الحوكمة كأداة لتحقيق التنمية المستدامة

بقلم: عبدالله بن سليمان جديع الحسيني

العلاقة بين الحوكمة والتنمية المستدامة

أصبح موضوع الحوكمة والتنمية المستدامة من أحدث المفاهيم في ميدان العلوم الاقتصادية، حيث الحوكمة تعد عاملاً أساسيا يساعد في تحقيق التنمية المستدامة ولذلك تجد التعريفات الأكثر شهرة للاستدامة هو الذي تقدمت به لجنة برنتلاند وهي اللجنة الدولية للبيئة والتنمية، سنة ١٩٨٧م بأنها” التنمية التي تلبي احتياجات الجيل الحاضر دون المساس بمقدرة الأجيال المستقبلية على تلبية احتياجاتها “. ( كولستاد ، ٢٠٠٥ )

وهي علاقة وثيقة بين الحوكمة وعملية التنمية المستدامة، حيث أصبحت الحوكمة بمختلف أبعادها شرط رئيسي لتحقيق التنمية المستدامة من خلال إيجاد الظروف السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية اللازمة لتحرير هذه القدرات البشرية وبالتالي تعزيز رفاهية الإنسان من خلال التقليل من نسبة الفقر وإيجاد فرص للعمل وحماية البيئة.

والتنمية المستدامة تهدف إلى بناء نظام اجتماعي عادل يؤدي إلى رفع القدرات البشرية وذلك من خلال زيادة المشاركة للمواطنين في العملية التنموية “المشاركة”، وتوسيع خيارتهم و إمكاناتهم في الوصول إلى مستوى رفيع من الحياة “التمكين”، إضافة إلى الحصول على المواطنين على حقوقهم بالتساوي كالدخل و التعليم و الخدمات الصحية “التوزيع العادل”، ناهيك عن القدرة على تلبية حاجيات الأجيال الحالية مع الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة ” الاستدامة ” وضمان الحق في الحياة ،وبذلك تتحقق التنمية المستدامة العادلة.

والاستدامة هنا لا تعني الاستمرارية بل تعني نتائج الاستمرارية المتطورة، ففي دراسة أعدها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة سنة١٩٩٧م، اعتبرت الاستدامة عنصراً من مميزات الحوكمة وإدامة التنمية الشاملة، وأن الحوكمة هي طريق لتحقيق التنمية المستدامة. وإن علاقة التنمية الشاملة بالحوكمة يمكن قراءتها من خلال ٣ زوايا وهي:

  • وطنية: تشمل الحضر والريف وجميع الطبقات الاجتماعية و الفئات بما فيها المرأة والرجل.
  • عالمية: أي التوزيع العادل للثروة بين الدول الغنية والدول الفقيرة وعلاقات دولية تتسم بقدر من الاحترام الإنساني والقواعد القانونية.
  • زمنية: زي مراعاة مصالح الأجيال اللاحقة .

ما دور الحوكمة في تحقيق التنمية المستدامة؟

ولا يمكن الحديث عن التنمية المستدامة في ظل وجود سوء تسيير للموارد البشرية والمادية المتاحة للانطلاق في عملية التنمية والنهوض الاقتصادي. وفيما يلي توضيح أكثر للعلاقة بين الحوكمة والتنمية المستدامة بأبعادها المختلفة :

  • دور الحوكمة في تحقيق التنمية البشرية:

تم ربط مفهوم الحوكمة مع مفهوم التنمية المستدامة لان الحوكمة هي الرابط الضروري لتحويل النمو الاقتصادي إلى تنمية بشرية مستدامة ، وبذلة ركزت تقارير التنمية البشرية التي تصدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منذ سنوات على مفهوم نوعية الحياة ، وعلى محورية الإنسان في عملية التنمية . ولذلك درجت الأمم المتحدة على تصنيف الدول بناء على مفهوم و معايير التنمية البشرية المستدامة ، ومن هذه المعايير ( توقع الحياة عند الولادة ، متوسط دخل الفرد الحقيقي ، مستوى الخدمات الصحية ، مستوى التحصيل العلمي ، ..)

تتحق الحوكمة الجيدة إذا أنجزت ثلاثة أهداف هي : المساواة أمام القانون و التطبيق الفعال له ، و توافر الفرص لكل فرد لتحقيق طاقاته و إمكاناته كاملة ، والتأثير و الإنتاجية وعدم الإهدار .

  • دور الحوكمة في تحقيق التنمية الاقتصادية:

أولاً لا شك أن حوكمة الشركات تعمل بشكل كبير على كفاءة استخدام الموارد الاقتصادية وتعظيم قيمة الشركة ودعم تنافس الشركات بين الأسواق، كما تعمل الحوكمة على جذب المزيد من مصادر الأموال (التمويل المحلي والعالمي) لتعزيز نمو الشركات، وفي هذا المجال أكد Winkler على أهمية حوكمة الشركات في تحقيق التنمية المستدامة الاقتصادية وتجنب الوقوع في الأزمات المالية .

  • دور حوكمة في تحقيق الرفاهية الاجتماعية:

هناك مفهوم شامل لحوكمة الشركات يتجاوز الشركات الاقتصادية مثل الشركات المملوكة للقطاع العام او الخاص والذي يربط إنتاجها بسلع أو خدمات لها أثر على رفاهية أفراد المجتمع، وهناك قول شائع انه إذا صلحت الشركة كنواه صلح الاقتصاد ككل و إذا فسدت فإن تأثيرها يمتد ليضر أعداداً كبيرة من فئات الاقتصاد والمجتمع. وفي ظل هذا التوجه فإن الحوكمة لها أثر على الافراد و المؤسسات والمجتمع ككل، حيث توفر للأفراد الضمان في تحقيق قدر من الأرباح وضمان استقرار وتقدم الأسواق والاقتصاديات و المجتمعات .

خاتمة:

فالحوكمة ليست هدفاً في حد ذاته فحسب بل وشرطاً ضروريا لتحقيق التنمية المستدامة بتلبية احتياجات الأجيال الحاضرة دون النيل من حقوق الأجيال القادمة في تلبية احتياجاتها ، كما تمثل الحوكمة نظاما فعالا للرقابة على الشركة، بحيث تشتمل على مجموعة من الآليات الرقابية الداخلية والخارجية التي تعمل معا لإرساء مبادئ  الحوكمة، كما أن النظام الجيد لحوكمة المؤسسات يوفر إطاراً حامياً ومانعا لظهور ممارسات التلاعب ويحد من محاولات التضليل، فالحوكمة تساوي الأخلاق وهي تدعوا لتحسين الصورة الذهنية للشركات وكذلك مصداقيتها وتدعوا لإدخال الاعتبارات الأخلاقية وتحسين درجة الوضوح والشفافية. (شاهد فيديو موقع مقال على اليوتيوب).

بقلم: عبدالله بن سليمان جديع الحسيني/ باحث ماجستير إدارة المنظمات غير الربحية
[email protected]

بقلم: عبدالله بن سليمان جديع الحسيني

أضف تعليقك هنا