في ظل الأزمة العالمية التي تطال أكبر المؤسسات والدول في جميع أنحاء العالم، وفي ظل الركود والتراجع العالمي للأعمال من المخاوف الصحية والمستقبل المجهول؛ فقد تأثرت إدارات الموارد البشرية وبالتالي تأثرت القوى العاملة، ودعني لا أُبالغ لو قلت إن هذه الأزمة العالمية كشفت وأظهرت تكدس الموظفين في العديد من الشركات والجامعات وخاصة المؤسسات الحكومية. (إدارة الموارد البشرية في ظل فيروس كورونا). (اقرأ المزيد من المقالات عى موقع مقال من قسم اقتصاد).
ولقد أثرت تلك الأزمة وزادت من مخاوف الدول والشركات والأفراد على حد سواء، ولكن هل فكرنا ولو للحظة بنظرة إيجابية لذلك الأمر، فمن الجيد لو قمنا بتقييم أنفسنا ومؤسساتنا _ فمن رحم الأزمات تخلق المعجزات _ ففي العديد من الدول المتقدمة قامت الشركات بتغيير نشاطها، في حين قامت مؤسسات أخرى بتبني أفكار جديدة في أعمالها ولا سيما في ظل المتغيرات السريعة والمتلاحقة.
نقوم بالعمل في مؤسساتنا ضمن نظام إداري معين ومخطط له مسبقاً، ولم يخطر ببال أحدنا أنه سيأتي علينا يوم وننجز تلك الأعمال في بيوتنا نظراً للفيروس القاتل كورونا، فلقد تأثرت إدارة الموارد البشرية تأثراً كبيراً فبعضها أخذ منحى الاستمرار واستحدث أساليب إدارية جديدة في العمل مثل العمل عن بعد وغيرها من الطرق والأساليب الحديثة، في حين أن بعض المؤسسات الأخرى استمرت في نهجها القديم قبل ظهور الأزمة.
والسؤال هنا كيف سيؤثر هذا التحول الهائل على مكان العمل؟
ففي دراسة جديدة أجريت على 350 من قادة الموارد البشرية في الولايات المتحدة لاستكشاف كيفية تطور الوضع الطبيعي الجديد للعمل داخل المنظمات في ظل أزمة كورونا؛ أظهرت الدراسة أهم ثلاث نتائج توصلت إليها وهي:
وهنا لا بد من تحديد دور إدارة الموارد البشرية الجديد في المؤسسات من خلال تبني سياسة العمل عن بعد، والتوظيف القائم على أساس المهارات، والعمل على التدريب المستمر للموظفين والاستثمار بهم لأنه هم رأس المال الحقيقي للمؤسسات في ظل أزمة كورونا.
ونحن في هذا المقال سنركز على جانب الموارد البشرية في المؤسسات والتحديات التي تواجهها في ظل أزمة كورونا والمتمثلة في التالي:
لقد انعكست الاتجاهات التكنولوجية الحديثة على أداء عمل إدارة الموارد البشرية وتطبيقاتها حيث أصبح من الضروري العمل على استحداث الأنظمة والهياكل التنظيمية والحاجة إلى المهارات المتنوعة لتحقيق ميزة تنافسية في تقديم الخدمات والتطبيقات وممارسات إدارة الموارد البشرية ولا سيما في الأزمة الصحية العالمية المتمثلة في فيروس كورونا، والتي أدت إلى تقليص الأعمال التي تحتاج إلى مهارات قليلة وزيادة الأعمال التي تحتاج إلى مهارات متنوعة.
والموارد المعلوماتية من أهم التحديات الأساسية في عصر المعلومات، فالتقدم التكنولوجي مكن المؤسسات من القدرة على القيام بتخزين كم هائل من المعلومات وإمكانية إرجاعها وقت الحاجة إليها، ولذلك فإن تطبيقات وممارسات إدارة الموارد البشرية تعتمد عليها، بحيث تؤدي إلى حدوث تحول بالمورد البشري من وضعه الحالي إلى المورد البشري ذات المعرفة الواسعة.
والذي بدوره يؤدي إلى تحقيق أهداف المؤسسة من خلال أداء الأعمال بكفاءة وجودة عالية، كما أنه يمكن التنبؤ بالحاجة إلى الموارد البشرية كماً ونوعاً، ووضع الخطط الاستراتيجية التي تسهل العمل للوصول إلى الأهداف بفعالية بالإضافة إلى تقييم سياسات إدارة الموارد البشرية ومراقبة العمليات.
وكل تلك التحولات كان له أثر كبير في تسريع العمليات وتحقيق الأهداف للمؤسسات من خلال توفير قدرات فنية وتكنولوجية قادرة على التحليل وإحداث تغييرات جوهرية تتطلبها بيئة العمل الجديدة، كما أن هناك تحديات تكنولوجية كبيرة تواجه المؤسسات تتمثل في ضعف البنية التحتية لخدمات الكهرباء والانترنت وشح الأجهزة الإلكترونية وقلة توافرها بين يدي الموظفين نتيجة الوضع الاقتصادي المتدني الذي تعاني منه المؤسسات.
