الاستدامة الثلاثية والتميز الحكومي

بقلم: المهندس عمر عادل مساعده

في عام الاستدامة لدولة الامارات العربية المتحدة – عام 2023، عمد المجلس التنفيذي لحكومة دبي على تطوير معايير ومحاور منظومة التميز الحكومي ضمن أهداف متكاملة تضمن التوائم التام مع خطط ورؤى الدولة والتوجهات الحكومية والعالمية وفق أفضل الممارسات المتبعة، ومن الملفت للنظر استحداث معيار تحت مسمى القيمة المجتمعية وربطه بالاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية (الاستدامة الثلاثية).

إلى ماذا يدعو مفهوم الاستدامة الثلاثية؟

ويدعو مفهوم الاستدامة الثلاثية (الاجتماعية والاقتصادية والبيئية) إلى الحفاظ على التوازن بين العوائد الاقتصادية والأثر الاجتماعي والبيئي للحفاظ على عالم صحي ومستدام للأجيال القادمة.

الاستدامة الاجتماعية

فالاستدامة الاجتماعية تتعلق بتلبية احتياجات المجتمعات والأفراد المعيشية الحالية دون المساس بقدرتهم على تلبية احتياجاتهم المستقبلية. وتشمل الاستدامة الاجتماعية تحسين الصحة والتعليم والحد من الفقر وتعزيز المساواة والعدالة الاجتماعية.

الاستدامة الاقتصادية

أما الاستدامة الاقتصادية، فتتعلق بالحفاظ على استدامة الاقتصاد من خلال إدارة الموارد والتنمية الاقتصادية بطريقة مستدامة وذات جودة عالية، وتشمل تحقيق الاستدامة المالية للمؤسسة وتحقيق العوائد للمساهمين وتقديم قيمة للمتعاملين وأصحاب المصلحة.

الاستدامة البيئية

أما الاستدامة البيئية، فتتعلق بحماية البيئة والتقليل من التأثيرات السلبية للنشاط الاقتصادي على البيئة، وتشمل التخفيف من الانبعاثات الضارة والحفاظ على الموارد الطبيعية وتقليل الأثر الكربوني وتعزيز الاستدامة البيئية.

ومن هذا المنطلق، فإن تحقيق التميز المؤسسي يتطلب الاستدامة في جميع هذه الجوانب، حيث يمكن للمؤسسات تعزيز قدرتها التنافسية من خلال تحسين أدائها في مجالات الاستدامة. وعند تركيز المؤسسات على التميز المؤسسي من خلال تنفيذ الممارسات المستدامة، يمكن لها تحسين مستوى الثقة لدى الشركاء والمجتمع والمعنيين، مما يعزز السمعة المؤسسية، وبالتالي، فإن الاستثمار في التنمية المستدامة وتحقيق الاستدامة في جميع مجالاتها يعد أحد اهم العوامل لنجاح المؤسسات على المدى الطويل.

كيف تتحقق الاستدامة للمؤسسات؟

ويمكن للمؤسسات تحقيق هذه الاستدامة عن طريق تبني ممارسات مثل تحسين كفاءة استخدام الموارد وتقليل النفايات وتحسين الجودة والسلامة والصحة المهنية، وكذلك الاستثمار في التكنولوجيا الخضراء والمواد البديلة والطاقة المتجددة.

وبشكل تخصصي أكثر يمكن تطبيق الاستدامة الثلاثية في التميز المؤسسي، من خلال تحديد الأهداف الذكية والمعقولة والمتناسبة مع الأثر الاجتماعي والبيئي والاقتصادي، وتطبيق الممارسات الأخلاقية والمسؤولة والمبادرات والأنشطة بغرض تحقيق الأهداف الموضوعة.

وعلى الصعيد المحلي في دولة الامارات العربية المتحدة، حققت الدولة عدداً من الإنجازات في مجال الاستدامة من خلال مشاريع ومبادرات ريادية في مجالات منها الطاقة المتجددة، النقل المستدام، المياه والزراعة، ترشيد استهلاك الموارد، وغيرها، مثل مشروع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، والذي يعتبر أكبر مشروع للطاقة الشمسية من نوعه في العالم، تطوير محطة شمس 1 التي تعتبر أكبر محطة طاقة شمسية مُركزة في العالم، ومحطة إنتاج الطاقة من النفايات في أبو ظبي، والحديقة الشمسية في دبي، وغيرهم من المشاريع الريادية ذات الصدى على المستوى العالمي.

الخطط المستقبلية لتحقيق التنمية المستدامة

ومن منظور مستقبلي طورت دولة الامارات العربية المتحدة عدداً من الخطط المستقبلية لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة لسكانها، مثل: استراتيجية الامارات للطاقة 2050، والتي تهدف إلى تحسين كفاءة استهلاك الطاقة بنسبة 40% بحلول عام 2050، كما تسعى دولة الامارات الى تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 31% بحلول عام 2030 والذي تم الإعلان عنه ضمن الإصدار المحدث للتقرير الثاني للمساهمات المحددة وطنيا لدولة الإمارات – بموجب اتفاق باريس للمناخ عام 2022.

في الختام، تطبيق الاستدامة الثلاثية في التميز المؤسسي يمكن أن يعزز عمل المؤسسات وتحسين أدائهم على المدى الطويل، وذلك عن طريق تحسين العلاقات مع المجتمع والبيئة وتحسين الأداء الاقتصادي، مما سينتج عنه تطور في أداء الدولة في مجال التنمية المستدامة من خلال مؤسسات متكاملة ذات نضج مرتفع ووعي كافي في تطبيقات التنمية المستدامة وأثرها على المستقبل.

بقلم: المهندس عمر عادل مساعده

 

أضف تعليقك هنا