21\6\2017 يوم مفصلي في تاريخ المملكة العربية السعودية

بقلم: باسم المجذوب

كيف بدأت أمريكا ودول الغرب عملية التحكم بالنفط السعودي؟

في 21 حزيران (يونيو) 2017، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز أمرًا ملكيّا – يقضي إعفاء الأمير محمد بن نايف من منصبه واختيار محمد بن سلمان وليًا للعهد وتعيينه نائبًا لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره وزيرًا للدفاع بعد حرب تشرين (اكتوبر) 1973 والتي استخدم فيها العرب النفط سلاحا على الغرب لإجبار اسرائيل على الإنسحاب من الأراضي العربية المحتلة, والتي شكلت وسيلة ضغط أرهبت العالم وشلت اقتصاده, وقد دفع بعدها العاهل السعودي الراحل الكبير الملك فيصل حياته ثمنا لقراره الذي هز العالم, منذ ذلك الحين بدأت مسألة تأمين إمدادات النفط تشغل بال الدول الكبرى ولا غرابة إذا قلنا أن ما لحق بالمنطقة من ويلات وصراعات واضطرابات داخلية وحروب بين دولها , وكان ابرزها عودة الخميني من منفاه ليستلم دفة الحكم في إيران وتحويلها الى الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبداية تدخلاته في شؤون المنطقة وزرع النزاعات والعصبيات فيها , كانت احد اهم نتائج مخططات الغرب في تحريك دفة الصراعات في المنطقة واخضاعها لسيطرته للتحكم بإمدادات النفط وكميات إنتاجه وتحديد أسعاره

ترتيب اقتصاد المملكة العربية السعودية عالمياً

يعد اقتصاد المملكة العربية السعودية من أكبر عشرين اقتصادًا في العالم، وأكبرها في العالم العربي وكذلك في منطقة الشرق الأوسط. هي عضو دائم ومتزعم دول أوبك. وهي عضو دائم في مجموعة دول مجموعة العشرين , وتمتلك المملكة العربية السعودية ثاني أكثر الموارد الطبيعية قيمة في العالم، بقيمة إجمالية تبلغ حوالي ال 35 تريليون دولار.

المراحل التي مر بها الاقتصاد السعودي

بعد فورة الستينات والسبعينات مر الاقتصاد السعودي بمراحل عدة من الاقتصاد الريعي الى النمو الى الطفرة الى أن لامس حد الانكماش في احدى مراحله, في تطور اعتمد النفط موردا واحدا لوارداته دون التوسع الجاد بل الخجول بتنويع تلك الواردات لتمكينه من تحقيق نمو متوازي لا يعتمد على مصدر واحد لمداخيل الناتج المحلي

في دراسة قام بها صندوق النقد الدولي بمراجعة توقعاته لنمو الناتج الوطني الإجمالي للمملكة لسنة 2017 عدل من حجم متوقع للنمو بنسبة 2% ليتم تخفيض احتسابه في اوكتوبر 2016 الى 0.4% في عملية تحديث لتوقعاته , حيث عادت تلك المراجعة الى ترقب التخفيض المقرر في انتاج النفط لعام 2017 , فعمليا خفض الانتاج بنسبة 5% فقط سيؤدي الى خفض سرعة نمو الناتج الوطني الإجمالي بنسبة 80% وقد استمرت تلك النسبة المتوقعة كما هي عند مراجعتها نهاية ابريل 2017 وذلك مرده توقعات تخفيض الإنتاج المقرر اعتماده في اقتصاد دولة يشكل النفط 90% من اجمالي حجم صادراتها .

كم تبلغ ميزانية الإنتاج النفطي في السعودية؟

ميزانية 2017 للسعودية , والتي شكل حجم اقتصادها 26% من اجمالي الناتج الوطني الاجمالي لدول الشرق الاوسط وشمال افريقيا قد صدرت معتمدة على سعر برميل النفط يساوي 55 دولار , وأي تراجع في اسعار النفط تحت ال55 دولار سيساهم في ارتفاع وتيرة انكماش الاقتصاد السعودي وعجز أكبر في ميزان المدفوعات وكي تستقيم نتائج أرقام الميزانية يجب ان يستقر سعر برميل النفط على 55 دولار وصعودا وهذا لا إمكانية لحصوله بحسب مؤشرات أسعار النفط خلال ال 2017 .

تخفيفا لعبء تخفيض الإنتاج على الناتج المحلي كان بإمكان المملكة اعتماد نسبة الخفض المتفق عليها لتشمل الاصناف ذات النوعية الاقل جودة والارخص حيث ان الإنتاج النفطي يشمل عدة خامات نفطية تتمايز عن بعضها بنسبة الجودة فيكون الخفض من الاصناف الاقل جودة وسعرا فيخف تأثير خفض الانتاج على إيرادات البيع , لكن كل ذلك يرتبط بإملاءات امريكية تعتمد مصالحها ومصالح شركائها الأوروبيين فوق كل اعتبارات مصالح الدول المنتجة.

ما التحديات التي تواجهها السعودية في عملية النمو الاقتصادي؟

بالرغم  من تخفيض قيمة النفقات المعتمدة في الميزانية واعتماد التقشف في الكثير من بنودها اضافة الى رفع تدريجي للدعم الذي تعتمده المملكة على اسعار المشتقات النفطية لمواطنيها إلا أن هذه الإجراءات لم تكن لتبدل بشكل ملموس نسبة النمو المتوقعة في الاقتصاد السعودي مما يفرض على المملكة اعتماد التنويع في مصادر وارداتها ومعالجة القضايا الاقتصادية المختلفة ليتم تخفيض الإتكال فقط على قطاع النفط وتشجيع الصناعات الاخرى مثل الصناعات الغذائية والحديد والفولاذ وصناعة الأدوية والأعلاف والبترو كيماويات وغيرها حيث خطت السعودية في السنوات الأخيرة تقدم لا بأس فيه في تلك الصناعات الا أن حرب اليمن التي اشعلتها إيران ومشاكل الخليج والتخوف من اشتعال حروب اخرى تمس المملكة ودول الخليج مباشرة أثرت سلبا على سياستها في دعم وتشجيع تلك القطاعات وعلى تخفيض قيمة دعمها بنسبة 6% عن سنة 2016 لتقابلها زيادة في الإنفاق على القطاع العسكري والتسلح والذي مصدره بالطبع وبالدرجة الأولى الولايات المتحدة الأمريكية , اي ان الدعم قد تقلص عن القطاعات المنتجة لصالح التسلح الغير منتج ولكن لا بد منه.

كيف تعاملت السعودية مع التسلط الأمريكي؟

لم تعتد الإدارة الأمريكية الا على انصياع المملكة لتوجهات مصالحها بتخفيض او زيادة في الإنتاج  أو في الأسعار او في تحديد نوعيات الإنتاج بالرغم أنه غالبا ما تكون تلك التوجيهات مخالفة لمصالح المملكة وتطلعات منظمة اوبك التي تنظم تلك المعطيات طبقا لمصالح دول المنطقة والدول المنتجة المنضمة إليها , فأمثولة الراحل الكبير الملك فيصل لم تزل ماثلة امام حكامها

كان لا بد من انقلاب على التسلط الأمريكي خاصة والغربي عامة كي تعود السياسة في خدمة اقتصاد الدولة وليس اقتصاد أمريكا مما يستوجب على المملكة اتخاذ قرارات حاسمة , وفي ظل العجز لهيئة الحكم حينها اتخاذ قرارات حاسمة وجريئة بل انقلابية من تسلط الخارج على مصالح سيادتها واستقلالية قراراتها خاصة ان أركان معظم افراد العائلة المالكة التي تمتلك اتخاذ القرار كانت ترعى مصالحها الخاصة على حساب مصالح الدولة وتحتمي خلف دعم أمريكي لها وبيئة متزمته أحسنت الإدارات الأمريكية المتعاقبة استغلالها لخدمة مصالحها من حين نشأتها . بلغ اليقين أن قطاعات الدولة تحتاج الى عملية إعادة هيكلة مع إعادة بناء شاملة لكامل اجهزتها التي تعنى بكافة القطاعات ان على صعد الاقتصاد بكامل قطاعاته أو المجتمع بكامل شرائحه , فكان لا بد من عملية بتر للشفاء وليس عملية ترقيع توازن بين مصالح ومستقبل المملكة وتقاليد لا تتماشى مع تقدم العالم من حولها ومصالح امريكية تحاصرها

مع صعوبة الخروج عن تلك التقاليد لتواكب العالم في مسيرته المتحررة وبما تتطلبه تلك الإجراءات من انقلاب على مفاهيم قد تشكل خطورة على استقرار المملكة , كان لا بد من تسليم مقاليد الحكم لأيدي أمينة على مصالح المملكة أكثر من أمانتها لمصالحها الخاصة ,  فوقع الاختيار على الشاب الطموح المتحرر في افكاره الحازم في قراراته لريادة تلك المهمة الإنقلابية الإنقاذية على مفاهيم توارثتها العائلة المالكة عبر عقود من الزمن في دولة أكثر من نصف سكانها دون سن ال25 .

بقلم: باسم المجذوب

 

أضف تعليقك هنا