ممارسة إدارة الموارد البشرية ودورها في تحقيق الميزة التنافسية في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة

بقلم: هند أبو سمرة

مقدمة

إيماناً بأهمية التطوير والتحسين للأفضل فإن الجامعات الفلسطينية تبذل جهوداً مضنية للوصول إلى الغايات السامية والأهداف النبيلة، وهذا يحتاج إلى الاهتمام بالموارد البشرية التي تتولى مسؤولية القيام بهذه الجهود، وتتجلى أهميتها في أنها تساهم مساهمة فاعلة في رفع مستوى كفاءة الجامعة وتحسين جودة مخرجاتها وسمعتها بين الجامعات المنافسة.

وساهم التطور الذي حدث في وظيفة إدارة الموارد البشرية قد نقلها من الوظيفة التقليدية التي تقوم بها الجامعة التي كانت تقتصر على استقطاب الموارد البشرية وتعيينهم وصرف الأجور لهم إلى وظيفة استراتيجية حيوية الأمر الذي يتطلب كفاءة متخصصة للموارد البشرية (سليم،2020). وتزداد أهمية إدارة الـموارد البشرية في الجامعات، حيث تعمل الجامعات على الاستفادة من مواردها البشرية المختلفة بهدف تحسين أدائها نحو الأفضل؛ لتكون في مصاف المؤسسات التعليمية المنافسة، وهذا ما يكسب إدارة الـموارد البشـرية أهمية كبيرة في مجال إحراز التقدم المنشود لهذه الجامعات (الهاد، 2021).

ومن ناحية أخرى فإن أهمية إدارة الموارد البشرية في الجامعات تأخذ في الازدياد حينما تدفع بالعاملين فيها إلى بذل قصارى جهودهم من خلال التعاون الدؤوب ورفع روحهم المعنوية بما يحقق لها التميز المؤسسي عن غيرها من مؤسسات التعليم الأخرى، مما يزيد من ثقتها بنفسها وبالعاملين بها (اصرف، 2020).

ومن خلال ما سبق ترى الباحثة أن هناك علاقة وطيدة بين إدارة الموارد البشرية والتميز المؤسسة، وتظهر هذه العلاقة في شكلها التلازمي، إذ لا يتحقق التميز إلا بتطوير الموارد البشرية في مؤسسات التعليم العالي.

وقد انعكس هذه العلاقة في شكلها الطبيعية على الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة بوجه خاص باعتبارها جامعات فاعلة تتجسد فيها ممارسات إدارة الموارد البشرية، بما ينعكس بطبيعة الحال على تحقيق الميزة التنافسية، ومما يؤكد ذلك تلك الدراسة التي أجراها نصار والرملاوي (2021).

حيث أشارا إلى الدور الحيوي الذي تؤديه إدارة الموارد البشرية في الجامعة الإسلامية كإحدى هذه الجامعات للوصول إلى الميزة التنافسية في أدائها في الوقت الذي تزداد فيه الحاجة إلى تبني مثل هذا الدور للنهوض بها من خلال تبني أساليب ونماذج تساهم في تطوير عناصر ومقومات الجامعة، مما يحقق لها قدرات عالية في مواجهة المتغيرات والأوضاع الخارجية من تطورات تكنولوجية وثورة معرفية متواصلة في ظل الديناميكية والعولمة المتزايدة تظهر الفرصة المناسبة لتبني نماذج إدارية متكاملة لتحقيق الميزة التنافسية للجامعة الإسلامية بغزة والتحسين المستمر في إدارة الموارد البشرية العاملة فيها.

كما تتفق الإدارة العليا في الجامعات الفلسطينية بشكل كبير على أهمية محوري “التميز القيادي” و”قطاعات الخدمة المتميزة” وأهمية محور “التميز المعرفي” ، والحاجة إلى متابعة إدارة الجامعات لأداء خريجيها في المؤسسات التي يعملون فيها، حيث تساهم هذه المحاور في تحقيق التميز المؤسسي للجامعات الفلسطينية Al Shobakib, et al., 2017, 20)).

أهمية الموضوع

يطرح التقرير موضوعاً ذا أهمية كبيرة، حيث يتناول “ممارسة إدارة الموارد البشرية ودورها في تحقيق الميزة التنافسية في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة” وهو من الموضوعات الحديثة في مجال إدارة تطوير المؤسسات التعليمية العالية، كما أنه يركز على جانبين مهمين، وهما إدارة الموارد البشرية والميزة التنافسية للتعليم الجامعي في ظل ندرة الدراسات التي تناولت هذا الموضوع على حد علم الباحثة.

أهداف التقرير

تسعى الباحثة من وراء هذا التقرير تحقيق الأهداف الآتية:

  • التعرف على إدارة الموارد البشرية في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة.
  • الكشف عن أهمية الميزة التنافسية للجامعات الفلسطينية بقطاع غزة.
  • إبراز الدور الذي تقوم به إدارة الموارد البشرية لتحقيق الميزة التنافسية للجامعات الفلسطينية بقطاع غزة كنماذج حية للجامعات الفلسطينية على مستوى الوطن الفلسطيني.

ولتحقيق هذه الأهداف ارتأت الباحثة أن تقسم التقرير إلى قسمين، الأول يتناول المتغير المستقل، وهو ممارسة إدارة الموارد البشرية، والثاني يركز على تحقيق الميزة التنافسية في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة، وتعرف الجامعات الفلسطينية بأنها: المؤسسات التي تضم كلاً منها ما لا يقل عن ثلاث كليات جامعية، وتقدم برامج تعليمية تنتهي بمنح درجة البكالوريوس (الدرجة الجامعية الأولى)، وللجامعة أن تقدم برامج للدراسات العليا تنتني بمنح الدبلوم العالي أو الماجستير أو الدكتوراه”(أبو دقة، 2018، ص11).

والجامعات الفلسطينية بقطاع غزة هي: جامعة الأقصى1955م، الجامعة الإسلامية 1978م، جامعة القدس المفتوحة 1992م، جامعة فلسطين2003م، جامعة غزة2007م، جامعة الإسراء 2014م.

وذلك على النحو الآتي:

المحور الأول: إدارة الموارد البشرية

تمهيد

تعتبر الموارد البشرية العنصر الأكثر أهمية في الجامعات، وعلى وجه الخصوص الجامعة الإسلامية، فهي بمثابة حجر الزاوية الذي لا يمكن الاستغناء عنه في القيام بكثير من الأعمال للوصول إلى الغايات النبيلة التي تسعى إليها الجامعة، وهذا يتطل أن تتولى الموارد البشرية إدارة فاعلة قادرة على أن توجه أعمال الأفراد في الجامعة إلى ما هو مفيد لتصل الجامعة في نهاية المطاف إلى الأهداف التي وضعتها نصب أعينها.

وستتعرض الباحثة في هذا المحور إلى ممارسة إدارة الموارد البشرية من خلال العناصر الآتية:

تعريف إدارة الموارد البشرية، وأهميتها، وأهدافها، وممارساتها الفاعلة في الجامعات الفلسطينية.

تعريف إدارة الموارد البشرية

اهتم كثير من الباحثين بتعريف إدارة الموارد البشرية، فقد عرّفها(Sao Joao, et al., 2019)  بأنها: “فن اجتذاب العاملين واختيارهم وتعيينهم وتنمية قدراتهم وتطوير مهاراتهم وتهيئة الظروف التنظيمية الملائمة من حيث الكم والكيف، لاستخلاص أفضل ما فيهم من طاقات، وتشجيعهم على بذل أكبر قدر ممكن من الجهد والعطاء”.

وعرّفت بأنها جميع الأنظمــة الادارية المرتبطــة بتحديد احتياجات المنظمة من المــوارد البشرية، وتنمية قدراتها ورفع كفاءتها، ومنحها التعويض والتحفيز والرعاية الكاملة بهدف الاستفادة القصوى من جهدها وفكرها من أجل تحقيق أهداف المنظمة (الحجري، 2020).

وعرّفت إدارة الموارد البشرية في الجامعة بأنها “أسلوب حديث في التعامل مع القوى البشرية باعتبار أن هذه الإدارة شريك في التخطيط الشامل على مستوى المنظمة، حيث سيكون هناك توافق بين أهداف المنظمة وأهداف الأفراد العاملين والتعامل مع العاملين على أنهم أصل من أصول المنظمة يجب الحفاظ عليه وصيانته” (سليم، 2021).

وعرّفت ممارسات إدارة الموارد البشرية بأنها: “مجموعة النشاطات التي من شأنها أن تضع استراتيجيات الموارد البشرية موضع التنفيذ، وتكون موجهة نحو تحسين الأداء، وتعزيز قدرات ومهارات ومعارف الموارد البشرية من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية” (سعد الدين،2018).

