التضارب في المصالح بين عقود التنفيذ وعقود التشغيل والصيانة.

بقلم: م. مستشار / وليد منصور بركات

#تشغيل-وصيانة.

تضارب المصالح في تنفيذ أعمال عقود التشغيل والصيانة 2.

  • مفهوم تضارب المصالح.

يتعلق تعارض المصالح عادة بالمواقف التي قد تؤثر فيها المصلحة الشخصية للفرد أو المؤسسة بشكل سلبي على الواجب باتخاذ قرارات معينة تجاه طرف ثالث.

يمكن أن تُعرّف «المصلحة» بأنها الالتزام أو الواجب أو الهدف الذي يرتبط مع دور ما أو مع ممارسة اجتماعية معينة، ويحدث تضارب المصالح (بحكم التعريف) في حال كان أحد الأفراد، ضمن سياق معين لاتخاذ قرار ما، عرضة لمصلحتين اثنتين متعارضتين مع بعضهما، يعود السبب في امتلاك هذه المسألة أهميةً كبيرة في العديد من المسائل إلى إمكانية تعطل عملية صنع القرار في هذه الظروف، أو لإمكانية تعرضها لخطر اتخاذ القرارات بطريقة تؤثر على سلامة النتائج وموثوقيتها.

وتتعرض عمليات تنفيذ عقود التشغيل والصيانة لعديد من مظاهر تضارب المصالح التي تؤثر على تنفيذ عمليات التشغيل والصيانة كما تؤثر على خروج نتائجها على الوجه المأمول.

  • التضارب في المصالح بين عقود التنفيذ وعقود التشغيل والصيانة.

وسنتناول بمقالنا هذا التضارب في المصالح بين عقود التنفيذ وعقود التشغيل والصيانة التي يجري تنفيذها لذات الموقع في نفس الوقت، واقتراح الحلول العملية التي تمكننا من تلافي التأثيرات السلبية لتضارب المصالح بين هذه العقود، على أن يتبعه مقالات أخرى تتناول بالدراسة باقي مظاهر تضارب المصالح في تنفيذ أعمال عقود التشغيل والصيانة، بالإضافة لما اتوقع أنكم ستضيفونه وتزودوني به من مظاهر لمستموها بأنفسكم خلال ممارستكم العملية لأعمال التشغيل والصيانة أو استفادتكم المباشرة من هذه النوعية من الأعمال.

أولاً: أسباب التضارب في المصالح بين عقود التنفيذ وعقود التشغيل والصيانة.

تعمد العديد من الجهات لطرح عقد للتشغيل والصيانة لموقع أو لمواقع داخل حرم نفس المنشأة في نفس الوقت الذي ما زالت فيه عمليات التنفيذ مستمرة لنفس الموقع أو لمواقع داخل حرم نفس المنشأة مشمولة بنفس عقد التنفيذ، مما يؤدي لحدوث ظاهرة تضارب المصالح بين مقاول عقد التنفيذ ومقاول التشغيل والصيانة، كما تعمد بعض الجهات لطرح عقود لأعمال تنفيذ أثناء سريان عقد التشغيل والصيانة لأسباب في كلا الحالتين منها: –

  • الرغبة في الاستفادة من المنشآت المنفذة دون الانتظار لانتهاء كامل أعمال عقد التنفيذ وهو ما تُضطر له بعض الجهات المرتبطة ببرامج زمنية يمثل دخول جزء ما من المرفق العمل ميزة اقتصادية كدخول مباني ومرافق الفنادق الخدمة او يمثل ذلك حلا لمشاكل تشغيلية كزيادة كثافة الطلبة بالفصول الدراسية بالمدارس، أو امكانية افتتاح كليات جديدة وبدأ نشاطها داخل حرم الجامعات، دون الحاجة لارتباط ذلك بانتهاء تنفيذ كامل منشآت الحرم الجامعي.
  • عدم امكانية ايقاف الخدمات التي يقدمها المرفق مع الحاجة لطرح مشاريع تنفيذ لتوسعات متوالية وفق خطة وبرنامج زمني أو جارية التنفيذ كما نراه بمشاريع توسعة الحرمين الشريفين أو توسع وتطوير المستشفيات الكبرى.
  • كما يدفع طول الفترة التي تستغرقها المشاريع في مرحلة التسليم الإبتدائي الجهة المالكة لطرح عقود التشغيل والصيانة لنفس المرفق للاستفادة من المنشآت وبدء تشغيلها.
  • ضعف الدراسة الفنية للعقود المطروحة وعدم دراسة الاحتياجات بشكل جيد، مما يؤدي للحاجة المستمرة لطرح عقود جديدة لاستكمال النواقص بالعروض المطروحة، سواء كانت هذه الاعمال أعمال تنفيذ أو أعمال تشغيل وصيانة.
  • المشاكل الإدارية لدى الجهة المالكة من تداخل الصلاحيات، وجود اكثر من ادارة داخل نفس الجهة لديها صلاحية طرح العقود، مثل طرح عقود تشغيل وصيانة للمنشأ من احدى الادارات دون التنسيق المسبق بين الادارات المختلفة، مما ينتج عنه لاحقاً وجود عقدين مختلفين لنفس المنشأ بذات الوقت أحدهما للتنفيذ والآخر للتشغيل والصيانة بذات الطريقة التي أوضحناها بمقالنا السابق، والتي تؤدي لوجود أكثر من عقد داخل نفس المنشأة.

