رأيتُ من أكثر النّاس اعتدالا و اطمئنانا في أمورهم أولئك الذين أُرغموا على القبول بأنّ مستقبلهم قد ذهب مع الرّيح أو أسقطوه بفلسفتهم وهؤلاء ندرة.
إنّهم لم يعودوا يهتمّون بالمستقبل الذي ينبغي و يُحتّم أن يكونوه و يخافون من بؤس الفقد و كآبة الانتكاس .. لقد انتهوا من الخوف الذي يسبق لحظة المعاينة.
و لقد جاوزوا لحظة الولادة و باشروا أوّل صفعة للحياة و جهرهم النّور و اعتادوه و أبردهم النفس الأوّل و ذاقوه .. لقد فارقوا الرّحم و انقطعت حبالهم و خُتنوا .. لقد سقطوا.
ولقد رأيتهم استحالوا أناسا يسعون على أيّ حال كانوا عليها إلى التّقبّل و الرّضا و استنتاج التّوازن و استيلاد المتعة و تناسي الحزن.
لقد تأمّلت أحوالهم التي سبرتُها بغير وعي منّي مدّة معايشتي لهم .. و أنا أعيد استعراضها و أسبر أغوارها .. بين أيديكم ..
إنّي آخذ عليهم أمورا أخرى : إنّهم مع تخلّصهم من التّعلّق بالمستقبل المحدّد و الحلم المحتوم ودوّامة التّفكير بين النّجاح و الفشل لم يفهموا أمّهم الحياة.
هم لم يبصروا فيقدّروا محلّهم من ذلك البهو الفسيح الذي وضعتهم فيه الحياة و فطمتهم به أمّهم .. إنّهم صبيَة يتضاغون أمام رشد الحياة و اكتهالها و حكمتها.
لقد عهدوا ارتضاع الأمل الممزوج بمرارة الخوف و حرقة الشّوق الواهم .. و لمّا فطموا من ذلك المرتضع و حنّكتهم بحقيقتها التي كانت تخبّئها .. لم ينفكّوا تعاودهم ذكرى ذلك الحلم الذي عاشوا مدّة في تأمّله و سعوا دهرا من أعمارهم في تحقيقه .. و ينعكسُ الأمل نفسُه في أعمال حيواتهم فيعيد إليهم المذاق المعهود.
إنّكم كلّكم أبنائي .. أحبّكم و إنّي مرسلة من الله إليكم ، محمّلة بكم ، لقد حملت بأنبياء الله و حملتكم في بطني .. لأحنّككم بما قدّر لكم و جرى به القلم .. من مصائركم.
مالكم لا تبدون مشاعر العرفان ؟ مالكم تتجهّمون في وجهي ؟
إنّكم لا تفهمون لغتي فتحقّرون الكلمات .. و تفزعون من المعنى بتذوّق أصوات الحروف .. لم تفهموا لغتي لفارق السّنّ بيني و بينكم و تذاهب الآماد بيننا ..
ويريد كلّ منكم عين أخيه و لونه و شعره .. وكلّكم له مكانه الذي لا يحسن إلاّ به ..
إنّ كلامكم الذي علّمكم ربّكم تتخاطبون به يحوي كَلِما لا يتفاضل و لكن يتعاضد و يختلف .. فكذلك مصائركم و معاشاتكم .. كلّكم أفضَل عندي .. و ما أنا إلاّ أنتم يا أبنائي ..
ألا إنّ رأس البلاغة الألم .. و البكاء و الحبّ ..
افهموا يا أبنائي ..
كلّكم من رحم طيّب كريم .. لم يأت أحد منكم من سفاح فأنكره .. لا يحسن بأحدٍ منكم إنكار أخيه و الادعاء عليه .. كلّكم مميّز عندي .. و لا يليق بأحد منكم إهدار قيمته و تقلّد غير نفسه ..
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد