عندما تترعرع في بلد يستسيغ طعم الاقتتال، فإنك ستفهم أن الحرب لا تحصل بالاختيار، سيجد الشعب نفسه أمامها مباشرةً، وقد أتت بالإكراه والجبر، أما الطرف الآخر الذي يزحف إليها، فستجده قد غرته شجرة الخلد، حيث يتمنى نيل تلك النبتة التي بحث عنها جلجامش، ستجد قائدهم متربع خلف الساتر، ولا يبحث عنها بنفسه، وإنما يدفع بأبناء شعبه إلى خوض الحرب بدلاً عنه، ليهيمن في النهاية على كرسي السلطة، أو ليُهزم وهو يحاول الانتصار، فإما مقتول شرّ قتلة، أو سيتحول من أسدٍ شجاعٍ مفترسٍ لفصيلته وجنسه إلى مقبِّلٍ للأقدام ومهرّجٍ في بلاط الملك الغالب، وأما الشعب الذي اراق دمه في حرب لا يعرف أنه كان أحمقاً حينما خاضها، فإنه سيكمل المشوار في حياة البؤس الطويلة وعدم الاستقرار.
ويبقى الشعب المغصوب على الحرب، هو نفسه لا يتغير، تجذبه حبال الدنيا الدوارة، وتدور به افلاك السلطات، وينتهي به المطاف مرمي بلا رعاية، لأنه قد أرسل الشجعان إلى المحرقة، وخلف الارامل والايتام، وكُتب الذكريات والتاريخ التي لن تخلوا من الزيف والتحريف، لتنمو شجيرات الشوك، وتتسلق هامات الابطال البائسة، حيث الحاجة والقحط تحول تلك الهامات العالية، بعدما نجت من حطام المعركة، ورصاصها الذي جندل صناديدهم وارهب قلوبهم، تحولها الى وعاء فارغ يبحث عما يمليه، ليسد حاجته وحاجة عياله، في ذل بعد عز.
ستجد بعد الحرب اشباه الرجال تعتلي المنصات، تدعي الجهاد والبطولة، المئات او قل الآلاف منهم سيتحولون من سراق الى مناضلين، حتى أولئك الذين يُعرف عنهم بأنهم كانوا يبيعون أنفسهم، فهم حتى ليسوا بالرجال، ولكنهم وصلوا ليصبحوا امراء سرايا، وقادة فرق، وأصحاب رتب.
النخبة المتبقية من نخب ولت واضمحلت، ستتكلم بصمت وحذر، ستخشى بطش الملاط بهم في ازقة شوارعهم بعدما صاروا من حملة السلاح، وهم على نفس طباعهم، يدورون بعجيزتهم يميناً وشمالاً، سابقاً للإغراء، وحالياً ليبرز المسدس الملتصق بجانبهم الأيمن.
يا لها من حياة نورثها لجيل فتح عينيه وهو يشاهد انحناء الآباء، في زمن تقدم التكنلوجيا والانفتاح، وبعض الطفيليات تجلس فوق منابر الجوامع، وترتدي زي الإسلام، ليجد الشاب نفسه نافراً من كل الأفكار، مختبئاً خلف العناد، يبحث عن ذاته في ذات غيره، ولكن الرحلة تزداد صعوبة.
نتمنى ان تنتهي الحروب، وان نشغل حياتنا بالتطور والعودة الى سكة النجاة للخروج من منطقة الحزن والمعاناة، والتوجه الى منطقة الحياة الكريمة، ولكنها تبقى امنية عسى ان تتحقق.
والحمد لله رب العالمين
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد