إن قضية الحرية والديمقراطية ليست مجرد نظم ملكية، أو عسكرية، أو حكومة جنرالات، تجعل الحكم وراثة، أو جواز كاثوليكي لا مفر منة، وليست أيضا مجرد قوانين استثنائية مقيدة للحريات، أو أحكام عرفية، و قوانين طوارئ، و أجهزة أمنية و تجسس على المكالمات، وتزييف لنتائج انتخابات، و اعتقالات وسجون بحق وبدون وجه حق، وليست أيضا تعددية حزبية شكلية لحساب الحزب الحاكم، أو حزب حاكم واحد يستبعد كل أشكال التعددية وتداول السلطة، القضية أصعب من ذلك بكثير.
والقضية أيضا هي إن مصطلح الحرية في واقعنا العربي المعاصر يرتبط الآن اشد الارتباط بالمقولات السياسية ذات التوجه الليبرالي، فالحرية المتداولة في الشارع العربي تتجه نحو تغليب النظرة الغربية التي تحاول تصدير مفاهيم كرياح التغيير، موجة الحرية، ثورات الحرية، الحرية وكرامة الأنسان، ومن اجل ذلك ربط الوعي العربي المستكين بين الحرية وتغيير الأنظمة، لذلك فان الصراع و الصدام القائمين بين العالم الغربي و العالم الإسلامي جعل من الحرية حصان طروادة من اجل الولوج بسهولة إلى قلعة القيم العربية، بعد أن تعذر ذلك بأسلوب المواجهة المباشرة، اذاً العولمة و الحداثة لا تحملان قيم إيجابية فحسب لكنهما تحملان أيضا أوهام للآخر.
لذلك نحن لا نريد من الحرية ما تمارسه النظم الحاكمة العربية الحالية، ولا أيضا ما يُصدره لنا الغرب، بل نتطلع إلى الحرية بتجلياتها الأساسية: السياسية، الفكرية، الاعتقادية، الاقتصادية، ومنها اشتقت أو بها تعلقت قيم العقلانية، الموضوعية، المساواة، العدالة الاجتماعية، الديمقراطية، المنفعة، الرفاهية، الخير العام وحقوق الأنسان، وغيرها من القيم التي نحن اليوم وبعد الثورات البلاستيكية العربية جعلت العقل العربي يتطلع إلى الحرية بمفهومها الأعم ، لان المفهوم لدينا اليوم هو إن الحرية أنتجت أسوا ملامح التغيير المنشودة، وان ضريبة الحرية العربية تُوجت بالدماء المنهمر على معابد الطائفية، و التدافع للاستيلاء على الكرسي، و قتل الأنسان للإنسان بكل عَنجهية و مَكر.
نعم؛ اليوم أصبحت الطائفية تَنخر كيان الأمة العربية والإسلامية، وان كان الطغيان السياسي أحد أبرز العوامل المُنمية لبذور الطائفية في كثير من البلدان العربية، إلا أن الوطن لايزال لا يستطيع أن يوجه وعيه نحو الإيمان بحرية الفرد، فليس هناك حرية للفرد خارج الجماعة أو الأمة، بالتالي نلاحظ أن المجتمع العربي مازال يحافظ على المفاهيم التقليدية للحرية، والمرتبطة بتحرير الأرض وطرد الغزاة وبعدها السكون.
ويبقى الوعي بالحرية في المجتمع العربي يتميز بالطابع البطريكي، فهو جموعي خالص، الفرد فيه تابع للقبيلة أو العشيرة، وينتمي لأرضه، ويتحرك بقطرها، ويستكين وفق استكانتها.
نحن نطالب هنا بأمرين، أولهما تمكين الإنسان والجماعة من ممارسة حقهم الشرعي في اتخاذ القرارات داخل الدولة لوحدة المصير والغاية، وحتى يشعر الإنسان بالمواطنة، وانه كائن له حيز من الوجود. وأما الثاني، فهو التحرر من أوهام الحرية المطلقة للأفراد، بان يفعلوا ما يشاؤون، فهذه حرية كاذبة وتسللت إلى عقولنا عن طريق الأخر.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد