خلوة..ظلمة..دموع..اختناق..شوكة حادة في الحلق وقلب يخفق بلا انتظام وكأنه قلب ملاكم في جولته الأخيرة في نزال حامي الوطيس ..أرق يتربص بمملكتك بلا هوادة، ونبرة صوت بدون إشارة..غمغمات وأفكار متناقضة وغير منطقية تطرق مُخيلتك المضطربة إن لم نقل المريضة..
خلوة تأبى أن يخترق حدودها أحد
زفرات تسمع على بعد أمتار منك قبل أن تُردفها بتأففات غير مبررة، وأحلام تباغتك في يقضتك وتتوعدك بكوابيس فور إغماضك لجفنيك إن أنت استسلمت للنوم.خلوة تأبى أن يخترق حدودها أحد وترفض يقينا أن يشاركها فيك غريب بشكل سادي.
يبدأ صدرك بالانقباض، يضيق فتضيق بك الدنيا على رحابتها، تحصرك بين جدران غرفتك وتضغط عليك بدون رحمة، مثل أي جندي في لعبة “بابجي” الشهيرة، لا تعلم من أي زاوية ستقنصك بندقية صديق قبل أي عدو، يتملكك توجسس غريب مهما بلغت أسلحتك من تطور وتنوع.
البكاء والإجهاش الذي سيصيبك
ستأخذ بالاجهاش تارة ثم تستسلم لنوبة بكاء تتصاعد نبرتها تدريجيا، تنساب عبراتك بفتح العين بلا طواعية تحرق وجنتيك، ترفع من وتيرة الاجهاش في ظل غياب الرقابة فلا أحد غير الله يراقبك، تواصل جذبتك الصوفية بطقوسك الخاصة إلى أن تقضي وترك منها، تبدأ بمسح دموعك التي تعرفت على طعمها الليلة في عشوائية، وتشطف معها مخاط أنفك المسال فطريا.
تستغفر ربك وتتذكر حكمة القضاء والقدر، تحمد الله على ما أنت فيه، فيرحب صدرك من جديد، وتداعب شفتيك ابتسامة خفيفة وساخرة من الحالة التي وصلت اليها ..كل هذا وأنت وحدك وسط تلك الغرفة التي ضاقت بك في تلك اللحظة.
تأخد نفساً عميقاً
تأخد نفسا عميقا حتى تقترب من شفط هواء الغرفة، تتبدد الغيمة التي أحاطت بك وتتسع رقعتك، تداهمك عصافير بطنك بالزقزقة على أنغام الجوع، فتتجه رأسا صوب الثلاجة تفتحها وتتناول منها أقرب شيء لك قابل للأكل إن هو تواجد في هذه الليلة الموحلة..تحرك الطنجرات الفارغة مصدرة لحنا نشزا.
تعود إلى فراشك ومعك خيبات الأمل
تعود الى فراشك تَجُر الخطوات ومعها خيبات الأمل بعدما عجزت عن سد رمق جوعك، تتناول جهاز التحكم لتشعل التلفاز، فتتوقف عند أول فيلم تقع عليه أصابعك تتابع أحداثه فتضيع أحداثك التي كنت على الوشك أن تُضيع ليلتك بسببها، حتى تنسى وتتناسى الى أن تستسلم للنوم ونور التلفاز يداعب وجنتيك في أمل أن ينير ما تبقى من ليلتك.
تستيقظ صباحا لتبدأ يوما جديدا في رقعة جديدة قد تضيق بقدر ما قد تتسع في وجهك، أنت الحكم وأنت القاضي لك سلطة تقرير هل تضيق أم تنفرج.
فيديو مقال خُلوة موحشة