أذكر ويذكُر أبناء جيلي أيضًا، كم عانينا أيام دراستنا في إعداد بحوثنا ورسائلنا العلمية من نُدرة كتاب يُفيدنا أو ذات علاقة ببحثنا، حيث كان حينها الإنترنت (لا شيء)، حتى إذا وجدنا شيئاً، كُنا نُعاني الأمرين للوقوف على أرصفة الكُتب ومكتباتها أو على عبارات مبتورة جاءت ببعض المخطوطات لمعرفة كاتبها.
بل كُنا نجد المعلومات أغلبُها مجهولة المصدر مخطوطًا أو مطبوعًا فى ثنايا صفحاته، لكن متعة الوصول إلى بغيتنا وقتئذ لا يمكن وصفها. ناهيكم عن مُعاناة البحث والسهر والتردد المكتبات وأمثالها وعلى كاتبى الأبحاث ومقتنييها دون الحصول على منتج يُرضينا، ويُقرُ أعين أساتذتنا وقُرائنا ومن يأتي ليبدأ من حيث انتهينا!
لكننا ونحنً في عصر الذكاء الاصطناعي بعد تطور الوسائل التكنولوجية بسرعة الصاروخ، والذي سيصل حجم سوقه بحلول 2030 إلى 15 تريليون دولار لزيادة الاقتصاد العالمي، ومعالجة الفجوات الحالية، علاوة على تمكين النمو المستدام للاقتصاد الرقمي العالمي، وهو ما أدى إلى سهولة وسرعة التواصل مع الآخرين والوصول إلى المعلومة فى بضع ثوانٍ، لكن يبقى السؤال: دقة المصدر؟ وهو ما يلعبهُ الكتاب محتفظاً بتلك المكانة ورونقها للآن، وهذه المعارف كانت تزيد ثراءنا الفكري والمعرفي لمتعة القراءة بالكتاب واقتنائه في منازلنا، إضافة إلى عثورنا على بغيتنا التى كنا نبحث عنها.
ولا شك أن تطور الوسائل التكنولوجية وأدوات البحث بكافة المجالات جعلت هناك فرقاً شاسعاً عما كُنا نُعاني منه قديماً، وتحميل مكتبات كاملة لا تتسع لها بيوتنا على (قرص مدمج CD أو فلاشة USB أو رابط URL) من خلال الشبكة العنكبوتية، دون أن يتكلف الباحث عناء شراء كتب أو قضاء وقت طويل في المكتبات.. لكن على الرغم من إيجابيات هذا التطور، إلا أن له أضرار جمة (صحية ومشكلات معرفية وسلبيات اجتماعية وفكرية)، كان الكتاب لا يفعلها فينا بل كان يبني ويُغذي الروح والعقل بما يحوى.
ليأتي الوباء الكوروني فارضاً علينا إرادته التكنولوجية التي يُسيءُ البعض استغلالها، ليقضي على متعة القراءة الورقية وتصفح الكتاب المطبوع، وحرمان الباحثين والمُطالعين من بغيتهم المستهدفة، كالمُطالعة على أشباه الكُتب التي يُريدونها، وهناك أهداف عظيمة يفقدها القارئ والباحث ألا وهى تعلُم الصبر والمثابرة فى تحصيل العلم، وزيادة الثراء المعرفي والثقافي، تلك التى كُنا نتذوقُها بعد المُعاناة الطويلة فى سبيل الحصول على المعلومة، دون أخطاء أو تحريف أو تصحيف، يقع فيها مَن رفعوا هذه المُؤلفات على العالم الافتراضي (سهوًا أو عمدًا)، وهي غير موجودة بالكتاب أصلًا.
لست ضد التقنيات عامة، بل ضد من لا يعون ايجابياتها التي تُحولُ إلى سلبيات تُؤثر على المجتمع ككُل، فأنا أحد المستخدمين لها والمنتفعين بها، ولكن علينا بعدم الاكتفاء بها والإرتكان كليًّا عليها، بديلًا عن الكتاب الورقية ذلك الذهب الأصيل الذي لا غنى عنه حتى الممات، فنحن أمة (اقرأ)، تلك الصفة التى تكاد تختفى في خضم أعباء الحياة وتسارعها، فما تقوم الثورات العلمية والمعرفية إلا وعمادها القراءة العميقة مع “فصول الثقافة”، لتعزيز حب القراءة والكتابة لدى الجيل الجديد، وتنمية شغفهم في مختلف المجالات الإبداعية.
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد