بينما هي تعد فراش الزوجية بكل أنوثتها وأناقتها، معلنة بذلك عن انبثاق رغبة رومانسية ليلا، عن تلاحم روحي وولادة جديدة. كان هو يحصي خيباته التي وقعت والتي لن تقع، ممددا على الأرض ورأسه إلى السماء، يحصي عدد النجوم بعدد الطعنات التي تعرض لها في هذه الحياة.
امتلأ قلبه امتعاضا وكرها على الوسط الذي يعيش فيه، يتمنى لو كان بمقدوريه تغيير الواقع وجعله أكثر قابلية للعيش، لكن للأسف مجرد تمني والتمني لا يجبر قلب الغصن المكسور.
هل نحن في مجتمعٍ يعتبر الإنسانية كذبة؟
سمع صوتا بداخله يقول: عزيزي هون عليك. إنك في مجتمع يعتبر الإنسانية كذبة، والحب جريمة، والعشق فسوق، والوضوح سذاجة، والصرامة تزمت، والوحدة جنون، والمعرفة تكبر، والعلم فتنة، والدين مظهر، والشيخ والعالم ملائكة، والحرية شر يجب الاحتياط منه، والانتهازية ذكاء، والجسد امرأة، والسلطة رجل، والمال هو كل شيء، والنفاق والكذب فن، والرب مجرد كلام على اللسان، والخوف من الإنسان واجب، والثقافة والفن والأدب ترهات لا فائدة منها، والتعصب منهج، والاحترام والتقدير مجرد مسميات..فكيف سيولد إنسان سوي في نظرك يا عزيزي داخل هذه المعادلة؟!.
وهي في قمة نشوتها، أتعتقد أنها ستفكر فيك وتشتاق إلى ماضيك، عندما سيصبح لها أبناء وزوج، أتظن سيبقى لك مكان في قلبها وتفكيرها، وأنت تنتظر سراب عودتها لك، وتتمنى الرجوع لها… –فأنا لا أعتقد ذلك يا صديق قلبه–.
هل تكون السلطة لصاحب المال دائماً؟
تذكر كلام أحد الماركسيين خلال أيام الجامعة، عندما كان يناقش داخل حلقية أوطمية -أن من يحكم اقتصاديا يسود ثقافيا وسياسيا- حتى في العلاقات الإنسانية، من يجني المال أكثر داخل الأسرة تكون له السلطة والمكانة، فالمجتمع يحكم عليك بما لديك في جيبك وليس بما في قلبك أو عقلك ما دامت أفكار العفن تسيطر على أغلبنا.اليوم أدرك صحة ذلك الكلام ومدى واقعيته بكل مرارة.
هل الحب مجرد كلام في نظرهن!
ردد داخله بنوع من الاستنتاج قائلا “المرأة في مجتمعنا تعشق شخصا وتزف لآخر، تحب رفيقها في الدراسة وتتزوج بالذي تقدم لأهلها قبله، تتمنى من أعماق قلبها من يمتلك العصى السحرية لتحقيق رغباتها ونزواتها التي لا تعرف حدودا لأنها امرأة داخل مجتمع مائع، من يملك شرف المال ونسب الهدايا والاغراءات التي تنسي هم وشقاء الحياة، أما الحب فمجرد كلام في نظرهن”.
المرأة الذكية في مجتمعنا هي التي تزوجت مبكراً
يدرك جيدا أن المرأة في مجتمعه بوصفها أنثى تمتلك فكرا ليس نتاجها ولا يخدم انسانيتها، فهي أنثى لا تولد امرأة إلا عندما تدرك ماهيتها عن طريق التفكير الحر. فالمرأة الذكية كما هو شائع عندنا هي التي تزوجت مبكرا بزوج يتكفل بإطعامها، منجبة أطفالا، في مقابل ذلك تعتني بجسدها بوصفه دليل على وجودها.
أما العقل فهو ممتلئ بكيفية إعداد الطعام وتربية الأبناء، وحماية زوجها من الأخريات المتربصات به، بالإضافة إلى معرفة كيف تقرأ وتكتب وتتصفح الهاتف بحثا عن وصفات التجميل وتلطيف الأماكن الحساسة، وتكبير مناطق يعشقها الرجال، وتصغير مناطق أخرى، كل ذلك في ظل مشروع تهيئة وتجهيز تضاريس الجسد، كمشروع رابح في مجتمعنا خاصة داخل المؤسسة الزوجية.
من هنَّ المحظوظات من النساء؟
أما المحظوظات منهن هي التي تعمل ولديها استقلال مادي عن الأسرة… لكن يبقى البحث عن الزوج شغلها الشاغل حسب المواصفات التركية أو الروسية أو الفرنسية، أما المومسات والقوادات ما يشغلهن هو جمع المال من أجل إعالة أسرهن أو لتمتع بالحياة كما تعتقدنا.
أليس من حقنا أن نعيش بحسب فكرنا لا وفق فكر المجتمع؟
مضيفا إلى نفسه وقد أصبح جسد التفكير يثقل كاهله، “لماذا لا نجد نحن معشر الرجال الذين نملك حظا ضئيلا من الثقافة نساء تقدر الحب وتضيف شيئا إلى حياتنا وتساعدنا على تجاوز ثقل هذا الوجود، امرأة تمنحك كل شيء وأنت أيضا بالنسبة لها، أليس من حقنا أن نعيش بحسب فكرنا لا وفق فكر المجتمع، ألا يحق لنا أن نستمتع بنشوة المعرفة خارج أسوار الجامعة وغرفنا المغلقة، خارج الكتب ومخيلتنا، خارج رقابة السطلة والمؤسسات التي تعتبر التفكير والجدل فعل إجرامي؟!”.
دمعتان سقطتا دون أن يشعر، دمعة القلب ودمعة العقل، تتجادل فيما بينهما، تقول الأولى إنه الحنين والاشتياق، وترد عليها الثانية إنه الحزن والتحسر على إعطاء القيمة لمن لا يستحق. مسح كلتا الدمعتين بهدوء وهو يردد إن الضربة التي لا تقتل تجعل الذات أكثر قوة وتجربة في الحياة.أنهى هذا الحوار وهو يستمع لأغنية عبد الحليم حافظ:
ستفتش عنها يا ولدي في كل مكان
“ستفتش عنها يا ولدي في كل مكان
وستسأل عنها مـوج البحر وتسأل فيروز الشطآن
وتجوب بحاراً وبحارا
وتفيض دموعك أنهاراً
سيكبُر حزنك حتى يصبح أشجاراً
وسيكبر حزنك حتى يصبح أشجاراً .. أشجارا
وسترجع يوماً ياولدي مهزوماً مكسور الوجدان
وستعرف بعد رحيل العمر
بأنك كنت تطارد خيط دخان
ف حبيبة قلبك ليس لها أرض أو وطن أو عنوان
ما أصعب أن تهوى امرأة ليس لها عنوان
ما أصعب أن تهوى امرأة
ياولدي ليس لها عنوان
عنوان
ياولدي
ياولدي”.
فيديو مقال أماني في واد الريح