بين الأجيال

 جيلٌ بعد جيل 

تختلف الأساليب و الأفكار و المعتقدات ، فما يراه الجيل الحالي هو أمر عادي  و ممتع يراه الجيل الذي يسبقه بطريقة مختلفة !سواء كان الشيء ” عادي ” أو حتى من الأشياء و الأفكار الغريبة ..رحلة بين الأجيال و التضاد بينهما ، سيبقى أمر قائم و جدلي يحدث عصفا من الجدال لا ينضب ..سأبحر معكم بين أمواج أفكار الأجيال و سأقود سفية الأفكار بتضاد ، و لكن سأدع الفكر الخاص بكم و رأيكم يكون هو الربان في هذه الرحلة.

بدايةً 

خوضي في هذا الحديث ليس عبثا ! لانني عاشرت جيل جدتي ! و جيل أمي و أجيال أخوتي بفروقاتهم و جيلي و من هم أصغر من جيلي !و لم أخوض فيه لنصرة أي فِكر أو رأي !   ، إنما وجدت الأمر مذهل و اختلافه أثار فضولي فتبعت و لحقت و بحثت حتى وصلت اليوم لكتابة هذا المقال.

موج العادات والتقاليد والحرام والمُسلي المُتاح! 

أول موج يستهويني التفكير فيه مِرارا و تكرارا ! كيف أصبح هذا الموج يعصف تارة و يهدأ تارة آخرى ! كثيرا ما كنت أسمع ’ و لازلت ’ الاشخاص من جيل جدتي ” رحمها الله ” يتحدثون عن الأمور كافها بتحريمها و تحليلها !أي أنهم يوجوهون و يربون بطريقة الحلال و الحرام ، فمثلا :  لا زلت أذكر كيف كانت جدتي تنهى عن الأغاني بتحريمها ، و تتحدث عن عقوبتها و تنصح بتركها ! و انقلبت الأمواج حين أقبل الجيل بعده  بإنقسام ، فكثيرا ما كنت أسمع من أمهاتي الذين من جيل والدتي يربون على أن الغناء ’ عيبا ’ ! في الوقت الذي كان البعض منهن لا يزال يربي على أن الغناء ” محرم ” ! ليأتي جيلنا و الجيل الذي يصغرنا و نحن في موج أن الغناء ” أمر مُسلٍ و ممتع ” ..قد يبدو المثال بسيطا ! و لكن لنقِس هذا على العديد من الامور ؟
أصبحنا كثير في الآونة الأخيرة نلمح ذلك الأختلاف الواضح و تقريبا في كل فعل دون أي مبالغة !فنرى الآن أي أمر يقاس بطرق مختلفة حتى لو كان في وقت سابق يُحكم عليه حكم موحد ، نجده الآن قد أخذ تصنيفه الخاص في كل جيل .. أنا هنا لآ أعمم  الموضوع من واجهة دينية و لا حتى أعمم أو أًخل بطريقة التربية ، أنا فقط أُدلي بمثال واضح و بسيط عن الأمر.

موج التكنولوجيا والنت والتطور ! 

ها نحن ذا في الموج الذي كان أكثر عصفا منذ أكثر من ثلاثة سنوات قبل الآن !تحديدا بدأت هذه العاصفة مابين العامين 2014 – 2015 !حيث اجتاح العالم التطور التقني الذي قابله الآباء بالرفض و الخوف الشديدين ! فيما قابلناه بصدر رحب مستكشف مغامر ..
دعونا نلقي نظرة في عالم الهواتف منذ البداية أي منذ أيام هاتف ” نوكيا بأنواعه ، و الفيصلية و إن 70 “
كانت الهواتف تستخدم في الجيل المتوسط أي بين الأجداد و بين الجيل الحالي ..حيث كان الجيل المتوسط يستخدم الهواتف من ذلك النوع فقط في المكالمات و التواصل الضروري ،و لم يكن جيل الأجداد يؤمن بهذه الهواتف حيث انهم يرون بأن التواصل عن طريق الزيارات هو ” المُعتاد و الأكثر أحتراما و تقديرا لهم ” .
بينما كان الجيل المتوسط يرى بأن الأجيال الأصغر منهم ليس لهم حاجة بالهواتف !إلى أن جاء الشات و بدأ بالدخول بالتدريج إلى المنازل و تطور فأصبح بيبي أم و صولا إلى الواتساب و مابعده و هنا كانت النقلة !حيث أصبح الأمر لا يقتصر فقط على المكالمات الضرورية  و الاطمئنان فقط ، بل أصبح للتسلية  و البحوث و أغنى حتى عن الزيارات !
فكان البعض من الجيل المتوسط يرفض فكرة اعطاء الصغار هذه التقنيات حتى وقت قصير قبل الآن ، بينما كان البعض الآخر يرى بأنه ” لا بأس في ذلك ” ..ثم أصبح الامر أكثر تعقيدا عندما بدأت ظاهرة ” فلان|نة عنده|ا و أنا لأ ” ..و من هنا بدأ يتبادر إلى الاذهان فكرة الإعتيادية على الأمر و عدم حرمان ابنائهم من ذلك.

موج المطاعم والمقاهي والحفلات 

كيف لا نتناول هذا الموج في المقال ؟ فأكثر الجدالات العائلية خصوصا في السنتين الآخيرتين يتمحور حول هذا الأمر !
فمع كثرة الحفلات و المقاهي و المطاعم كثرة الرغبات بالذهاب إليها !و هنا الامر معقد قليلا ..فلا هو من باب التحريم و لا هو من
باب العادات و التقاليد و لكن أعتقد أنها فكرة المنع من أجل المنع ذاته !كثيرا ما سمعت من صديقاتي أن ذويهم يرفضون فكرة ذهابهم إلى المطعم أو المقهى ،و الأمر ليس فقط إن كانت الفتاة تذهب وحدها ! بل إحداهن تخبرني أن العائلة جميعها لا تذهب!
بينما أخبرتني أخرى بأن الامر لا يقتصر على الفتيات في عائلتهم بل حتى على الشباب !و هناك من حرمت أيضا حتى من زيارة الصديقات !هذه فكرة لا تفسير لها من وجهة نظري …!حيث أن المنع قائم من اللاشيء ! بينما البعض يبدو الأمر لهم لا يستحق الحديث فيه حتى ، لانهم بالفعل يرونه أمر اعتيادي بالنسبة لهم !

إن كان هناك حل لهذه الأمواج فهو الآتي 

بقياس معادلة اختلاف الاجيال فأنت لن تستطيع فرض فكرة على الآخرى ! أو حتى فرض رأي على آخرو في أحد الجهات من هذه الأمواج أنت لن تستطيع حتى أبداء رأيك أو مناقشة الفكرة !رأيت كثيرا من يحاول فرض رأيه و افكاره على كبار السن و إرغامهم على تقبل الفكر الحديث من كل نواحيه !و في مكان آخر رأيت أيضا من يقومون بنهر الجيل الحديث و إتهامهم بكل ما هو معيب و إرغامهم في اتباع العادات و التقاليد التي وضعها أجدادهم !الحل هو اللاحل!
لن تستطيع وضع حل جذري ! و لن تستطيع أحضار أي فئة لتوضح لها وجهة نظر الفئة الآخرى ! حيث سيعتبر الجيل الاكبر بأنك تقلل من شأنهم و افكارهم و عاداتهم و تٌملي عليهم ما يفعلونه و هذا بنظرهم ” قلة ذوق ” ! و الجيل الحالي و الأصغر منه يكسوه حب المغامرة و الاستكشاف و القليل من العناد !و لا ننسى بأن الأفكار التي تغزوا المواقع تزيد من تمسكهم برأيهم حتى لو كان خاطئا ..ربما الحل هو التعايش مع فكرة عصف الأمواج !كنت  فقط كما أخبرتك أقود السفينة فأخبرنا برأيك أيها الرُبان ؟

فيديو مقال بين الأجيال

 

أضف تعليقك هنا