كنّا صغارا عندما طلب منا معلم التربية الاسلامية إعداد بحث بسيط من صفحتين عن بعض صحابة رسول الله ﷺ وتحديداً عن المبشرين بالجنة، كان عندها طلب صعب حقيقةً لا لطبيعة البحث ولكن لندرة الموارد.

لم نكن نمتلك الكتب ولم تكن الشبكة العنكبوتية منتشرة في يد البسطاء وقتها، وايضاً كنا لا نزال بعيدين عن عصر الهواتف الذكية.

قادنا التفكير للاتجاه نحو (مكتبة البلدية) لعلنا نجد ضالتنا هناك بين رفوف الكتب وبالفعل ذهبنا وكلنا شوق لاستكشاف الرفوف والخروج بمادة نتباهى بها امام معلمنا.

كانت المرة الأولى التي ادخل بها مكتبة بهذا الحجم واستقبلنا ذلك الرجل البسيط الجميل واخذنا برحلة استكشافية بين الخزائن حتى وصل بنا الى قسم الكتب الاسلامية.

الثورة العلمية والثقافية

بحث بسيط قادنا لزيارة المكتبة، بحث بسيط كان بداية دخولي للمكتبات العامة وعشقي اللامتناهي للمراجع والمؤلفات بشتى انواعها.

كنا سابقاً نقرأ الكثير بحثاً عن معلومة قد تكون في وسط او نهاية الكتاب ولكم ان تتخيلوا كمية ما كنا نقرأ وصولا للوسط والنهاية.

ثقافة تلك الاجيال كانت مختلفة كماً ونوعاً عن الثقافة الحالية، محركات البحث حاليا اعانت الكثيرين واختصرت الوقت بشكل كبير وكذلك اختصرت الثقافة.

بالطبع ولأكون منصفا قدر الامكان فانا هنا لا امتهن ابدا دور التكنولوجبا ولا انكر الثورة العلمية والثقافية التي أُحدثت وتطورت بسببها وانتشرت.

خلال دقائق تستطيع ان تستقي معلومة معينة من خلال محركات البحث ليأتي لك بها خلال ثواني من بين امهات الكتب والمراجع والمؤلفات.

اختصرنا الثقافة

هدفنا اختصار الوقت ومن دون قصد ربما اختصرنا الثقافة وبالتالي المعرفة.

مقالات متعلقة بالموضوع

وايضا لا انكر ان الحصول على المعرفة – بمفهومها البسيط- اسهل من خلال الشبكة العنكبوتية لما توفره من الوسائط المتعددة والارتباطات التشعبية وحرية الوصول وايضا المحتوى التشاركي.

لكن هل بحثنا من خلال محركات البحث يدفعنا لقراءة ذلك الكتاب الذي اشار له محرك البحث على انه مصدر المعلومة التي عنها نبحث؟

لننتقل قليلا الى تطبيقات التواصل الاجتماعي ولا بد اننا اضطررنا لقراءة نقاش هنا او هناك لتبدأ معلومات النقاش تزداد ابهاراً وكأنك تتابع مناظرة لعلماء في شتّى المجالات.

يتحدثون تارة عن منازل القمر ثم يقودهم حديثهم للكلام عن سياسة بريطانيا وقت الحكم العثماني ليستمر النقاش ومراجعة أحداث الحرب العالمية وربما قليلا عن القنبلة النووية.

ما يزعج حقاً هو ما يحدث في كواليس تلك النقاشات، نوظف محركات البحث لايجاد دليل او معلومة نستعين بها لجلب الادلة والبراهين تقويةً لموقفنا.

لكن فعلياً، ما الهدف من كل هذا العناء؟

لم تكن الثقافة بحد ذاتها وانما زج كمية من المعلومات ضمن سطور قليلة لابهار الجهة المقابلة وشتّان بين من يبحث عن المعرفة للابهار وبين من يبحث عنها للفائدة البحتة.

نحن بحاجة لنمط جديد في كيفية الحصول على المعلومة لعلها تدفعنا للقراءة اكثر.

فيديو ثقافة محركات البحث

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