تمثل الاحتياجات التدريبية أهداف العملية التدريبية التي ينبغي تحقيقها، فبه يحدد المديرين من يحتاج لتدريب ونوع التدريب المطلوب والمستوى الواجب الوصول إليه، كما وتساعد القائمين على التدريب على استشراف المستقبل التدريبي لمديري المدارس والتخطيط المدروس له، من خلال تصميم البرامج التدريبية المناسبة ووضع الموازنات اللازمة لها.
ولهذا آثرت بدء أولى مقالاتي بالحديث تفصيلاً عن مفهوم الاحتياجات التدريبية وتحديدها، وأهمية تحديد الاحتياجات وخصائصها ثم مصادر التعرف عليها، والوسائل الممكنة لذلك، ومن ثم أنواع تلك الاحتياجات ومجالاتها التحليلية وأخيراً بعض المشكلات والمعيقات.
تعتبر الاحتياجات التدريبية حجر الأساس لتحقيق الأهداف المرسومة في نجاح التدريب، وتعرض العديد من المهتمين والباحثين للاحتياجات التدريبية فعرَّفها السيد والجمل (2014) على أنها مجموعة من المهارات والمعارف والاتجاهات المحددة التي يحتاجها فرد في مؤسسة أو وظيفة معينة من أجل القيام بأداء مهام معينة.
فيما أضفيت تعريفات أخرى أنها معلومات أو اتجاهات أو مهارات أو قدرات معينة فنية أو سلوكية يراد تنميتها أو تغييرها أو تعديلها إما بسبب تغيرات تنظيمية أو تكنولوجية أو إنسانية بسبب ترقيات أو تنقلات أو لمواجهة التوسعات ونواحي تطوير معينة، أو حل مشكلات متوقعة وغيرها من الظروف التي تقتضي إعداد ملائم لمواجهتها، وهي تشير أيضًا إلى نواحي ضعف أو نقص فنية أو إنسانية واقعية أو محتملة في قدرات العاملين أو معلوماتهم أو اتجاهاتهم أو مشكلات محددة يراد حلها.
وتحديد الاحتياجات التدريبية هي العملية التي يتم بها تحديد وترتيب الاحتياجات التدريبية واتخاذ القرارات ووضع الخطط بشأن تلبية هذه الاحتياجات، وعرفها ( الحولي، 2016م، ص27) بأنها” العملية التي من خلاها يتم تشخيص الفجوة بين ما يملك الفرد من معارف ومهارات واتجاهات حالية، وبين معارف ومهارات واتجاهات مطلوبة لأداء عمله الحالي أو المستقبلي بفاعلية وكفاءة”، وعرفها (Holloway, Arcus & Orborn, 2018) بأنها خطوة أولية وأساسية ضمن عملية التدريب الشاملة، تساهم في تسهيل عملية التخطيط للتدريب، وتساعد على تصميم استراتيجية تدريبية للعاملين في منظمة، أو في مجموعة مهنية متخصصة.
يؤكد (الكبيسي، 2010م، ص104) على أهمية تحديد الاحتياجات التدريبية فهي الأساس لتصنيف المشكلات التي تعالج بالتدريب عن غيرها، وهي المرشد لعملية تصميم البرامج التدريبية ومن ثم تقويمها، وتشكل دليلاً لمنفذي البرامج التدريبية عند وضع المفردات واختيار الأساليب والتقنيات وهي الأساس لتحديد الفئات المستهدفة في التدريب.
ويضيف ( إبراهيم، 2019م، ص187) أن تحديد الاحتياجات هي الأساس الذي يقوم عليه التدريب وبالتالي هذه العملية مدخل مناسب ونقطة انطلاق موضوعية للتخطيط، وأنها تهدف لتخفيض النفقات من الهدر وترفع معدل كفاءة الأداء للحصول على مستوى أعلى من الإنتاجية بعد التدريب المخطط له، كما أنها تساعد في إيجاد التناقضات والفجوات وترتيبه وفق الأولويات.وبالتالي سيفيد هذا التحديد في التعرف على مشكلات وصعوبات أداء الموظفين، وإشراك العاملين في خدمة المجتمع.
وعن خصائص تحديد الاحتياجات التدريبية فيوضحها (أبو شيخة، 2010م، ص398) بما يلي:
تتعدد مصادر التعرف على الاحتياجات التدريبية فمن خلال توصيف الوظائف والأعمال ومقارنتها بمؤهلات وخبرات شاغليها، ومعدلات الأداء فهو مقياس لمدى قيام الفرد بعمله، وتقارير الكفاءة والتي تبين مواضع القوة والضعف في أعمالهم، إضافة لآراء الرؤساء؛ كونهم قادرين على تحديد المشاكل القائمة لدى المرؤوسين والتي تُعالج بالتدريب، وآراء المرؤوسين أنفسهم؛ فهم الأقدر على تحديد نواحي ضعفهم والتي تحول دون أداء عملهم بالشكل الكامل
فيما نجد عدة وسائل وأساليب لجمع المعلومات اللازمة لتحديد الاحتياجات التدريبية تتمثل في الملاحظة المباشرة وتتميز بكونها تعطــي بيانــات واقعيــة عــن الأداء الحالي، وأنها اختيار غير مكلف، وتلقي الضوء عـلى المتغـيرات الخارجية والتـي تـؤثر عـلى الأداء، لكنها تستهلك وقتاً كبيرا، وقد تــشعر الــذين تحــت الملاحظــة بعدم الارتياح، وقد تجعلهم يؤدون مهامهم بطريقة مُثلة كونهم تحت الملاحظة، ويمكن أن تكون هـذه الوسـيلة غير محايدة،
عقد لقاءات فردية مع الأفراد المعنيين أو مع بعـض أعضاء الجمهور المستهدف؛ فهي تعطي الفرصة للاستكشاف وطرح أسئلة، ويمكن أن تـؤدي للحـصول على معلومات لم تتوقع، إلا أنها تعتمد على تـوفر الوقـت لدى من يجري معهم المقابلات واستعدادهم لإعطاء المعلومات، والبحوث الميدانية ويستخدم فيها نماذج الاستبيان واستفتاء الرأي؛ ومن مزاياها أنها محددة الهيكل وبالتالي تعطي بيانات مماثلة للتحليل ، مع إمكانية ضمها لعدد كبير من المشاركين قد لا توفرها الوسائل السابقة،
ويعاب على هذه الوسيلة أنه في بعض الأحيان الاستبيانات صعبة الفهم، أو قــد تحتــوي عــلى بنــود تـؤدي إلى سـوء فهـم المشاركين، وعقد لقاءات مـع المجموعات البؤرية لتحديد وتنقيح الاحتياجات؛ وهي تعطي الفرصة لمقابلـة عينة تمثل الفئة المستهدفة والجهات المعنية لتحسين أدائها والتي تطح أفكارها الخاصة بالاحتياجات، وتعطي المشاركين الشعور بأنهم جزء من عملية تخطيط وتصميم التدريب.
إلا أنه قد يكون من الصعب في بعض الأحيان إبجاد الوقت الملائم لاجتماع كافة أفراد المجموعة إن لم يكن اللقاء منظماً بشكل جيد والذي قد يؤد لخروج النقاش عن موضوعه الرئيس، إضافة للاختبارات؛ والتي تعطي معلومات دقيقة خاصة بمستوى محدد من المعرفة أو المهارات أو الاتجاهات لدى المشاركين المستهدفين (معمار، 2010، ص46).
وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن استخدام أكثر من وسيلة لتحديد الاحتياجات التدريبية آخذين بالاعتبار بعض العوامل عند اختيار الوسائل المناسبة كالوقت والتكلفة، وعدد الأشخاص، ودرجة صعوبة الوسيلة، ومدى سرية وحساسية البيانات، كذلك مدة سهولة الوصول إليها وتوافرها، وخبرة المقيم للأساليب والوسائل المختلفة.
فيما تصنف الاحتياجات التدريبية وفقاً لعدة معايير كالمستوى والجهة وطبيعة الوظيفة وغيرها إلى عدة أصناف كالتالي:
عن مجالات تحديد وتحليل الاحتياجات التدريبية فهي ثلاث تحليل التنظيم، وتحليل العمل، وتحليل الفرد يمكن توضيحها كالتالي:فتحليل التنظيم يقوم مسئول التدريب في الجهات العليا المسئولة عن المؤسسة التعليمية بعملية تشخيص للوضع التنظيمي الفعلي وذلك بدراسة العناصر الآتية: أهداف المؤسسة التعليمية، وبنائها التنظيمي، سياساتها ولوائحها، هيكلها التنظيمي، خصائص القوى العاملة بها، درجة الكفاءة (استثمار الموارد المتاحة)، والفاعلية (تحقيق النتائج المطلوبة)، والمناخ التنظيمي الذي يتضمن بدوره عوامل كثيرة أخرى: كالحوافز والأجور والاتصالات وعلاقات الرؤساء والزملاء والتنافس والثقة والمسئولية ونوع التغييرات التي حدثت على كل من العناصر السابقة.
يليه تحليل العمل وذلك بغرض تحقيق هدفين رئيسين وهما: تحديد الواجبات والمسئوليات وظروف العمل والمؤهلات التي يجب أن تتوفر في الفرد الشاغل للوظيفة، وتحديد وتطوير المعارف المتخصصة والمهارات والاتجاهات اللازمة للأداء الناجح في كل وظيفة من الوظائف، وهنا يتم دراسة وتحليل مجموعة من العناصر هي:
التوصيف الوظيفي المعمول به، ومواصفات شاغل الوظيفة، وأهداف الوظيفة، مجالات النتائج، معدلات الأداء، والتغيرات أو التعديلات التي تطرأ على هذه العناصر.ثم تحليل الفرد وهنا يقوم مسئول التدريب بدراسة المواصفات الوظيفية للفرد (مؤهله وخبراته ومهاراته) والخصائص الشخصية التي يتمتع بها مثل: (اتجاهاته ودوامه واستعداده للتعليم وحاجاته التي يطمع في إشباعها، ذكاءه، بالإضافة إلى العمر والجنس والصحة العامة)، وكذلك الجانب السلوكي للموظف باعتباره عضو في جماعه عمل أي علاقاته مع الآخرين ودرجة انسجامه وتفاعله واستعداده للتعاون.
وعن أهم معيقات تحديد الاحتياجات التدريبية التي أشار إليها الباحثون مثل العيلي (2021م)، والسويهري(2019) والحولي (2016) فمنها؛ الحصول على بيانات غير دقيقة عن الأفراد قبل تحديد الاحتياجات لهم، القائمون على تحديد الاحتياجات التدريبية لا يمتلكون الخبرة والمهارة لذلك، وضعف التنسيق بين إدارة التدريب والإدارات الأخرى بخصوص تحديد الاحتياجات التدريبية، وقلة وجود خطط وسياسات واضحة لتحديد الاحتياجات التدريبية بمختلف مجالاتها، وتجنب دراسة الواقع الفعلي بشكل تفصيلي علمي للأفراد والمؤسسات، تحديد الاحتياجات التدريبية دون ربطها بالتطور التكنولوجي والانفجار المعرفي.
وعليه فإن دراسة الاحتياجات التدريبية للفئات المستهدفة من العملية التدريبية وتحديد حجم فجوة الأداء بين الواقع والمأمول علم وفن يساهم في جودة العملية التعليمية، وما ينعكس إيجاباً على تحقيق أهداف المنظمة.
Holloway, K., Arcus, K., & Orsborn, G. (2018). Training needs analysis – The essential first step for continuing professional development design. Nurse Education in Practice, 28. 7-12
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد