الجحود يعني النكران واليقين عكسه تماماً، فهما متضادان، وبمعنى آخر لا يمكن أن يجتمعا في القضية الواحدة، فلا يتصور أن تكون متقيناً من قضية وأنت تجحدها. والآن شاركني القراءة قال تعالى:” “وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ “(14) النمل والحديث عن فرعون وقومه بعد معاينة معجزات موسى u، فكيف جمعوا بين الجحود واليقين؟
ملاحظة أخرى في حياتنا، البعض يعلم يقيناً بضرر عمل ما ويصرح بذلك (كالتدخين مثلاً)، ثم تجده يمارسه بكل سهولة وبدون حياء، ومثال إضافي: البعض متيقن من حرمة فعلٍ ما (كمشاهدة المحرمات) وربما يمارس دور الناصح الأمين للتحذير من ذلك الفعل، وتلتفت فتجده يفعله بلا تحرج، والأمثلة قد تطول في ذلك.
تلك الأمثلة اعطتني الجواب لسؤالي الأول وهو الجمع بين الجحود واليقين، فقد يتيقن العبد من قضية لقوة الأدلة وكثرتها بما لا يدع مجالاً للشك، لكنه يمارس عملياً دور الجاحد لها ويحاول أن يظهر جحوده لها، فهو بهذا جمع بين اليقين الداخلي والجحود الفعلي.
وهذا بالطبع يجر إلى سؤال أهم: لماذا يمارس الجحود عملياً مع ما يناقضه من يقينٍ داخلي؟ مفتاح الإجابة هو معرفة صاحب القرار في سلوكيات الإنسان، فالعبد يتجاذبه طرفان:
فالعقل قد يصل إلى نتيجة حقيقية لها ما يؤيدها، لكن تأتي العاطفة لتضع العقبات والابجديات المرتبطة بنتيجة تلك القناعة العقلية وما يترتب عليها من متطلبات وخسائر وتضحيات. وهنا يأتي الحسم لمن القرار النهائي في السلوك الانساني؟
من الصعب تحديد الإجابة بشكل قاطع لكل الناس وفي كل الظروف، لكن المتأمل لنفسه ولغيره وعلى مختلف المستويات وفي كل المجتمعات البشرية، سيقطع بلا شك أن الغلبة تكون للعاطفة غالباً (ربما تتجاوز 70%) حتى على المستوى الجماعي، ولعل هذا يبين رفض الأقوام لدعوات رسلهم وأنبيائهم مع قوة أدلتها العقيلة، بل ومعجزاتها الربانية – والله أعلم-.
وحتى في زمننا هذا: فالشخص الذي يُحسن دغدغت العواطف وتحريكها يكون حظه أفضل من الشخص الذي يعتمد على العقل فقط، ومن لاحظ الانتخابات في مختلف المجتمعات سيوافقني على ذلك. والآن كن صريحاً مع نفسك واجتهد في تعريتها بين يديك، وأجب بصراحة عن اسلوبك في اتخاذ قراراتك، وسل نفسك: لمن كان القرار، لعقلك أم لعاطفتك؟
والسلام عليكم ورحمة الله
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد