كُتبت مقالات كثيرة عن بيئة العمل، المدراء ورؤوساء الأقسام والمسؤولين. سأركز وأسلط الضوء في مقالي هذا على موضوع مهم جدا ويكاد لا ينتبه له الكثيرون من المستخدمين والموظفين والمرؤوسين، لأن دائرة العمل ومتطلباته اليومية تشغلهم حتى عن التفكير فيما يقومون به تجاه عملهم، أو زملائهم أو حتى الأشخاص خارج دارة العمل ونطاقه ولكنهم جزء من الاشخاص الذين يتعاملون معهم يوميا.

كيف يتعامل المدير مع الموظفين؟

يتمتّع كثير من المدراء بالدهاء والذكاء والفطنة بحيث أنهم من اللحظة الأولى يعلمون كيف يختارون الأشخاص المناسبين ويجندونهم لحسابهم داخل المؤوسسة أو المنشأة ليكونوا نسخة لهم في طريقة التفكير وطريقة العمل. في أقوالهم وأفعالهم ودفاعهم عنهم إذا تطلب الأمر ذلك. وغالبا ما يؤدي ذلك إلى الصلابة وعدم المرونة في النقاش أو في اتخاذ القرارات المناسبة، فالهدف هو أن لا يروا إلا أنفسهم ولا يسمعوا سوى صدى أصواتهم مما يشجع على الشللية والفرقة داخل بيئة العمل. ما لا يدركه هؤلاء المستخدمين أنهم في لحظة ما قد يخسروا عملهم عند انتهاء المصلحة وعندها لن يجدوا مكانا آخرا لأنهم منفذين وليسوا بمفكرين أو مبدعين.

هل يتعامل المدير مع موظفيه بروح الفريق والعمل الجماعي؟

قد تتساءل وأنت تقرا هذا المقال كما أتساءل دائما: لماذا يتغنى المدراء بشعارات كاذبة وملصقات خلف مكاتبهم معلّقة على الجدران وفي كل ركن من أركان المؤوسسة والمنشأة عن العمل الجماعي وروح الفريق والإيجابية في العمل؟ عن التعاون والشفافية ودورهما المهم في إنجاز العمل؟ في اتخاذ القرارات والمشاركة في وضع سياسات العمل، وهم أبعد ما يكون عن تنفيذ ذلك. ما الفائدة من قول لا يُنفّذ وكلام لا يطبّق؟

الجواب بسيط جدا، فهم لا يرون إلا أنفسهم وحب الأنا التي تفصلهم عن عالمهم وتجعلهم لا يرون سوى النجاح الزائف المبني على تسلّق أكتاف الآخرين. تراهم في كل مكان، يعلّقون بكلمات ساحرة وجاذبة، كلمات محفّزة ومشجعة على منشورات عديدة ليثبتوا أنهم يدعمون الآخرين ولكن ذلك عبارة عن تمثيل ورئاء، الهدف منه الخداع وجعل الآخرين يمدحون طيبتهم وتواضعهم.

مقالات متعلقة بالموضوع

ما الذي يجعل الموظفون متقبلين للإدارة والمدير؟

خوف وجبن الموظفين هو ما أدى إلى تطاولهم المستمر، لو اجتمع الجميع وواجه هذه التصرفات الخاطئة والمرفوضة اجتماعيا وأخلاقيا لما وصلنا إلى هذا الحد من الفساد والاستنساخ السلبي المتزايد، ولكن خداع الآخرين واللعب على عواطفهم وإغرائهم بوعود كاذبة سهل جدا. ليتنا نتعلّم من أخطائنا سواء أكانت هذه الأخطاء صغيرة أو كبيرة. ليتنا نعطي فرصا جديدة ومستمرة كل يوم لنساعد الجميع، لا أن نهدم آمالهم واحلامهم وقدراتهم. ليتنا نخرج طاقاتهم الإيجابية كلها ونمد أيدينا لهم ونصعد معا إلى الأعلى، لا أن نمد ايدينا لندفعم للخلف ونثبط من عزيمتهم واندفاعهم وحبهم للعمل.

لو آمن ونفّذ فعلا كل صاحب عمل، مدير أو رئيس بالعمل الجماعي وتوزيعه حسب الإمكانيات والقدرات لما وصلنا إلى وجود بيئات عمل سلبية ومناخ غير صالح للعمل والاستمرار، لما وصلنا إلى حالات كثيرة من عدم الرضا تؤدي إلى ترك العمل والبحث عن مكان آمن وبيئة نقية وإيجابية. لنتوقف قليلا ونرى أين نحن من كل ذلك؟

فيديو مقال استنساخ

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