استباحة يزيد للمدينة أوضح دليل على بطلان تقليد إبن تيمية

بقلم: احمد الملا

في سنة 317 هـ أغار القرامطة على المسجد الحرام وقتلوا ما فيه وسرقوا الحجر الأسود وغيبوه 22 سنة، ورُدّ إلى موضعه سنة 339هـ, ففي ذلك العام – 317- وتحديداً في يوم التروية، قام أبو طاهر القرمطي، ملك البحرين وزعيم القرامطة، بغارة على مكة والناس محرمون، واقتلع الحجر الأسود، وأرسله إلى “هَجَر” وقتل عددا كبيرا من الحجاج، وحاولوا أيضاً سرقة مقام إبراهيم ” عليه السلام ” ولكن السدنة قاموا بإخفائه وفي 318 هـ تقريباً سنّ أبو طاهر القرمطي الحج إلى “الجش ” بالإحساء بعدما وضع الحجر الأسود في بيت كبير، وأمر القرامطة سكان منطقة القطيف بالحج إلى ذلك المكان، ولكن الأهالي رفضوا تلك الأوامر، فقتل القرامطة أناساً كثيرين من أهل القطيف.

وهذا الفعل الإجرامي المشين إن دل على شيء فإنه يدل كفر وبشاعة من قام به ” القرامطة ” لكن الغريب بالأمر إن هذا الفعل وتلك الجريمة وهذا الإرتداد الذي قام به هؤلاء – وهم فرقة شاذة عن مذهب التشيع ومنتحلين للتشيع – لم يعلق عليه إبن تيمية, والكل يعلم كيف إن إبن تيمية حاول جاهدا على تكفير الشيعة كل الشيعة بدون استثناء وكان يبحث عن أي ثغرة ضدهم بل عمل على تحريف ودس وتزوير الكثير من الحقائق وتغييبها وتشويهها كي يُثبت بطلان مذهب التشيع, ومع ذلك نجده لم يتناول تلك الحادثة ولم يتطرق لها لا من قريب ولا من بعيد, وهنا نسأل لماذا لم يتطرق لها ؟ هل وقعت في زمن ما بعد وفاته ؟ هل هي واقعة لا وجود لها ؟ …

أن هذه الحادثة وقعت سنة 317 هـ وأبن تيمية متوفى سنة 728 هـ أي إن الحادثة قبل ولادته بقرابة أربعمائة عام, أما حقيقة وقوع هذه الحادثة فهي مثبتة عند الجميع, إذن لماذا لم يتطرق لها إبن تيمية ؟ خصوصاً وأنه قد كفر القرامطة ووصف كفرهم بأنه أشد من كفر اليهود والنصارى ومن كفر وإرتداد مسيلمة الكذاب !! مستدلا على كفرهم بــ(( أنهم باطنية, فإنهم في الباطن كافرون بجميع الكتب والرسل, ويخفون ذلك ويكتمونه عن غير من يثقون به, لا يظهرونه كما يظهر أهل الكتاب دينهم… فهؤلاء القرامطة في الباطن والحقيقة أنهم أشد كفرا من اليهود والنصارى وأما في الظاهر فيدعون الإسلام )) وقد أكثر من وصف كفر القرامطة دون أن يقدم دليلا واضحا على كفرهم ولم يقدم فعلتهم وإستباحتهم لمكة والمدينة كدليل على كفرهم !! فقد غض الطرف عن تلك الواقعة التي تُثبت كفرهم, فما هو سبب ذلك التغاضي يا ترى ؟!.
الجواب واضح وبديهي عند كل ذي لب ومتبصر ومتدبر في أمور دينه, فلو قدم ابن تيمية استباحة مكة من قبل القرامطة كدليل على كفرهم فإنه سوف يُكفر يزيد, فلو قال إن هؤلاء القرامطة كفار ودليل كفرهم هو استباحتهم مكة المكرمة فهذا يعني إنه يُكفر يزيد بن معاوية لأنه إستباح مكة والمدينة ثلاث ليالِ بأيامها وقتل الصحابة والتابعين وإفتض فروج النساء وضرب الكعبة بالمنجنيق وحرقها, وهو فعل يشابه فعل القرامطة وانتهاكهم لمكة المكرمة, لذلك نجده حاول التغاضي عن سوق هذا الدليل على كفر القرامطة كي لا يمس يزيد بالكفر, ويزيد هو أساس الكفر ومعدنه ودليل ذلك ما ردده من أبيات إلحادية بعدما قتل الحسين بن علي بن أبي طالب ” عليهما السلام ” (( لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل )) والتي يظهر فيها الكفر والإلحاد الصريح وإنكار للرسالة وللرسول ووصف النبوة بالملك وهو بهذا يكذب النبي الخاتم ” صلى الله عليه وآله وسلم.
وفي الوقت ذاته نجد إن إبن تيمية يبرر فعل يزيد بإستباحة مكة والمدينة بسبب عدم مبايعته من قبل المسلمين فيها ونكثهم لبيعته !! حيث يقول ابن تيمية في مجموع فتاوى/ ج3، العقيدة، كتاب مجمل اعتقاد السلف، الوصية الكبرى، فصول في بيان أصول الباطل التي ابتدعها من مرق من السنة، فصل في الاقتصاد والاعتدال في أمر الصحابة والقرابة، قال ابن تيمية: ” الأمر الثاني: فإنّ أهل المدينة النبوية نقضوا بيعته وأخرجوا نوابه وأهله، فبعث عليهم جيشًا وأمرهم إذا لم يطيعوه بعد ثلاث أن يدخلها بالسيف ويبيحها ثلاثًا، فصار عسكره في المدينة النبوية ثلاثًا يقتلون وينهبون ويفتضّون الفروج المحرّمة “.

وهنا نذكر تعليق المرجع الديني العراقي الصرخي الحسني في المحاضرة الثالثة من بحث ( الدولة المارقة في عصر الظهور منذ عهد الرسول “صلى الله عليه وآله وسلم “) على هذا المورد الذي ذكره إبن تيمية, حيث قال …
{{… لا أعرف كيف انعقد له الإجماع وانعقدت البيعة له وأهل المدينة من الصحابة، من أجلاء الصحابة، من المهاجرين من الأنصار، ومن التابعين الصالحين فعلوا هذا الفعل أو يدعي أنهم نقضوا البيعة؟ …(…)… من الذي أمر؟ يزيد الذي أمر، إذًا هنا يزيد يأمر وفي الكوفة لا يأمر، أم لأنّ الحسين هناك؟! أم لأنّ آل البيت بالخصوص هناك؟! ولهم الخصوصية هناك من الذي يقول؟ ابن تيمية يقول، ينقل عن خليفته عن إمامه، عن ولي أمره، عن الخليفة السادس الراشد يزيد بن معاوية، يقتلون وينهبون ويفتضّون الفروج المحرمة في أهل المدينة، يفتكون بالصحابة والمهاجرين والأنصار، بحريمهم بأعراضهم، هذه المليشيات إذًا وقوى التكفير وقوى الحشد المليشياوية ليست بجديدة، منذ تلك الفترة ملازمة لدعاوى الخلافة والإمامة وولاية الأمر والمهدويّة وما يرجع إلى هذا, إذًا هذا الخليفة ماذا فعل؟ ماذا أمر؟ أمر بانتهاك حرمة المدينة، أمر بانتهاك الأعراض، نساء المهاجرين والأنصار، قتل الصحابة؛ صحابة رسول الله من المهاجرين والأنصار يا أتباع ابن تيمية، هل تريدون أوضح من هذا الدليل وأوضح من هذا البرهان على سقم ما أنتم فيه وعلى بطلان التقليد الذي أنتم فيه بإتّباعكم ابن تيمية؟ هذا هو إمامكم يزيد انظروا واقرءوا هذا هو ابن تيمية إمامكم يقر ويعترف ماذا فعل أمير المؤمنين يزيد إمامكم وخليفتكم، ماذا فعل إمامكم وخليفتكم؟ هذا إمامكم وخليفتكم انظروا ماذا يقول عنه ابن تيمية وماذا فعل؟ قال : (فصار عسكره في المدينة النبوية ثلاثًا يقتلون وينهبون ويفتضّون الفروج المحرّمة) مئات وآلاف النساء حملن من هذه الاعتداءات وهذه الفواحش من جيش الخليفة الراشد السادس، ما هذا الإسلام؟ ما هذا الإسلام القبيح؟ ما هذا الوجه القبيح للإسلام الذي يمثله هؤلاء الخلفاء؟ ساعد الله قلبك يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم…}}.

وهنا نلاحظ إن إبن تيمية مع اعترافه بأن يزيد بن معاوية أمر بإستباحة المدينة ومكة وسفك الدماء وفض الفروج المحرمة ومع ذلك يبرر هذا الفعل لأنه من في المدينة ومكة قد نكثوا البيعة !! فأي بيعة التي بايعوه فيها ؟ وهل بايعوه سابقاً حتى ينكثوا ؟ هذا من جهة ومن جهة أخرى حاول جاهداً أن يغض الطرف عن انتهاك مكة المكرمة كدليل على كفر من قام بهذا الفعل, فهل يوجد أوضح من تلك الأدلة على بطلان تقليد إبن تيمية الذي تلاعب ويتلاعب بالحقائق كيفما يريد ويشتهي الأمويين !!.

بقلم: احمد الملا

أضف تعليقك هنا