المنهج المعزز للتفكير

يتميز العصر الحالي بالتقدم العلمي والتكنولوجي، الأمر الذي يشكل تحديًا كبيرًا لكل من الطلبة والمعلمين ومناهج التعليم، ولهذا أصبح لزامًا إعداد طلبة قادرين على اتخاذ القرارات وحل المشكلات، ولذلك ينبغي التوقف عن تقديم المناهج التعليمية للطلبة بصورة نظرية، وإعداد مناهج دراسية تواكب التغيرات العالمية في جميع المجالات، وتساعد على تنمية التفكير وإثارته، حتى يتسنى للطالب إعمال عقله، وإظهار ما لديه من إبداع.

تعريف المنهج المعزز للتفكير

ويعرف المنهج المعزز للتفكير بأنه ” المنهج الذي ينتشل المتعلم من كونه متلق وسلبي إلى متعلم مشارك إيجابي، فهو يعتمد على أسلوب النقاش والحوار الفكري والفهم والتحليل والنقد والاستنتاج، مما يشجع المتعلم على الإبداع والابتكار وفهم وإدراك ما يدور حوله” (الحشاش، 2019)، وعرفته النحال (2019) بأنه ” المنهج الذي يدفع إلى تعليم الطلبة أساليب التفكير المختلفة”.

وعليه فإن المنهج المعزز للتفكير هو المنهج الذي يراعي تضمين أنواع التفكير ومهاراته المختلفة في جميع عناصر المنهج والبيئة التعليمية.

وبما أن كل عنصر من عناصر المنهج يؤثر ويتأثر ببقية العناصر الأخرى ولا يتحقق أحدهم دون الآخر بسبب وجود العلاقات التداخلية والمتبادلة فيما بينهم، كان بد أن يكون لكل عنصر من عناصر المنهج دورًا واضحًا في إعمال عقل الطالب وإثارة تفكيره، وفيما يلي وصفًا لكل عنصر من عناصر المنهج المعزز للتفكير بالإضافة للبيئة التعليمية:

أولًا: الأهداف التعليمية

تعتبر الأهداف التعليمية نقطة البداية لأي عمل تربوي، وهي توضح ما يحدث لدى المتعلم من تغيير وتعديل على صورة نتاجات تعليمية بعد حدوث التعلم، ولكي يحقق المنهج المعزز للتفكير أهدافه في تنمية التفكير لدى الطلبة، لا بد أن يكون للأهداف التعليمية دور في ذلك فهي الغاية التي نريد الوصول إليها وتحقيقها بقصد مسبق، فيجب أن تنمي هذه الأهداف شخصية المتعلم في جميع الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية.

وأن تتضمن مستويات التفكير العليا (تحليل، تركيب، تقويم)، وأن تزيد قدرة الطالب على حل المشكلات واتخاذ القرارت وإيجاد الحلول الإبداعية، وأيضًا تدفع هذه الأهداف الطالب للبحث والتقصي والاستكشاف، وأن تلبي حاجات وميول الطلبة، وتكون نابعة من بيئتهم، ومهمة لهم في حياتهم المعاصرة والمستقبلية فتنمي قدرتهم على التعامل مع مواقف الحياة بشكل أفضل، ولا بد أن نبتعد عن التقليدية أثناء صياغة الأهداف، فيجب أن تسعى الأهداف التعليمية لتنمية التفكير وإثارته من خلال محو الأمية العلمية والتكنولوجية والهندسية للطلبة.

ثانيًا: المحتوى التعليمي

يعتبر المحتوى أول من يتأثر بالأهداف التي يسعى المنهج إلى تحقيقها، ولهذا لا بد للمحتوى التعليمي الخاص بالمنهج المعزز للتفكير أن يتضمن مجموعة من الخصائص والسمات التي يتميز بها لتساعد الطلبة على تنمية التفكير، فيجب أن يثير التفكير من خلال عرضه للأنشطة والأمثلة التي تساعد على البحث والتقصي والاستكشاف للوصول إلى حل المشكلة أو اتخاذ القرار، وأن يواكب المحتوى التقدم العلمي والتكنولوجي.

وأن يرتبط المحتوى باهتمامات وميول وحاجات الطلبة، وأن يكون محتوى مفاهيم وعلاقات لا حقائق، وأن يوظف المحتوى التعليمي للمنهج المعزز للتفكير المنحى التكاملي والذي يدمج التخصصات مع بعضها البعض بشكل تكاملي، بهدف محو الأمية العلمية والتكنولوجية والهندسية، وأن يكون المحتوى مترابط، ويشجع على الممارسة  ويركز على التطبيقات الواقعية لحل المشكلات فيربط التعلم بالحياة اليومية من خلال استخدام الطلبة لتجارب تعليمية ذات معنى.

ثالثًا: الأنشطة والاستراتيجيات والوسائل والمواد التعليمية

تتمثل الأنشطة والاستراتيجيات والوسائل والمواد التعليمية في الإجراءات التي يقوم بها كل من المعلم والمتعلم من أجل تحقيق الأهداف، وهي تمثل حلقة الوصل بين الطالب والمعرفة، وتعمل على تزويد الطالب بالمعلومات والمهارات والقيم والاتجاهات، ولكي يكون المنهج معززًا للتفكير لا بد من استخدام الأنشطة والاستراتيجيات والوسائل التي تساعد المتعلم على إثارة تفكيره وتنميته، مثل استراتيجيات تنشيط الذاكرة والمعالجة المعرفية العميقة للمعلومات.

وزيادة السعة والسرعة المعرفية أثناء عمليات التعلم، وتركيز الانتباه، واستخدام استراتيجيات تعمل على تحسين فهم الطلبة، وتحقيق الاستخدام الفعال للمعلومات والمعرفة المتوفرة، مثل القصة والتمثيل والعصف الذهني ولعب الأدوار والأسئلة وحل المشكلة والنقاش الجماعي، كذلك استخدام الأنشطة والاستراتيجيات والوسائل التي تعمل على تشجيع الاكتشاف وحب المعرفة والاستقصاء، ومن هذه الطرق والاستراتيجيات نموذج حلقات التفكير المتصلة لستيرنبرغ، واستراتيجية التفكير البصري، وأن تكون الأنشطة واقعية ذات معنى تربط التعلم بالحياة اليومية.

رابعًا: التقويم

يعتبر التقويم العنصر الرابع والأخير من عناصر المنهج وهو عملية تربوية تهدف إلى تقدير جدارة المنهج واتخاذ قرار صائب بشأنه، ونستدل من خلاله على مدى تحقق الأهداف التعليمية، ولا بد للمنهج المعزز للتفكير أن يكون التقويم فيه بشكل يتطلب استخدام مهارات التفكير وحل المشكلات، وأن يتبع المعلم أساليب التقويم المتنوعة كخرائط المفاهيم (خرائط التفكير)، والتقويم الإبداعي، والتقارير المكتوبة والمقابلات الشفهية، وملفات الإنجاز، والتقويم العملي، والتقويم الذاتي.

ويجب ألا يكون الهدف منه بالضرورة الحصول على علامات ونسب مئوية عن التحصيل، بل تقديم تغذية راجعة للطلبة عن تقدمهم في الأهداف المعرفية والمهارية والوجدانية، ولا بد أن يرافق التقويم في المنهج المعزز للتفكير عملية التعليم والتعلم في جميع المراحل، وأن يعمل التقويم على تقديم أنشطة حقيقية واقعية للإسهام في حل المشكلات، وأن يراعي التقويم الفروق الفردية ويسمح بالابتكار ، وأن يحث على التعاون بين الطلبة في المهمات التعليمية وأداء الأنشطة والعمل كفريق لإتمامها، وأن يهتم التقويم بقياس تطور نمو الطلبة في جميع الجوانب المعرفية والوجدانية والمهارية.

 خامسًا: البيئة التعليمية

إن للبيئة التعليمية أهمية كبيرة في تنمية التفكير لدى الطلبة، ولهذا يجب تزويدها بالوسائل المادية والوسائل غير المادية، كما ويجب أن تتصف بيئة المنهج المعزز للتفكير بعدة ميزات لتحقق تنمية تفكير الطلبة، ومن هذه المواصفات أن تكون بيئة غنية لحدوث التعلم، فتوفر للطلبة خبرات معايشة وخبرات انغماس وخبرات حقيقة، وتكون غنية بالخبرات الحسية فتشرك أكبر عدد من الحواس في عملية التعلم،  كما ويجب أن يندمج فيها الطلبة مع التفاعلات الحياتية والمواقف الصعبة التي تثير التفكير.

وأن تكون بيئة تتيح التحليل والتأمل والبحث عن الروابط والعلاقات والأسباب والنتائج، وأن تركز على المحتوى ذو المعنى، وتوفر الأمن (غياب التهديد)، لأن الدماغ لا يعمل بكفاءة تحت التهديد والدماغ الخائف لا يتعلم، سواء كان التهديد بالوقت، أو تهديد بعدم إتقان المادة فالمتعلم حين يشعر بعدم فهم المادة يعتبر هذا تهديدًا لعقله، أو تهديد بالإحباط، أو أن المعلم غير مؤهل، أو تهديد بغياب العدالة والنزاهة، ويجب أن تكون البيئة التعليمية قائمة على القبول الاحترام المتبادل بين المعلم والطلبة من جهة، وبين الطلبة أنفسهم من جهة أخرى، وأن تتوفر فيها تقنيات تربوية ووسائل تعليمية تمكن الطلبة من التفاعل والوصول للمعلومات، كما ويجب أن تكون البيئة التعليمية مناسبة من الناحية الفيزيقية من حيث التهوية والإضاءة والأمان والنظافة والترتيب.

 المراجع

  • محمد، آمال. (2015). مهارات التفكير رؤية تربوية معاصرة. الإمارات: دار الكتاب الجامعي.
  • العتوم، عدنان؛ الجراح، عبد الناصر؛ بشارة، موفق. (2006). تنمية مهارات التفكير نماذج نظرية وتطبيقات عملية. عمان: دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة.
  • جروان، فتحي. (2007). تعليم التفكير مفاهيم وتطبيقات. عمان: دار الفكر ناشرون وموزعون.
  • القواسمة، أحمد وأبو غزلة، محمد. (2013). تنمية مهارات التعلم والتفكير والبحث. عمان: دار صفاء للنشر والتوزيع.
  • القاسم، وجيه وآخرون. (2007). دليل المعلم لتنمية مهارات التفكير. وزارة التربية والتعليم: المملكة العربية السعودية.
  • النحال، أميرة. (2019). تصور مقترح للمنهج المعزز للتفكير. تاريخ الإطلاع عليه في (31/10/2022). https://2u.pw/5kcrF
  • البرقي، محمد. (2016). البيئة الصفية المثيرة للتفكير. تاريخ الاطلاع عليه في (1/11/2022). https://2u.pw/eSfgf
  • الحشاش، فاطمة. (2019). المنهج المثير للتفكير كما يجب أن يكون. تاريخ الاطلاع عليه في (31/10/2022). https://2u.pw/wv4lE
  • عبد الحي، اخلاص. (2017). 6 نماذج جديدة لتقويم تعلم الطلاب. تاريخ الاطلاع عليه في (1/11/2022). https://2u.pw/NVXxu

 فيديو مقال المنهج المعزز للتفكير

 

أضف تعليقك هنا