جلد النفس

كثيرا ما تواجه صعوبات أو مشاكل في حياتك سواء على المستوى العلاقات الشخصية -من صداقات أو عائلة أو الدوائر المحيطة …..- أو على المستوى علاقات العمل -من موظفين أو عملاء أو زملاء عمل ….- فتجلس في منزويا شاردا تلوم نفسك على ما حدث وتحملها ما لا تطيقه و كأن الحياة قد أنتهت والقيامة قد قامت.

لست هنا لأتحدث عنك , وعن أن التجارب تصقل شخصيتك , وأنك لابد وأت تتعلم كيف تتجاوز المحن وكثيرا من الكلام الذي يملئ الأرجاء عن تنمية الذات وكتب ومقلات التنمية البشرية ,

إنما أردت أن أتحدث عنها هي (نفسك)

رفقا بها ,, هي نفسك التي جاءت معك وستذهبا سويا معا , صبرت على تصرفاتك الحمقاء كثيرا في حقها ,, طالما إستمتعت بما تريد وهي تصرخ داخلك -كفى فقد آلمتني تصرفاتك- وتصرخ وتصرخ حتى كاد صوتها يخفت شيئا فشيئا وأنت لا أذن تسمع ولا قلب يجيب ,

وفوق ذلك تحملها كل آثامك وجرائمك ليل نهار , وكأنها هي الذئب وأنت الحمل الوديع.

لم تفكر يوما فيما تريده بل فعلت أنت ما تريده وفوق ذلك حملتها المسئولية الكاملة.

هي كالطفل تريد منك أن تحتويها , أن ترشدها ,, هي تحمل روحا شغوفة كالطفل ترغب في إمتلاك كل شيء ولكن أنت لها بمنزلة الأب الذي يأخذ بيدها إلى بر الآمان , هي منك بمنزلة الأبن من أبيه , هي القلب وأنت العقل , هي ترغب وأنت ترشد , هي تحب وأنت توجه ,

هل يعقل أن تترك إدارة شئون البيت لطفلك الصغير ذو الخمسة سنوات ؟!

نعم قد تحمله بعض المسئوليات على قدر سنه ليتعلم ولكن يظل تحت ملاحظتك , يظل يحتاج لإرشادك ومع ذلك وكما يقال في التربية (عامله كرجل وحاسبه كطفل).

أرأيت حينما تسير مع طفلك في مركز تجاري كيف يكون شغوفا بالشراء واللعب ويظل يلح عليك لتلبي رغبته , إن إستجبت لإلحاحه ونفذت له ما يريد فقد تفسده وإن ظللت رافضا لكل شيء على الدوام أيضا قد تفسده ولكن بين هذا وبين ذلك يكون التوجيه , وهكذا هي نفسك ستظل تلح عليك وتلح في إمور كثيرة فهذه هي طبيعتها فلا تقسوا عليها بل كن لها كالمربي الحاني وترفق بها فإن وقعت في المحظور فلا تقسوا عليها فتكسرها تفقد زمام أمورها , ولا تتركها تفعل ما تشاء فتضل وتشقى.

أتظن أصحاب الطاعات يفعلونها لأنها سهلة على نفوسهم ولا يجدون مشقة فيها , لا والله بل إن النفس من طبيعتها تكره التقيد والتكاليف فهم يرودونها ويهذبونها وفي كثيرا من الأحيان يجبرونها على فعل طاعة أو ترك معصية ورغبتهم في ذلك صلاحها وأن ينعموا سويا في جنات عدن , واسمع معي قول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل ( إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ) , نعم بما صبروا -صبروا على الشهوات وصبروا على الطاعات- ومع ذلك هل تظنهم أيضا بلا ذنوب أو معاصي أو جرائم , لا بل هم أيضا إلا ما رحم ربي يقعون فيها , ولكن الفرق هو أنهم يقعون فيتوبون فيرجعون إلى الله وإن وقعوا مرات ومرات ومرات يرجعون إليه ولو ألف مرة لا يملون لأنهم أيقنوا أنه لا طريق أخر غير الرجعون إلى الله مهما وقعوا في الذنوب,

وفي الختام , عامل نفسك كأبنك أو أبنتك في التربية والإرشاد والإصلاح وقل لها دوما أصبري معي حتى نسعد سويا , و روح عنها بين الفينة والأخرى حتى لا تمل ولكن فيما أحل الله , فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته.

وتذكر أن طريق الله واحد فهما أبتعدت فعد ثم عد ثم عد ولا تمل الرجوع فعن عقبة بن عامر  رضي الله عنه: أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله أحدنا يذنب قال : ( يكتب عليه ) ثم قال : ثم يستغفر منه و يتوب قال : ( يغفر له و يتاب عليه و لا يمل الله حتى تملوا ).

فيديو جلد النفس

 

أضف تعليقك هنا

عمرو عبدالله زارع

عمرو عبدالله زارع