الزلزال بين الدين وعلم النفس

الزلزال بين الدين وعلم النفس 

لا يسمح الدين لأي كان بالتحدث نيابة عن الله، أو إعطاء الحروب والزلازل والحوادث الكونية أي تفسيرات أخلاقية. ولذلك لا يحق لنا أن نفسر الزلازل بالغضب والعقوبات ونبشر بالمزيد بالدمار والحساب الأليم للبشرية كلها، بما اكتسبت أيدي قلة من سفهائها. الصحيح أن الله صاحب القدرة المطلقة الذي يحرك كل ما في هذا الكون من ذرات ومجرات لحظة بلحظة، وله في ذلك حكم كثيرة سواء أعلمناها أم لم نعلمها.

ولكن من قال أن الله غاضب على الأطفال فعاقبهم بالموت والفقد والتشرد والجروح الجسدية والنفسية؟ بل هناك نصوص دينية فيها أن الله قد أعطى رتبة الشهداء لقتلى الهدم والحرق والغرق عكس من يروج لفكرة العداء بين الله وبني البشر.

يفعل الله بنا ما يريد وكل المخلوقات تحت مشيئته وقدرته ورحمته

يفعل الله بنا ما يريد، وكل المخلوقات تحت مشيئته وقدرته ورحمته، وليس لنا إلا الرضا والصبر والاطمئنان، وفعل ما يتوجب علينا ضمن قدرتنا ومسؤوليتنا. نعم يطلب الدين من الناس التوبة والاستغفار كل يوم، ويطلب منهم تحسين سلوكهم والتزامهم بالواجبات الدينية والمبادئ الإنسانية. ونعم يعتبر الدين تلك الحوادث المخيفة نقاطا حاسمة في تاريخ الأفراد والجماعات والدول، ويطلب منهم المراجعة والمحاسبة الذاتية ورد المظالم وترك الفساد والإفساد، ولكن لا يوجه اللائمة إلى عموم الناس ولا يشعرهم بالذنب والتقصير والخروج عن إرادة الله.

عظمة الله وقدرته تظهر في كل مخلوقاته لا في الزلازل والبراكين فقط! فليتأمل الإنسان بخوفه وضعفه أبسط المخلوقات، وليسبح الخالق وليمجده بالحب والرجاء، وليضع أمام عينيه مسؤولياته تجاه ربه أولا ثم تجاه نفسه وعائلته ومجتمعه. أولى هذه المسؤوليات التواضع والتسامح ورد الحقوق إلى أصحابها والابتعاد عن الظلم وسوء المعاملة لأقرب الناس إليه ومن هم تحت وصايته.

لماذا يميل هؤلاء لإشعار الناس بالذنب؟

هناك توجه تلقائي لا شعوري بالتفكير لدى بعض الناس الذي يشعرون بأعماقهم بالذنب ويرغبون بالتطهر منه على سبيل النجاة، ولكن الاعتراف عزيز وصعب جدا أمام جبال من المثاليات والقيم غير المفعلة في عالم الخفاء، ولذلك يسقطون الذنوب على غيرهم ويطلبون منهم التوبة ليخففوا عن كاهلهم الأثقال، ولكي يخرجوا أنفسهم من دائرة المسؤولية بهذه الحيل الدفاعية اللا واعية.

كيف يتصرف الإنسان الخائف؟

في هذه الظروف الحرجة يحق للجميع أن يخاف: الصغير والكبير، المتعلم وغير المتعلم، المؤمن وغير المؤمن، المتدين وغير المتدين، المذنب وغير المذنب، فهي حوادث مخيفة فعلا والدماغ البشري يتعامل مع الخوف بجدية لأدنى إنذار بحدوث الخطر، والفرد هنا أمام خيارات تلقائية:

  • إما أن يتجمد في مكانه ولا يحسن التصرف ولا يمكنه إلا أن يتبع من يصدر الأوامر، مثله كمثل الأطفال يتبعون آباءهم، ولا عتب عليه، وهو بحاجة للمساعدة.
  • وإما أن يهرب تاركا وراءه بعض المسؤوليات كحماية الأطفال والبيت، ولا يحاسب على تصرفاته كونه فقد جزءا من السيطرة على أفعاله أمام هول ما يحدث.
  • أما العاقل فهو من يواجه الأزمة بقليل من التفكير قبل أي تصرف، ويقف أمام مسؤولياته للحفاظ على عائلته ويؤمن بيته قبل المغادرة، ويلتزم بالإرشادات التي تنشرها المنظمات والحكومات خلال الأزمات.

ماذا نفعل عند حدوث الزلازل والكوارث؟

قبل الكارثة

  • راجع قائمة الإرشادات وحاول الالتزام بها.
  • ضع خطة للطوارئ وناقشها مع عائلتك للالتزام بها حال وقوع الكوارث.
  • حافظ على الوثائق والأدوية والحاجات الضرورية في مكان آمن وسهل الوصول.

أثناء الكارثة

  • حافظ على توازنك ولا تفقد هدوءك.
  • يمكنك ترديد الصلوات والأدعية القصيرة ولكن بهدوء دون صراخ أو توتر.
  • إذا شعرت بالتوتر والانزعاج يمكنك التنفس ببطء وعمق عدة مرات حتى تهدأ.
  • حاول تهدئة من تجده فاقد السيطرة أو الاتزان واعمل على طمأنة أفراد عائلتك.
  • تكلم بشكل واضح ومسموع مع أفراد عائلتك دون صراخ أو انفعال.
  • قرر ما يجب أن تفعله بشكل سريع ولكن فكر للحظات قبل أن تفعل أي شيء.
  • تشاور بشكل سريع مع شركاء المسؤولية كالوالدين والزوجين.
  • وزع المسؤوليات بشكل واضح وعلى قدر استطاعة الأفراد وقدرتهم الجسدية والنفسية.

بعد الكارثة

  • استمر بالتواصل مع الأطفال وكبار السن وكن لطيفا معهم.
  • استمع لمشاعر أفراد عائلتك ولا تقمعها واحتضنهم للشعور بالأمان.
  • لا تكبت مشاعرك وعبر عن خوفك وانزعاجك ويمكنك الاستسلام والبكاء بعض الوقت.
  • عند الشعور بالاضطراب النفسي أو الانزعاج الشديد إلجأ إلى الجهات الداعمة لتلقي الإسعافات النفسية والإرشادات اللازمة.
  • لا تنشر الأخبار الكاذبة والإشاعات ولا الأخبار المنبئة بالمزيد من الخطر.
  • لا تستمع للمعلومات المرعبة والتنبؤات المسيئة وقلل من نشرات الأخبار.
  • قدم الخدمات التي يمكنك تقديمها وتعاون مع مؤسسات الإنقاذ والدعم.
  • ضع روتين للعمل اليومي ووزع الوظائف على أفراد عائلتك.
  • لا تبق وحيدا بل كن مع عائلتك أو مع مجموعة من الناس.
  • حافظ على سلوك معتدل في النوم والطعام والشراب والدخان والدواء وغيرها.

دعاء

عقب كل مأساة، ندعو الله أن يرحم الضحايا والشهداء، وينزل الصبر والسكينة على المتألمين والمفجوعين، والشفاء على المجروحين والمصابين، وأن يلهم كل ذي عقل رشده.

فيديو مقال الزلزال بين الدين وعلم النفس

 

أضف تعليقك هنا