كيف تتم إثارة وتعزيز التفكير في العملية التعليمية وكيف نجعل من المنهج الدراسي معززاً لتفكير الطلاب؟

المنهج المعزز للتفكير هو المنهج الذي يقدم المعارف بشكل يحفز الطالب بأن يكون منتج للمعرفة وليس مستهلك لها بأن يكون جزء من عجلة الانتاج والابداع عن طريق دفع المتعلم للبحث والتفكير بطبيعة الروابط  التي تحكم المعرفة .

هدف المنهج المعزز للتفكير :

ان الهدف الاساسي من تقديم المواد الدراسية هو تنمية التفكير وبناء تفكير المتعلم فليس بمقدور اي مؤسسة تعليمية او اي نوع من المناهج تقديم كافة المعارف في اي مجال من المجالات وان اي منهج واي محتوى دراسي انما هو يقدم عينة من هذه المعارف فالمهتمون بالمناهج المعززة للتفكير يركزون على بناء تفكير المتعلمين حتى يكونوا قادرين على التعامل مع المعرفة ومستجداتها في اي زمان ومكان وفهم منطق ما يتعلمونه فأي معرفة بنيت على اساس التفكير يستطيع المتعلم ان يتعامل معها بأشكالها الاخرى فالمعارف ليست مسلمات ولكن يجب التأمل والتفكير فيها .

المحتوى المعزز للتفكير:

إن العلاقة بين المحتوى والتفكير هي ان المحتوى نتاج للتفكير فما نتج المحتوى الا بالتفكير في مجال هذه المحتوى. يتم تعزيز التفكير في المحتوى الدراسي من خلال:-

  • يكون المحتوى قادر على  اكساب الطلبة مهارات التفكير العليا التي تمكنه من تعامل مع البيئة.
  • يكون المحتوى غير مساوي للكتاب المدرسي اي ان لا يكون الكتاب المدرسي هو سقف المحتوى وسقف التعلم انما استثمار الكتاب للخروج الى معارف غير محدودة حيث ان الكتاب المدرسي ليس هو الشكل الاوحد للمحتوى.
  • يكون المحتوى وسيلة لتعليم الطالب كيف يفكر في التعامل مع المعلومات بأشكالها المختلفة فالعالم لا يعبأ بالطالب ماذا يعرف انما ماذا يستطيع ان يصنع بالمعلومات التي يعرفها وهل لديه المهارة في التعامل مع هذه المعارف ام لا.
  • اعتبار المحتوى عينة للمعارف بحيث يدرب المتعلم على التعامل معها لتأخذه لمناطق اخرى تجعله يتعامل مع معارف اخرى فيكتسب المهارات اللازمة للتعامل مع المعلومات.
  • محاولة التكامل بين المناهج المقدمة للطالب بحيث لا تكون كل مادة منفصلة عن الاخرى لان العلوم تتلاحق مع بعضها البعض لتسهم في حل المشكلات

فالتقسيم لا يكون طوال الوقت ويجب وضع التكامل والتقاطع بين المواد بعين الاعتبار فالمعرفة الإنسانية متكاملة وهذا التكامل بدوره ينمي التفكير عند الطلاب ويجعل التعلم ذو معني ويستطيع الطالب الربط بين المعلومات المقدمة له بروابط منطقية .

  • بان يكون المحتوى له علاقة بمشكلات الحياة لان هذا يحفز التفكير لان المشكلة تجمع مجالات مختلفة للتفكير هذا يجعل المحتوى ذا قيمة تطبيقية عند الطالب .
  • ان يكون المحتوى مهتم بالكيف وليس الكم فقط فيهتم بجعل الطالب يتأمل بكيفية المعلومات المقدمة له و كيف بنيت بهذا الشكل وكيف جاءت على هذا النحو فالعبرة ليست في ما خلص اليه اي محتوى من استنتاجات او استخلاصان وانما يكمن الامر في الكيفية التي تم الوصول بها الى ذلك.

التقويم المعزز للتفكير:

  • لا يكون التقويم محصور بما هو موجود من معلومات او موضوعات في الكتاب المدرسي بل بما هو موجود من عمليات تفكير يجب تنميتها.
  • الاهتمام بالتقويم الذي ينمي مهارات التفكير وعملياته.
  • يهتم التقويم المعزز للتفكير بقياس عمليات التعلم الحقيقية وليس الدرجة الكلية في التقويم الختامي .
  • يهتم التقويم بالتقييم البنائي بحيث يكشف عن جوانب الضعف واسبابها وجوانب القوة وتنميتها فالهدف من التقويم ليس الدرجة التي تحصر الطالب في مستويات دنيا من التفكير .
  • التقويم يتجاوز حدود الاسترجاع والاستظهار لينصب على قدرة الطلاب على الرابط بين المعارف والمعلومات في اي ماده من مواد الدراسة.

استراتيجيات التدريس المعززة للتفكير:

  • تثير دافعية المتعلم وتقدم المعرفة بشكل قائم على اثارة التفكير وتعزيزه ولا تقوم على التلقين والحفظ والاستظهار.
  • تدفع الطالب لان يفكر بالمعارف بأشكال وطرق مختلفة.
  • تقدم المعلومات بطريقة تحاكي طبيعة المعلومة ولا تجافي هذه الطبيعة.
  • تكون الاستراتيجيات قائمة على الاداء الجماعي وليست على الاداء الفردي فالتعلم داخل جماعات محفز للتفكير بشكل كبير حيث ان كافة المبتكرات العلمية والتكنولوجيا ليست الا تلاقح بين الافكار في ميادين عدة .

البيئة المدرسية المعززة للتفكير:

  • بيئة حاضنة للتعلم عن طريق المحاولة والخطأ و لا تكون قائمة على تجنب المخاطرة فلا تعلم بدون تجريب وبدون أخطاء.
  • بيئة طبيعية واقعية تجعل الطالب قادر على الربط بينما يدور داخل الصف وخارجه.
  • بيئة صفية داعمة للتشارك (بيئة تشاركية) فالفردية لا تسهم في التفكير ولا الابداع والابتكار اما التشارك فهو محفز للتفكير خاصة في ضوء تعقد العلم في الوقت الحالي
  • بيئة تهيئ للمتعلم فرصة التعلم الحقيقي و التعامل مع الواقع خارج حدود الفصل.
  • بيئة صيفية تمكن المتعلم ان يعيش المعرفة و تتيح له الفرصة لكي يكتسب الخبرات التي تؤهله للتعامل مع المواقف في صورة لما سيواجهه في الحياة.

دور المعلم في تدريس المنهج المعزز للتفكير:

حتى يكون المعلم معلما للمنهج المعزز للتفكير عليه ان يكون واعيا بثلاثة انواع من العلاقات المنطقية وهي :-

  • منطق التفكير.
  • منطق المحتوى.
  • منطق تفكير الطلاب.

منطق التفكير :- أي أن يكون المعلم متبني لعمليات التفكير ويقوم بها ويفهم المنطق الذي يشكل افكاره , إن المعلم الواعي بمنطق التفكير يتقبل الرأي والرأي الاخر ويتحرر من التمركز حول الذات و من الحكم على الاشياء من منظور شخصي. ايضا الوعي بمنطق التفكير تجعل المعلم قادرا على التحكم في طريقة تفكيره وتوجيه طريقة تفكيره ونقد الذات ومعرفه العوامل التي تحكم هذا التفكير والتخلص من التصلب والجمود و تجعله يحكم على الاشياء وفق الدليل المنطقي الصحيح وليس قائم على الهواء والميول وهذه الصفات لدى المعلم تجعله قادرا على أن يعزز التفكير عند طلابه.

منطق المحتوى:-أي أن يكون المعلم على وعي بكيف تبنى المعارف وكيف بنيت هذه المعلومات والخبرات الموجودة في المحتوى , ولديه معرفة بمنطق المحتوى الذي يقوم به .وواعيا بمنطق العلوم المختلفة التي يعلمها للطلاب فمعرفته بمنطق الاشياء تجعله على وعي بالمسار الطبيعي للتعلم القائم على تراكم الخبرات وتتابعها فالتعلم قائم على بناء الخبرات وكل خبرة موجودة لديها نظام يحكمها وتعمل وفق نظام وأي فكرة جديدة لابد أن يكون هناك خبرات سابقة وافكار سابقة اخرى لتتكامل معها الفكرة الجديدة فالخبرات تترابط ترابط منطقيا وكون المعلم غير قادر على فهم منطق المادة التي يدرسها هذا يجعله يتعامل مع هذه المادة كمعلومات منفصلة غير مترابطة لا تسهل بأي حال من الأحوال في تنمية التفكير.

إن المعلم حسب منطق المحتوى يجب ان يكون على معرفة تامة أنه لا يقدم إلا عينة من المعارف ولا يستطيع تقديم كل المعارف كاملة وعليه أن يؤهل الطالب للتعامل مع هذه المعارف ومع كافة انواع المعارف بطرق وأشكال مختلفة هذا بدوره ينمي لديهم القدرة على التفكير.

منطق تفكير الطالب:- قد ينجح المعلم بمراعاة منطق تفكير ومنطق المحتوى ولكنه يخفق في مراعاة منطق تفكير المتعلمين وبالتالي يفشل في تعزيز التفكير عند الطلاب.

إن مراعاة المعلم لمنطق تفكير الطالب هو أن يكون المعلم على معرفة بكيف يفكر طلابه وكيف يتعلمون فالمتعلم يستخدم تفكيره ومعالجته العقلية في التعلم, وان لا يتعامل مع الطالب على انه صفحة بيضاء انما الطالب يبدأ تعلمه من خبراته السابقة ومعارفه ويتناول كافة المعارف التي يتلقاها بمواءمتها وفقا لما يعرف .

فعلى المعلم ان يكون على وعى بقضية التدرج فيبدأ من حيث يقف المتعلمون بحيث لا يأخذه الى عالم اخر لا يعنيه.فحتى يبني المعلم تفكير حقيقي يجب أن  يبدأ من خبرات المتعلم ويبني عليها, مع الأخذ بعين الاعتبار انه اذا لم يكن لدى المتعلم خبرة او معرفة سابقة فانه لن يخرج بأي معرفه جديدة.

فيديو مقال كيف تتم إثارة وتعزيز التفكير في العملية التعليمية وكيف نجعل من المنهج الدراسي معززاً لتفكير الطلاب؟

 

أضف تعليقك هنا