لا يختلف اثنان على مرارة الواقع الأليم الذي تعيشه الأمة من يأس قاتل وخمول مميت ،وجبن فاضح ،وذلة حقيرة ،وخنوثة فاشية ،وشح وأنانية تكف الأيدي عن البذل وتقف حجاباً دون التضحية وتخرج الأمة من صفوف المجاهدين إلي المستضعفين والمشردين ، وصراع وتناحر مذهبي أحدث غربة داخل الأوطان وخارجها وحول الملايين الي الملاجئ والشتات ، ووسد الأمر إلى غير أهله حتي غاب الحق واختل ميزان العدل ، وفشت العتمة وغاب دور العلماء والمصلحين ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم .
وهذا غيض من فيض لن نطيل في ذكره ولن نتباكى على أطلاله ، بل ننطلق منه إلى آفاق رحبة وأمل واسع فسيح كما قال الإمام حسن البنا :” لا تيأسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين وحقائق اليوم أحلام الأمس وأحلام اليوم حقائق الغد ولازال في الوقت متسع ولازالت عناصر السلامة قوية عظيمة في نفوس شعوبكم المؤمنة رغم طغيان مظاهر الفساد والضعيف لا يظل ضعيفاً طول حياته والقوي لا تدوم قوته أبد الآبدين يقول تعالى :{ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ }.
فالفرص المتاحة ودلائل النهوض مما قاله الإمام الشهيد تتلخص في :
يقول الإمام البنا في (رسالة نحون النور) : (تحتاج الأمة الناهضة إلى الأمل الواسع الفسيح ، وقد أمد القرآن أممه بهذا الشعور بأسلوب يخرج من الأمة الميتة أمة كلها حياة وهمة وأمل وعزم ، وحسبك أنه يجعل اليأس سبيلا إلى الكفر والقنوط من مظاهر الضلال ، وإن أضعف الأمم إذا سمعت قوله تعالى :( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ , وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ) (القصص:5-6) .
وقوله تعالى: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ، إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران:139-140).
وقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ) (الحشر:2).
وقوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) (البقرة:214).
إن أضعف الأمم إذا سمعت هذا التبشير كله ، وقرأت ما إليه من قصص تطبيقية واقعية ، لابد أن تخرج بعد ذلك أقوى الأمم إيمانا وأرواحا ، ولابد أن ترى في هذا الأمل ما يدفعها إلى اقتحام المصاعب مهما اشتدت ، ومقارعة الحوادث مهما عظمت ،حتى تظفر بما تصبو إليه من كمال) .
يقول المفكر الإسلامي الدكتور محمد العَبْده في إحدى رسائل دروب النهضة: ” ليس المستقبل عالم الأحلام البعيد، بل هو مستقبل الحاضر وتطوره، وإن المسلم الذي يثق بوعد الله، ويملك القيم الثابتة والتفاؤل الكبير، يتهيأ ليكون صاحب شأن وتأثير في معارك الحياة، فلا ينبغي له أن يكون خارج المتغيرات والتحولات العالمية، بل يرقبها مراقبة الذي يعرف ما يدور حوله، وما يجري من أحداث كبار”.
وإذا أردنا أن نخطو خطوات جادة نحو الخروج من هذا الواقع المرير علينا التخلص من سيطرة الأوهام والضعف وسطوة الواقع المر، فليس عصرنا هذا وحده من شهدت فيه الأمة المحن والأزمات ولن تكون هذه الجولة آخر الجولات .
ففي وقت الهجمة الشرسة من التتار على بلاد الإسلام تعرضت الامة لعدوان جاء على الأخضر واليابس ، دمر العمران ونسف معالم الحضارة وسفك دماء مئات الآلاف من المسلمين ثم قيض الله تعالى من أمراء الإسلام وعلمائه من يحمي العرين ويعيد الأمور إلى نصابها. وهؤلاء الصليبيون الذين استمر احتلالهم لبيت المقدس نحو قرن من الزمان، طهره الله تعالى منهم على يد القائد صلاح الدين الأيوبي ومن معه من الفئة المؤمنة. لكن لن ينال نصر الله إلا من أدى ثمنه وحمل أعباءه ولن ننال النصر حتى نرتفع إلى مستوى هذا الدين في حقيقة إيماننا بالله. وحتى نخلص في عبادتنا له تعالى و في الولاء لأوليائه والعداء لأعدائه. {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} [(11) سورة الرعد]، وحين يريد ربنا أمراً فإنه يتحقق كما يشاء فهو تعالى العليم القدير، لا يمتنع عليه سبب، ولن تعجزه غاية.
وأختم بما قاله الرئيس البوسني علي عزت بيجوفيتش – رحمه الله – عن فلسفة تغيير الواقع حيث يقول : “إن أفضل طريقة لمقاومة البرودة الخارجية هي أن يجري الدم في الداخل، الشجاعة تأتي من الداخل من القلب، نتحدث كثيرا عن الهزائم التي ألحقها بنا الآخرون، وحان الوقت لكي نبدأ بالحديث عن الهزائم والخسائر التي ألحقناها بأنفسنا”.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد