سجين المستشفى الأسود 16

بقلم: هاني المختار القادري

أحس برجلية فرفر بأن الأجواء أصبحت مشحونة أكثر في العاصمة “سنتو” بعد وفاة المدون “تينيزين” بأخذ الرئيس نيز ديبعا يلتفت شيئا فشيئا إلى عجلة احتياطية، ووجد ضالته في برجلية فرفر، والتحق بالركب عميد كلية القانون عاشور كمحكمة تفتيش ومستشار رسمي للمهدي الدكتاتور.

هل اقتربت نهاية برجلية فرفر؟

وعلى حين غفلة ، أخذت محاكم التفتيش وفرق البوليس السياسي تنهال ضربا وشتما ونقمة على فرفر بعد أن وقع طرده بشكل نصف نهائي توحي للجميع بأن النهاية أصبحت قريبة مع مراقبة أجنبية بين الفينة والأخرى.

واستخلص “برجلية فرفر ” حقيقة الأجواء عندما ثقب “سارابو” بائع الخمر خلسة في حي لافايات العجلة المطاطية للسيارة الحمراء “أودي كترفان” بواسطة سكين لخاله هدهود عندما حل بالعاصمة قصد المداواة من تعكر في الجهاز البولي بتعلة أنّه تسبب له في خسائر كبيرة وتقليص عدد زبائنه في ذلك اليوم.

حادثة السقوط التي تعرضت لها أمه

وأحس فرفر بضيق الأنفاس عندما تعرضت أمه “أوأو كعيكة لحادثة سقوط أدت إلى كسور بليغة ف ساقها اليمنى مما أجبر الأطباء إلى زرع جديد للمحافظة على تماسك العظم والعضلات.وكان شباب الحي يتبولون على الأشجار وفي استفزاز متواصل عندما يخرج فرفر للتسوق من سوق الخضار المعروف بسيدي البحري.

الإهانة والسخرية التي تعرض لها برجلية من الباعة

بينما كان التحريض متواصل وبشكل شبه يومي من باعة الخضرحيث عمد أحدهم إلى دفع فرفر محاولا اسقاطه أرضا مع سخرية متواصلة من أصحاب المقاهي بأمر من نيز ديبعا للبوليس السياسي بمهاجمة برجلية فرفر على مراحل في حي رسنا بمدينة قبة عبد العزيز بالتنسيق مع العميد عاشور، ليس احتراما لفرفر ولكن مراعاة لهشاشة الوضع.

كان الشيباني بن دهماك وفرفر قد أجريا مناقشات وحوارات مطولة حول عالم الشركات الرياضية ومراجعة تاريخية حول الملابس والماركات العالمية مع تدرب فرفر على لعبة كرة النار التي تلعب على مراحل وأشواط متنوعة. الشيباني بن دهماك قلق أيضا حيث كان يلقي دروس للتلاميذ بوصفه معلم ولكن خاب أمله عندما لم يقع خلاصة من والد لم يعجبه الأجواء التي تجري في حي لافايات بجانب مدرسة الفتح بنهج يقرب من مرور القطار بشارع ليون الكبير.

بينما نيز ديبعا يتذكر جيدا كيف ترشح برجلية فرفر لما كان طالبا في المعهد الأعلى للدراسات التكنولوجية بسردا أين يقع الاستعداد لألعاب البحر الأبيض المتوسط ، وترشحه للانتخابات البلدية في دائرة العاصمة “سنتو” تزامن ذلك مع بداية القرن ولكن انتخابات نهاية القرن التي فاز فيها نيز ديبعا بالأغلبية الساحقة بنسبة قاربت المائة بالمائة أي تسعة وتسعين بقيت في البال وفي الذاكرة الشعبية، لكن أمين عام حزب الوحدة الشعبية له رأي آخر حيث استطرد قائلا عند حلول القائمة الرمادية في ولاية سنتو: سيدي الكريم ، نحن نعارض ونساند ، وأهل مكة أدرى بشعابها، ولا نعي ما يجري في الساحة السياسية للأحزاب الأخرى..

كان فرفر يوزع بطاقات الإشهار للانتخابات بينما الطلبة الآخرون ركبوا على الحدب ليقوموا بعمليات تخريب وتكسير للبلور ومداهمة الأقسام احتجاجا على الأكلة الجامعية المتدهورة، ونظام احتساب ضوارب المواد ربما كانت مصطنعة ولكن تلك هي الحقيقة. مما دفع الشيباني بن دهماك أخ فرفر من السخرية  بحكم منصبه في وزارة التعليم والتربية من السخرية : بأن الأسماك يقع جلبها من الوديان المتفرقة هنا وهناك.

ذكريات برجلية فرفر

وبدأت تعود الذكريات لتعشش في رأسه فكرة جديدة ، لقاء المندوب الرياضي ومزاحه حول مشروع فكرة رياضة حول كرة الشاطئ كان اقتبسها أخوه الشيباني بن دهماك التي قام بتقنينها ونشرها وإصدارها لبعض هواة الرياضة والصحف المهتمة بالموضوع. وشعورة بخطورة الفكرة لأنها توحي بقلب النظام وقلب هرم السلطة بالولوج في قواعد الحزب الحاكم بعد نزول مقال يحمل بوادر أزمة وارتباك لغموض الموضوع. كان نيز ديبعا متخوف من الموضوع فوقع احتسابها من المندوبية كمشروع يعكر صفو الجو العام وإدخال البلبلة في القواعد السياسية والرياضية.

رغم قيام فرفر بجولة رياضية لتوضيح الأمر وأن الأمر مجرد تطوير للعبة كرة القدم وأن الموضوع قديم وتحت الدرس ، وأن الوضعية تقتضي ذلك التمشي. وتذكر فرفر شريط “على خط النار” لمالكوفيتش” الذي خطط فيه البطل لاغتيال رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بارتداء قناع والقيام بمناورة كبيرة في صفوف الشخصيات السياسية المرموقة المقربة من السلطة والبيت الأبيض. كما راودته كلمات خاله هدهود في سطح من سطوح بيوت حي دغمان محمد علي بمدينة سبقا بالجنوب التونسي وبأن الرئيس “بيقروب قتل شخص لمجرد إشعار بأنه صنع مسدس مدعيا أنه يحاول اغتياله عندما تتهيأ له الظروف.

محاولة فك أسره من البوليس السياسي

وبالتالي توضحت الأفكار بطريقة توحي لفرفر بصناعة كلاشنكوف ديمقراطية لمحاولة فك أسره من البوليس السياسي الذي يقوم بتصعيد هذه الأيام. وكبداية تقليدية أخذ في تذويب البلاستيك وتشكيل القالب الأساسي لتشكيل فوهة بندقية محلية الصنع وبقي الدخان يتصاعد في حي رسنا لمدة خمسة أيام بدأ معه يظهر التوتر والقلق على محي الجيران ليقع في اليوم الخامس تركيب قاعدة خشبية توحي بنوع جديد في عالم الأسلحة وكان أول من راها أخوه الشيباني بن دهماك الذي أبدى إعجابه: مل بندقية”

الاختراع الجديد الذي ابتكره برجلية

واصبح  الحديث سوى على الأختراع الجديد  لكن سرعان ما استبد الخوف بالجميع فوقع إخفاء الكلاشنكوف الديمقراطية وسط ذهول الجميع. لكن بقي أثر الاكتشاف ساري المفعول في مجموعة قدرت بمائتي نفر يتحدثون ليلا نهار على الاكتشاف الجديد وعلى انجاز غاية في المرونة والرشاقة تحفة فريدة من نوعها نادرة قادرة على إبادة خمسين شخصا في لحظات معدودة في احسن حالاتها وتعيد إلى الأذهان ملحمة الحرب العالمية الثانية وذلك حسب الشهادة الفنية للشيباني بن دهماك.

ولكن الحقيقة كان لحظة بداية المصائب والمعاناة ، وامتحان الصبر لأن الخبر وصل إلى الرئيس نيز ديبعا فأصدر قرار بإيداع “التحفة فرفر” بمستشفى الاضطرابات العقلية حتى النظر في تفاصيل الحادثة ومدى أهمية الاختراع الجديد وتأثيره على الاستراتيجية والتكنولوجية العسكرية والأمنية.

ماذا حدث عندما علمت الشرطة بهذا الاختراع؟

ومع مرور الوقت أخذت الأمور شكل رسمي وإداري فكانت السيارات الأمنية تحوم حول المكان ليلا ونهارا ووصل الامر إلى خمسة أشهر من المقاومة استسلم على اثرها برجلية  فرفر للقضاء والأقدار والحسابيات الإلاهية في ليلة باردة ليست كغيرها وسلم نفسه بملعب كرة القدم في مدخل المدينة مختفيا وراء أواني وصحون فخارية وبلورية وقفاق توحي بأنه بائع متجول ضاق به المكان.

حيث وقعت محاصرته بجانب مستشفى الأمن الداخلي حيث اقتربت منه سيارة أمنية تتصيد الفضوليين والمعربدين ليقع اقتياده بعد كر وفر في سيارة “هامر” متطورة تابعة للأمن الرئاسي مع الثالثة صباحا إلى المركز الرئيس بقرطاج تحت  أنظار الرئيس نيز ديبعا تحت وابل الشتم والهرسلة والتهديد بالقتل وكاميرا الرئيس الخفية التي تراقب المكان بكل حذر ومحاولة كشف القناع على مسلسل الكلاشنكوف المستمر وحدث العشرية.كما اعتقد لذلك من طرف أصحاب الإشاعات والأساطير الشعبية.

هل تمَّ القبض على برجلية فرفر؟

وبدون مراوغات وقع اقتياد برجلية فرفر في الغد مع القيلولة إلى مركز الأمن بالربيع وسط ذهول أخوه الشيباني بن دهماك ومالك العقار الذي يعمل في مصلحة الكهرباء والراجع من إقامة بالعربية السعودية ولكن في الأثناء حدث شيء لم يكن في الحسبان قلب الحكاية رأسا على عقب وفي لحظة ألم بين الغيبوبة والمرض زاغ على إثرها برجلية فرف وسط الأحداث وحرارة الشمس المرتفعة والأجواء المتكهربة فاستطرد متوجها للجميع: بأن الرياضة في البراري أحسن من الخزعبلات الشعرية للرجلين مالك العقار وأخوه الشيباني بن دهماك.

وكان هذه اللحظة فارقة أمام ذهول الملازم الأول بالمركز الوطي للأمن والحرس الذي فهم أن فرفر غاضب لفشل عملية انقلابية على الرئيس نيز ديبعا وخيمت الإثارة  من جديد على المكان وراجت أخبار بأن الرئيس نيز ديبعا أفسد عملية انقلابية لمجموعة مختصة في صنع الأسلحة وأن صاحبها أودع في إحدى المصحات العقلية لإعدامه في الساعات القليلة الماضية..

بقلم: هاني المختار القادري

 

أضف تعليقك هنا