لا تبكوا على فلسطين

تحرير فلسطين لا يكون بالدموع والبكاء عليها

العواطف قد تحرك القلوب والجحافل، لكنها بمعزلٍ عن العمل لا تغير واقعًا مريرًا، تصفحوا مدوّنات الشجب على ما يحصل في غزة والقدس والضفة وسائر المدن المحتلة، لا ترون إلا البكاء والدموع، هذا ما رأينا، وكأنّ المطلوب منا هو درف الدمع وتسابق المقل على أحزانِ ما حلّ بالواقع الفلسطيني، أظنّ أنّ الرجال اليوم يتشاركون فيما لا تحسنه إلا النساء، وهو الدور الوحيد الذي ألفته منذ الأزل، إنه البكاء المنحصر بالدمع دون أي فعل، فهل ستعيد تراتيل بالبكائيات لأمتنا مجدها وكرامتها؟، هذا سؤال نطرحه على من استعار من الخنساء قافية رثائها، نقول: لا تبكوا على فلسطين، حتى لا تكن أندلسًا ثانية، هل أرجعت أطنان الدموع قرطبة وطليطلة وإشبيلية وأشقائها؟، الدموع بمعزل لا تفعل سوى التنفيس عن الجراح، إذا كانت الغاية مجرد تسريح الهموم، والتنهد بما يريح نفس المهموم، فلنستمر على سح المقل، أما إذا كانت الغاية غير الغاية، والهدف غير الهدف، فعلينا مراجعة الخطابات والأدبيات التي تسرح هنا وتمرح هناك دون طائل، سوى استجداء العواطف وحسب، إذًا ما هو الحل؟، وماذا نفعل لفلسطين؟ نقول: العمل أولى من البكاء، فماذا نعمل؟

تحرير فلسطين يتطلب القراءة الواعية للتاريخ 

الحبر إذا كان مجرد رصف كلمات لن يغير واقعًا، والتغيير يبدأ بتصحيح التفكير، أول منطلقات حل فلسطين يبدأ بالقراءة، القراءة الواعية للتاريخ، فكم من دولة عربية تخلصت من الاحتلال والاستعمار؟، لم تحقق الدول المستقلة استقلالها بالدموع والانكفاء على الذات وراء الجدران، نماذج الاستقلال كثيرة، فهل قرأنا تاريخ الاستعمار المندحر؟، هل تأملنا ديالكتيك انتزاع المستقلين حقوقهم وبلدانهم؟، القراءة أولى من اجترار العبرات، وبعد أن نرى أن لتكاتف الشعوب قوة نصر، علينا أن نجعل هذا التكاتف كائنًا بشريًّا عملاقًا ينبض بالحياة، ويتحرك بقامة شاهقة مهابة في الأرجاء، ليكن شلالًا بشريًّا أو زوبعة خرافية تقول لكل مغتصب، كلمة واحدة فقط هي: (ارحل)، لا تبكوا على فلسطين، ولنبدل البكاء إلى زغاريد إذا شئنا، ولكن لا تبكوا، دمعة الألم يجب أن تتحول إلى سعي حقيقي يبلغنا نهاية النفق، فكيف انتصر المقاوم على الغازي المحتل؟، لم يكن الحل فيدرف الدموع قطعًا، بل في الانطلاق نحو تغيير الواقع لواقع أفضل، حتى إذا لَحّت الدمعة على السقوط، فلنجبرها علىالتراجع، ولنجعل من حركات النبي الفاتح لنا مصباحًا، أولم يفتح النبي مكة، وكسب الرهان؟، ماذا لو اقتصر على البكاء؟، الحل أننوقف الأقلام الجنائزية، وننطلق نحو الهدف لتحقيق النصر.

فيديو مقال لا تبكوا على فلسطين

أضف تعليقك هنا