تحديات العمل الدبلوماسي في الوطن العربي حاضراً ومستقبلاً

بقلم: دزيري أحمد عدنان

تعتبر الدبلوماسية أداة مهمة من أدوات السياسة الخارجية فهي معيار مهم لقياس مدى قوة الدول على الساحة الدولية ومدى تأثيرها على العلاقات الخارجية ولا يمكن لأي دولة مهما كانت أن تلعب دور معين على المستوى الإقليمي والدولي دون الاستناد إلى دبلوماسية ذكية تعرف متى وأين ومع من تتصرف وهذا بدوره يعتمد على وجود جهاز دبلوماسي محنك له القدرة على المناورة وصنع الفرص وخلق المصالح وكسب الأصدقاء وتجنب أكبر قدر من الخسائر والمواجهات التي لا طائل منها سوى استنزاف الثروات والطاقات وعلى الرغم من أن الدبلوماسية مصطلح قديم قدم الإنسان إلا أنها بقيت في حالة تطور مستمر منذ العصور القديمة إلى غاية الوقت الراهن واكتسبت في كل مرحلة مرت بها عبر التاريخ خصائص معينة ميزتها عن المرحلة السابقة فكان من الضروري لمن يبحث في العلاقات الدولية أن يدرس الدبلوماسية وأن يطلع على حقيقتها وتاريخها وكذا وظائفها ودورها في تنشيط العلاقات الدولية بما يخدم المصلحة العامة

أصل كلمة الدبلوماسية

يتفق اغلب الباحثين والمفكرين في هذا المجال بأن كلمة “الدبلوماسية” مشتقة من الكلمة اليونانية (Diploma) والتي تعني المطوية أو الوثيقة التي يتم تبادلها بين الملوك والرؤساء وقد انتقلت هذه الكلمة إلى الرومان فاستخدموها لتدل على الوثائق المطوية كجوازات السفر والوثائق الرسمية واستخدم العرب الرسل كأفضل وسيلة للاتصال وإقامة العلاقات فكانوا يرسلون الرسول لينقل وجهة نظرهم في قضية ما ويجري التفاوض وتبادل الآراء مع الطرف الآخر وصولاً إلى ما يحقق الهدف الذي ذهب من اجله وعندما جاء الإسلام عزز من قيمة العمل الدبلوماسي وعمل على تطويره حيث اتبع الرسول محمد وسيلة إرسال الرسل والمبعوثين والسفراء لنقل رسائله إلى ملوك وأمراء الدول المجاورة للجزيرة العربية مستخدماً أساليب جديدة في اللباقة والدقة وانتقاء الألفاظ المتينة والقوية والمؤثرة في كتابة هذه الرسائل مما كان له الأثر الأكبر في تطوير علاقات الدول الإسلامية بغيرها من الدول ومن الأسس الدبلوماسية الهامة التي جاء بها الإسلام أنه يحترم الرسل ولا يعتدي عليهم وتمتعوا بالأمان والاطمئنان في دار الإسلام لأن الإسلام دين لا ينقض العهد والميثاق ولا يخلف العهد والوعد ولا يعتدي لأن الله لا يحب المعتدين وبمرور الزمن تطور مصطلح الدبلوماسية مع تطور الدولة القومية حيث بدأ استخدامه لأول مرة في نهاية القرن 18م على اثر انعقاد مؤتمر فيينا لعام 1815 الذي ترأسه رجل الدولة النمساوي كليمنس فون مترنيش وحضره سفراء الدول الأوروبية وكان هدف هذا المؤتمر تسوية العديد من القضايا التي نشئت بسبب حروب الثورة الفرنسية 1799 والحروب النابليونية (1803 – 1815) وقد أسفر هذا المؤتمر عن إعادة رسم الخريطة السياسية لأوروبا ووضع حدود لألمانيا وفرنسا وايطاليا وهولندا وتشكيل سياسة أوروبية موحدة حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914 ومع كل هذه المحاولات إلا أن الدبلوماسية لم تستطع أن تحقق أهدافها في إقرار السلم و الأمن الدولي فما زالت العديد من الدول خاضعة لهيمنة الدول الكبرى كدول العالم الثالث وما زال منطق القوة هو الذي يسيطر على العلاقات الدولية بالرغم مما طرأ من تحسن محدود في العلاقات بين الدول والاحترام المتبادل بينها والمساواة في الحقوق والواجبات

أهمية العمل الدبلوماسي

  • إشاعة الود والتفاهم بين الدول
  • تدعيم السلم وتجنب الحرب
  • تمثيل مصالح البلاد لدى الحكومات والدول الأجنبية
  • إدارة الشؤون الدولية ومتابعة المفاوضات السياسية
  • حماية رعايا الدولة في الخارج
  • توطيد العلاقات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدول
  • مراقبة مجريات الأمور وحماية مصالح الدولة في الخارج

تحديات العمل الدبلوماسي في الوطن العربي

  • انتشار النزاعات المسلحة والطائفية التي تهدد السلم والاستقرار والأمن القومي العربي
  • نشر الاشاعات ومحاولة خلق الخلافات بين الدول العربية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام
  • عدم رسم سياسة خارجية عربية موحدة تخدم مصالح وقضايا الأمة العربية
  • توتر العلاقات بين العديد من الدول العربية بسبب اتهام البعثات الدبلوماسية بالتجسس أثناء قيامهم بجمع بعض المعلومات التي تخدم مصالح بلدانهم سواء كان ذلك عن قصد أو دون قصد
  • نقص الخبرة والكفاءة لدى المبعوثين الدبلوماسيين اذ يتم تعيين بعضهم عن طريق المحاباة والوساطة والتزكية ولا يقومون بأي مبادرة لايجاد حلول ولو بسيطة لبعض القضايا كما أن أغلبهم يتغيب عن الاجتماعات الطارئة
  • الحراك السياسي

وختاما وللفصل في موضوعنا يمكن القول بأن للدبلوماسية اليوم أهمية بالغة في المجتمع الدولي إذ تحتل موقع بارز وأساسي في مسار تطور العلاقات الدولية لأن الاتصال المتبادل بين الدول هو روح الحياة الاجتماعية وإذا كانت مقتضيات الحياة في المجتمعات الإنسانية الداخلية تدفع الإنسان إلى الاتصال بغيره من أجل إشباع حاجاته فإن الحياة في المجتمع الدولي تتطلب نفس الشيء فمقتضيات الحياة الدولية تجعل الاتصال وتبادل العلاقات فيما بين الدول والمنظمات ضرورة أساسية لتحقيق وحماية المصالح المتبادلة فيما بينها والتي تتمثل أساسا في المصالح الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية وحتى العسكرية في بعض الأحيان وفي ختام هذه الدراسة نقترح ما يلي:

  • ضرورة رسم سياسة خارجية موحدة تخدم مصالح وقضايا العالم
  • تعريف المجتمعات الغربية بحقيقة الإسلام وأنه دين سلام وأمن لا دين حرب وإرهاب
  • توجيه الرأي العام لمناصرة قضايا الأمة العربية الإسلامية
  • تشكيل خلية مشتركة بين الدول العربية لإدارة الأزمات الدبلوماسية
  • تشكيل مراكز تدريب مشتركة بين الدول العربية لتأطير الشبان والشابات على العمل الدبلوماسي
  • توجيه الجهود العربية والدولية نحو مكافحة الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة (شاهد فيديو موقع مقال على اليوتيوب)

بقلم: دزيري أحمد عدنان

 

أضف تعليقك هنا