أنقذوا بلادنا العربية من اليوتيوبرز والتيكتوكرز والأنستاجرامرز وغيرهم

بقلم: د. خالد جمال طه إمام أحمد                                                                                 

انتشرت ظاهرة التكسب من اليوتيوب والتيك توك والإنستجرام وغيرها في الآونة الأخيرة. والغريب أن الأسر في الدول العربية اكتشفوا أن الشهرة التي يحققها أفراد منهم على اليوتيوب تدرّ عليهم أموالا كثيرة فتركوهم يفعلون ما يشاؤون دون حدود ورقابة عكس ما نراه في مجتمعات الدول الغربية. والأخطر من ذلك أن بعض الأسر تسعى إلى تحويل أبنائها إلى وسيلة لجمع المال في فترة وجيزة، إلا أنها في مقابل ذلك تجعلهم هدفا للتنمر والتحرش، والضغوط النفسية، والأسرية، والاجتماعية.

سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي

ويترك بعض الأزواج أو الزوجات وظائفهم الأساسية للتفرّغ إلى مرافقة ذويهم في رحلته على اليوتيوب والتيك توك والإنستجرام وغيرها وتصوير الفيديوهات الخاصة به نظراً إلى ما تحققه شهرته من مداخيل مادية كبيرة. لقد حذّر الخبراء من التأثيرات السلبية لظهور زوجات يتسوقون مع أزواجهم دون حدود، وأن يكون ذلك مصدراً للتفاخر مما يؤثر سلباً عليهم وعلى النساء الذين يتابعونهم.

وأعتقد أنه لا يشك أحد أيضاً في أن ما يقدمه هؤلاء من صور لمختلف مظاهر الحياة اليومية إنما هي في الحقيقة صور بعيدة عن الواقع إلى حد كبير. ولا أقصد هنا الاعلانات التجارية فقط، بل أكثر تفاصيل حياتهم الشخصية، حتى الولادة وتحديد جنس المولود والطلاق والحفلات غير معروفة السبب في أشهر الفنادق، غير مطابقة للواقع.

طغيان وسائل التواصل الاجتماعي على  الواقع

من الآثار الهدَّامة للإقناع الخفي أن الإعلان في وسائل التواصل الاجتماعي يضع المستهلك في حال تشوق وضعف وفقدان الأمان، ثم فجأة يخلق له سبيلاً للخلاص عن طريق السلعة التي يعلن عنها، لدرجة باتت وسائل التواصل الاجتماعي طاغية يستبد بالإنسان عن طريق مختلف أنواع السلع والبضائع، حقيقة الأمر أن خبراء الإقناع الخفي يصنعون للإنسان نفساً على هواهم، نفساً معبأة في ربطة أنيقة، كأي سلعة من السلع التي يصنعونها ويبيعونها.

ونحن بني البشر لا نرضى لأنفسنا أن نكون بهذه الصورة لأن الإعلان يستغل نقاط الضعف عند الإنسان وكرامة المرأة وبراءة الطفل، واستنزاف موارد البلاد عن طريق إقناع المستهلك بأن ما لديه رديء ويجب أن يلقيه في الشارع ليشتري بدلاً منه• وكذلك تُفقْد المشاهد شخصيته، وتجعله ضعيفاً أمام المغريات المادية، وتدفعه بقوة إلى هاوية النهم الاستهلاكي من خلال الإعلانات التجارية، وكذلك تترك كلمات سوقية بذيئة تظل عالقة في أذهان الأطفال والصبية، على وجه الخصوص،.

الاضطراب النفسي

وكذلك تحدث نوعاً من الاضطراب النفسي المزمن في حياة الناس، وإلى الانحلال والفسق، وترسيخ إمكانية الربح السهل والسريع في عقول الصبية والشباب• الإعلان سلاح ذو حدين، وعلينا أن نعرف كيف نستخدمه، لتأثيره الخطير الدائم على أفكار الناس، الذين يتعرضون إليه من خلال الإعلان التجاري (القناع الخفي) ولا سيما ما يهدد أبناءنا، أطفال اليوم، من حدوث صراع بين الرغبات والقيود المفروضة.

مما تتشكل داخل الطفل عقدة الحرمان، ويفسد أخلاقنا، ويبالغ بتجميل المنتوج، لأن غاية الإعلان التجاري، الربح، دون الاهتمام بقضايا المجتمع، وهذا الإعلان بالذات هو المسيطر حالياً عبر شاشات التلفاز والصحافة، لذا يتوجب علينا إدراك الأثر الاجتماعي الذي يتركه الإعلان إذا استخدم بشكل علمي ومدروس.

الإعلام ودوره في التأثير على عقول الناس

فالإعلان يؤثر على أفكار الناس، ويصقل مواهبهم، ويعمق ثقافتهم، ويزيد مستوى وعيهم من خلال الحجة والمنطق العلمي، ويجب على الرسالة الإعلانية أن تطبق ضمن شروط علمية مدروسة من قبل خبراء ومتخصصين، وبدورنا علينا أن نتسلح بالوعي والثقافة أمام التيارات الغربية المقبلة من بيئات تختلف عن بيئاتنا وعادتنا وتقاليدنا، وأن تكون إعلاناتنا ذات طابع تربوي تعليمي تقدم الفائدة الكاملة لأفراد المجتمع• [email protected]

بقلم: د. خالد جمال طه إمام أحمد          

 

أضف تعليقك هنا