الصناعة في القرآن الكريم (ح 5) (الصناعات التعدينية)

بقلم: د. فاضل حسن شريف

المرجان واحد من أهم الأدوية

ذكرت كلمة معدن الياقوت في موضع واحد في القرآن الكريم قال الله تبارك وتعالى “كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ” (الرحمن 58). بينما يكون المرجان مستعمرات من حيوانات صغيرة جدا تسمى الشعاب المرجانية. و المرجان من المواد العضوية الحيوانية، ويتركب من كاربونات الكالسيوم، وهي شويكات دقيقة يفرزها حيوان المرجان وبعد افرازها تتماسك مع بعضها البعض. ويستخدم المرجان في صناعة الحلي ومستحضرات التجميل. ويدخل المرجان في صناعة الادوية لعلاج امراض السرطان والمفاصل والقلب. قال الله جل جلاله “وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ” (الاسراء 82) و “قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ” (فصلت 44).ويدخل المرجان في صناعة الادوية لعلاج امراض السرطان والمفاصل والقلب.  ذكر معدن النحاس مرة واحدة في القرآن الكريم “يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ” (الرحمن 35) وهو من اكثر المعادن الذي يتحمل النار.

الذهب في القرآن الكريم

و ذكرت كلمة معدن الذهب في ثمانية مواضع في القرآن الكريم قال الله تبارك وتعالى: “زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ” (ال عمران 14)، و “إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَىٰ بِهِ ۗ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ” (ال عمران 19)، و “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ” (التوبة 34)، و “يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ” (الكهف 31)، و “إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ” (الحج 23)، و “جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ” (فاطر 33)، و “فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ” (الزخرف 53)، و “يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ۖ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” (الزخرف 71). بينما كلمة الفضة ذكرت في ستة مواضع في القرآن الكريم قال الله تبارك وتعالى “زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ” (ال عمران 14)، و “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ” (التوبة 34)، و “وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ” (الزخرف 33)، و “وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا: (الانسان 15)، و “قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا” (الانسان 16)، و “وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ” (الانسان 21).

والفضة اقل قيمة من الذهب وكما جاء (اذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب). وقد تقدم الذهب على الفضة في ايات القرآن الكريم “الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ” (ال عمران 14) (التوبة 34). ويطلق على بائع الذهب بالصائغ ومحله بالصياغة والذي يبيع ويشتري الاساور والقلائد وغيرها من الحلي ذهبية “أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ” (الكهف 31) (الحج 23) (فاطر 33)، و “أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ” (الزخرف 53). والسور كلمة فارسية معربة وهو ما يحيط بشئ “وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ” (ص 21). ومنها جاءت كلمة سورة قرآنية “سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” (النور 1). ويكثر استخدام الاجر المطلي بالذهب في القباب والجدران الذهبية ومنها الاماكن المقدسة. يذكر ان قبة الصخرة في القدس تحوي 150 كغم من الذهب. وجاء في تفسير الاية المباركة “وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ” ان الزخرف هو الذهب. وفي تفسير “وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا” (الزلزلة 2) ان من الاثقال الذهب والفضة. وصنع السامري عجلا من حلي الذهب “وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ” (الاعراف 148). احتلت الصين المرتبة الاولى في انتاج الذهب عام 2021 البالغ 370 طن تليها استراليا 330 طن ثم روسيا 300 طن والولايات المتحدة 180 طن وكندا 170 طن. واحتلت المكسيك المرتبة الاولى في انتاج الفضة عام 2021 والبالغ 5.4 ألف طن تليها الصين 4 ألف طن وبيرو 3.5 ألف طن وروسيا 1.7 ألف طن واستراليا 1.7 ألف طن.

