ماذا تعرف عن إدارة الموارد البشرية الخضراء؟؟؟

 بقلم: لبنى يوسف محمد أبو شمالة

تمهيد

تعتبر الموارد البشرية أحد أهم الكنوز التي تمتلكها أي أمة، فهي العنصر المحرك لباقي الموارد، والمحرك الرئيس لمنظومة العمل والتقدم داخل البلاد، لذلك أصبحت إدارة الموارد البشرية أهم الغايات التي تسعى إليها الدول والحكومات والمؤسسات لضمان تحقيق أهدافها بالشكل الأمثل.

في العقدين الأخيرين تمتعت إدارة الموارد البشرية الخضراء باهتمام كبير من العلماء والمؤسسات المختلفة، بسبب الكوارث البيئية الناتجة عن تصرفات الأفراد والمنظمات، التي أثرت سلبياً على البيئة وبناء عليه أصبحت إدارة الموارد البشرية الخضراء مطلباُ ملحاً وضروريا في القرن الحادي والعشرين. (Uddin,2018 , 383).

حيث وجدت العديد من الأدبيات أن ممارسة إدارة الموارد البشرية الخضراء أو كما يسميها البعض الصديقة للبيئة تؤثر بشكل إيجابي على أداء المنظمة وصورتها النهائية.

حيث أصبحت كثيراً من المنظمات تمارس إدارة الموارد البشرية الخضراء في السياق العالمي، من خلال استكشاف وتوليف هذه الممارسات الخضراء لإدارة الموارد البشرية التي يجري ممارستها والتي سيتم ممارستها من قبل المؤسسات التجارية وغيرها من المنظمات، حيث تسهم بشكل كبير في مجال إدارة الموارد البشرية أكاديمياً وعلمياً. وتعتبر إدارة الموارد البشرية الخضراء هي مجال بحثي ناشئ في الدراسات التنظيمية بعد عام 1990م. ويرجع اكتشاف ممارسات إدارة الموارد البشرية الخضراء في ضوء الأعمال البحثية والنظرية والتجريبية الحالية التي قام بها العلماء في هذا المجال (الطاهر وأبو سن، 2019، 39).

مفهوم إدارة الموارد البشرية الخضراء

مفهوم إدارة الموارد البشرية الخضراء من المصطلحات الحديثة نسبياً التي بدأ تداولها في العديد من المراجع والأدبيات والبحوث في العقدين الأخيرين.

فلنبدأ بكلمة أخضر لون نمو النباتات، وأحد ألوان الطيف الشمسي الذي يتوسط الأصفر والأزرق وهو لون الريف والقرية في مقابل اللون الرمادي لون الاسمنت لون المدينة، والأخضر البيئي هو رمز لوني أقرب إلى البيئة في مناظرها الطبيعية و إلى النباتات والحيوانات في أقاليمها الطبيعية، وقد تشير إلى المنتج أو الصناعة أو الشركة أو العمل أو المؤسسة التي تحافظ على الطاقة والموارد وتقوم بتوليد الطاقة النظيفة والمتجددة وتقلل من النفايات وتزيل المواد الخطرة أو تعيد البيئة والتنوع البيولوجي (الحبيب ونصيرة، 2014م).

بينما يمكن تعريفها أيضاً بأنها جزء من إدارة الموارد البشرية الذي يركز على الجهود المبذولة لتحويل الموظفين التنظيميين إلى موظفين بيئيين برؤية لتحقيق أهداف الاستدامة التنظيمية مثل زيادة فرص العمل، وتحفيز الموظفين، والصورة العامة للعلامة التجارية، والامتثال للسياسات والقوانين الصديقة للبيئة وتقليل معدل دوران العمالة وتكاليف المرافق، وبناء ميزة تنافسية. (Jamal et al,2021,4)

وتناول داود وعلى (2017) مفهوم إدارة الموارد البشرية الخضراء أنه يشمل تحفيز وزيادة مشاركة الموظف في الأنشطة البيئية، وعليه يجب أن يتضمن مفهوم الاستدامة البيئية فهم للمواهب، لأنها هي أساس عمل   المنظمة، وأن المنظمة على الصعيد العالمي والمحلي تتوجه نحو الأخضر، وتدرك بأن عليها الاحتفاظ بالموظفين الموهوبين الذين لديهم الرغبة في الانضمام إليها لدوافعهم نحو الأنشطة الصديقة للبيئة.

