ندوة حول كتاب “الشرفاء الكنونيون أهل الزواقين بقبيلة بني مستارة” للباحث ذ. إبراهيم بل العافية

بقلم: طارق المنيظر

إذا كانت روما الإيطالية عاصمة للفكر والثقافة والفن والنهضة، فإن روما سيدي رضوان لبس هو الآخر اليوم ثوب الثقافة في مفهومها السامي والراقي.حيث استقبل هذا المقهى  مساء يوم الجمعة 18 َنونبر 2022 المتزامن مع ذكرى الاستقلال المجيدة، نشاطا ثقافيا تمت برمجته من طرف النادي الثقافي والتربوي والبيئي التابع لجمعية الشعلة للمبادرة والتنمية حول موضوع قراءة في كتاب “الشرفاء الكنونيون أهل الزواقين بقبيلة بني مستارة” للباحث المؤرخ المحلي لمنطقة بني مستارة ذ. إبراهيم بل العافية.

حملا مسؤولية التنشيط والتسير كل من ذ. عبد الحفيظ عجان وذ. طارق المنيظر في جو من التجاوب الإيجابي والتدبير المحكَم للوقت والمداخلات. كما يقول المثل “لكل زمن رجاله” ولمنطقة ابن مستارة رجل حامل لذاكرتها الجماعية وتراثها الشفهي ومخزونها الثقافي ومعالمها وأحداث ماضيها وأعلامها أيضا. هكذا، يعد ذ. إبراهيم بل العافية باحثا متميزا في مجاله الذي هو التاريخ.

سبب هذا الحفل الفكري

جاء هذا الحفل الفكري تزامنا مع الذكرى 67 لعيد الاستقلال المجيد كملحمة تاريخية تلزمنا كواجب إذكاء الروح الوطنية وتكريس قيم حب البلد والدفاع عن مصالحه.كما جاء هذا النشاط أيضا كمصالحة مع حقل الأنشطة الثقافية بالمنطقة بعد الظروف الموضوعية التي فرضها وباء كرونا، حيث  عرف هذا المجال ركودا وجفاء واضحين.

وبالتالي كان اليوم يوما استثنائيا فريدا لخص قيمة الحس الفكري والوعي الجماعي عند أبناء وبنات البلدة. فكان الحضور والتوافد المبهر على النشاط المنظم دليلا واضحا على هذا العرف الذي بات يلازم بلدة سيدي رضوان بوزنها ورزانة  أبنائها وبناتها في مجال الاجتهاد والرقي.كما يقول المثل أيضا “ليس الخبر كالمعاينة”.

التوثيق والمعاينة للحفل

الأستاذ إبراهيم بل العافية كما أشار لذلك كل من ذ. هشام الكثيري  و ذ. كريم الديبوش خلال مداخلتيهما،  فهو في مشروعه هذا كان حريصا أشد الحرص على التوثيق والمعاينة من خلال الاحتكاك اليومي مع أبناء ومشايخ البلدة بحثا عن الرصيد التاريخي والزاد المتعلق بالذاكرة. وبالتالي فيكون هنا قد استجاب لما قاله ابن خلدون “إن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار، ولكن في باطنه نظر وتحقيق”.

أقسام وفقرات الحفل

تخللت النشاط وصلات متنوعة تزكي الروح وتطرب المسامع من أداء صاحب الصوت الشجي والرنان ذ. العربي الشليح  جعلت من الحضور مندهشا ومذهولا وهو يسافر في عالم المدح والطرب. ألقى، خلال هذه الأمسية الثقافية، رئيس جمعية الشعلة للمبادرة والتنمية كلمته على الحضور الكريم والتي رحب من خلالها بكل الفئات وقدم عن طريقها جزيل الشكر والامتنان لكل من سهر على إنجاح النشاط من قريب أو من بعيد، وأثنى كذلك على لجنة الإعلام وعدستي كل من عدنان اجليبط وعين دريج 24 لجلال البحري لتغطيتهما الفعالة لتفاصيل الحدث ومجرياته.

محاور الدراسة

تم عرض محاور الدراسة من طرف الأستاذين الباحثين على شكل مداخلتين تختلف الواحدة عن الأخرى في بعديهما.

المداخلة الأولى

عرج، من خلالها،   ابن مدشر القيطون والمقبل على الدراسات العليا بسلك الدكتوراه  والإطار التربوي بالثانوية الثانوبة 3 مارس، ذ. هشام الكثيري  على مجموعة من النقط التي تناولها بالبحث والتفصيل وبشكل منهجي ماتع.

فبعد تقديمه لدراسة وصفية أولية  للكتاب، بسط اللثام عن القسم الأول من كتاب ذ. إبراهيم بل العافية. كانت فرصة لتتبع المسار الذي سلكه الكاتب وهو يسعى للكشف عن استقرار الأدارسة بالمغرب والمحن والصعاب التي واجهوها بعد فترة ضعفهم وفتورهم وما نجم عنها من تشتت في المناطق المنيعة والوعرة.

ومن بين هذه المناطق قبيلة بني مستارة حيث عمل أبنائها على إخفاء أنسابهم إلى حين وصول المرينيين للحكم. ليعرج على الدور التاريخي للشرفاء الكنونيون في التصدي للاستعمار ونسف واجهاض مخططاته الإمبريالية، الشيء الذي أخر دخول المستعمر للمنطقة إلى حين بداية العشرينات من القرن الماضي.

المداخلة الثانية

كانت بمثابة حلقة وصل بين علمين متقاربين ومتقاطعين. فهما ابنان  من أم واحدة التي هي العلوم الإنسانية ، وبالتالي فالربط بين التاريخ والأنثروبولوجيا أو دراسة التاريخ دراسة أنثروبولوجية فهو بمثابة  العودة التاريخية على طبائع وثقافة الناس وقوانينها التنظيمية وأعرافها.

بالضبط والتحديد، هذا ما حاول بسطه ذ الباحث ابن مدينة آسفي والذي سبق له أن عَمل جنبا إلى جنب مع صاحب الكتاب بالثانوية التأهيلية 3 مارس. فمن خلال قراءته في كتاب ذ. إبراهيم بل العافية. فقد تطرق ذ. كريم الديبوش إلى مظاهر الحياة الثقافية والعلمية والعمرانية للشرفاء الكنونيين، مشيرا إلى أن الشرفاء امتهنوا العديد من المهن والتي ارتبط اغلبها بالقضاء والعدالة والكتابة المخزنية والنشاط الفلاحي والعديد من الحرف التقليدية. عرج كذلك ذ. كريم الديبوش على أنساب الشرفاء ومجالات اهتمامهم وزيهم الذي ميز من خلاله بين زي الفقراء وزي الأغنياء.

عبد الحفيظ عجان ودوره في المداخلة والتعليق على الكتاب

واقتداء بمثل “لكل خطاب جواب” قام مسير الندوة الفكرية ذ. عبد الحفيظ عجان بفتح باب المداخلات للتعليق على الكتاب ومواضيعه. وفي هذا الباب وجهت أسئلة المتدخلين إلى صاحب الكتاب والمحاضرين معا. أبانت هذه الفقرة عن تفاعل بناء من طرف الحضور ومحبي التاريخ والعلوم الإنسانية والمرتبطين بالمنطقة وثقافتها وذاكرتها.

خاتمة الاحتفال

اختتم الحفل الثقافي بتوزيع شواهد تقديرية وتسليم نسخ من الكتاب للمهتمين والشغوفين. كما ألقى في الأخير ذ. م الدرقاوي كلمته والتي كانت بمثابة توصية للحضور على الإندماح الفعال والبناء في عالَم الفكر وإذكاء روح الأنشطة الثقافية والإبداعية بالبلدة. فهي مسؤولية نتحملها نحن أبناء وبنات المنطقة جميعا كل من جهته ومجالات اشتغاله.

بقلم: طارق المنيظر

 

أضف تعليقك هنا