ويتبين للباحثة من خلال عرض التعريفات السابقة أنها تشترك في عدة أمور، وهي أنها تركز على اختيار العنصر البشري، والذي يتمثل في الموظفين العاملين في المؤسسة، ثم توفير الفرص لتنمية قدراتهم بالتدريب وتحفيزهم مادياً ومعنوياً، والهدف النهائي من ذلك، وهو تحقيق أهداف الأهداف التي تسعى إليها المؤسسة بكفاءة عالية، ويمكن للباحثة أن تعرّف إدارة الموارد البشرية في الجامعة الإسلامية بأنه ما تقدمه إدارة الجامعة للموظفين العاملين فيها من فرص لتنمية قدراتهم المهنية وكيفية تطوير أدائهم نحو الأفضل لمواجهة التحديات التي تواجههم في عملهم المهني والوظيفي للتمكن في نهاية الأمر من تحقيق أهداف الجامعة المنشودة، وهو الارتقاء بأداء القوى البشرية للمساهمة في مواجهة التحديات الخارجية التي تواجهها والنهوض بها للوصول إلى أعلى درجات التميز الجامعي.

أهمية الموارد البشرية

للموارد البشرية أهمية كبيرة، وتكمن أهميتها فيما يأتي (سعدالله، 2018):

  1. تؤدي دوراً أساسياً في وضع الخطط الاستراتيجية والعمل على تنفيذها داخل المنظمة، وبذلك تتكامل استراتيجية الموارد البشرية مع كل من استراتيجية المنظمة الكلية والاستراتيجيات الوظيفية الأخرى.
  2. كما أنها تعطي الفرد الدور الذي يقوم به وتحدد له المنظمة في ظل إدارة الموارد الوظيفية المهام التي ينبغي عليه القيام بها، حيث تقوم إدارة الأفراد بتوظيف الطاقات الكامنة في الفرد من أجل توجيهها في إطار خدمة ومصلحة المنظمة بهدف الوصول إلى الأهداف النهائية للمنظمة.
  3. تكمن أهمية وجود خبرات متخصصة في إدارة الموارد البشرية في أنها ستزيد من إنتاجية المنظمة ويعزز من مكانتها بحيث تكون قادرة على تقديم أفضل ما لديها من خدمات للجمهور.
  4. تعمل إدارة الموارد البشرية على توفير مناخ تنظيمي صالح للعمل، وذلك من خلال تبني برامج للموارد البشرية تعمل على تحفيز العاملين، وتدفعهم إلى بذلك المزيد من العمل الجاد، وهذا بلا شك سينعكس على رضاهم الوظيفي، ومن ثم يرفع من فاعلية المنظمة ويزيدها من قدرتها على المنافسة.
  5. تظهر أهمية إدارة الموارد البشرية في أنها تحسن المعالجة الصحيحة والعادلة لكثير من المشاكل التي من المحتمل وقوعها في مجالات اختبار الموظفين وتعيينهم وتقويم أدائهم وتدريبهم وترقياتهم، وهذا سيجنب المنظمة كثيراً من مشكلات التدوير الوظيفي وتدني معدلات الأداء وانخفاض الإنتاجية.

وترى الباحثة أن لإدارة الموارد البشرية في الجامعات الفلسطينية بغزة أهمية كبيرة، حيث تكمن أهميتها في أن الموارد البشرية تعمل على وضع الخطط الاستراتيجية للجامعة، وهي الأداة الفاعلة لتنفيذها، كما وتعمل هذه الموارد على تنفيذ مختلف المهام التي توكل إليها لإنجاز الأهداف المطلوبة، وهذا يتطلب منها أن تؤدي البرامج التربوية التي تعمل على حفز العاملين نحو العمل ورفع درجة رضاهم الوظيفي عن الأعمال التي يقومون بها، وكذلك فإن أهميتها تكمن في كونها تصحح المسارات الخاطئة في العمل من حيث توجيه العاملين في الجامعة الإسلامية على العمل الجاد بهدف اختيار أفضل الكفاءات العلمية والإدارية التي تحتاج إليها الجامعة في كافة التخصصات المطلوبة والقيام بتدريب العنصر البشري والمحافظة عليه.

أهداف إدارة الموارد البشرية في الجامعة الفلسطينية بغزة

إدارة الموارد البشرية في الجامعات الفلسطينية تسعى إلى تحقيق الأهداف الآتية (الأعور، 2022):

  1. تعمل على توفير مناخ تنظيمي مناسب للعمل من خلال تحفيز الموظفين، وهذا ينعكس إيجاباً على الرضا الوظيفي لديهم، مما يعمل على تحسين أداء العمل.
  2. الاهتمام بتحقيق الأهداف الاستراتيجية للجامعات الفلسطينية، وذلك من خلال الاستفادة من الكفاءات الموجودة فيها.
  3. الاهتمام بتدريب الموظفين وتحقيق استقرارهم الوظيفي، كما تهتم بتحسين الأجور والرواتب؛ لضمان زيادة فرص تحسين الأداء.
  4. تقليل التكاليف المرتفعة والتي يكون بعض الموظفين سبباً فيها في حال إيقافهم عن العمل أو عدم منحهم الترقيات أو العلاوات.
  5. العمل على اكتشاف المشكلات والصعوبات التي تتعلق بالأفراد والتي تنعكس سلباً على أدائهم، كما أنها تساعد الإداريين على إدارة هذه المشاكل بطريقة سليمة، والتغلب عليها من خلال توجيه الأفراد ومشاركتهم في وضع الحلول المناسبة.

ومن خلال تعرض دراسة الأعور السابقة إلى معرفة مدى إدراك الجامعات الفلسطينية لأهداف إدارة الموارد البشرية فقد تناولت دراسته إدارة الموارد البشرية في جامعة الأقصى، كمثال واضح على هذه الجامعة التي تعد الجامعة الحكومية الوحيدة، حيث توصلت الدراسة إلى أن العاملين في هذه الجامعة يدركون جيداً أهداف إدارة الموارد البشرية، ويسعون إلى تحقيقها.

وترى الباحثة أن اهتمام جامعة الأقصى بتحقيق أهداف إدارة الموارد البشرية يعد مثالاً واضحاً على اهتمام الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة بتحسين أداء العاملين فيها سواء في المجال الأكاديمي أو الإداري، مما يعمل على التميز المؤسسي للجامعة الفلسطينية والوصول بها إلى درجات عالية من التنافسية لغيرها من الجامعات العربية أو حتى الأجنبية.

ممارسات فاعلة لتحسين أداء إدارة الموارد البشرية في الجامعة الفلسطينية بغزة

تتعدد الممارسات الفاعلة لتحسين أداء الموارد البشرية في جامعة القدس المفتوحة باعتبارها إحدى مؤسسات التعليم العالي بقطاع غزة، ويمكن إجمالها فيما يأتي (أبو الجبين، 2022، ص84):

الاستقطاب والاختيار من خلال التحليل الوظيفي للمعلومات التي يتم جمعها عن طبيعة وظائف الجامعة وتحليلها للتوصل إلى المهارات والقدرات التي تناسب الوظيفة والتوصيف الوظيفي وتخطيط الموارد البشرية والاستقطاب لشغل الوظائف في الجامعة واختيار أفضل المتقدمين وتدريبهم وتقييم أدائهم المهني ووضع سلم درجات لترقياتهم وتعزيزهم بالحوافز المادية والمعنوية وتوفير إجراءات السلامة والأمن للعاملين.

وقد أشارت الدراسة إلى أن المتوسط الحسابي لهذه الممارسات المتمثلة في الخدمات المتنوعة قد بلغ (80.6%) وهو مستوى مرتفع، كما أوضحت نتائج هذه الدراسة، وهذه الممارسات تقوم بها دائرة الموارد البشرية التي توجد بشكل فاعل في جامعة القدس المفتوحة، حيث تقوم بتقديم مختلف الخدمات الإدارية ذات النوعية المميزة للهيئتين الأكاديمية والإدارية في ظل وجود الأنظمة والقوانين والتعليمات الضابطة على أسس علمية ومهنية وفق مبادئ الجودة الشاملة بهدف الوصول إلى إدارة متميزة في مجال إدارة الموارد البشرية. وقد سعت الجامعة منذ نشأتها عام(1990م) إلى العمل بهذه الممارسات.

فمثلاً قامت باستقطاب الكفاءات الإدارية والأكاديمية من أجل الوصول إلى أهدافها المرجوة، فبدأت عملها بأربعة موظفين، تولوا مهمة التأسيس، ووضعوا الجامعة في الطريق الصحيح إلى أن وصلت اليوم حوالي(1420) موظفاً ما بين أكاديمي وإداري، ولمتابعة هذا العدد الكبير من العاملين كان لابد من وجود دائرة متخصصة في الجامعة تعنى بأمورهم، وفي ضوء هذه الممارسات وضعت دائرة الموارد البشرية في جامعة القدس المفتوحة عدة أهداف تسعى إلى تحقيقها، وهي: دراسة احتياجات الجامعة من الكوادر البشرية، وتوفير الكادر الوظيفي المؤهل، وتوجيه العاملين وتدريبهم، وتطوير سلم الرواتب والأجور، وتنظيم الوقائع الوظيفية لهم، وتطوير صحف تقويم أدائهم، وتوفير أفضل الخدمات الصحية من خلال التعاقد مع أفضل شركات التأمين الاجتماعي.

وكذلك توصلت نتائج دراسة الأعور(2022) التي طبقت على إدارة الموارد البشرية بجامعة الأقصى بغزة إلى أن الوزن النسبي لأبعاد إدارة الموارد البشرية بلغت(88.3%) بدرجة تقدير مرتفعة، وأن هناك موافقة بدرجة مرتفعة من أفراد العينة على أبعاد إدارة الموارد البشرية بشكل عام، وقد بلغ الوزن النسبي(88.3%)، وتعد هذه النسبة قوية بالنسبة لإدارة الموارد البشرية، حيث جاءت الأوزان النسبية للأبعاد مرتبة من الأعلى إلى الأدنى كما يأتي: بعد التدريب الإداري97.8%، بعد الاختيار والتعيين92.8%، بعد الاستقطاب91.58%، بعد الحوافز والمكافآت90.54%، بعد تخطيط الموارد البشرية86.29%، بعد تحليل الوظيفة81.93%، بعد تقييم الأداء73.5%. وعزا الباحث هذا الارتفاع في ممارسة أبعاد إدارة الموارد البشرية بجامعة الأقصى إلى قيامها بسلسلة من العمليات الإدارية والأكاديمية وتبادل الخبرات بين الكليات والتدريب المكثف للعاملين.

وتخلص الباحثة مما سبق أن جامعة القدس المفتوحة كانت شاهداً حياً على توظيف الممارسات الفاعلة التي تقوم بها إدارة الموارد البشرية، ومما يوكد ذلك أن درجة الاهتمام بهذه الممارسات كانت مرتفعة، وهذا يدل على حرص الجامعة على تقديم أفضل الممارسات التي تركز على تطوير أداء إدارة الموارد البشرية.

المحور الثاني: الميزة التنافسية

تعد الميزة التنافسية الغاية الأسمى التي تسعى الجامعات الفلسطينية إلى الوصول إليها لتتمكن من تحقيق أهدافها الاستراتيجية على أفضل ما يرام، ونظراً لأهمية التميز المؤسسي الجامعي فقد أفردت له الباحثة هذا المحور للوقوف على مدى توافره في الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة من خلال العناصر البحثية الآتية: تعريف الميزة التنافسية، أهمية الميزة التنافسية للجامعات الفلسطينية بقطاع غزة، واقع التميز المؤسسي في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة، علاقة إدارة الموارد البشرية بالتميز الجامعي في قطاع غزة:

تعريف الميزة التنافسية

عرفت كسكين (2021) التميز المؤسسي في الجامعات الفلسطينية العاملة في محافظات غزة (جامعة فلسطين- جامعة الإسراء- جامعة غزة( بأنه: “تنفيذ المهام والأعمال بكفاءة وفاعلية وبجودة عالية داخل هذه الجامعات بأقل التكاليف والإمكانات وبجهد قليل ووقت قصير ومحدد باعتمادها على الإبداع والتفكير خارج الصندوق”. وتوصلت الدراسة إلى أن درجة استخدام هذه الجامعات الثلاث للتميز المؤسسي في علاقته بالتعلم التنظيمي جاءت مرتفعة بوزن نسبي (76.4%).

وكذلك عرّفت أبو دقة (2018) التميز المؤسسي في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة، وهي:(جامعة الأقصى، والجامعة الإسلامية، وجامعة فلسطين) بأنه: “مفهوم واسع يشمل نتائج الجهود التي من المفترض أن تبذلها الجامعات الفلسطينية بمحافظة غزة سعياً إلى تطبيق لجودة في برامجها المختلفة، والتي يمكنها من الوصول إلى التميز من خلال استثمار قدرات إبداعية مختلفة تستطيع تحليل المعرفة ومن ثم تطبيقها”.

وقد توصلت نتائج هذه الدراسة أن هذه الجامعات تطبق مفهوم التميز المؤسسي بدرجة كبيرة، حيث بلغ الوزن النسبي الكلي لمستوى التميز في الجامعات الفلسطينية بمحافظة غزة قد بلغ (71.0%) وبمتوسط حسابي(3.55)، وهذا يعني أن هناك موافقة بدرجة كبيرة لمستوى التميز الجامعي، وتعزو الباحثة ذلك إلى أن هذا التميز يرجع إلى محصلة جهود أعضاء هيئة التدريس والإدارة بالمشاركة مع الطلبة ومساهمة ثمار البحث العلمي ومشاركة الجامعات للمجتمع المحلي الفلسطيني، والسياسة الرشيدة التي اتبعتها الجامعات في استقطاب أعضاء الهيئة التدريسية والإدارية وتدريبها وتوفير الدعم المادي والمعنوي لها.

ومما سبق يتأكد لنا أن الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة قد وظفت مفهوم التميز المؤسسي في إداراتها للتميز المؤسسي من خلال الاهتمام بالموارد البشرية المتمثلة في الهيئة التدريسية والإدارية وتقديم الدعم اللازم لها من تدريب وحوافز وتقويم أداء.

مبررات الحاجة إلى الميزة التنافسية للجامعات الفلسطينية بقطاع غزة

تتبنى المؤسسات في العصر الحديث الفكر الإداري من أجل تحقيق التميز استجابة لمجموعة من الدوافع التي تدعم التميز وتهدف إلى تحقيقه. بعض الدوافع هي (Waswas, & Jwaifell, 2019, 55):

  • التغير السريع في الظروف البيئية المحيطة بالمؤسسة والتي تؤثر على نشاطها وقراراتها.
  • المنافسة غير المحدودة منذ أن غيرت العولمة الاقتصادية حدود المنافسة من خلال ظهور منافسين جدد في الجامعات.
  • نمو مفهوم الجودة حيث أدت الزيادة في طلب الجودة إلى جعل العديد من المنظمات تدرك أنه يتعين عليها تقديم خدمات ذات جودة عالية من أجل المنافسة بنجاح ، لذلك أصبحت الجودة معيارًا أساسيًا لتحقيق التميز المؤسسي.
  • ثورة تقنية المعلومات: تنعكس في الوسائل المستخدمة لإنتاج وتوزيع واستخدام المعلومات بكافة أشكالها.

وترى الباحثة أن امتلاك الجامعات الفلسطينية للميزة التنافسية أمر في غاية الأهمية، إذ لا تستطيع الجامعة التخلي عنه، وذلك لأنه يمكنها من استمرار العمل في تقديم الخدمات للعملاء من الطلاب والعاملين فيها بهدف إرضائهم وهذا يتطلب من ناحية أخرى حسن إدارة الموارد البشرية بالجامعة بشكل فعال، مما يعمل على الاستمرار في التميز الجامعي.

واقع التميز المؤسسي في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة

لقد بحثت كسكين(2021) في واقع التميز المؤسسي للجامعات الفلسطينية بقطاع غزة، وتوصلت إلى أنه ليس بالمستوى المطلوب، وقد عزت ذلك إلى عدة أسباب، وهي: عدم وضوح الهياكل الإدارية والأكاديمية، وأن الإدارة العليا لهذه الجامعات هي التي تتحمل مسؤولية ذلك، وضعف مستويات الرضا الوظيفي للموظفين لعدم وجود حوافز مادية ومعنوية، مما يشكل عائقاً حقيقياً نحو تطوير الجامعات بكافة نواحيها، وهذا يؤدي إلى سوء الخدمات المقدمة، وعدم وجود تخطيط مستقبلي لكل جامعة بالمستوى المطلوب، وضعف أو انعدام برامج التدريب للموظفين، وهذا يسبب إشكالية في التميز المؤسسي الجامعي.

وللتغلب على هذه المعوقات وتحسين واقع الجامعات الفلسطينية أكدت الدراسة ضرورة انتهاج إدارة الجودة الشاملة وضرورة الأخذ باستراتيجيات إدارة الموارد البشرية في أبعادها المختلفة تخطيط الموارد البشرية التي بلغت وزناً نسبياً قدره(77.6%) وبدرجة مرتفعة، والاستقطاب والتعيين، حيث بلغت وزناً نسبياً قدره(77.3%) وبدرجة مرتفعة، والتدريب والتطوير، حيث بلغت وزناً نسبياً قدره(75.3%) وبدرجة مرتفعة، وتقويم الأداء بوزن نسبي(75.6%) وبدرجة مرتفعة، والحوافز والتعويضات بوزن نسبي(71.9%) وبدرجة مرتفعة أيضاً. وتعزو الباحثة ذلك إلى أن الجامعات تهتم بمشاركة العاملين في وضع الخطط وتنفيذها والعمل على اختيار أفضل الكفاءات وتدريبها والعمل على تعزيزها مادياً ومعنوياً.

ويمكن تشجيع وتحسين التميز المؤسسي في الجامعات الفلسطينية من خلال (Abu-Naser, & Al Shobaki, 2017, 47:

  • وضع نظام حوافز وحزمة فعلية لكيفية ممارسة الإبداع والابتكار لدى العاملين بحيث تميزهم حسب مستوى التمرين الذي يشجعهم جميعًا على الإبداع والتميز.
  • توفير فرص التعلم المستمر لجميع الموظفين يرفع من كفاءة أعضاء الأكاديميين بما يتماشى مع التطور التكنولوجي المعاصر.
  • وتشجيع الجامعات على إنشاء مراكز استشارية داخل الجامعة لخدمة مؤسسات المجتمع المدني.
  • وتطوير تبادل المعلومات بين الجامعات والمؤسسات.
  • وتشكيل مراكز لتسويق عملية التعليم الجامعي.

ومما سبق يتضح للباحثة أن درجة اهتمام الجامعات الفلسطينية ببعد توظيف استراتيجيات إدارة الموارد البشرية قد جاءت مرتفعة، مما يؤكد اهتمام الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة بتطوير وتحسين الميزة التنافسية.

علاقة إدارة الموارد البشرية بالتميز الجامعي في قطاع غزة

توصلت دراسة  الخضري (2017، ص107) إلى أنه توجد علاقة إيجابية قوية بين إدارة الموارد في الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، حيث أجرى الباحث لاختبار هذه العلاقة دراسته على ست جامعات فلسطينية في قطاع غزة، وهي: الجامعة الإسلامية، جامعة الأزهر، جامعة القدس المفتوحة، جامعة الأقصى، جامعة فلسطين، جامعة غزة، وتبين له أن الجامعات الست تعزز من ميزتها التنافسية من خلال إيجاد تفعيل دائرة الموارد البشرية وجعلها أكثر فاعلية، حيث حصلت على المرتبة الأولى من حيث قيمة الوسط الحسابي، والتي بلغت (4.15 من5)، بوزن نسبي (83.02%)، وهذا يشير إلى أن درجة الموافقة جاءت مرتفعة.

كما حصلت جميع فقرات متغير (الميزة التنافسية) من قبل أفراد مجتمع الدراسة على وزن نسبي قدره (82.23%)، مما يدل على اهتمام عمادات أقسام القبول والتسجيل بالجامعات الفلسطينية بمحافظات قطاع غزة بالحصول على الميزة التنافسية وتطويرها والاستمرار في الوصول إليها، وهذا يؤكد مدى أهمية واعتماد الجامعات الفلسطينية المذكورة على دائرة الموارد البشرية التي توجد فيها من أجل تعزيز الميزة التنافسية لمراكزها، حيث إن رأس المال البشري هو المورد الأهم في هذه الجامعات، وهو المعزز الرئيس لوضعها في البيئة التنافسية، وهذا يقوي العلاقة الإيجابية بين إدارة الموارد البشرية والتميز المؤسسي.

كما كشفت نتائج دراسة كسكين (2021) عن وجود أثر ذا دلالة إحصائية لأبعاد استراتيجيات إدارة الموارد البشرية على تحقيق التميز المؤسسي في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة، وهي جامعة الإسراء وجامعة غزة وجامعة فلسطين، وقد بلغ معامل التحديد المعدل(0.713)، وأن المتغيرات التي تؤثر على التميز المؤسسي هي:(تخطيط الموارد البشرية، والاستقطاب، والتعيين وتقييم الأداء)، وفسرت ما نسبته(71.3%) من التباين في التميز المؤسسي.

وترى الباحثة أن وجود علاقة إيجابية قوية بين إدارة الموارد البشرية والميزة التنافسية في الجامعات الفلسطينية يعود إلى مدى اهتمامها بالموارد البشرية وسعيها المستمر في تدريبها وتحسين أوضاعها المختلفة، وإيمان هذه الجامعات بأهمية دورها في تعزيز الميزة التنافسية.

الخاتمة

الحمد لله على نعمه، والصلاة والسلام على رسوله، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن تبعه إلى يوم الدين، وبعد،،،تناولت الباحثة في التقرير السابق موضوعاً حيوياً، يتناول واقع ممارسة إدارة الموارد البشرية وعلاقته بالميزة التنافسية في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة، وقد شمل التقرير الجامعات الست، وهي: جامعة الأقصى1955م، الجامعة الإسلامية 1978م، جامعة القدس المفتوحة 1992م، جامعة فلسطين2003م، جامعة غزة2007م، جامعة الإسراء 2014م.

وبعد البحث في ثنايا الموضوع من خلال ما تم عرضه من أدبيات البحث، يمكن للباحثة أن تعرض في نهاية المطاف النتائج التي توصلت إليها، والتوصيات التي توصي بها كما يلي:

أولاً: النتائج

  1. اهتمت الجامعات الفلسطينية بإدارة الموارد البشرية، حيث حرصت كل منها على تأسيس وحدة خاصة لها؛ لتتولى أعمال الموظفين فيها من حيث التخطيط والتنفيذ والتقويم والتغذية الراجعة وتسوية ملفاتهم الوظيفية.
  2. حرصت هذه الجامعات على الاهتمام باختيار الموارد البشرية باعتبارها رأس المال البشري، والمحافظة عليه من خلال تدريبيه، وتعيينه في أفضل المراكز الوظيفية.
  3. اهتمت الدراسات الفلسطينية بتسليط الضوء على واقع ممارسة إدارة الموارد البشرية في الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة من حيث تعريف الموارد البشرية وأهميتها ودورها في تحسين مخرجات الجامعة الفلسطينية، حيث أثبتت هذه الدراسات أن واقع ممارسة إدارة الموارد البشرية كانت مرتفعة.
  4. وكذلك اهتمت الدراسات الفلسطينية بإبراز أهمية الموارد البشرية في تحسين الميزة التنافسية للجامعات الفلسطينية بقطاع غزة من حيث الوقوف على تعريف الميزة التنافسية، وأهميتها، ودور إدارة الموارد البشرية في تعزيز مكانة الجامعة الفلسطينية، وتشجيع العاملين فيها على المستويين الأكاديمي والإداري، بما ثبت جدارة مكانتها بين الجامعات العربية والأجنبية.
  5. توصلت الباحثة أيضاً إلى وجود علاقة إيجابية قوية بين ممارسة إدارة الموارد البشرية والتميز المؤسسي في الجامعات الفلسطينية الموجودة بقطاع غزة، وكانت درجة الممارسة مرتفعة.

ثانياً: التوصيات

في ضوء نتائج الدراسة يمكن صياغة توصيات التقرير وفقاً للآتي:

  1. تعرف الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة على خبرات الموظفين بشكل متواصل، وتعزيز قدراتهم والعمل على توظيفها بشكل جيد في العمل الأكاديمي والإداري.
  2. تشجيع موظفي الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة على تطوير قدراتهم الإدارية والأكاديمية من خلال المشاركة في الدورات التي تتناول الموضوعات المتخصصة.
  3. ضرورة تبني الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة لثقافة التميز المؤسسي العالمي، والعمل على نشرها وتعزيزها بين موظفيها عن طريق الندوات العلمية والاستفادة من نتائج المؤتمرات العالمية والتجارب الدولية.
  4. اهتمام إدارة الجامعات الفلسطينية بقطاع غزة بتعزيز جوانب التميز لدى الموظفين، وذلك من خلال مشاركتهم الفاعلة في عمليات التخطيط والتنظيم والتنفيذ للخطة الاستراتيجية للجامعة والاستفادة من قنوات الدعم المجتمعي للنهوض بمقدراتها العلمية والإدارية.
  5. ضرورة تشجيع الجامعات الفلسطينية على الاهتمام بالتميز، وذلك من خلال تجذير معاييره في إجراءات العمل اليومية الإدارية والفنية والمالية وعلى كافة المستويات الاستراتيجية والتشغيلية بحيث تصبح هذه المعايير متأصلة في البناء المؤسسي، بالإضافة إلى ضرورة تأهيل الإدارة العليا في الجامعات الفلسطينية الخاصة في محافظات قطاع غزة لوضع تصورات وتوجهات استراتيجية ترتكز على معايير إدارة التميز المؤسسي، واستغلال القدرات والميزات التنافسية عند تقييم أعمالها وتنفيذ برامجها واستقطاب وتطوير الكفاءات البشرية وتعزيز الرقابة الاستراتيجية المتوازنة.

بقلم: هند أبو سمرة

 

أضف تعليقك هنا