وفي ضوء ما ورد أعلاه يمكن تعريف إدارة الموارد البشرية الخضراء أنها مجموعة الأنشطة التي تقوم بها إدارة الموارد البشرية في تدريب وتأهيل العاملين للحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة، مع تحقيق أقل مستوى من الهدر في موارد الشركة المتاحة.

أهداف إدارة الموارد البشرية الخضراء

الأهداف التي تسعى ادارة الموارد البشرية الى تحقيقها عبر تبني التوجه الاخضر تتمثل بالآتي: (سلامة ومحيمد، 2022، 692).

  1. العمل على الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة بشكل رشيد وفعال عبر توعية الأفراد العاملين بأن الموارد المستخدمة محدودة نسبيًا.
  2. رفع أداء الأفراد العاملين ورفع مستوى جودة بيئة العمل، بمعنى أن الممارسات الخضراء تهدف إلى زيادة وعي العاملين بأهمية الحفاظ على البيئة، وتطوير قدراتهم وزيادة وعيهم نحو تحقيق الاستدامة البيئية.
  3. إيجاد قوى عاملة تقدر أهمية الاستدامة، ويسمح باتخاذ القرارات من منظور أوسع يساعد على تقديم حلول مبتكرة للمشاكل المعقدة والناشئة المتعلقة بالبيئة.
  4. تهدف الممارسات الخضراء لإدارة الموارد البشرية إلى توضيح تأثير مشاركة الموظفين على الأداء والتطور الشخصي داخل منظماتهم.
  5. فهم السياسات التي تتبناها وتمارسها المنظمة وكيفية تغيير محتواها نحو السياسات التي تهتم بحماية بالبيئة واستدامتها.
  6. تحقيق مزايا تنافسية وزيادة مستوى مرتفع من الأداء.
  7. يسهم التوجه الاخضر للمنظمة في انخفاض مستوى دوران العمل في المنظمة بزيادة التوجه الاخضر فيها.

فوائد إدارة الموارد البشرية الخضراء في المنظمات

إدارة الموارد البشرية الخضراء لها أهميتها الرئيسية في تحقيق الكثير من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية مثل: (الطاهر وأبو سن،2019 ،42).

  • تزيد معنويات الموظفين.
  • تساعد في الاحتفاظ بالموظفين وتقلل من دوران العمل.
  • توفر فرص مربحة للمواهب البشرية المجودة.
  • تساعد في بناء صورة الشركة لجذب الموارد البشرية الجيدة. يحسن صورة العلاقة التجارية للشركات في السوق.
  • يمكن أيضاً أن تستخدم كإستراتيجية تسويق.
  • تحسن من جودة المنظمة الشاملة سواء داخلية وخارجية معاً.
  • تحسن علاقة الشركة مع أصحاب المصلحة العملاء، الموردين والبائعين والمساهمين والوكالاتالحكومية والموظفين ووسائل الإعلام.

ممارسات إدارة الموارد البشرية الخضراء

هناك مجموعة من الممارسات التي تعتبر مقياس للتنبؤ بمدى تطبيق إدارة الموارد البشرية الخضراء لتعزيز السلوك الأخضر أو الصديق للبيئة في كل ما يختص بالموارد البشرية فيها نذكر منها:

  • التوظيف الأخضر

بدأت الشركات الآن في الاعتراف بحقيقة أن اكتساب سمعة كموظف أخضر تعتبر وسيلة فعالة لجذب المواهب الجديدة، من خلال التأكد من أن العاملين الجدد على دراية بالثقافة البيئية للمنظمة وقادرين على الحفاظ على عليها.

حيث تعتبر مرحلة التوظيف من المراحل الأساسية لنجاح المنظمة بعدلك، حيث يتحقق الدور الهام لإدارة الموارد البشرية الخضراء عند اختيار نوعية من العاملين تتوافق مع التوجهات العامة لإدارة الموارد البشرية الخضراء، وتوفير العاملين القادرين على تحقيق الأهداف الخضراء للمنظمة (اشتيوي،2022).

التدريب والتطوير الأخضر

مجموعة التدريبات التي يتلقاها الموظف بهدف رفع الوعي لدي جميع العاملين بأساليب المحافظة على الطاقة والموارد، والتقليل من النفايات، ونشر الوعي الكافي لتوفير الفرص للعاملين للمساهمة في حل مشكلات بيئية وتبني أساليب جديدة للحفاظ على البيئة.

لضمان فعالية التدريب الأخضر ينبغي التخطيط له بما يتناسب مع طبيعة الوظائف فمثلاً تدريب موظف المخازن من المفترض أن يركز على تقليل المخلفات والقمامة وإدارة الطاقة، فضلاً عن الحرص على إيصال التطبيقات البيئية إلى الزبون (السكارنه،2017).

أنظمة التعويض والتحفيز الأخضر

يهدف تحقيق متطلبات الإدارة الخضراء لابد أن يعمل نظام التعويض على تحفيز سلوكيات الموظف نحو الأداء الأخضر، لأن المنظمات ستحصل على الفائدة عبر ممارسات الحد من النفايات وتعتمد بعض الشركات إلى وضع برنامج جوائز لاحترام البيئة وللموظف الذي يقدم إنجازات بيئية، فضلاً عن تقديم مكافآت للاقتراحات التي يقدمها لمساعدة المنظمة على تحسين البيئة وزيادة الربحية، وتوظف المنظمات ذات التوجهات الخضراء المكافآت لإعادة تدوير النفايات وأنشطة الحد منها وتطوير نظم الإنتاج الأخضر عبر مكافاة سلوكيات الأداء الاخضر المرغوبة.

وهنا تبرز الحاجة لتوظيف نظام حوافز فعال يعتمد مقدار المكافأة فيه على السلوك البيئي للموظف ويكون رادع له في ذات الوقت، إذ يمكن أن يتضمن النظام التعزيز السلبي الانتقادات والتحذيرات اللفظية، وهناك ممارسات كثيرة في مجال التعويضات والحوافز التي تشجع على السلوك الأخضر فمثلاً تمنح شركات الساعات والنظارات اليابانية حوافز نقدية تتراوح ما بين (300-500) دولار لمن تتضمن أنشطة عملهم مساهمات بيئية (الزبيدي،2016).

تقييم الأداء الأخضر

هي مجموعة المعايير التي يتم من خلالها  قياس الأداء للموظفين بحيث  تتماشى مع المعايير التنظيمية للأداء البيئي التي تحددها المنظمة في منهاج تقييم الأداء الأخضر.

وذكر (السكارنه ، 2017) أن هناك جانب مهم في أدوار المديرين في إدارة وتقييم الأداء على وفق النهج الأخضر وهو الطلب من العاملين تقديم أفكار خضراء يمكن أن تدرج كأهداف للسنة القادمة وأن مدى تحقق هذه الأهداف سينعكس على تقييمهم، لذا تحرص إدارة الموارد البشرية الخضراء على تشجيع العاملين على أن تكون مخرجاتهم منسجمة مع توجهات المنظمة نحو البيئة ، وتتطلب عملية تقييم الأداء البيئي للعاملين من المديرين تحمل مسؤولياتهم ومن الجدير بالذكر فإن العديد من أنظمة تقييم الأداء المستخدمة في الولايات المتجددة أخذت تدمج المعايير البيئية في عملية تقييم أداء العاملين ويمكن أن يتم ذلك من خلال تشجيع ثقافة التعلم عن الإدارة البيئية واستخدام معايير الأداء البيئي، وتطوير نظم المعلومات الخضراء ومراجعة الحسابات للحصول على بيانات مفيدة عن الأداء البيئي والإداري.

