لا يشك عارف بحزب النور و أصله الذي خرج منه و تفرع عنه و حاضنته الفكرية التي تحتضنه كما تحتضن الأم الولد و هي “الدعوة السلفية بالإسكندرية” و منهاجهم و أحوالهم و عقائدهم في أنه لا فارق البتة بينهم و بين التنظيمات الإرهابية و على رأسها داعش الإرهابي و أخواته .
و لا يشك كذلك عارف بالتنظيمات المنتسبة للإسلام أو للسلف أو للجهاد –و الإسلام و السلف و الجهاد منهم براء – أو غير ذلك ، في أن جميعهم منذ أولهم إلى آخرهم و أحدثهم ، إنما خرجوا من رحم واحدة و حمأة منتنة و بركة آسنة واحدة ، ألا و هي كتب و أفكار و ما خلَّفَ الهالك “سيد قطب” –عامله الله بما يستحق- و الذي من أفكاره وتضاعيف و ثنايا كتبه خرجت كل التنظيمات الإرهابية على مستوى العالم كله ، و كانت كتبه و أفكاره وبالًا مستطيرًا ابتلي به المسلمون في العصر الحديث ، كما كانت إحياءً لفكر الخوارج الأقدمين من موات ، و الذين حكموا على الدنيا كلها بالكفر في زمانهم ، فكفروا العالم أجمع سواهم ، بما فيهم و على رأسهم الصحابة الكرام –رضي الله عنهم- و على رأسهم أمير المؤمنين في زمانه و ابن عم رسول الله –صلى الله عليه و سلم- على بن أبي طالب –رضي الله عنه- .
فجاء “سيد قطب” فأحيا هذا الفكر الخبيث من مواته و أخرجه للناس متماشيًا مع العصر ، فكفر البشرية كلها ، و كفر سكان الأرض جميعهم سواه و جماعته “الإخوان” و من انتمى إليهم و اعتقد عقيدتهم و انتسب لفكرهم ، و وسم القرن العشرين بالجاهلية و الكفر و أطلق مصطلحًا أسماه “جاهلية القرن العشرين” و الذي اقتبسه أخوه الهالك أيضًا “محمد قطب” فألف كتابًا يحمل نفس العنوان “جاهلية القرن العشرين”!
و كان “سيد قطب” يرى أن جاهلية القرن العشرين أسوأ و أشد كفرًا من الجاهلية الأولى و التي كان عليها المشركون الأوائل قبل بعثة النبي الأكرم و الرسول الأعظم –صلى الله عليه و سلم- و أن المسلمين المعاصرين أشد كفرًا و أعظم إثمًا و أشد حسابًا من المشركين الأوائل الذين كانوا في الجاهلية الأولى .
بل لقد وصل في تطرفه و غلوه إلى أن صرح بأن أشد الكافرين المعاصرين كفرًا هم المؤذنون و الذي أخبر النبي الكريم –صلى الله عليه و سلم- بأنهم أطول الناس أعناقًا يوم القيامة ، و لكن “قطب”و الذي هو قطب للفساد و الضلال و الإضلال و التكفير ،و على خلاف النبي –صلى الله عليه و سلم- يرى أن المؤذنين أشد الناس عذابًا يوم القيامة ، ألا شاه وجهه و وجه من تبعه إلى يوم القيامة .
من هذه الحمأة المنتنة القذرة و البركة الآسنة العفنة خرجت كل الجماعات الإرهابية الإجرامية ، و منها نبت الإرهاب في العالم كله ، ابتداءً بتنظيم سنة 1965 م بقيادة “قطب” نفسه ، و مرورًا بتنظيم الجهاد –زعموا- و الجماعة الإسلامية –كذبوا- و كذلك جماعة الدعوة السلفية بالإسكندرية و التي نبت عنها ابنها الصغير “حزب النور” و انتهاءً بتنظيم القاعدة ، ثم داعش الإرهابي و أخواته .
و إذا كان “أيمن الظواهري” في حوار صحفي له مع “الشرق الأوسط” في عام 2010 م قد صرح بل لقد اعترف بأن كتاب “معالم في الطريق” للهالك “سيد قطب” كان الكتاب الديناميت ! و الذي تفجرت منه كل التنظيمات الإرهابية في العالم كله .
و كذلك اعترف “عبد الله عزام” –و هو شخص إخواني بالأساس و هو من تتلمذ و تخرج على يديه الرجل الفتنة “أسامة بن لادن” و الذي كان سببًا من أسباب الفتن و المحن و البلاء الذي واجهه المسلمون و العرب في العصر الحديث ، كما كان سببًا في تدمير الكثير من بلدانهم و دولهم عسكريًا و سياسيًا و اجتماعيًا كالسودان و القرن الأفريقي و العراق و أفغانستان و سوريا و ليبيا و غيرهم – في بعض ما كتب بنفس المعنى و أن لكتب “سيد قطب” أبلغ الأثر على أعضاء التنظيمات الإرهابية في أفغانستان ، بل و يؤكد أن كل من يدخل أفغانستان لابد و أن يلمس تأثير ما كتبه “سيد قطب” على من فيها .
فإذا كان قادة التنظيمات الإرهابية كالقاعدة و داعش و غيرهم قد اعترفوا بأنهم أبناء و أحفاد “سيد قطب” و أفكاره فإن قادة و شيوخ و أعضاء الدعوة السلفية بالإسكندرية أيضًا قد أعلنوا نفس الأمر مرارًا و تكرارًا – و إن كانوا يحاولون الآن أن ينكروا ذلك من أجل أن يخدعوا البسطاء من الناس ،إلا أنه هيهات ثم هيهات ، فإن التاريخ لا يمحى و الكتب ما زالت في أيدي الناس و التسجيلات الصوتية و المرئية ما زالت إلى الآن أكبر دليل عليهم وعلى كذبهم و خداعهم و تكفيرهم و إرهابهم -.
فلقد عقدوا الندوات تلو الندوات و المحاضرات بعد المحاضرات و صنفوا الكتب و الرسائل و المنشورات و المطويات و التي يمتدحون فيها “سيد قطب” أيما مديح و يخلعون عليه أعظم الألقاب و الحلل و التي من أقلها –إن لم يكن أقلها- “البطل” و “الشهيد” و “لمجاهد” الذي جاهد “الطاغوت” و يعنون بــ “الطاغوت” الرئيس “جمال عبد الناصر” .
و “الطاغوت” : مصطلح تكفيري عند هؤلاء ، تستخدمه الجماعات الإرهابية لتصف به من تكفره من الحكام ، و هو ما يعني و يكشف لكل أحد أنهم إنما يكفرون الرئيس “جمال عبد الناصر” ، لمجرد خلافه مع الإخوان و مع قطبهم و سيدهم و إمامهم “سيد قطب” ، بل و يكفرون كل رئيس لا ينتمي إليهم ، بل و لا أستبعد أبدًا أنهم في مجالسهم الخاصة و اجتماعاتهم السرية يكفرون الرئيس “السيسي” نفسه ! .
بل لقد مدح شيخهم الأكبر “محمد إسماعيل المقدم” الهالك “سيد قطب” في بعض كتبه بأوصاف و مديح لم يمتدح به –أو ببعضه- يومًا من الدهر “أبا بكر الصديق” و لا “عمر الفاروق” و لا عثمان ذي النورين” و لا علي ذي الفقار ” –رضي الله عنهم و لا غيرهم من الصحابة الكرام أو السلف الصالحين أو الأئمة الأعلام المباركين ، و وصفه بأنه “عاش سيدًا و مات سيدًا و عاش قطبًا و مات قطبًا”! و غير ذلك من المديح و الثناء العالي على قطب التكفير في العصر الحديث .
و إذا كان “سيد قطب” و كتبه الديناميت ، و إذا كانت أفكاره المنحرفة و الضالة و التي يكفر بسببها البشرية جمعاء من لدن الصحابة الكرام – رضي الله عنهم- إلى عصرنا هذا محل تقدير و احترم و إعزاز و إكبار ، بل يرونه سيدهم و قطبهم الأكبر ، فلا شك أبدًا أنه لا فارق بينهم و بين تنظيم القاعدة و داعش و أخواتها ، و أنه لا فارق بين تنظيم الدعوة السلفية بالإسكندرية و بين تنظيم أنصار بيت المقدس بسيناء .
و أما عن الطريق الواحد و الذي يوصل من سلكه إلى داعش و الذي يسير فيه الآن حزب النور و أتباعه فسوف نبينه –إن شاء الله لنا ذلك- في الأسبوع القادم .
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد