من متاهاتِ الحياة… إلى سُبلِ الخير

بقلم: م.آيه نائل العويسات

نَبدأ حياتنا مثل أيّ طفل في هذا العالم، لا ندري إلى أين ستتجهُ بنا الحياة، ومتى ستنتهي. فإنّ المتاهة – الحياة – صعبة ومرهقة للغاية، لكن يجب علينا أن لا نفقد الأمل وأنْ نواظبَ على فعل الخير لآخر نفسٍ يجوبُ بنا.  قال الشاعر أبو العلاء المعري في مطلع قصيدته (خير وشر وليل بعده وضح):

وَاللُبُّ حارَبَ تَركيباً يُجاهِدُهُ            فَالعَقلُ وَالطَبعُ حَتّى المَوتِ خَصمانِ
خَيرٌ وَشَرٌّ وَلَيلٌ بَعدَهُ وَضَحٌ             وَالناسُ في الدَهرِ مِثلُ الدَهرِ قِسمانِ

الاختيار في وجه المصير

فعلى طولِ الطريق، نجد أنفسنا أمام مصيرين: إمّا أن نعيش حياةﹰ تملأها السّلبية والتّشاؤم، أو أن نشُقﹶ طريقنا عبر الظّروف الصّعبة لنجد سبلﹶ الخيرِ والنّجاحِ.

ولا شك في أنّ عقلنا سيقلِعُ نحو الخيار الثّاني، وعلى مدار السّنوات الماضية، لا بدّ أنّك وجدت نفسكﹶ في عدد من المتاهاتِ المختلفة، فالمستقبل غامش والحياة دعائمها في طريقها إلى الانهيار، مما يجعلنا ننزلق في حالةٍ من اليأسِ والإحباطِ، والشّك في أهدافنا… ولكنْ بمساعدةِ الإرشادات الجيّدة والتّحفيزات بعضها بالضغط على النّفس، سنَنْجَحُ في الوصول إلى النهاية المرْجُوةِ.

دَور سُبلِ الخير في إشعالِ الأمل

تتفتَحُ زهور الخير في أوجه البشر، معبّرةً عن جوانب مشرقة من انسانيتنا. فنحن نعرف أنّ الخير هو العمل الذي يعمل فيه الإنسان على سد حاجة أخيه، سواء كانت هذه الحاجة ماديّة، معنويّة، أو أدبيّة. وتأتي زهور الخير هنا كما تأتي زهور الرّبيع، فتزين المكان بإبداع وجمال.

إذن، لماذا نقول الزهور؟ لأن الزهرة هي جزء من جسد النّبات المزهر، ويأتي الزّهر عبر عملية دقيقة ومعقدة. فِفي الخير، أيضاً نجد أنّ هناك معايير وضبط لكي يكون ناجحًا… وإنْ استطعنا أنْ نختم بذكاء تلك المعايير، فستنمو بأفضل صورها. وما أروع أن نشعر باستمراريّة ذاك العطاء، والخير الذي نقدمه مُجدِيًا من خلال كل كلمة ننطقها أو كل عملاﹰ نقوم به… فالخير هو ماء النّمو الذى ينبت زهرة الجمال, فالجمال والخير لا يتفتحان إلّا معاً…

دَعْ نور الخير يُرشدكَ أثناء المتاهة

وتذكر دائماﹰ أنّ سُبل الخير تُشعل الأمل وتجددُهُ و تفتحﹶ أبواب التّوافق من جديد; من أجل قيادتنا إلى ممرات وأزقةٍ لا نعرفُ فيها المستحيل… فهو يُشبه أشعة الشّمس التي تضعف باستمرار… لتصل إلى ظلمات العالم، ولتدخل إلى قلوب النّاس وتغيرُ نسمات الحياة.

وفي كل مكان يحدث شيء فريد َمعك، كن متفائلاً… فحظوظ الخير لن تتوقف أبدًا, فعليكَ أن تواظِب على عملِ الخيرِ; لأنّ هذا ما أمرنا به الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العظيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). “سورة الحج, آيه:77”.

دَعْ نور الخير يُرشدكَ أثناء المتاهة

ففكر في الخيرِ على أنّه رجل في متاهةٍ, يائس, يشكُ في قدرته على الخروج، و فجأة يصمدُ على جانب جبلٍ عالٍ وهو في حالة يُرثى لها ويحمل في يديه ورقة رقيقة، مغطاةٌ بألوان الحياة… تتساقط منها قطراتٌ من الأملِ والتّفاؤل, رغم أنّها سقطت من يدية أثناء محاولاته المتكررة التي طغى على غالبيتها الفشل إلّا أنّه استطاع الوصولﹶ إلى القمةِ. فقد استوقفتني بعض الكلمات لتعبر أصدق تعبيرٍ عن ذلك, فقلت:

تَشبثْ بنور أعمالكَ في زحامِ الدّنيا…
فالقبرُ كلنا فيه عظاماﹰ وهياكلاﹰ …

الخير يتطلب الجدّ والعمل الشّاق

لذا إنّ الخير شيء مهم جداً في هذا العالم، ويجب على الجميع أنْ يسعوا جاهدينﹶ لتحقيقه… فالخير يتطلب الجدّ، العطاء، الصّرامة، والعمل الشّاق. لذلك، على مر الزّمان والتّحديات، حين يختار الإنسان الطريق المعبد بالخير، ينطلق إلى برالأمان ويترك خلفه كل ما هو سيء وكئيب. وعند أوقات الركود، يصل إلى آفاق الأمل، ويتغلّب على العالم الذي يواجهه. لذا, إبدأ بالمحاولة في سُبلِ الخير، لتبقى على جانب العدالة.

فالآن تلك الرحلة الخيرية قد تحولت إلى بوابة أساسيّة على درب الحياة، كم من الأصدقاء الذين يتحرّون في أرجاء العالم، وكم من المواقف الجُميلة التي يفتكرونها؟

الخير هو الشّيء الذي يَبقى

فالخير هو الشّيء الذي يبقى دائمًا عند الشخص الذي يريد المزيد من التّحديات. والمفتاح له يكن من خلال ذاك الشخص الذي يبحث دائمًا عن طُرقٍ تَذهب به إلى الأمام، وتقود حياته من الجهات الثّلاثة، الماضي والحاضر والمستقبل، والعيش بحب وصدق ورحمة وعطف، وهذا هو ما يبحث عنه الكل في خط الحياة.

فالحياة قد تكون فعلاﹰ متاهة معقدة وصعبة، لكنها تستحقُ المجاهدة من أجلِ الخير واللحظات الجميلة التي تترتب على ذلك. فأتمنى لك أيّها القارىء رحلةٍ مليئة بالخير والإيمان، إلى أن تخرج من متاهتك وتعبر بسلامٍ إلى أفقِ الجمالِ والإبداع. (شاهد فيديو موقع مقال على اليوتيوب)

بقلم: م.آيه نائل العويسات

 

أضف تعليقك هنا