تحديات إدارة الموارد البشرية الخضراء

  • صعوبة تغيير سلوك الموظفين في فترة قصيرة من الزمن.
  • ليس كل موظف لديه دوافع على قدم المساواة للمشاركة في تعزيز ممارسات إدارة الموارد البشرية المنظمة. الخضراء في المنظمة.
  • تطوير ثقافة إدارة الموارد البشرية الخضراء في المنظمة برمتها هي عملية عالقة ومرهقة، تتطلب استثمارات عالية في المرحلة الأولية ومعدل العائد بسيط نسبياً.
  • مصادر توظيف الموظفين الخضراء مع نوعية المواهب مهمة صعبة.
  • صعوبة قياس فعالية ممارسات الموارد البشرية الخضراء في سلوك الموظفين.
  • مواجهة اختصاصيو الموارد البشرية مشاكل توفير الهياكل الخضراء الأساسية.
  • إيجاد قادة خضر في المستقبل للمنظمة قادرين على تحقيق الأهداف الخضراء. (الطاهر وأبو سن،2019 ،43)

أين نحن من إدارة الموارد البشرية الخضراء؟

وأخيرا وبعد هذا العرض المختصر لإدارة الموارد البشرية الخضراء لا يسعنا الا أن نسأل أين نحن؟ وأين نقف في هذا الموضوع؟ وإلى متى سنأخذ دور المتفرج؟ مع أننا في دولنا العربية أحوج ما نكون لهذ النوع من الإدارة في ظل الظروف التي تعاني منها أغلب الدول العربية، من هجرة عقولها الفذة، واستنزاف مواردها إما بسوء الإدارة أو بدخول عناصر خارجية للاستيلاء عليها.

وهل سيكون لنا يوما بجهود شباب هذه الأمة نصيبا من وعي بيئي جاد وإدارة خضراء ليس فقط للموارد البشرية ولكن لجميع الموارد التي تمتلكها الشعوب والحكومات والمنظمات.تم بحمد الله 

 المراجع العربية

  • اشتيوي، محمد. (2022). أثر إدارة الموارد البشرية الخضراء في تحقيق الاستغراق الوظيفي لدى العاملين في شركة توزيع الكهرباء بمحافظة غزة، مجلة جامعة القدس المفتوحة للبحوث الإدارية والاقتصادية، 7(18)، 20-37.
  • الحبيب، ثابتي، نصيرة، بركتو. (2014م). دور الاقتصاد الأخضر في خلق الوظائف الخضراء والمساهمة في الحد من الفقر، مجمع مداخلات الملتقى الدولي حول تقييم سياسات الإقلال من الفقر في الدول العربية في ظل العولمة، جامعة الجزائر، ص:22-22.
  • السكارنه، محمد إحسان. (2016). أثر ممارسات إدارة الموارد البشرية الخضراء على إستراتيجية التميز وإبداع الموارد البشرية، دراسة تطبيقية على شركات الطاقة المتجددة في عمان، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الشرق الأوسط.
  • سلامة، مازن، ومحيميد، كفاح. (2022). أثر الممارسات الخضراء لإدارة الموارد البشرية في تحقيق التفوق المنظمي/ دراسة استطلاعية لآراء عينة من العاملين في معمل سمنت كركوك، مجلة STEPS للعلوم الإنسانية والاجتماعية، 1(2)، 687-703.
  • داود، فضيلة سلمان وعلي، أسرار عبد الزهرة. (2017). الأداء الريادي وفق الإدارة الخضراء للموارد البشرية، بحث ميداني في شركة الحفر العراقية، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية، 23(100)،118-147.
  • الزبيدي، غني دحام تناي. (2016). دور ممارسات إدارة الموارد البشرية الخضراء في تحقيق متطلبات المواطنة البيئية بحث ميداني في الشركة العامة للزيوت النباتية، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية،22 (89)، 54-75.
  • الطاهر، سناء، وأبوسن، أحمد. (2019م). توجه إدارة الموارد البشرية الخضراء وأثره في أداء الموارد البشرية: الدور المعدل للقيادة التحويلية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، السودان.  

المراجع الأجنبية

Jamal, T. & Zahid, M. & Martins, J. M. & Mata, M. N. & Rahman, H. U., & Mata, P. N, (2021). “Perceived Green Human Resource Management Practices and Corporate Sustainability: Multigroup Analysis and Major Industries Perspectives”, Sustainability journal, Vol.13, No.6.

Uddin, M. (2018). Practicality of Green Human Resource Management Practices: A Study on Banking Sector in Bangladesh, International Journal of Economics, Commerce and Management United Kingdom Vol. 6, Issue 6, Licensed under Creative Common PP 382-393.

 بقلم: لبنى يوسف محمد أبو شمالة

 

أضف تعليقك هنا