العولمة والثقافة والهوية

احتل العامل الثقافي أهمية كبيرة في العلاقات الدولية منذ وقت مبكر، فمع إنشاء منظمة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية لتنظيم العلاقات الدولية بين الشعوب والأمم، تأسست منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونيسكو”، التي أوكل إليها مهمة الحفاظ على التراث، وحماية الأثار، والتعريف بالثقافات، وتحقيق الحوار بين الحضارات، كوسيلة لمنع نشوب الصراعات وتحقيق التفاهم بين الدول

مفهوم العولمة

من الملاحظ أن مفهوم العولمة اختلف باختلاف تخصصات الباحثين وانتماءاتهم الفكرية والثقافية.ففي ندوة عُقِدَت على هامش المؤتمر الدولي لعلم الاجتماع في مدينة مونتريال في كندا عام 1998م سعى علماء الاجتماع إلى وضع تعريف للعولمة، فتم وصفها بأنها عملية مستمرة على مدى الخمسة آلاف السنة الماضية، لكنها تسارعت بشكل كبير منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991م، وأن عناصر العولمة تشمل انتقال رأس المال، والعمل، والإدارة، والأخبار، والصور، وتدفق المعلومات عبر الحدود، وأن المحركات الأساسية للعولمة هي الشركات عابرة القومية، ومنظمات الإعلام عابرة القومية، والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات القائمة بين الحكومات، والمنظمات البديلة للحكومات.

مفهوم الثقافة

فهو يعتبر من المفاهيم المثيرة للجدل بين الأكاديمين والمفكرين، فقد افرزت تخصصات الانثروبولوجيا والاجتماع وعلوم الدراسات الإنسانية مجموعة كبيرة من التعريفات، وقد قام بعض الباحثين الامريكيين بحصر نحو 150 تعريفاً للثقافة، لكنهم لم يجدوا بينها تعريفاً مانعاً جامعاً يخلو من القصور، وقد تم ارجاع القصور إلى أنها لاتتميز بالوضوح بين المفهوم من ناحية والأشياء التي تشير إليها من ناحية أخرى.

وكلمة ثقافة “culture” مشتقة من الكلمة اللاتينية “colere”، وترجمتها يزرع أو يربي، وقد برزت كلمة ثقافة في منتصف القرن الثامن عشر بمعنى “منتجات قيّمة”، وقد استخدمت الكلمة لوصف الصفوة والمفاهيم الثقافية العليا خصوصاً في أوربا.

الهوية

في الأساس هو مصطلح غربي، إذ لم تعرفه اللغة العربية إلا حديثاً، فلم يكن العرب المسلمون بحاجة إلى التأكيد على هوية كانت مؤكدة بالفعل، ولهذا فإن المصباح المنير، والقاموس المحيط، ولسان العرب، وغيرها من المعاجم تخلو من هذا المفهوم الحديث للمصطلح، ولعلَّ مفهوم الهوية فقد تسرب إلى الفكر العربي في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في غمار الترجمات التي تراكمت، ولعلَّ من أوائل من استخدموا مصطلح الهوية سلامة موسى نقلاّ عن ابراهيم اليازجي.

وخلاصة القول أن الباحثين يتفقون على أن الثقافة نسبية وتعددية، ونسق مفتوح للتغيير، وفي حين ينظر الباحثون من باحثي العالم الثالث والعالم الغربي أيضاً إلى العولمة على أنها مخطط أو استراتيجية محددة تهدف إلى اجتياح بقية العالم وتحويله إلى نمط سلوكي و أخلاقي وقيمي واحد من خلال وسائل الإعلام التي تمولها الشركات متعددة الجنسية.

كما نجد باحثين اخرين يرون أن الهويات القومية الثقافية مفتوحة التأثير، ولكن ليس بالضروري أن تتشكل بواسطة وسائل الإعلام الإلكترونية، وإن الافتراضات بشأن ثقافة كونية موحدة نتيجة استهلاك المواد والسلع الرمزية لا يوجد ما يدعمها على الأقل بالنسبة لقارة أمريكا الشمالية.

بالاستفادة من:

  • أحمد التهامي أحمد، العولمة والدخول إلى القرن الحادي والعشرين، الأهرام2/4/1999، ص10.
  • محمد يونس، الثقافة العربية والإسلامية، الأهرام12/1/1999، ص20.

فيديو مقال العولمة والثقافة والهوية

 

أضف تعليقك هنا