استخدامات الفضة وفوائدها

أن الذهب والفضة يتميزان بقدرتهما الكبيرة على توصيل الحرارة وامتصاصها. تستخدم الفضة كمرايا للطاقة الشمسية كونها من المعادن التي تمتص الحرارة توضع في السقوف والمرايا الشمسية من الصناعات المعدنية “وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ” (الزخرف 33). ويستخدم معدن الفضة في عكس الحرارة واذابة المعادن. وطبيا تستخدم الفضة كونها تقتل الجراثيم. ويمكن مطاوعة الفضة لصنع الاساور والحلي كونها تأتي بعد الذهب في مقاومة الصدأ “إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ۖ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ” (الحج 23) وقال عز من قائل: “وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا” (الانسان 21). ومن الآيات التي اشارت الىصناعة الصياغة “وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا” (الاعراف 148).

الحديد كما تم ذكره في القرآن الكريم

وردت كلمة انزلنا في القرآن الكريم حيث اثبت العلماء ان النيازك الساقطة على الارض تحوي بين 35 الى 90% من فلز الحديد “وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ” (الحديد 25). من المهن الصناعية التي ذكرها القرآن الكريم مهنة الحدادة التي ولدت الصناعات الميكانيكية والتعدينية قال الله تعالى “آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ” (الكهف 96) عن ابن عباس “زُبَرَ الْحَدِيدِ” اي قطع الحديد. وفي آية اخرى تبين تشكيل قطع الحديد “وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ” (سبأ 10) عن قتادة في قوله “وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ” كان يسويها بيده ولا يدخلها نارًا ولا يضربها بحديدة. والصناعة ‏العسكرية باستخدام معدن الحديد تفنن بها نبي الله داود عليه السلام ليصنع منه الدروع التي تقي من الأخطار، قال الله تبارك وتعالى: “وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ” (الانبياء 80)]. وقال سبحانه وتعالى: “وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” (سبأ 10-11). واستخدمت في صناعة سفينة نوح عليه السلام المسامير الحديدية “وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ” (القمر 13) والدسر هي المسامير. وقوله تعالى “وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ” (النحل 81) اشارة الى صناعة المظلات و الحصون والدروع. وصناعة البواخر العملاقة تشترك في صناعتها المنتجات المعدنية. وهذه السفن تستطيع أن تحمل آلاف الاطنان طن من المنتجات والبضائع. قال الله جل جلاله “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا” (الاسراء 70).

أهمية الحديد ودخوله في الصناعات

و يدخل الحديد في الصناعات الثقيلة والخفيفة، ويدخل الحديد في في حياة النبات والحيوان حيث يدخل في عملية الكلوروفيل الخاصة في التمثيل الضوئى لغرض تنفس النباتات، وتكوين البروتوبلازم الحى المهم لجسم الإنسان والحيوان. لذلك يستفاد من الحديد في صناعة الادوية الحياتية. الصناعات المعدنية: تشمل الأنشطة التي تتناول صهر و/أو تنقية المعادن الحديدية وغير الحديدية من الركاز أو الكُتَل أو الخردة باستخدام تقنيات تعدينية كهربائية وتقنيات تعدينية أخرى للعمليات. ويشمل هذا القسم أيضاً صُنع سبائك معدنية وسبائك ذات خواص متميِّزة لإدخال عناصر كيميائية أخرى مع فلّزات نقية. وناتج عملية الصهر والتنقية، الذي يأخذ عادة شكل سبائك، يُستعمَل في عمليات الدلفنة والسحب والبثق لإنتاج منتجات مثل الصفائح واللوحات والشرائط والقضبان والأسياخ والأسلاك والمواسير والأنابيب والتشكيلات المجوَّفة، ويُستخدَم في شكل مصهور لصُنع المسبوكات في المنتجات الفلزية الأساسية الأخرى. من المنتجات الصناعية المعدنية: إنتاج السبائك الحديدية،تشكيل الصلب بالساخن والبارد او بالسحب بمقاطع مختلفة، أنابيب ومواسير من الصلب ووصلاتها، و القضبان الحديدية، وتنقية المعادن غير الحديدية الخام، مسبوكات المعادن غير الحديدية والثمينة، والأوعية والهياكل الثابتة، و الأسلحة، و المباني والابواب والشبابيك والنوافذ الجاهزة المعدنية، والصهاريج والخزانات والمراجل والتدفئة المعدنية.

إحياء الأرض في القرآن والسنة

حث القرآن والسنة على احياء الارض الموات لغرض الزراعة والصناعة واستخراج المعادن. فالارض الموات كالصحراء ربما تحتوي على معادن او مياه. كما جاء في الحديث الشريف (من أحيا أرضاً ميتةً فله فيها أجر، وما أكلت العافية منها فهو له صدقة). الشّافعيّة بينت ان الموات هي عمارة الأرض الخربة الّتي لا مالك لها، ولا ينتفع بها أحد‏.‏ بينما الحنابلة اشارت بان الموات عمارة ما لم يجر عليه ملك لأحد، ولم يوجد فيه أثر عمارة‏.‏ و التّحجير أو الاحتجار هو‏ منع الغير من الإحياء بوضع علامة، كحجر أو غيره، على الجوانب الأربعة وهو يفيد الاختصاص لا التّمليك‏. و اقر الحنابلة وغيرهم من المذاهب على أنّ للإمام إقطاع الموات لمن يحييه، فيكون أحقّ به كالمتحجّر الشّارع في الإحياء‏.‏ و المواد مثل الملح والماء والكبريت والقير والمومياء والنفط والكحل والبرام والياقوت ومقاطع الطين وما شابهها لا تملك بالإحياء، ولا يجوز إقطاعها لأحد من الناس. والمعادن الباطنة كمعادن الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص, والبلور والفيروزج فإذا كانت ظاهرة لم تملك أيضا بالإحياء وهي التي لا يوصل إليها إلا بالعمل والمؤنة.

أجر العامل في استخراج المعادن

قال الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم: من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر، وما أكله العوافي فهو له صدقة. وقال ايضا: ما من مسلم ْ يغرس غر ًسا، أو يزرع ً زرعا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة. لذلك فان العامل والمستثمر في استخراج المعادن من باطن الارض له ثواب وأجر وتعتبر له صدقة جارية بشرط ان يكون ذلك لوجه الله تعالى وان حصل على عمله من أجر مالي “إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” (يونس 24). والمعادن من المعايش في الأرض “وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ” (الاعراف 10). ولكن يتطلب اكتشاف المعادن التي هي نوع من انواع الرزق “هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ” (الملك 15)، والمحصلة هي عمارة الارض “هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا” (هود 6).

علاقة الهندسة والتكنولوجيا بالصناعة

علم الهندسة والتكنولوجيا له علاقة بالصناعة لان المهن الصناعية تحتاج الى خرائط مستندة الى علم لتنفيذها. قال الله تعالى “انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ * لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ” (المرسلات 31-32) تعتبر المثلثات من الاسس الهندسية فهي لا تعطي ظل مثل بقية المقاطع الهندسية التي تتعامل معها المحاور التطبيقية المختلفة منها الصناعة والتكنولوجيا. ويشكل الحديد والمعادن الاخرى الاجسام الهندسية لفروع الصناعة كالميكانيكا، قال الله تعالى “وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ” (الحديد 25).

المجتمع لا ينهض إلا بالعمل

المجتمع الذي يريد ان يسود في هذا العالم عليه بالعمل المنتج وعدم الكسل قال الله تعالى “وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ” (المزمل 20). وجاء في الحديث الشريف (المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف). والله تعالى يهيأ للعبد العامل ما يريد كما يهيأ للانبياء ما يريدونه وهم اول العاملين واهل الصناعة “وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ” (سبأ 12). والله يهيأ للمتوكل عليه عندما يريد العمل وليس الاتكالي ينتظر بدون عمل “وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ” (سبأ 12). وعلى المؤمن ان يذهب هو بنفسه الى العمل ولا ينتظر حتى يأتيه العمل وهو جالس “ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ” (ص 42). وضرورة اختيار العمل المناسب حيث قال الله عز وجل “لا يكلف الله نفساً إلا وسعها” (البقرة 286)، وجاء في الحديث الشريف ( لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه قالوا: كيف يذل نفسه قال: يتعرض للبلاء لما لا يطيقه ). ومن الضروري اتقان العمل كما جاء في الحديث الشريف (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عمل أن يتقنه).

النشاط الاقتصادي معنيٌّ به الرجل والمرأة

النشاط الاقتصادي يشمل التجارة والصناعة والزراعة. فالصناعة تعتمد على تجارة المعادن والادوات الصناعية وتجارة مستخرجات الصناعة محايا وخارجيا. والزراعة والصناعة مرتبطة مع بعضها فبدون صناعة واستخدام المكننة وهي احد تشكيلات الصناعة المعدنية، والاسمدة والمبيدات لا يمكن الحصول على ناتج زراعي وفير. و ضرورة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي حيث قال الله جل جلاله “وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا” (النساء 32) وفي هذه الاية مساواة المرأة مع الرجل في العمل فالمرأة تملك وترث ولها الحق في العمل في التجارة والزراعة والصناعة وغيرها لا فرق بينهما.

ضرورة استثمار ثروات الأرض وحسن استخدامها

خلق الله الأرض وجعل فيها خليفة “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً” (البقرة 30). ثم طلب منه استثمار ما في الأرض وباطنها ومنها المياه “هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا” (البقرة 29) فالمياه ثروة ثمينة على الانسان ان يحافظ عليها لاستخدامها في نموه الاقتصادي ومنها الصناعة. فكما هو معروف فان المصانع تستهلك مياه لا يستهان بها من المياه. حتى ان بعض الدول تعمل بحيرات لتجميع المياه قرب المجمعات الصناعية الضخمة. لا ان تتسبب مياه الفائضة في دمار الارض وذلك بعمل قناطر وسدود وقنوات وخزانات لتجميعها عن الامطار وخاصة في حالة الفيضانات والعواصف. بالاضافة الى استرجاع مياه المصانع بعد معالجتها. استثمار ثروات الأرض واحدة من مهام الإنسان الذي أعطاه الله التفكير لكي تكون تحت منفعته “وَسَخَّرَلَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”(الجاثية 13)، وكلما جهد بها كسب منها “كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ” (المدثر 38) فاستخدام الفكر في تحديد الاراضي المنخفضة وطبوغرافية الارض لمنع السكن واالمصانع في المنخفضات وبناء السدود في المرتفعات. الاستثمار نوع من الإنفاق على استخلاف الأرض”آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ” (الحديد 7) ولهذا يتطلب استثمار السدود لانتاج الطاقة الكهربائية للاغراض المختلفة ومنها الصناعة، وتوفير المياه للشرب والزراعة والصناعة مما تجلب ارباح للمستثمر.

الناتج المحلي للصناعات حول العالم

مثّلت الصناعة 11% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية عام 2018، وهو ما يعكس أن الأخيرة أقل اعتمادًا على الصناعة من الصين. الجدول التالي أكبر 10 دول صناعية في عام 2018، وحجم مساهمة كل منها في ناتج التصنيع العالمي. 1 الصين 28.4 2 الولايات المتحدة الأمريكية 16.6 3 اليابان 7.2 4 ألمانيا 5.8 5 كوريا الجنوبية 3.3 6 الهند 3.0 7 إيطاليا 2.3 8 فرنسا 1.9 9 المملكة المتحدة 1.8 10 المكسيك 1.5. يأتي معظم الناتج المحلي الإجمالي العالمي من ثلاث فئات هي الزراعة والخدمات والصناعة، وتعد الصناعة التي تتضمن التصنيع والبناء والكهرباء والتعدين ثاني أكبر مساهم في الناتج العالمي. وساهمت الصناعة في العام الماضي بنسبة 25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بما يمثل انخفاضًا عن عام 2010 الذي بلغت نسبة مساهمتها خلاله 27%، كما انخفض معدل التوظيف في قطاع الصناعة منذ عام 2014 من 23.22% إلى 22.95%. وتمثل الصناعة نسبة مئوية أكبر من الناتج المحلي الإجمالي في البلدان النامية مقارنة بالدول المتقدمة، وبشكل عام تمثل الصناعة أعلى نسبة مئوية من الناتج في الشرق الأوسط وشرق آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

تعدّ الصناعة في الصين واحدةً من أكثر القطاعات التي يعتمد عليها الصينيّون في اقتصادهم، إذ تُعتبر الصين واحدة من أكبر الدول الصناعيّة في القارة الآسيويّة والعالم، ويشكل الناتج المحلي من القطاع مقدار 72.8%، حيث تنتج الصناعات التحويلة سنوياً نسبة 44.1% من الناتج الإجمالي، ويأتي ذلك بعد سلسلة من الاصلاحات الاقتصاديّة التي قامت بها الحكومة لزيادة نسبة الإنتاج في القطاع بالتعاون مع العديد من الشركات التي تشرف عليها الحكومة المحليّة، وساهم ذلك في استقطاب أصحاب المشاريع الخاصّة، والمستثمرين الأجانب إلى البلاد منذ عام 1990. في نهاية السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ارسلت الصين بعثات تعلم الهندسة والاقتصاد وطرق الإدارة الحديثة، وتمكنّت الصين من الانتقال من المجتمع الزراعي إلى المجتمع الصناعي البحت. أصبحت الصين موطناً لعدد من الصناعات المهمة، ومنها: صناعة السيارات، ومعدات النقل المختلفة، كالقاطرات، والسكك الحديدية، والسفن، والمنتجات الاستهلاكية، كالأحذية، والألعاب، والإلكترونيات، وأجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وبذلك فإنها موطن صناعي عالمي. تخصص الصين مكاناً للصناعة التحويلية بين قائمة الصناعات المُمارسة فيها، حيث تُخلق كميات كافية من المعدات المتطورة، كمجموعات التخوين، ومعدات الطاقة النووية، وتوربينات الغاز، بالإضافة إلى معدات المعادن والأسمدة البتروكيماوية. أما فيما يتعلق بمجال صناعة الطاقة، فإن أكثر الصناعات نمواً في هذا السياق هي الصناعات الحرارية، والطاقتين المائية والنووية، إذ قُدرت القدرة الإجمالية المُصنعة للمولدات بنحو 874 مليار كيلوواط سنوياً، وتحتل المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث الإنتاج الكهربائي، فهي تولّد ما يفوق 3.2 تريليون كيلوواط خلال ساعة واحدة فقط.

مراحل إنتاج السيارة

مراحل انتاج السيارة التي تشكل المعادن مادتها الرئيسية: عملية تصنيع السيارات بإنتاج الهيكل أو والإطار الخارجي، ثم مرحلة الطلاء، فتركيب أجزاء السيارة المختلفة الداخلية منها أو الخارجية، ومن أبرزها المحرك، والأبواب، وبعدها الصباغة. وبعد أن تنتهي عملية التصنيع تبدأ مرحلة التأكد من العيوب، في هذه المرحلة، يمكن أن ترجع السيارة إلى المراحل الأولى مرة أخرى لمجرد وجود أخطاء بسيطة جداً فيها.

