الشخصية القيادية والفِرق القيادية

تقول جوليا مارتينز المُتخصصة في التسويق والإدارة بأنَّ “المدراء الجيدون لا يجب أن يكونوا بالضرورة قادة، وأن بعض القادة يفتقدون لصفة المدير” (مارتينز، 2022)[1] ويبدو أنّ هذه المدرسة تعتبر أنّ القيادة والإدارة ليسا بالضرورة أشخاصاً Personas بقدر ما هما أدواراً وظيفية تعتمد بالدرجة الأولى على المهارات والكفاءات القيادية أو الإدارية التي قد يتمتع بها مجموعة من الأشخاص. وبأنَّ الاحتياج المؤسساتي لكليهما يحتم وجودهما الوظيفي سواء كان هذا على شكلٍ فردي أو على شكلٍ جماعي. بمعنى أنّ المؤسسة تستطيع تعويض غياب الشخصية القيادية بمجموعة قيادية، تماماً كما تمتلك الكثير من المؤسسات مجالس إدارية.

في هذا الصدد نستطيع أن نُشخص مجموعة من المهارات القيادية الضرورية في أي مؤسسة، حيث يميل البعض للحديث عن خمس مهارات قيادية رئيسية هي التواصل، التحفيز، الإيجابية، الابداع والتغذية الراجعة. ولكن علينا أن نُدرك بأنَّه في بعض الأحيان لا تجتمع هذه الصفات في شخصٍ واحد ولكن في مجموعة من الأشخاص. وعليه يجدر بنا التفكير جدياً في مجموعة قيادية تُشبه إلى حدٍ كبير مجالس الإدارة من حيث الهيكلية وان اختلفت عنها من حيث المهام أو الصلاحيات. إن بناء فريق عمل ناجح يعتمد على إيجاد مجموعة من الأشخاص الذين يتحلون بمهارات تخصصية مفيدة لاحتياجات المؤسسة الأساسية، وهكذا عمل يتطلب مجموعة من الخطوات الهامة.

تحديد المهارات الأساسية الأكثر إلحاحاً

يعتمد تشكيل هذا الفريق أساساً على تحديد المهارات الأساسية اللازمة لتحقيق رؤية المؤسسة، ومن هنا علينا أن نتجنب فخ الوقوع في استجلاب الكثير من المهارات التي لا تتناسب مع احتياجات وأهداف المؤسسة. ويُعد توسيع نطاق العمل القيادي أو حتى الإداري مرتبط أصلاً بتوسيع دائرة رؤية المؤسسة نفسها، وتبدو المهارات الخمس السابقة كافية لأي مؤسسة مبتدئة أو متوسطة.

تحديد آليات التوظيف والاختيار

في الكثير من الأحيان تَضيع فرصة تعيين أشخاص ذو فائدة للمؤسسة، وذلك بسبب الميل للاختيار بناءاً على الانطباعات الشخصية، وعدم طرح أسئلة سبر المهارات القيادية الأساسية. ومن هنا علينا بعد الانتهاء من تحديد المهارات الأساسية الأكثر إلحاحاً للمؤسسة، تحديد أسئلة المقابلة الأكثر أهمية. حيث أن سؤال “أين ترى نفسك بعد خمس سنوات من الآن؟” لا يُعبّر بالضرورة عن واحدة من هذه المهارات وإن تعامل مع الجانب الكاراكتيريستي لدى المُتقدم.

دور وليس وظيفة

الشخص الذي يعمل في الفريق القيادي هو شخص يمتلك دور لا مجرد وظيفة، حيث أنّ المحرك الرئيسي لعمله لا يعتمد على إتمام مهام معينة بل الدفع بالحياة الوظيفية قُدماً، بمعنى أن التركيز الأساسي يكون على الموظفين أي الجانب البشري، لا على المهام أي الجانب التقني. في الغالب تُميّز هذه الجزئية وظيفة المدير عن دور القائد.

ابحث عن شخص ديناميكي متاح

في عملية تشكيل هذا الفريق تقع على المؤسسة مسؤولية الاهتمام بالشخصيات الديناميكية التي تكون متاحة أكثر من غيرها. هكذا ديناميكية لا تتوفر لدى أشخاص يفتقدون لروح المبادرة. وروح المبادرة عادة لا تنمو وتزدهر في أجواء تخلو من التفويض الإداري الصحيح. حيث تميل المهارات القيادية إلى الذبول في أجواء السيطرة وتتحول الأدوار إلى وظائف وينتقل التركيز على المهام بدلاً عن الأشخاص.

كيف تكتشف روح المبادرة؟

يقول مات إيهيرليتشمان مؤسس ومدير شركة بورش للخدمات العقارية، بأنَّ العلامة الأولى التي تميز الأشخاص ذو الروح المبادرة أنَّهم أشخاص متناغمون مع شغفهم الحقيقي. (INC.)[2] علينا هنا أن نأخذ في اعتبارنا أهمية الدور الذي يلعبه الشغف في تحديد دورنا الأساسي لا في المؤسسة وحسب، ولكن في الحياة نفسها. فالأشخاص الذين يعملون في مجال متناغم مع شغفهم الحقيقي في الحياة لا يعتبرون أنفسهم في مكان عمل، بل في موضع مسؤولية والتزام داخلي عميق يتخطى تعقيدات الراتب والحوافز المادية.

لذلك علينا أن نعمل لا فقط على اكتشاف روح المبادرة وحسب، بل أيضاً على خلق ذلك التناغم بين الدور المُفوّض والشغف الحقيقي لدى الشخص. بمعنى آخر علينا أن نساعد الأشخاص على عرض أو اكتشاف شغفهم وتحقيق ذلك الشغف في الدور الموكل لهم مما يؤدي لتحفيز روح المبادرة لديهم.

في النهاية لا نستطيع اعتبار تشكيل هذا الفريق عملاً سهلاً أو ثانوياً، حيث يعتمد مستقبل المؤسسة على كفاءة المجالس الإدارية والقيادية والتكامل بين الأدوار التي يمارسوها على نطاق السيالة الوظيفية ضمن المؤسسة.

المراجع

  1. Martins, Julia. July 25th 2022. Leadership vs. Management: are they different?. Asana.com. https://asana.com/resources/leadership-vs-management
  2. Ehrlichman, Matt. 5 Characteristics of Entrepreneurial Spirit. Inc.com. https://www.inc.com/matt-ehrlichman/5-characteristics-of-entrepreneurial-spirit.html

فيديو مقال الشخصية القيادية والفِرق القيادية

 

أضف تعليقك هنا