الذوق مؤشر يرتفع بالأعمال ذات القيمة، ويمنحها طاقة مستمدة من الجمال الداخلي.في تنمية الذوق وما دار من مقدمات تتحدث عن أهمية الذوق وتوظيفه الحقيقي في الحياة، ومدى ما يقدمه في مجال الأدب والفن، فقد حرص الأوائل من أهل الخبرة والسلوك على جعل مادة الذوق المعنوية قيمة حسية ليس فقط فيما يعرض في المجال الفلسفي، لأن الذين قدموا لأهمية الذوق وعدّوه مادة أصلية متأصلة في مجاله هم الفلاسفة بالدرجة الأولى، تلاهم من بعد ذلك الصوفيون من أصحاب الطرب الأدبي، الذين تناولوا الأدب بقيمته الروحية.
كيف نجعل الذوق قيمة حسية وهو في ذاته قيمة معنوية تبعث على الاستمرار في الدفع بالأعمال الرائدة لترتقي أعلى الدرجات ؟والمهم في هذا الأمر ماهية الذوق وكيف نجعل منه قيمة حقيقية تغلب على الجانب النفسي والوجداني والانفعالي والمزاجي في الإنسان.
في فترة ما كنا نسمع بالفيلسوف الشاعر، أو الطبيب الشاعر، وهؤلاء تربوا وتعلموا في بيئة أدركت قيمة الذوق فوضعت إلى جانب المعارف الصِّرفة الخالصة منهجا يجعل من المتعلم القارئ (ذويقا_متذوقا_) وأدركوا أن الذوق قيمة روحية تبني الأطر الداخلية في النفس الإنسانية، تلك الأطر التي لا نلمسها ولا تصل إليها الأرواح إنما تتميز بطبيعة الإنسان الذي نشأ على ترقية الذوق، فجاء الأدب والفن والشعر، نِدّا للعلوم البحثية التي تبحث في طبيعة الأشياء وهيوليتها وفيزيائيتها ومغناطيسيتها وجاذبيتها،
فتفتق الطبيعة الإنسانية عن مادة أصيلة لا تحركها سوى الآداب والفنون تمنح للمتعلم طاقة كبرى تجعله متذوقا بطبعه، يبحث عن السمو والارتقاء والذوق في أدق الأشياء وتفاصيلها، من هنا تكمن قيمة الأدب التي شغلت مساحة عظيمة على مر العصور وفي كل الأمم، فدرِب الناس في زمانهم على إنشاء المسارح، وعمر الإغريقيون كل المساحات التي تركت آثارهم بتشييد المسرح الذي كان قطعة تعتمل عليها وتعرض كل فنون العلم والمعرفة، بل تحول أغلب اليونانيين من فلاسفة عقلانيين إلى كتّاب محاورات ومسرحيات وملاحم شعرية تجسد حياتهم المعقدة في صورة فنية ترقى بالذوق.
ثم ما طرأ بعد إذ ذاك ، أن جعل العرب في شبه الجزيرة العربية سوقا يشتغل فيه الذوق كأكبر محفل من محافل الأدب والفنون وتجارة الشعراء وبضاعتهم بعرض الغزل والتلحين والتنغيم والمعلقات الشعرية التي كانت تعرض على مسرح عكاظ ، وفيه ما فيه من فنون وأدب ومقامات وخطب وتعارف(أشبه بفايسبوك اليوم..) )إن للذوق طاقة عظيمة في إشعال وبعث العلوم.فلا تكتمل قراءة لوحة فنية إلا باستعداد ذوقي تجتمع فيه مزايا الجمال الداعية لتكوين صورة مكتملة الملامح حول صورة ما.. أو نص، أو قراءة.
وقد جاء في تهذيب الذوق الكثير من الإشارات التي تساعد المتعلمين والموهوبين في شتى المجالات على الارتقاء بالذائقة بالقراءة الواسعة، والبحث المستمر، والتعامل مع الطبيعة أكبر محفز لقيمة الذوق، التأمل الروحي فيما حولنا من مناظر تبعث على الهدوء والدفء والسكينة، كذلك الإيقاعات الموسيقية المتنوعة لها طاقة خفية في اكتشاف مادة الذوق في النفس، لهذا كان الجمال الطبيعي في الحياة أول دواعي تحريك المشاعر الكامنة في النفس التي تبعث الإلهام ليجد طريقه معبرا بكل أريحية وانطلاق.
إن الحياة اليوم صارت تعج بالضجيج، وما أحوجنا إلى نفوسنا كي نكتشف منابع الذوق في داخلها، حتى نستطيع أن ننجز باختيار يعتمد على الذوق بالدرجة الأولى؛ وسبب ذلك أن الذوق قوة دافعة لصناعة الجمال في الحياة التي شوهتها الحروب، والنزاعات، والأزمات المتعددة الأشكال؛ حتى ضاق الفضاء بالرخاء.فمساحة الرخاء هي فسحة الأمل التي تمنح أذواقنا مزيدا من الانبهار بالجمال الروحي الذي تداخل مع التكلف الذي أمعن في طمس الملامح الجميلة.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد