من تقنيات عظيمة والتي أتت الكوارث عليها أصبح من الخيال.
فقالت حيرا: نعم إن الأجيال القادمة لن تصدق ما كنا فيه من حضارة عظيمة، من سيصدق أننا ركبنا الطائرات الأثيرية وتنقلنا من مكان لآخر خلال زمن يعادل واحد بالألف من الزمن الذي تقطعه الناقة..
فقلت: بل أكثر من ذلك بكثير.

تمت بحمد لله/ زيد العرفج/ في دمشق/ 15/9/2019

فيديو مقال الجزء 14 والأخير من روايـــــــة // عـــــوبـــــار // تـــألــيـــف: // زيــد العــرفـــج //

أضف تعليقك هنا