عندما كنت طفلا صغيرا، أتذكر أنني عدت باكياً بعد يوم دراسي حافل بالتجارب، وبدل أن تسألني أمي كيف أجعلك سعيداً وتسألني عن شعوري، أخذت تردد بإنزعاج: توقف عن البكاء، وإلا سأبرحك ضرباً.
نادراً ما نسأل أطفالنا هذا السؤال “بماذا تشعر؟”، ونتجاهل الجانب العاطفي فيهم، لم نعط لهم فرصة التعرف على شعورهم والتعبير عنه، وبهذه المنظومة المجتمعية الطاغية في التربية، لا ندرك مدى تأثير ذلك السلبي على فاعليتهم في المجتمع ككل.
كيف نجعل أطفالنا يتعرفون على ذواتهم وينمون ذكائهم العاطفي الاجتماعي؟ لماذا علينا الإصغاء لمشاعرهم؟ كيف نجعل لديهم المسؤولية على اتخاذ قرارات تحل مشاكلهم بأنفسهم؟ سنرى في هذا المقال حلاً فعالاً، يتمثل في منهج “مساحات تحديد الشعور the zones of regulation”.
مساحات تحديد الشعور هي منهج يساعد التلاميذ على اكتساب مهارات التحكم في أفعالهم بوعي وحل مشكلاتهم، وذلك بمعرفة مشاعرهم ومن ثم إدارتها، هذا المنهج يعمل على جعل التلميذ يدرك ماهية شعوره، صممت نشاطات هذا المنهج انطلاقاً من دراسات السلوك المعرفي، لمساعدة التلميذ معرفة المنطقة التي تعبر عن شعوره، حيث يقوم بإختبار نفسه واختيار المنطقة، تدعى هذه الأخيرة ما سميناها ب “مساحة”، كل واحدة من مساحات الشعور الأربعة لها لون مختلف، وكل لون يعبر عن مشاعر معينة.
في هذا المنهج يتعلم التلاميذ أيضا كيف يستعملون طرق مختلفة ليبقوا في مساحة معينة أو يتنقلوا منها الى مساحة أخرى، منها استراتيجيات معرفية، تقنيات لتهدئة أنفسهم، حتى يصبح بحوزتهم مجموعة من الأساليب تمكنهم من الانتقال بمرونة من مساحة لأخرى.
https://drive.google.com/file/d/1HaZztK1rykrd3CiGvhkzeRIcJmlMVG_z/view?usp=drivesdk
صمم المنهج من قبل أخصائية نفسية تدعى ليا كيبرز، عملت ليا مع طلاب من جميع الأعمار، كما تخصصت في العمل مع مرضى التوحد في المدرسة، بالإضافة الى عملها كأخصائية اجتماعية ومعالجة نفسية لعدة حالات كالقلق، ADHD و ASD.
المساحة الزرقاء: توصف كحالة منخفضة من اليقظة، الطفل في هذه المساحة يكون متعباً، مريضاً، حزيناً، أو يشعر بالملل.
المساحة الخضراء: توصف كحالة مثالية من اليقظة، حيث ترتبط بالقدرة على التعلم، التواصل بشكل مناسب وفعال مع العائلة والأصدقاء، الطفلة في هذه المساحة تكون هادئة، سعيدة، متيقظة، ومستعدة للتعلم.
المساحة الصفراء: توصف كحالة عالية من اليقظة، الأطفال هنا يشعرون بالتوتر، الإحباط، القلق، العصبية، اللاانتباه، الأطفال في هذه المساحة يكونون قد فقدوا بعضاً من سيطرتهم على ذاتهم.
المساحة الحمراء: توصف كحالة عالية جداً من اليقظة، الطفلة تشعر في هذه المساحة بغضب عارم يجعلها ثائرة ومنفعلة، وسلوكها يكون اندفاعياً. غالباً ما تقرر أموراً غير صائبة: كالضرب، الشتم، حيث تفقد كامل سيطرتها على ذاتها.
https://drive.google.com/file/d/1pFPjva9tvHJUYhTgG_uTEQicSd3UGGUV/view?usp=drivesdk
يهدف المنهج لأبعد من ذلك، فمن أجل تعميق فهم التلاميذ لتوازن ذاتهم self-regulation، فإن الدروس المحددة لتعليم التلاميذ هذه المهارات هي: كيفية قراءة لغة الجسد وتعابير الوجه، التعرف على نطاق أوسع من العواطف، رؤية منظور الآخرين وردة فعلهم المختلفة، وإدراك متى وكيفية اتخاذ القرارات واستخدام المهارات لحل المشاكل.
يستخدم هذا المنهج مع الأطفال بشكل عام من سن الخامسة حتى سنين متأخرة من المراهقة، كما يستفيد منه بشكل خاص من يعانون من توازن الذات self regulation ، ففي البداية تم تطوير منهج مساحات تحديد الشعور للطلاب ذوي الاضطرابات العقلية العصبية، مثل اضطراب فرط نشاط الانتباه ADHD، مرض التوحد ASD، متلازمة توريت، اضطراب ODD، واضطرابات القلق. ثم بعد ذلك اتسع المنهج لعدد أكبر من السكان، حيث وجده المدرسين والآباء يساعد الأطفال الآخرين أيضاً وحتى أنفسهم.
في أوت 2013 تم إنشاء وتقديم آخر تحديث لتطبيق مساحات تحديد الشعور، الذي بإمكانه توسيع نطاق تعلم المنهج، تم تطويره من قبل المؤلفة ليا كيبرز وشركة البرمجيات Selosoft، يتضمن التطبيق ألعاب تفاعلية مليئة بالمغامرات والمكافآت. يقوم الطلاب بصنع صندوق أدواتهم الخاص، وذلك لتحديد مسببات مختلف مشاعر الطلاب ومساعدتهم للتوازن عاطفياً emotional regulation.
يمكنكم 53 شراء التطبيق من خلال الرابط: https://itunes.apple.com/us/app/the-zones-of-regulation/id610272864
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد