الأقسام فلسفة

فلسفة الحضارة مقاربات في المفهوم والماهية

بقلم: زياد عبدالكريم النجم

مقدمة:

يعتبر تحديد مصطلح “فلسفة الحضارة” من القضايا الإشكالية التي تواجه معظم الباحثين في هذا الصنف من صنوف المعرفة، ولعل هذه الإشكالية تكمن في عدة أسباب أهمها تداخل هذا المصطلح وتشابكه مع مصطلحات أخرى كالفلسفة وفلسفة التاريخ وتاريخ الحضارات..إلخ، فعلى الرغم من شيوع هذه المفاهيم وكثرة تداولها، فإنه غالباً ما يكتنفها الغموض والعمومية فضلاً، عن التداخل القائم فيما بينها، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن موضع فلسفة الحضارة واسع جداً حيث إنَّ الحضارات هي أعلى تجمُّع ثقافي للناس، وأوسع مستوى للهوية الثقافية للشعب ولا يسبقها إلّا ما يُميز البشر عن الأنواع الأخرى، وهي تحدد في آنٍ معًا بالعناصر الموضوعية المشتركة؛ مثل: اللغة والدين والتاريخ والعادات والمؤسسات وبالتحديد الذاتي الذي يقوم به الشعب بنفسه. (1)، كما أن الباحثين في موضوع الحضارات وفلسفتها  تتعدد مذاهبهم الفكرية وتوجهاتهم الأيديولوجية، ولعل هذه الأسباب مجتمعةً هي التي جعلتنا لانكاد نعثر على تعريف واضح ودقيق لمفهوم فلسفة الحضارة.

وقبل أن نعرف مصطلح “فلسفة الحضارة” يجب الاعتراف بأنه ما من تعريف جامع مانع لهذا المصطلح، بحيث يرضي جميع الباحثين والمؤرخين والمتخصصين في موضوع الحضارة، ولكن لابد من تقديم تعريف مبسط نستطيع من خلاله تقريب الصورة إلى ذهن القارئ حتى يتسنى له تكوين أرضية من شأنها المساعدة في إدراك مفهوم وماهية فلسفة الحضارة.

أولاً: تعريف فلسفة الحضارة

إن فلسفة الحضارة هي: إحدى فروع الفلسفة التي تتناول بالدراسة والبحث موضوع “الحضارة” من حيث أسباب نشأتها ومولدها وازدهارها وثم انحلالها واندثار، وهي بذلك تستقرئ الوقائع الجزئية انتقالاً للكليات التي تنطبق على باقي الحضارات، وبالتالي هي تبحث عن الأسباب والعلل والنتائج إنها تبحث عن القوانين التي تسير الحضارات بمقتضاها، وهي بذلك تقترب من العلم القائم على المنهج الاستقرائي الذي ينتقل من الظواهر الجزئية إلى القوانين الكلية التي تصلح للتطبيق في كل زمان ومكان.
ومن خلال التعرف السابق يتضح لنا بأن “فلسفة الحضارة” ليست هي دراسة تاريخ الحضارة، لكنها مع ذلك لا تستطيع أن تنجز أهدافها بدون دراسة تاريخ الحضارات وما يتضمنه من وقائع وأحداث وظواهر تاريخية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن المؤرخ لتاريخ الحضارات إذا سعى إلى تفسير الحضارات ولم يكتفي بتدوين الوقائع التاريخية فقط، فإنه بذلك يقوم بدور فلاسفة الحضارة وفلاسفة التاريخ.

ومما سبق نجد: بأن المؤرخ والفيلسوف يقومان بدورين متمايزين ولكنهما متقاربين، فالتداخل والتمايز والتكامل قائم بين الفيلسوف والمؤرخ، كما هو قائم بين تاريخ الحضارة وفلسفة الحضارة. ولذلك نجد مؤرخين للحضارات ولكنهم ليسو فلاسفة حضارة من أمثال المؤرخ اليوناني الشهير “هيرودوت” والمؤرخ صاحب موسوعة قصة الحضارة “ويل ديورانت”، وبالمقابل نجد مؤرخين فلاسفة من أمثال العلامة العربي “ابن خلدون” والمؤرخ والمفكر الانجليزي “أرنولد توينبي”.

ثانياً: فلسفة الحضارة.. بين التاريخ والفلسفة

ولتوضيح القضية بشكل أوسع، سنميز بين المؤرخ وفيلسوف التاريخ وفيلسوف الحضارة فنقول: إن فلسفة التاريخ أقرب إلى الفلسفة منها إلى التاريخ، ذلك لأن فيلسوف التاريخ يقوم باختزال العلل الجزئية للوقائع الفردية إلى علة واحدة، ثم يفسر في ضوئها التاريخ العالمي.

أما تاريخ الحضارة فهو عمل يقوم به المؤرخ وفق منهج تاريخي معين متطرقاً إلى الحضارات التي عرفتها البشرية في مكان وزمان معينين ومقتصراً على عرض الأحداث وفق تسلسل زمني، متتبعاً أطوار الحضارة من البدايات إلى النهاية مع إمكانية الخوض في الأسباب والنتائج على أن لا يتجاوز ذلك إلى حد وضع قوانين كلية ثم يطبقها على كل الحضارات، لأنه في هذه الحالة يكون قد دخل في دائرة اختصاص فلسفة الحضارة.

إذاً وظيفة فلسفة الحضارة هو الانتقال من وقائع تاريخية جزئية معينة إلى أحكاماً كلية شاملة ـ وبالتالي يكون منهجهاً استقرائياً يعتمد على النظر في الجزئيات لتشكيل تصور شامل وشأنها في ذلك شأن الفلسفة، لكن المسافة التي تفصل فلسفة الحضارة عن الفلسفة أبعد من المسافة التي تفصل بين فلسفة التاريخ والفلسفة، وبعدها النسبي عن الفلسفة لا يعني أنها أقرب إلى التاريخ.

وإنما يسعى فيلسوف الحضارة أن يحافظ على تواجده في الوسط بين الفلسفة والتاريخ، محاولا أن يستمد الأمثلة من التاريخ معتمداً على مناهج المؤرخين، ثم عندما يشرع في تفسير مسيرة الحضارات نجده يعتمد على مناهج وطرق الفلاسفة التي تنزع دائماً إلى الكلية والتعميم، ولا تهتم بالماضي إلا بالقدر الذي يساعدها على استشراف المستقبل.

إن فلسفة الحضارة تختلف عن تاريخ الحضارة، لأنها لا تقتصر على عرض الوقائع وإنما تسعى إلى تعليل وتفسير هذه الوقائع محاولةً بذلك الوصول إلى أحكام عامة كلية في الحضارة يمكن تعميمها على الحضارات الإنسانية بأسرها. وذلك اعتماداً على التشابه القائم بين الحضارات في إطارها العام وهذا التشابه هو تشابه خارجي يقع في سياقها العام ويتمثل بالأطوار المتشابهة التي تتعاقب على الحضارات الإنسانية من حيث نشأتها وتطورها ونموها وازدهارها ومظاهرها وتجلياتها وحركتها وعلاقاتها وإخفاقاتها وأفولها واندثارها.

ثالثاً: الفوارق بين فلسفة الحضارة وفلسفة التاريخ

إذا كانت فلسفة الحضارة تنطلق من وقائع جزئية إلى أحكام كلية فإن فلسفة التاريخ تشهد عملية تنازلية عندما يخضع التاريخ لفكرة مسبقة لدى فيلسوف التاريخ ، والذي يحاول جعل كل الأحداث التاريخية تتطابق معها . إذاً فلسفة الحضارة أحد فروع الفلسفة والتي تتبع منهج استقرائي ينتقل من جزئيات الواقع والتاريخ وينتقل إلى الكلي المجرد الذي ينطبق على الظواهر الحضارية الماضية والحالية والمستقبلية.

وفلسفة التاريخ أيضاً تعتبر أحد أقسام الفلسفة وتهتم بدراسة التاريخ من منظور فلسفي. وتعريفها العلمي : دراسة الأسس النظرية للممارسات والتطبيقات والتغيرات الاجتماعية التي حدثت على مدى التاريخ. وفلسفة التاريخ مثلها مثل باقي التخصصات الفلسفية الأخرى، مثل فلسفة العلم وفلسفة الجمال..إلخ.

رابعاً: التاريخ والحضارة بين التداخل والتمايز

التاريخ هو كل شيء حدث في الماضي سواءً أكان سياسيًا أواجتماعيًا أواقتصاديًا أودينيًا, أما الحضارة فهي هذه الأشياء السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية التي بقت من التاريخ سواءً أكانت هذه الأشياء مادية أو غير مادية، يعتقد الكثيرون من الناس أن التاريخ -فقط- هو ماحدث ووقع في الماضي وجار عليه الزمان، إلا أنه حتى تلك “اللحظة” التي يعيشها الإنسان الآن يُسطر التاريخ -بوجه أو آخر- للأجيال القادمة، وهذا القول هو ما يفسر لنا كيف اندثرت الحضارات وتوقفت بعضها؛ فالتاريخ لا يهتم بالزمان قدر ما يهتم لوجود الإنسان فيه. ولا يمكن بأي حال أن تستمر حضارة بدون أن ينقل تراثها الحضاري إلى الأجيال التالية نقلًا أمينًا دون تحريف أو تبديل. يقول ابن خلدون: “ولعل من يأتي بعدنا ممن يؤيده الله بفكرٍ صحيح وعلم مبين يغوص في مسائلة (العمران) على أكثر مما كتبنا ” (2)

مقالات متعلقة بالموضوع

والتاريخ يسطر لنا كيف أن حضارات في غابر الأزمان قد انقرضت، ولكن فلسفة الحضارة باقية. كيف يمكن تفسير الحضارة في ضوء الماضي والحاضر والمستقبل بدون تاريخ، هو بالتالي المعيار الذي يمكن الحكم به على ما وصلنا إليه من تقدَّم وسبق حضاري من عدمه، فالتاريخ يحمل في طياته رحلة البشرية جمعاء عبر الزمن، وهو الجزء الأهم فيه والذي لا يمكن استرداده مرة أخرى، وهذا المعنى الذي يحمل لنا صيرورة التاريخ هو الذي يفسر لنا كيف تنشأ الحضارة، ومراحل الحضارة وأطوارها تماما لمراحل الإنسان الطبيعية ابتداءً من الطفولة ومرورًا بالشباب فالكهولة وانتهاءً بالموت والفناء. والتاريخ في جميع الفترات السابقة شاهد حاضر وناقل أمين، وناقد حذق للأجيال القادمة.

ففي فلسفة التاريخ -الزمن المنقضي- بعدًا ميتافيزيقيا كيف يقرأ التاريخ؟ وكيف يكتب؟ إذ كان بالإمكان تسطير حروفه الآن وتعفي الأجيال اللاحقة مهمة البحث عن مفاتيحه وفهم طلاسمه، إنها دعوة التاريخ المتجددة كل -ثانية- إلى العمل واستثمارها أفضل استثمار، فالتاريخ بكلِّ الأحوال ماضٍ دون أن ينظر إلى هؤلاء الذين يغطون في نومهم العميق.

خامساً: إشكالية العلاقة بين الفلسفة والحضارة

ظهرت مشكلة الحضارة من خلال تطور الفكر الفلسفي فى العصر الحديث عن طريق الأفكار والقيم المختلفة والتي أصبحت موضوعاً للاهتمام الفلسفي، ومن ثم فقد اكتسب معنى الحضارة أهمية معاصرة . ولكي ندرك العلاقة الكامنة بين الفلسفة والحضارة، ينبغي في البداية أن نعي أن الفكرة ليست مجرد معنى ذهني، ولكنها تحتوي في ذاتها قوة دينامية قادرة على أن تحرك الأفراد والشعوب، وتدفعهم إلى الاتجاه لتحقيق الغايات، وخلق الأنظمة التي تساعد على ذلك .(3)

ومن هنا ندرك أنه لابد من عملية إعداد فكري حضاري لكل حركة تاريخية ذات مغزى حضاري حتى تأخذ الحركة معناها ومكانتها في مجرى التاريخ وليس من الضروري أن يكون هذا الإعداد أو الوعي الحضاري قائماً في أذهان الجماعة كلها لتتحرك للعمل، بل يكفي أن تكرن هناك أقلية قائدة واعية . (4)

فالواقع يؤكد أن ” الفكر هر الذي يحرك الحضارة، والمفكرون بآرائهم وأقوالهم هم الذين يصنعون حركة التاريخ. وهذا يعني أن تطور الحضارة إنما يقوم به أفراد من الناس يفكرون في المثل التي تهدف إلى تقدم المجتمع ، ويكيفونها مع وقائع الحياة على نحو يجعلها قادرة على التأثير الأقوى في ظروف العصر (5).

وإذا كان التقدم الحضاري هو ارتقاء البشرية إلى أشكال أعلى في بناء حياتها الاجتماعية، وإذا كان التقدم لا يقتصر على ميدان الإنتاج المادي فحسب، بل يمتد إلى الميدان الروحي والفكري، فإن الحضارة إنما تتقدم – كما يؤكد شفيتيزر – من خلال فلسفة متفائلة تؤكد أن العالم والحياة لها قيمة في ذاتيتها، وتبعاً لهذا تحمل في داخلها دافعاً إلى أن ترفع إلى أسمى قيمة يمكنه كل ما هو موجود بقدر ما يخضع لتأثيرها . (6)

وبهذا يكون التقدم الحضاري هو الارتفاع الفكري للبشرية الذي هو أعلى من البناء الاجتماعي لحياتهم، فالتفكير الفلسفي والارتقاء الفكري هو عامل أساسي في تقدم الحضارات الإنسانية، والعلاقة بينهما هي علاقة ذاتية كما يقول جون ديوي في كتابه ” الفلسفة والحضارة: إن الفلسفة هي كالسياسة والأدب والفنون الجميلة هي نفسها ظاهرة من ظواهر الحضارة الإنسانية وعلاقتها بالتاريخ الاجتماعي وبالحضارة علاقة ذاتية ملازمة ، وليست فلسفة الفيلسوف إلا مرآة لمشكلات زمانه ، وكذلك اليوم فهذا أثر للصراع بين النظم الثقافية القائمة. (7)

سادساً: أوجه العلاقة بين فلسفة الحضارة وفلسفة التاريخ

إن فلسفة التاريخ، هي ضرب من ضروب المعرفة، تبحث في العوامل الأساسية المؤثرة والفاعلة في سير الحوادث التاريخية، كما أنها تبحث في القوانين العامة المسيطرة على نمو المجتمعات الإنسانية وتطورها، وما يحدث لها، وما يطرأ عليها من تغيرات وتقلبات عبر الزمن. وهي  تبحث في القوانين العامة التي تحكم تطور المجتمعات الإنسانية ومعنى هذا التطور وغايته، وبالمعنى العام تبحث في الأسباب التي بها تكون الوقائع التاريخية وقد لخص بعض الباحثين موضوع فلسفة التاريخ في الأسئلة المحورية التالية:

  1. ما معنى التاريخ؟
  2. هل لأحداث التاريخ علة؟ وهل تحكمها قوانين؟
  3. هل للتاريخ اتجاه؟ وما هو هذا الاتجاه؟

باختصار تريد فلسفة التاريخ الوصول إلى معرفة ما إذا كان هناك قوانين تحكم حركة المجتمعات وما هو العامل المحرك للمجتمعات؟ وهل ثمة غاية للتاريخ؟ وما هي؟ وما هو دور الإنسان فيه؟ وحول هذه الأسئلة المفصلية، كان مدار بحث الفلاسفة الذين قدموا نظريات في فلسفة التاريخ، ومع أن مصطلح التاريخ مصطلح حديث، حيث يرجع أول استعمال للفظ فلسفة التاريخ إلى فولتير (1694 ـــــ 1778م)، إلا أن حداثة المصطلح، لا تلغي قدم الاشتغال بموضوعه، حيث قدم مفكرون كثر نظريات في
فلسفة التاريخ، تعود إلى قبل ظهور هذا المصطلح بزمن بعيد، تبدأ مع كتاب (مدينة الله) للقديس أوغسطين(354 ــــ 430 م) ومروراً بمقدمة العلامة ابن خلدون (1332 ــــ 1406 م)، والذي رأى فيه البعض المؤسس الحقيقي لفلسفة التاريخ، وكذلك نذكر الفيلسوف الإيطالي باتيستا فيكو (1668 ــــ 1744 م )الذي يعتبر في نظر بعض الباحثين أول من أرسى قواعد فلسفة التاريخ من خلال كتابه ( أسس العلوم الحديثة حول طبيعة الأمم)، ثم توالت النظرياتوالدراسات حول موضوع فلسفة التاريخ. نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر كتاب (الأمير) لميكافيلي عام 1532 م وكتاب (الجمهورية ) لجان بودان (1577م) وكتاب (لحكومة المدنية) لجون لوك عام 1690م وكذلك كتاب( روح القوانين) لمونتسيكو أحد أعلام عصر التنوير، ورائد فلسفة الحضارة في العصر الحديث، وكذلك الفلاسفة الألمان هيجل وماركس، وشبنغلر صاحب الكتاب الشهير(تدهور الغرب ) والمؤرخ والمفكر الأنجليزي أرنولد توينبي (دراسة التاريخ) والمفكر الفرنسي روجيه غارودي (في سبيل حوار الحضارات) وفرانسيس فوكوياما في كتابه (نهاية التاريخ وخاتم البشر) وصموئيل هانتجتون بكتابه (صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي)) …إلخ.

وكان القاسم المشترك بين كل أولئك الفلاسفة هو البحث عن القوانين التي تحكم حركة التاريخ، فمنهم من يرجع التطور التاريخي إلى تأثير الدين، ومنهم من يرجعه للاقتصاد، ومنهم من يرجعه للبيئة الجغرافية، ومنهم من يرجعه إلى تأثير الشخصيات المبدعة. لقد تعددت الأسباب والهدف واحد وهو البحث عن القوانين التي تنظم مسار التاريخ.(8). وعلى اعتبار أن الحضارة ثمرة يحتاج نضوجها إلى زمن والزمن هو التاريخ من هنا يتضح لنا مدى الارتباط العميق بين الحضارة والتاريخ وبالتالي بين فلسفة الحضارة وفلسفة التاريخ حتى أن فيلسوف الحضارة هو نفسه فيلسوف التاريخ.

ختاماً:

إذا كان لكل أمة تاريخها، ولكل أمة حضارتها التي نضجت وأينعت ثمارها عبر التاريخ ، فإن ذلك لا يلغي أن حضارة كل أمة، هي جزء من الحضارة الإنسانية، ولا يلغي كون أن تاريخ كل أمة، هو جزء من التاريخ الإنساني، وأن الأمم جميعها، تساهم في صنع التاريخ الإنساني، مما يجعل هذا التاريخ كلياً، وتبدو معه الحضارة وكأنها شعلة، تتناولها وتتبادلها الحضارات الإنسانية عبر صيرورة التاريخ.وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ. (جزء من الآية 140من سورة آل عمران)، وأمام هذه العلاقة الجدلية بين العام والخاص والكلي والجزئي تبرز “فلسفة الحضارة” بوصفها فكر إنساني عميق ينقد ويحلل ويستقرئ ويستنتج ويستخلص القوانين العامة -انطلاقاً من جزئيات الواقع- والتي تنطبق على الحضارات الإنسانية جميعها، منذ فجر الحضارة وإلى يومنا هذا وربما ستبقى تمارس دورها مستقبلاً ما دامت الحضارات قائمة. (شاهد فيديو موقع مقال على اليوتيوب).

المراجع:

  1. هانتغتون، صامويل.(1995). صدام الحضارات، إصدار مجلة شئون الشرق الأوسط، مركز الدراسات الإستراتيجية والبحوث والتوثيق، بيروت، ص18، 19.
  2. ابن خلدون، عبد الرحمن.(2001). المقدمة، الجزء الأول، دار الفكر، بيروت، ص54.
  3. بيوري ، ج. ب .(1982). فكرة التقدم ، ترجمة، أحمد حمدي محمود، مطبوعات المجلس الأعلى للثقافة ، عدد(249)،القاهرة ، ص5.
  4. مؤنس ، حسين.(1998). الحضارة ( دراسة في أصول وعوامل قيامها و تطورها) ، سلسلة عالم المعرفة ، المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب ، الطبعة الثانية ، الكويت ، ص 110.
  5. شفيتيزر ، ألبرت.(1963). فلسفة الحضارة ، ترجمة ، عبدالرحمن بدوي ، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والنشر، القاهرة ، ص 200.
  6. الأهواني ، أحمد فؤاد.(1987). جون ديوي (سلسلة نوابغ الفكر الغربي)، دار المعارف، الطبعة الثالثة، القاهرة، ص73.
  7. صبحي، جعفر، أحمد محمود، صفاء عبدالسلام.(2000). في فلسفة الحضارة ، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، ص2
  8. النجم، زياد.(2016). مقالات في فلسفة الحضارة، دار النشر للكتب العربية الإلكترونية e-Ktab. الأردن، عمان، ص299.

بقلم: زياد عبدالكريم النجم

أضف تعليقك هنا
شارك
بقلم:

Recent Posts

جبريل عليه السلام

بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل  الله… اقرأ المزيد

% واحد منذ

تاريخ الديانة الحنيفية

بقلم: رسل المعموري ""وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا… اقرأ المزيد

% واحد منذ

بين قمم الأطلس وخضم الريف: شهادة امرأة حرة عن جمال وتنوع المغرب الأمازيغي

أنا فخورة بأنني أمازيغية مغربية، فاللغة الأمازيغية تحمل في طياتها عمق الإحساس وجمالية الطبيعة والثقافة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الحرب صِراع من أجل الموارِد

بقلم: محمد بوداس ما هي الحرب؟ صراع الإنسان ضد الإنسان، صراع من أجل هدف معين،… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الصحابة زمن عثمان دراسة اجتماعية وسياسية

مقدمة ترتبط دراسة الصحابة بمصطلح الشرف و قد كان هذا مصطلح مرتبط عضويا بهم.فأمكننا تصنيفهم… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الحُب الصامت

بقلم: محسن العويسي (الحب الصامت يأتي بهدوءً قاتل ويذهب بجُرحٍ عميق) ومابين غسق الليل ونور… اقرأ المزيد

% واحد منذ