لم أكنْ غافلًا يومًا في حياتي قطُّ عن فحوى كلمةٍ خرجت من لسانِ جورج بوش الابن ، و التي تم تبريرها بعد ذلك على أنها “فلتة لسان” ، و ذلك حين صرَّح بأن حرَبه التي يخوضها بالوكالة عن إسرائيل في العراق و من قبلها في أفغانستان بل و في المشرقِ العربي كلِه هي من باب “الحرب الصليبية الجديدة” !
و الحقيقة أنني لم أكن في حاجةٍ إلى تصريحٍ و لا تلميحٍ من الابن أو من الأبِ لأفهمَ حقيقة الصراع. ذلك أني أعلمُ أن هذا الصراع نفسَه هو جزءٌ من المعركة و الحرب على حضارتنا العظيمة و المستعرة منذ القدم ، فالمعركة هي “حرب حضارات” و ليست فقط “صراعُ حضارات”.
ذلك أني لم أكنْ منذُ عرفتُ الحياة غافلًا أيضًا عن أنَّ الصراعَ بين الحقِ و الباطلِ ممتدٌ ما امتدت الحياة نفسَها و قديمٌ في الوقت ذاتِه قِدمَ الحياةِ ذاتِها ، مع يقيني بأن الحقَ منتصرٌ في النهاية مهما امتُحنَ و امتُحنَ أهلُه ، و أن الغلبةَ في الأخير للحقِ و الخيرِ و أن الشرَ و أهلَه مندحرون لا محالة .
أوقنُ تمام اليقينِ أنَّ الحياةَ مؤسسةٌ على هذا الصراعِ بين الخيرِ و الشرِ و الحقِ و الباطلِ ، و إن كان يحلو للكثيرين تسفيه الأمرِ بشعاراتٍ مطاطةٍ جوفاءَ كنظرية المؤامرة و ما شابهها ، و هؤلاء بعضهم جزءٌ من المعركة و الحرب ، و هم يدركون ما يصنعون ، و البعض الآخر “أحمق من هبنقة” لا يدري ما يخرجُ من رأسه .
و لكن الحقيقةَ الكبرى في الأخيرِ هي أن الحياةَ مبنيةٌ على الصراعِ و المؤامرةِ و أن الباطلَ و أهلَه لن يفتأَ يتآمرُ على الحقِ و أهلِه أبد الدهر .
و لهذا كان اهتمامي – على المستوى الشخصي- بهذه الأمور و بحثي في ثناياها و الكلام عنها و فيها من هذه البابةِ : من منطلق “حرب الحضارات”و هو ما يظنه بعض الناس كلامًا في السياسة أو اشتغالًا بها ، و هو أمرٌ مخالفٌ الواقع ،- أعوذ بالله منه – ، فأنا “رجلُ ملةٍ و لستُ برجلِ دولةٍ”.
إنني أؤمنُ أنني أنتمي إلى حضارةٍ عظيمةٍ بناها أباءٌ عظامٌ و أسسوها على الوحي الشريف و الأخلاقِ الحميدة و على جهودِ أجدادٍ كرامٍ بنوا الدنيا و ملكوا العالم . أشعر بالانتماء إليها و الفخر بذلك أيما فخر و الشرفِ لذلك و أعظمْ به من شرف . و أعتقدُ اعتقادًا جازمًا لا يتحلْحلُ أن لهذه الحضارة حاقدين عليها و أعداءً لها كُثرُ يحاربونها بشتى السبل .و أؤمنُ أنَّ هذه الحربَ الشرسةَ المشتعلةَ ممتدةٌ من قديمٍ ، تظهرُ و تختفي و لكنها لا تتوقفُ و لا تنطفئ .
تظهرُ أحيانًا في صورةِ حملةٍ صليبيةٍ غشومٍ تمتدُ قرنًا من الزمان أو يزيدُ ، و أحيانًا في صورة غزوٍ فرنسي يسمى خداعًا بالحملةِ الفرنسية و ثالثًا في صورة احتلالٍ انجليزي طويل الأمدِ و يسمى أيضًا – من بابِ الخداع – استعمارًا بينما هو “استخراب” ، و ظهر و يظهر أخيرًا في صورة كيانٍ سرطاني يأكل الأخضرَ و اليابسَ و يحتلُ أرضَ فلسطين و يسعى لهدم المسجدِ الأقصى الشريفِ و إقامةِ امبراطورية فاشيةٍ مجرمةٍ قاتلةٍ على أنقاضِه و فوقَ جثثِ العربِ و المسلمينَ في فلسطينَ و ما حولها .
هذه و غيرها – في الحقيقة – ليستْ إلا ظواهرًا و أعراضًا لمرضٍ واحدٍ هو الصراعُ – أو قلْ إن أردت الدقةَ :الحربُ- بين الحضارات أو بين حضارتين اثنتين . بين حضارةٍ تحملُ للعالم السلامَ و الخيرَ و تسعى لنشر الحياةِ ، و أخرى تحاربُها و تغزوها في عقرِ دارها لتحاول القضاءَ عليها ، لأنها لا تعرف إلا العداوةَ للحياةِ لا تعرفُ سوى القتلِ و الإفسادِ في الأرضِ سبيلًا .
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد