واقع استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال وعلاقتها بمهارات التدريس

بقلم: نفلاء فالح السبيعي

يشهد العصر الحالي ثورة في التطور التقني والمعلوماتي، حيث تزايد في الآونة الأخيرة اهتمام الأشخاص بالتقنية وأساليبها المتعددة، وطرق استخدامها، وكيفية التعامل معها بشتى أنواعها، لذلك يستوجب على المنظومة التعليمية مواكبة هذا المشهد للوصول إلى أجود طرق التدريس وأحدثها.

التقنيات الحديثة ودورها في تطوير المنهج العلمي

إن التقنيات الحديثة هي سبيل من سبل نقل العلوم والأفكار وتبادلها على نطاق عالمي، وطريقة لمد جسور المعرفة العلمية وجذب الطالب إليها، ووسيلة ايضا من وسائل تطوير المنهج العلمي، وتقويمه، وتحسين المخرجات العلمية المبنية عليه، لذلك أثبتت الأبحاث والدراسات المختلفة فاعلية دمج التقنية في عملية التدريس لما لها من انعكاسات على جودة مخرجات التدريس وإكساب المشاركين في العملية التعليمية من معلمين ومتعلمين المهارات والعديد من الخبرات والتجارب. (سيدر، 2011-2012)

النظام التربوي الحديث

التربية التقنية ركنا اساسيا في اي نظام تربوي حديث واصبح من الضروري الاهتمام بها في ظل الزيادة الهائلة في عدد السكان وزيادة الحاجة للمعلمين وهذا يقتضي استخدام اجهزة وتقنيات متعددة ومتطورة تحل محل الطرق التقليدية في التعليم، كما ان ظهور تقنيات المعلومات واستخدامها في مجال التربية والتعليم في الدول المتقدمة لم يكن وليد الصدفة وانما جاء ذلك استجابة للأهداف التي رسمت للنظام التربوي في تلك البلدان فالحاجة تولد الوسيلة لتحقيق الأهداف التربوية. (التتنجى، 2022)

كذلك تخدم تلك التقنيات العملية التعليمية بمختلف مستوياتها، وتحولها من مجرد تعليم تقليدي قائم على الحفظ، والترديد، والتلقين إلى عملية مشوقة جاذبة تثير دافعية المتعلم وتحفزه وتنمي لدية مهارات التفاعل مع الاخرين.

إن توظيف تلك التقنيات التي أفرزها التزاوج الحادث بين مجالي تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا التعليم في العملية التعليمية أصبح ضرورة ملحة تفرض على النظم التعليمية إحداث نقلة نوعية في الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، وتعديل توجهات المناهج بما يتناسب مع ذلك التطور ليكون التركيز على إكساب المتعلمين مجموعة من المهارات التي تتطلبها الحياة في عصر المعلومات ومنها مهارات التعلم الذاتي وما تتضمنه من مهارات التعامل مع التقنيات التعليمية ومهارات إدارة الذات بدلا من التركيز إكسابهم المعلومات فقط. (سيدر، 2011-2012)

تعريف تكنولوجيا المعلومات والاتصال وأهميتها

تعرف تكنولوجيا المعلومات والاتصال بأنها : مجموع الرسائل أو الأدوات أو التقنيات أو النظم المختلفة التي يتم توظيفها لمعالجة المضمون أو المحتوى الذي يراد توصيله من خلال عملية الاتصال الجماهيري أو الشخصي أو التنظيمي , والتي يتم من خلالها جمع البيانات المسموعة أو المكتوبة أو المصورة أو المرسومة أو المسموعة المرئية أو المطبوعة الرقمية (من خلال الحاسبات الالكترونية) ثم تخزينها , بعد ذلك استرجاعها في الوقت المناسب , يلي ذلك عملية نشر هذه المواد الاتصالية أو الرسائل أو المضامين مسموعة أو مسموعة مرئية أو مطبوعة رقمية , ونقلها من مكان لآخر , ومبادلتها , وقد تكون تلك التقنية يدوية أو آلية أو الكترونية أو كهربائية حسب مرحلة التطور التاريخي لتقنيات الاتصال والمجالات التي يشملها هذا التطور. (اللبان، 2000)

دور التقنية في جودة التدريس ومهاراته

   يتلخص دور التقنية في تجويد طرق التدريس في عدة أمور ذكرها (منصور، 2015):

  1. تحسين طرق العملية التعليمية، وذلك من خلال تفعيل دور المشاركة الفاعلة بين المتعلم والمعلم من خلال الوسائل التقنية المتعددة.
  2. التنوع في المادة المقدمة للمتعلم، من خلال تقديم مواد تعليمية جاذبة، وتثير دافعيتهم للتعلم.
  3. تقديم محتوى تعليمي مميز على شكل أفلام هادفة، وصور للمحتوى التعليمي.
  4. تقويم المادة التعليمية بشكل دوري وسريع.
  5. القدرة على مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين.
  6. تقديم المحتوى التعليمي في فترة وجيزة من الزمن، وفي وقت قياسي والانتهاء في الوقت المجدول من قبل المعلم.

مبررات توظيف التقنية في التعليم

هناك مجموعه من العوامل التي دعت الى اللجوء لاستخدام التقنية ومستحدثاتها في مجال التعليم من أبرزها كما ذكرها التودري(2009) ؛ قطيط (2015):

  1. التطور الملموس في العلوم التربوية: فـ الانفجار المعرفي في العقود الثلاث الأخيرة في مجال العلوم السلوكية والتربوية مهدت لظهور بعض العلوم الجديدة في المجال التربوي منها على سبيل المثال: علم التعليم، وعلم تصميم التعليم وغيرها مما يستدعي البحث والتفكير لاستثمار هذه المعرفة وتوظيفها لتطوير العملية التعليمية.
  2. تطور التقنيات الحديثة في الجانب المادي والجانب الفكري: أدى ذلك التطور الى ضرورة تحديث المنظومة التعليمية ورفع كفاءتها من خلال إدخال التقنيات الحديثة في العملية التعليمية على أسس علمية سليمة.
  3. أزمة التجديد التربوي: هناك ازمة في معظم الدول العربية تتجلى في ضعف مخرجات النظام التعليمي وخاصة المخرجات البشرية، والتي لم ترق بعد لمستوى طموحات هذه الدول في مواجهة عصر العولمة والثورات المعرفية والتكنولوجية.
  4. الانفجار السكاني والمعرفي: النمو المطرد لأعداد المتعلمين وعدم قدرة المؤسسات التعليمية على استيعاب هذه الاعداد المتزايدة، فضلاً عن الانفجار المعرفي والتقني الهائل، أدى الى ضرورة استخدام التقنية وتوظيفها في العملية التعليمية.
  5. الفروق الفردية بين المتعلمين: توفر هذه التقنيات مثيرات متعددة وطرق عرضها بـ أساليب مختلفة تتيح للمتعلم فرص اختيار المناسب منها.

إيجابيات توظيف التقنية في التدريس للمعلم

   لتوظيف التقنية في التدريس إيجابيات تخدم المعلم كما ذكرها (منصور، 2015):

  • اختصار الوقت وحفظ الجهد الإداري عند تحضير المحتوى التعليمي.
  • مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين بشكل جيد.
  • القدرة على إدراج بيانات المتعلمين والجداول والنتائج أيضا.
  • اختصار الوقت عند تصحيح إجابات الطلاب.
  • سهولة استخراج الفروق في المعدلات، وترتيب المعدلات من الأعلى إلى الأقل وبذلك يسهل استخراج المتفوقين من الطلاب.
  • إمكانية التنوع في تقديم المحتوى التعليمي سواء كان في عرض الفيديوهات أو الصور.
  • تقديم ملف إنجاز إلكتروني مبتكر وفريد من نوعه للمعلم.
  • تصميم خانة تسليم واجب إلكترونية تسهل على المعلم استقبال واجبات الطلاب في وقت قصير وسريع.
  • سهولة التواصل مع الطلاب ومعرفة مشكلاتهم دون الحاجة للتواجد الدائم في المدرسة.

عوائق دمج التقنية في طرق التدريس

      هناك العديد من العوائق التي تحد من تطبيق التقنية ذكرها (حسني، 2021):

  1. الافتقار الى المستلزمات والتقنيات اللازمة لهذا النمط من التعليم.
  2. عدم توفر تجارب سابقة لقياس مدى نجاح التجربة.
  3. ضعف التفاعل لدى مختلف الفئات العمرية من الطلبة، وضعف المهارات اللازمة عند المعلمين.
  4. الفجوة الرقمية على مستوى الدول وداخلها بين من يملك القدرة على الاتصال بالشبكة ومن لا يملك.

خاتمة

ختاما إن ثورة التقنية في الآونة الأخيرة وانفجار المعرفة المعلوماتية أتاحت للمعلم سبل الراحة، وتقديم أفضل ما لديه دون الحاجة للمزيد من الوقت والجهد مع التطور في أدوار المعلم من ملقن الى موجه ومرشد، وبـ التالي يجب عليه بعد إدراك كم الفائدة التي يجنيها من التكنولوجيا والتقنية تطوير مهاراته وخبراته والالتحاق بـ الدورات التدريبية ومواكبة كل جديد من شأنه خدمته في إيصال رسالته.

المراجع

  • التنتنجي، تغريد خليل. (2022). اهمية التقنيات المعلوماتية في العملية التعليمية. بغداد: الكلية التربوية المفتوحة -جامعة بغداد.
  • منصور، أحمد ابراهيم. (2015). تكنولوجيا التعليم. الجنادرية للنشر والتوزيع.
  • حسني، سماح حسن. (2021). تحديات التعلم الالكتروني والدروس المستفادة من أزمة كورونا. الأردن: دار الكتاب الثقافي.
  • اللبان، شريف درويش. (2000). تكنولوجيا الاتصال المخاطر والتحديات والتأثيرات الاجتماعية. القاهرة: الدار المصرية اللبنانية.
  • سيدر، مريم. (2011-2012). التقنيات التعليمية وتحقيق الجودة في التعليم العالي. الجزائر: جامعة العربي بن مهيدي.
  • التودري، عوض حسين. (2009). تكنولوجيا التعليم: مستحدثاتها وتطبيقاتها. القاهرة: دار الكتب
  • قطيط، غسان يوسف. (2015). الحوسبة السحابية: مفهومها وتطبيقاتها في مجال المكتبات ومراكز المعلومات. أبو ظبي: جمعية المكتبات المتخصصة.

بقلم: نفلاء فالح السبيعي

 

أضف تعليقك هنا