المعادن التي تدخل في صناعة السيارة

تعتبر صناعة السيارات التي تستخدم المعادن واهمها الحديد والالمنيوم، من أهم الصناعات القائدة في قطاع الصناعة التحويلية بشكل عام لثلاثة أسباب رئيسية، الأول هو أهميتها وشدة المنافسة في أسواقها على مستوى العالم، وارتباط نمو أسواقها محليا وعالميا بارتفاع متوسط الدخل الفردي وارتفاع مستوى المعيشة والرفاهية. والثاني لأنها تحتاج إلى عشرات الصناعات والخدمات المغذية التي تعمل من حولها، ابتداء من صناعات الصلب والزجاج والمطاط، إلى صناعات الإشارات الكهربائية والشرائح الإلكترونية وأشباه الموصلات. أما السبب الثالث فيعود إلى قدرتها على استيعاب التغيرات التكنولوجية السريعة، وهو ما يتجلى الآن في الانتقال من عصر محركات الاحتراق الداخلي، التي تعتمد على الوقود التقليدي إلى عصر الحركة بواسطة قوة دفع بطاريات تخزين الكهرباء المستخلصة من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وأشباه الموصلات الإلكترونية. وفي هذا السياق أيضا فإن صناعة السيارات تجيء في مقدمة الصناعات الريادية في استخدام أجهزة الروبوت وأنظمة الذكاء الاصطناعي. وتعتبر البلدان العربية من الأسواق المهمة للسيارات في العالم، لكن العرب لم ينجحوا حتى الآن في إقامة صناعة سيارات متقدمة قادرة على المنافسة في أسواقها المحلية وفي السوق العالمي. وباستثناء المثال المبهر الذي تقدمه المغرب، والمحاولات المستمرة منذ أواخر الخمسينات من القرن الماضي في مصر ومحاولات أخرى باهتة لتجميع السيارات في بلدان أخرى، فإن محاولات إقامة صناعة قوية للسيارات في العالم العربي ما تزال في مراحلها الأولى، بينما الصناعة تدخل الآن مرحلة تحول تاريخي.

التنافس في صناعة السيارات 

تعتزم أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم إنفاق نحو 730 مليار ين ياباني (5.3 مليار دولار) في الولايات المتحدة واليابان، لتسريع إنتاجها من البطاريات. ومع انتعاش سوق السيارات الكهربائية عالميًا، أعلنت العديد من شركات صناعة السيارات الآسيوية ضخ استثمارات مليارية في إنشاء مصانع لتصنيع بطاريات المركبات صديقة البيئة، وفق معلومات وتقارير رصدتها منصّة الطاقة المتخصصة. و شركة تويوتا أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم و شركة هوندا وصانعة البطاريات الكورية الجنوبية (إل جي إنرجي سوليوشنز) انفقت اكثر من 4 مليار دولار لبناء مصنع للبطاريات في الولايات المتحدة. في عام 2007، تم إنتاج أكثر من 73 مليون سيارة في العالم، والعدد في تصاعد مستمر.

يبلغ تعداد سكان إفريقيا أكثر من مليار شخص ليشكل ذلك نسبة 17 بالمائة من سكان العالم، ورغم هذه الثروة السكانية الكبيرة لا تزال إفريقيا تمثل 1 بالمئة فقط من حجم السيارات المباعة في جميع أنحاء العالم مقارنة بنسبة تتجاوز  30 بالمئة في الصين و 22 بالمئة في أوروبا  و 17 بالمئة في أمريكا الشمالية، وفقا لبيانات المنظمة الدولية لمصنعي السيارات، إن معدل امتلاك السيارات في إفريقيا يبلغ في المتوسط ​​44 سيارة لكل ألف شخص مقارنة بمعدل عالمي يتراوح ما بين 180 و 800 خاصة في الولايات المتحدة. المغرب وجنوب إفريقيا في الصدارة. وفي المنافسة الإفريقية في مجال صناعة السيارات، تفوق المغرب في عام 2018 على جنوب إفريقيا ليصبح أكبر مصدر أفريقي لسيارات الركاب بحجم صادرات تجاوز قيمته 10 مليارات دولار (8.5 مليار يورو) خلال عام.

بقلم: د. فاضل حسن شريف

 

أضف تعليقك هنا