يعد التطوير في رأس المال البشري أحد أهم مؤشرات نجاح الشركات والمؤسسات في مختلف المجالات، فبجانب الاهتمام بالجانب المادي اللازم لإنشاء شركة قوية في الأسواق العالمية، فإن التركيز على إدارة الموارد البشرية في الشركة من خلال استثمار طاقات موظفيها يعد مؤشرًا إيجابيًا لنجاح الشركة ودفعها إلى الأمام. فما هي إدارة الموارد البشرية؟ هذا ما سنتعرف عليه بشكل مفصّل في مقالنا
تعرف إدارة الموارد البشرية أو ما يعرف ب (human resource management- HRM) بأنها الإدارة المختصة بتوظيف العاملين داخل المؤسسة، ومن ثم تدريبهم على كيفية العمل والإشراف عليهم من أجل التأكد بقيامهم بتنفيذ المهام الموكلة لهم لضمان وصول المؤسسة للأهداف التي تسعى لتحقيقها.
سميت إدارة الموارد البشرية بهذا الاسم للتأكيد على أن القوى العاملة جزءًا لا يتجزأ من نجاح العمل في المؤسسة ونتيجة لذلك يجب توفير إدارة تمثل هذا العنصر المهم بدايةً من مدير الموارد البشرية ومرورًا بالإداريين وانتهاءً بكافة العاملين في المؤسسة.
ازداد الطلب على العمال نتيجةً للثورة الصناعية التي انطلقت من بريطانيا في القرن الثامن عشر، لكن ظهرت عدة مشاكل واجهها العمال فعلى سبيل المثال كان وقت العمل يصل إلى 16 ساعة في اليوم دون الاكتراث بصحة العاملين من الرجال والنساء والأطفال على حد سواء، كذلك انخفاض معدلات أجور العمال؛ فقد اهتمّ أصحاب العمل بتحقيق أهداف الإنتاج المطلوبة على حساب العاملين لديهم الأمر الذي أدى إلى نشوء علاقة سلبية بين القوى العاملة وأصحاب العمل. ونتيجة للإضرابات التي قام بها العمال لطلب حقوقهم بالإضافة لظهور مفهوم العولمة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين ازداد الاهتمام بفئة العمال حيث توصل الباحثون إلى أن هناك علاقة إيجابية بين سعادة العاملين في العمل وزيادة إنتاجيتهم، الأمر الذي صبّ التركيز على تحسين ظروف العمل في المصانع من أجل تحقيق استثمار وعائدات أكبر للمؤسسات.ومن هنا ظهر مفهوم إدارة الموارد البشرية في الظهور للنور؛ حيث بدأ يطبق في المؤسسات لأول مرة في أوائل القرن العشرين، لكنه كان مفهوما إداريًا أكثر منه دورًا أساسيًا لنجاح المؤسسة. وقد كانت أول شركة تقوم بتطبيق إدارة شئون الموظفين هي National Cash Register Co وذلك بعد عدة إضرابات قام بها الموظفون، مما دعا رئيس الشركة “جون باتيرسون” إلى تأسيس قسم يهتم بمعالجة شكاوى القوى العاملة والاهتمام بقضايا التسريح في المؤسسة، بالإضافة إلى تدريب المشرفين على أنظمة وسياسات الشركة الجديدة.
يعرف تخطيط الموارد البشرية بأنه تحديد كيفية الاستغلال الأمثل لطاقات الموارد البشرية في الوقت الحاضر والتنبؤ بالمتطلبات المستقبلية للموارد البشرية في المؤسسة. تمر عملية التخطيط بعدة مرحل على النحو التالي:
تبدأ أولى خطوات التخطيط بتحليل متطلبات الموارد البشرية والقيام بدراسة شاملة لقوة الموارد البشرية للمؤسسة من حيث معرفة عدد الموظفين، وكفاءتهم ومؤهلاتهم وتقييمات أدائهم من خلال مقابلات مكثفة لفهم قضايا الموارد لبشرية التي تواجهها المؤسسة ومعرفة قدرات القوى العاملة فيها.
ويتم ذلك من خلال التنبؤ بإجمالي متطلبات القوى العاملة المستقبلية، حيث تخطط معظم المؤسسات للنمو المستقبلي عن طريق توقع عدد الاستبدالات التي ستحدث نتيجة لعدة أسباب مثل الاستقالات أو التقاعد أو الموت أو الترقيات؛ فيتم _على سبيل المثال_ تحديد عدد الوظائف الشاغرة مستقبليًا. وكنتيجة حتمية لتطور البيئة الخارجية فإن تخطيط الموارد البشرية يحتاج إلى المراجعة والتحديث باستمرار.
في هذه المرحلة يتم مطابقة العرض الحالي مع العرض المستقبلي للموارد البشرية وإنشاء توقع كمية الطلب على الموارد البشرية من خلال فهم استراتيجية العمل على المدى البعيد فيتم التوفيق بين توقع الطلب والأهداف التنظيمية في المؤسسة الواحدة.
تنتهي المرحلة الثالثة بمعرفة الفجوات بين العرض والطلب للموارد البشرية في المؤسسة وتبدأ المرحلة الرابعة والأخيرة بوضع خطط مناسبة لسد هذه الفجوات من خلال عدة إجراءات مثل: الاستعانة بمصادر خارجية، وتدريب الموظفين على مهارات جديدة مطلوبة، ومراجعة سياسات المؤسسة. يتم تنفيذ الخطط الموضوعة بطريقة تحقق الأهداف المنشودة. إذا ما التزمت المؤسسة بمراحل عملية تخطيط الموارد البشرية فإنها تساهم في تحقيق أهداف المؤسسة وغاياتها في الوقت المناسب ووضع القوى البشرية المناسبة في المكان المناسب.
تعرّف منظمة الصحة العالمية (WHO) بالشراكة مع منظمة العمل الدولية (ILO)الصحة المهنية للموارد البشرية بأنها “الحفاظ على أعلى درجة من الرفاه البدني والعقلي والاجتماعي للعاملين في كافة المهن، وحماية القوى العاملة من المخاطر التي قد يتعرضون لها أثناء العمل، كذلك تدعو إلى وضع العامل في بيئة مهنية تتكيف مع قدراته الفسيولوجية والنفسية.”
تقوم إدارة الموارد البشرية بتولي مسؤوليات الصحة والأمن داخل المؤسسات؛ حيث تشتمل هذه المسؤوليات على تحديد المخاطر التي قد يتعرض له العامل ووضع حلولًا للحد منها، بالإضافة إلى تثقيف العاملين من خلال برامج الصحة والسلامة في المؤسسة.
وعلى الرغم من الإحتياطات التي تتخذها إدارة الموارد البشرية للاهتمام بالصحة المهنية للموظفين إلا أن هناك حوادث عارضة قد تحدث، لذلك تقوم إدارة الموارد البشرية بالتحقيق في الحوادث من خلال عمل تقييم للحادث ومعرفة إذا نتج عنه إصابات للعمال أم لا، ومعرفة الأسباب التي أدت لحدوثه وإتخاذ الإجراءات اللازمة للتأكد من عدم تكراره في المستقبل. نظرًا لأن أصحاب العمل يشعرون بتكاليف برامج الصحة والسلامة المهنية للموارد البشرية الباهظة؛ اتجهوا إلى برامج تسمى بالبرامج الوقائية أوبرامج العافية والتي تتكون من ثلاثة عناصر:
تواجه إدارة الموارد البشرية العديد من التحديات، وفيما يلي سرد لأكثر التحديات شيوعًا:
يعتبر تطوير الموظفين وتحسين مهاراتهم مهمة شاقة في إدارة المواد البشرية حيث إن المؤسسات إلى تنقسم إلى قسمين، الأول منها يؤمن بأهمية تثقيف الموظفين وتطويرهم من خلال الدورات المدفوعة من أجل مواكبة التطور التكنولوجي في العالم واستمرار المؤسسة في الصدارة؛ على النقيض الآخر تعتبر بعض المؤسسات أن التدريب والتمارين التطويرية مضيعة للوقت وإهدارًا للمال دون التفكير في استغلال طاقات الموظفين من خلال مواكبتهم للتطورات المستقبلية.
يعد التوظيف واختيار مرشحين مناسبين للعمل مهمة شاقة تواجهها إدارة الموارد البشرية حيث يبذل قسم الموارد البشرية جهودًا كبيرة لتوظيف مرشحين يتمتعون بالمهارات اللازمة للعمل بالإضافة إلى المهارات الشخصية مثل العمل بروح الفريق والتوافق مع أهداف وثقافة المؤسسة لبناء شعور الانتماء القوي لها.
بمجرد تعيين إدارة الموارد البشرية المرشحين المناسبين للعمل يصبح الاحتفاظ بالموظفين ذوي المواهب الفذة تحديًا آخر؛ ويعود السبب في ذلك إلى المنافسة الكبيرة في سوق العمل الأمر الذي يشجع الموهوبين للبحث على فرص وظيفية أكبر ورواتب أعلى. لذلك تكون أفضل طريقة للحفاظ عليهم هي تزويدهم بامتيازات وحوافز كافية لخلق شعور الرضا الوظيفي لديهم ومن ثم استثمار طاقتهم في تطوير المؤسسة.
كما تحدثنا عن أهمية الصحة والسلامة المهنية في إدارة الموارد البشرية فإن الأمر لا يقتصر على الصحة الجسدية بل يكتمل مع الصحة العقلية من خلال توفير إدارة الموارد البشرية فرص تنمية مهارات مختلفة للموظفين وتشجيعهم على اقتراح أفكار جديدة وعدم قمع آرائهم وإجبارهم على الالتزام بآراء الشركة وأفكارها. إضافة إلى ذلك فإن استخدام سياسة الباب المفتوح يمكّن الموظفين من مناقشة العديد من القضايا دون الشعور بالقلق أو الخوف.
تحدثنا في هذا المقال عن مفهوم إدارة الموارد البشرية والتي تعد من أهم العمليات الإدارية في مختلف المؤسسات، وأن مفهوم إدارة الموارد البشرية للم يأتبين ليلة وضحاها فكان لها تاريخ حافل بدأ من القرن الثامن عشر وحتى وقتنا الحالي، ويمر تخطيط الموارد البشرية بالعديد من الخطوات ليتخذ شكلًا صحيحًا يسهم في تطوير المؤسسة وعلى الرغم من ذلك إلا أن التنمية البشرية لا زالت تواجه بعض التحديات والصعوبات التي تحاول إدارة الموارد البشرية إيجاد حلول مناسبة لها.(شاهد فيديو موقع مقال على اليوتيوب)
بقلم: رسل المعموري جبريل عليه السلام هو أقرب ملائكة الله إليه، وصديق النبي صل الله… اقرأ المزيد
بقلم: رسل المعموري ""وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا… اقرأ المزيد
أنا فخورة بأنني أمازيغية مغربية، فاللغة الأمازيغية تحمل في طياتها عمق الإحساس وجمالية الطبيعة والثقافة… اقرأ المزيد
يقول بيكسلز: "حُب السيطرة والأنانية والعناد والغيرة من المسببات التي تجعل الشريك يقلل من قيمة… اقرأ المزيد
بقلم: محمد بوداس ما هي الحرب؟ صراع الإنسان ضد الإنسان، صراع من أجل هدف معين،… اقرأ المزيد
مقدمة ترتبط دراسة الصحابة بمصطلح الشرف و قد كان هذا مصطلح مرتبط عضويا بهم.فأمكننا تصنيفهم… اقرأ المزيد