محمد صلاح يتربع على عرش هدافي ليفربول

يوما بعد يوم يثبت اللاعب المصري العربي الأفريقي محمد صلاح للعالم أنه من جينات خاصة، ولما لا وهو ابن الحضارة التي امتدت لآلاف السنين وما زال العالم يتكشف أسرارها حتى يومنا هذا، الإمبراطوية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس وذوو الملوك والملكات والأمراء، ها هي تلين تحت أقدام اللاعب المصري محمد صلاح ومن ثم تلبسه تاج الملك عن طيب خاطر، فحتى الأطفال أمام الشاشات والمشجعين في المدرجات ظلوا يتغنون بما يقدمه من مستويات خرافية، لمساته لم تذهل الإنجليز فقط بل وصل صداها عبر العالم أجمع، أينما ذهب المصري أو العربي إلى أي بلد في العالم بمجرد معرفة هويته يبادرون بسؤاله هل أنت من بلد مو صلاح، كرة القدم ليست مجرد لعبة رياضية وإنما هي في الأصل بمثابة الكرة الأرضية التي تقرب الشعوب وتوحد الثقافات، فلغتها مفهومة وشديدة الوضوح ولا تحتاج إلى دراسة مستفيضة لمعرفة أدق تفاصيلها، فمجرد مشاهدة مباريات كرة القدم تزول الطلاسم ويقرأ الجميع ما يدور في عقول المدربين قبل اللاعبين.

سفير العرب والمسلمين حول العالم

قام محمد صلاح بتغيير نظرة العالم السطحية للمسلمين حيث جعله يفطن إلى وجود الموهوبون والجديرون بحمل شعاع العلم والتقدم في جميع المجالات في ذلك العالم الثالث الذين يصنفونه بالعالم المتخلف الجاهل، بعد ما يقارب الست سنوات والتي قضاها صلاح في ملاعب الإنجليز، ومنذ الوهلة الأولى من التحاقه بفريق ليفربول قد أعد العدة وتبارى في تحطيم الأرقام القياسية على كافة المستويات، وها هو الآن يتشرف بالحلوس على قائمة هدافي ليفربول التاريخي منذ إنشائه، إنه لحدث جلل أن يصبح أحد أساطير النادي الذي مروا عليه عبر التاريخ لاعب مصري يسجل بحروف من ذهب سجله في أرشيفه الخالد، محمد صلاح توكل على الله وآمن بنفسه واجتهد وصبر وتحمل ولم يكل حتى أدرك أبواب النجاح ومن ثم دخل من أوسع أبوابه، أخيرا وليس أخرا فعلها إبن مصر الخلوق شديد التواضع محمد صلاح الذي تعلق ببلده ودافع عن الوانها وبكي عند انكسارها حزنا وليس رئاءا، وليعلم الجميع أن النجاح يبدأ من بلدك أولا والانغماس فيها فامتلأ  قلبه وعقله بحب الوطن وهمومه ومساعدة أهله، وتوج بالجلوس على عرش هدافي ليفربول عن جدارة واستحقاق ، هذه الجائزة الكبيرة تتهادى إلي مصر بعد انتظارنا لها طويلا.

أحلام محمد صلاح

بدأت أحلام صلاح ابن قريه نجريج بمدينه بسيون محافظة الغربية وتحقق مراده ووصل إلي أرفع الأوسمة القارية، ومن ثم الألقاب العالمية أتت إليه مسرعة، لقد أصبح صلاح عنوان للشباب بالجهد والعمل والمثابرة والأمل، واختلف عن شباب اليوم ذوي العقول الخاوية المغيبة المتميزة بالانانية وحب النفس، والذين تناسوا الولاء والانتماء للوطن وصار همهم الوحيد جمع الأموال بأي شكل وابتعدوا عن الأخلاق والتربية والدين، فقد بدأ نجمنا تعلقه بالكرة منذ الصغر فلعب لمقاولين طنطا، ثم المقاولين العرب ثم الي بازل السويسري مرورا بتشيلسي ثم فينورتينا وروما، ثم عاد لانجلترا من بوابة ليفربول العريق ولم ييأس من تجربته الأولى بل كانت دافعا للتحدي والتألق من جديد وإثبات الذات، مراحل حياة نجمنا مرت بمنعطفات كثيرة ولحظات ألم ولكنه تعلم منها وواصل طريقه، حتى ساهم مع زملائه ببلوغ مصر كأس العالم وكان مصدر سعادة شعبنا، وتألق في بازل وروما وليفربول وأحرز كمية غزيرة من الأهداف الرائعة التي لا يسجلها إلا موهبة فذة.

حديث العالم وأيقونته

تبارت وتسابقت الصحف العالمية بمختلف صفحاتها وأجنداتها في الإشادة والمدح والثناء مما جعل صلاح حديث العالم كله فصفقوا له كثيرا ورفعوا له القبعة، وقاموا بتأليف الأغاني التي يهتز ملعب آنفليد معقل ليفريول عندما تبدأ الجماهير في غنائها، افتخري يا أرض الكنانة أبنائك العظام قادرون علي رفع رايتك رغم الحلاك الأسود الذي يحاوط المرء في أرجاء المعمورة، يعد صلاح أيقونة الكرة المصرية بلا جدال وملهمها في العصر الحديث والذي نقلها من المحلية إلي المحافل العالمية، ولم تخيب ظن الجماهير التي تعلقت بك وتمنت لك الخير الكثير، وكلما زادت بهرجة الفرح وأزاهيق الملاعب وأضواء الشهرة والتفاف الجماهير المصرية والعربية والعالمية حولك كلما زاد التحدي بداخلك لمواصلة النجاح وتبوء مكانة أكبر مما وصلت إليه.

محو كلمة المستحيل

بلا شك كانت أخلاقك يا صلاح سابقة على مهارات قدميك، لقد قهرت المستحيل وسيرت على الأشواك من أجل أن تتفتح لنا الورود بعيدا عن الواقع المر، وقدمت أجمل صورة عن الإسلام الوسطي المعتدل في الغرب، ووقفوا لك احتراما وصفقوا لك تقديرا، بلدك أعطتك حبها فلم تبخل عليها في أشد الظروف والمحن، ونقولها بثقة فقد حملت حول عنقك أمانة جيل بأكمله، ورغم ثقل المهمة فأنت جدير بها وأهل لها، ورددت لها الجميل في أشكال متعددة، امتلكت يا صلاح الحب ووزعته على الجميع، واحترمت الصغير قبل الكبير، وكلما أعطاك الله تعالى من فضله سجدت وشكرت المولى عز وجل وإزددت تواضعا فوق تواضعك، الغرور بعيد كل البعد عن محمد صلاح فهو يتمنى أن بسير على دربه الكثيرين بل ويتفوقوا عليه وأن يصلوا لأعلى ما وصل إليه.

العمل الخيري في السر والعلن

وقف صلاح مع المحتاجين وساند ذوي الإعاقات الخاصة وزرع الفرح في قلوب المرضى، وقابل الأطفال وزاد سعادتهم وشاركهم لحظات جميلة، قد تقوم الدول بعمل دعايا لنفسها بالمليارات، ولكنك قدمت خدمات إعلانية جليلة لبلدك بالمجان، والكل أصبح يشير إلى الملك المصري بالبنان، وساد إسم بلدك يا صلاح العالم من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه، امضي في طريقك ولا تنظر خلفك وترفع عن الصغائر نتظر منك المزيد، ولا تحرمنا ابتسامتك المشعة بالأمل والنصر مهما قابلت من تحد، عندما نري نظرات أساطير اللعبة وافتخارهم وانبارهم بك نود أن نقول لهم أنك إبن النيل الخالد وابن حضارة السبعة آلاف عام وابن الأرض السمراء التي أنجبت العباقرة في جميع المجالات، وعندما نري ملوك اللعبة الحاليين ونطراتهم التي تحمل الخوف والغيرة والتكبر والحسد وأنت لا تبالي شامخا مثل الأهرامات، وكرامتك بلا خضوع ورأسك مرفوعة بلا انكسار وثقتك بالله بلا غرور نعتز بمصريتنا وقوتنا المدفونة وننسي ضعفنا، دعاء ملايين المصريين والعرب في ظهرك.

إنجازات محمد صلاح

وصل مع المنتخب المصري مرتين إلى نهائي كأس الأمم الأفريقية وخسرهما لسوء الحظ في اللحظات الأخيرة مرة أما الكاميرون بهدف في الدقائق الأخيرة أمام الكاميرون عام2017 بعد أن كان المنتخب المصري متقدما بهدف في الشوط الأول وعادت الكاميرون في الشوط الثاني، والمرة الأخرى أمام السنغال بركلات الترجيح عام 2022، قاد صلاح منتخب مصر للصعود إلى نهائيات كأس العالم عام 2018 بعد ما يقارب الثلاثون عاما من الغياب منذ المرة الأخيرة 1990، توج محمد صلاح بجائزة أحسن لاعب في أفريقيا المرة الذهبية مرتين متتاليتين عامي 2017 , 2018 ، احتل محمد صلاح المركز الثالث في ترتيب أحسن لاعب في العالم والمقدمة من الفيفا عام 2019، أحسن لاعب في العالم بتصويت الجماهير خلال جائزة غلوب سوكر والتي تقام بالإمارات العربية المتحدة لعام  2022، وحقق محمد صلاح خلال مسيرته 9 ألقاب بواقع بطولتين مع نادي بازل السويسري و7 ألقاب مع العملاق الإنجليزي ليفربول، حيث حقق لقب بطولة الدوري السويسري مرتين رفقة بازل وقدم مستوى مميز خلال فترة تواجده مع النادي، عدد بطولات محمد صلاح مع ليفربول7 ألقاب، كانت الأولى دوري أبطال أوروبا 2018-2019، كما فاز صلاح بالسوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية في 2019، وفي الموسم التالي حقق الدوري الإنجليزي الممتاز 2019-2020، كما حقق صلاح مع ليفربول كأس الاتحاد الإنجليزي في موسم 2021-22، وذلك بعد الفوز على تشيلسي في المباراة النهائية بنتيجة 6-5 في ركلات الترجيح، حيث كانت أخر كأس حصل عليها نجمنا ونتمنى ألا تكون الأخيرة إن شاء الله.

فيديو مقال محمد صلاح يتربع على عرش هدافي ليفربول

أضف تعليقك هنا