ثانياً: مظاهر تضارب المصالح التي تحدث أثناء وجود عقود تنفيذ وعقود تشغيل وصيانة لنفس الموقع بنفس الوقت.

يؤدي تنفيذ أكثر من عقد سواء كان تنفيذ أو تشغيل وصيانة داخل نفس الموقع لحدوث العديد من المشاكل التي تعاني منها ادارة المنشأة منها.

  • زيادة الأعباء الادارية والفنية الملقاة على عاتق الجهة المسئولة عن ادراة المنشأة، نتيجة صعوبة التنسيق بين المقاولين المختلفين المشتركين في نفس الوقت بنفس الموقع نتيجة حرص كل مقاول على تنفيذ برامج الأعمال المسندة له قبل غيرها، مما يؤدي لضعف مخرجات هذه العقود مجتمعة.
  • تداخل معظم الأعمال واعتماد نجاح تنفيذ برامج التشغيل والصيانة على انتهاء عمليات التنفيذ لأنظمة المنشأة بطريقة تضمن التكامل بين الأنظمة المختلفة، فمثلاً يعتمد تشغيل المضخات وتشغيل أنظمة الإنارة على استمرارية التيار الكهربي وانتهاء اعمال تنفيذ شبكة الكهرباء وتمام ربطها بمصدر التغذية، ويعتمد برنامج تشغيل وصيانة المسطحات الخضراء على تكامل هذا البرنامج مع برنامج تشغيل المضخات وتمام توريدها وتركيبها وهكذا.
  • توالي الحاجة لطرح عقود جديدة للتنفيذ ومن ثم التشغيل والصيانة لتلبية الاحتياجات، ومعالجة النواقص بالعقود الجارية، وعمل تكامل بين الأنظمة المختلفة داخل الجهة.

ثالثاً: الحلول العملية لتجنب التضارب في المصالح بين عقود التنفيذ وعقود تشغيل وصيانة لنفس المرفق بنفس الوقت.

إن استمرار وجود مقاول تنفيذ لم تنتهي التزاماته التعاقدية داخل المنشأة أو داخل نفس الحرم، مع وجود مقاول تشغيل وصيانة لنفس المنشأة بعقد مستقل يجعل التنسيق بينهما عملية بالغة التعقيد، حيث إن نجاح كلا المقاولين في تنفيذ إلتزاماته التعاقدية يمثل تحدياً كبيراً لهما وللجهة المالكة، نظراً لاستمرار مسئولية مقاول التنفيذ عن الأعمال المنفذة من قبله والأنظمة التي قام بتوريدها وتركيبها وما زالت بفترة الضمان حسب عقده، لذلك فمن الأفضل اسناد عملية التشغيل والصيانة للمرفق لمقاول التنفيذ خلال فترة التسليم والتسلم للأعمال التنفيذية، وكذلك خلال فترة ضمان أعمال التنفيذ الاعتيادية، واستيعاب عقود التنفيذ لما يتطلبه ذلك من شروط ومواصفات تمثل حلاً ناجزاً لتجاوز اضطراب هذه المرحلة، كما أن استيعاب عقود التشغيل والصيانة لإضافة أعمال تنفيذ، وتوضيح طريقة المحاسبة على هذه الأعمال يمثل حلاً لتجاوز تعقيدات تداخل أعمال مقاولي تنفيذ مع نطاق عمل مقاول التشغيل والصيانة الموجود بالموقع مع الإهتمام بمجموعة من الاجراءات منها: –

  • الاهتمام بإعداد الدارسة الفنية للعقود بطريقة تضمن تكامل الأعمال وتلبية احتياجات جميع القطاعات داخل المنشأة قبل طرح أي من عقود التنفيذ وعقود التشغيل والصيانة وتقليل الحاجة لإضافة أعمال بعقود مستقلة.
  • ادراج شروط تعاقدية تلزم مقاول التنفيذ الرئيسي بالاستعانة بمقاولي تشغيل وصيانة متخصصين ولديهم التأهيل اللازم لنوعيات محددة من الأعمال في حال عدم توفر هذه التأهيلات لدى مقاول عقد التنفيذ لتشغيل المنشأة أثناء فترة التسليم والتسلم.
  • ادراج شروط تعاقدية تلزم مقاول التشغيل والصيانة الرئيسي بالاستعانة بمقاولي تنفيذ متخصصين ولديهم التأهيل اللازم لنوعيات محددة من الأعمال في حالة عدم توفر هذه التأهيلات لدى المقاول الرئيسي للعقد لتنفيذ أي أعمال يتم اضافتها أثناء مدة عقد التشغيل والصيانة.
  • توزيع العقود على أساس جغرافي كتوزيع العقود على مواقع مختلفة داخل حرم المنشاة الواحدة بما يضمن تحديد النطاق الجغرافي للأعمال ويقلل فرص التداخل بين مقاولي التنفيذ ومقاولي التشغيل والصيانة، حيث يطلق على المبنى أو عدة مباني التي تقع على قطعة واحدة من الأرض وصف “الموقع”، ويطلق على المواقع المتعددة التي تقع في منطقة حضرية واحدة، ولكنها تستخدم من قبل الكيان القانوني نفسه، اسم “الحرم” كالحرم الجامعي … إلخ.
  • توافق كراسة الشروط والمواصفات عند الطرح مع طبيعة المنشأة ودورها والخدمات التي تقدمها، وتقليل الاعتماد على النماذج الثابتة من العقود، والاهتمام بتوضيح طبيعة المنشأة والخدمات التي تقدمها بأبواب محددة في العقود كالتعريف بالمنافسة والشروط الخاصة وغيرها من أبواب كراسة الشروط والمواصفات.
  • مراعاة الطبيعة الديناميكية لبعض المنشآت واختلاف استخدامها خلال الفترات الزمنية المختلفة ووضوح ذلك في العقود، بما يساعد المقاول على تكامل دراسته الفنية والمالية عند تقديم عرضه لتنفيذ عقد التنفيذ أو عقد التشغيل والصيانة.
  • أهمية اسناد طرح العقود لجهة واحدة داخل المنشأة الواحدة، ووجود رؤية متكاملة لدى الجهة على المدى الطويل لعقود التنفيذ وعقود التشغيل والصيانة، ووضوح الهيكل الاداري والصلاحيات داخل الجهة الواحدة، ودراسة الاحتياجات بدقة، مما سيؤدي لحدوث التكامل المرجو بين عقود التنفيذ وعقود التشغيل والصيانة التي يتم تنفيذها داخل المنشأة الواحدة.
  • اعطاء المقاولين الفرصة والوقت المناسبين للتعرف على المنشأة ومكوناتها ودورها ووظيفتها، ودقة التفاصيل المقدمة عن المنشأة بكراسات الشروط والمواصفات، واتاحة فرصة المناقشة وتعدد الزيارات.
  • اعتماد طريقة مناسبة لمناقشة المقاولين في عروضهم، والوصول بحيادية لدى ممثلي الجهة المالكة لقناعة كاملة بأن المقاول المتقدم بعرضه لديه الإلمام الكامل بطبيعة الموقع ووظيفته ومكوناته، واعتماد وسائل قياس مناسبة للتحقق من ذلك.

وانتظر منكم بما لديكم من خبرات العملية وتجارب ما يمكن أن يضيف  لهذا الموضوع، سواء من أسباب وجود أكثر من عقد سواء عقود تنفيذ او عقود تشغيل وصيانة لنفس الموقع أو داخل حرم نفس المنشأة في نفس الوقت، أو مظاهر لتضارب المصالح التي تحدث أثناء تنفيذ عقود التنفيذ وعقود التشغيل والصيانة المختلفة لنفس الموقع بنفس الوقت، وكذلك الحلول العملية لتجنب التضارب في المصالح بين عقود التنفيذ وعقود التشغيل والصيانة المختلفة لنفس المرفق بنفس الوقت، على أن نتناول بالمقال التالي التضارب في المصالح الذي يحدث بين أعمال التشغيل وأعمال الصيانة بنفس العقد.

بقلم: م. مستشار / وليد منصور بركات

 

أضف تعليقك هنا