يمكن تحديد مفهوم رأس المال البشري بأنه مجموعة من القدرات والمهارات والخبرات البشرية المتباينة في مستويات أدائها في المنظمة حالياً والتي ستتهيأ للعمل مستقبلاً ويتضمن رأس المال البشري المنظمي والذي يتمثل في القدرات والخبرات والمهارات العاملة في المنظمة، ورأس المال الفكري ويتمثل بالموظفين الذي يمتلكون مجموعة من القدرات المعرفية والتنظيمية دون غيرهم من الموارد البشرية الموجودة.
ويمكن القول بأن التحدي الأكبر في ظل أزمة كورونا هو كيفية وآليات تطوير راس المال البشري في ظل عدم الذهاب لمكان العمل واللجوء إلى آليات جديدة في تطوير رأس المال البشري، حيث أنه يشكل موروداً معرفياً ويشكل تحدياً أمام منظمات الأعمال وخاصة الدولية ولذلك فإن المؤسسات تحاول الحفاظ على رأس المال الفكري وتطويره من خلال استقطاب أفضل الموارد البشرية، والتنشيط المكثف لتطوير الأفراد مبكراً وإبعاد العناصر الذين لا يمكنهم إضافة أشياء متميزة.
يتطلب من إدارة الموارد البشرية في ظل الأزمة الحالية لفيروس كورونا المحافظة على قوتها التنافسية بين المؤسسات وذلك من خلال وضع الخطط الاستراتيجية لمعالجة التغيرات في البيئة الجديدة مع استقطاب موارد بشرية ذكية وماهرة وقادرة على الحفاظ على الميزة التنافسية للمؤسسة، والتي تتحقق بتوافر مجموعة الموارد المادية والبشرية والتكنولوجية.
كما أن إدارة الموارد البشرية تمتلك الدور الرئيس والأساس في تحقيق نوعية الإنتاج للمؤسسة من خلال قيامها بتوفير الظروف المناسبة للأداء الجيد بحيث يكون الأفراد العاملين على درجة عالية من الإبداع والمبادرة والكفاءة في تلبية حاجات ورغبات المستفيدين وذلك من خلال التركيز على العمليات والإنتاج وتقديم الخدمات بجودة عالية مع التركيز على الاستجابة لمتطلبات السوق الخارجية.
تواجه هنا إدارة الموارد البشرية تحدي مقاومة التغيير من قبل الموظفين، حيث تشكل هذه النقطة تحدياً بارزاً لعدة أسباب أهمها الخوف من المستقبل المجهول الذي يحدث ضمن إطار عملية التغيير، وهنا يجب أن تعمل إدارة الموارد البشرية على تهيئة الموظفين لذلك التغيير، ويتأتى ذلك حينما تحرص المؤسسات على استقطاب وتوظيف موظفين يتسمون بالمرونة والقدرة على التنبؤ بالمستقبل ومواجهة التغييرات، كما يجب على المؤسسة أن تعثر على طرق جديدة ومبتكرة للحفاظ على ثقافة المؤسسة وإنجاز العمل عن بعد.
إن كسر قيود الإدارة التقليدية في المنظمات والسعي للوصول إلى الإدارة ذات الاتجاهات الحديثة لا مفر منه مع استمرار أزمة كورونا، ويمكن القول بأن المشكلة الحقيقية لأي مؤسسة ليست في الإمكانيات المادية والبشرية بل في كيفية إدارة تلك الإمكانيات للوصول إلى تحقيق الأهداف المتغيرة دوماً طبقاً لنوع وحجم وطبيعة الأزمة، وذلك مثل أزمة فيروس كورونا؛ وأقرب مثال على ذلك ما حدث في استحداث أساليب إدارية في العديد من دول العالم.
فعلى سبيل المثال: دولة نيوزيلندا حققت نجاحاً مذهلاً في الآونة الأخيرة، بعدما غيرت من أساليبها الإدارية وانتصت على الفيروس على الرغم من حاجة العديد من الدول في العادة إلى أسابيع طويلة، وربما أشهر، حتى تحدث تراجعاً في منحى الإصابات الجديدة بفيروس كورونا، ومن هنا نتساءل هل تستمر مؤسساتنا في نهجها القديم المتبع قبل ظهور فيروس كورونا أم عليها التعديل والتغيير الجذري لأساليبها الإدارية تحسباً لظهوره مرة أخرى أو ظهور أنواع أخرى من الأوبئة؟
5. Meister, Jeanne (2020). “The Impact of the Coronavirus on HR and the New Normal of Work”, Article published in Forbes Magazine, Mar 31.
6. Lesiuk, Tanya (2020). Key HR Challenges Managers Face during COVID-19, Factorial Blog; Dec 24.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد