قراءة نقدية في التاريخ الإسلامي من خلال الخوارج الجدد

الخوارج الجدد

قال تعالى القدوس في الكتاب المقدس المنزول على روح القدس الموصول برسول الله صلى الله عليه و سلّم المعرج به ليلا بالإسراء والمعراج من الأرض المقدسة التي بارك من حولها إلى بيت المقدس مهبط أجداده الرسل سلام الله عليهم جميعا والدارس لنصوص القرآن الكريم يتفطّن مهما كان تحصيله إلى خطاب اللوم و التحقير و الإهانة للسفهاء من أهل الملل والنحل و الخوارج الخارجين عن أهل السنّة و الجماعة من عصر التنزيل ومن لحق من بعدهم ومن تبعهم اليوم من أتباع ماركس و لينين و الفاشي ” ستالين ” و “موسليني” وأصحاب الحداثة المتطرفين كاليسار العمالي الشيوعي التونسي و من على شاكلتهم كالطالبي و الهمّامي.

قال تعالى: “يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون” و عزّز التحقير بقوله “في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا” ودعّم الذّم لفكرهم الفاسق بقوله : “موتوا بغيضكم ” و قال : ” كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ” هؤلاء جميعا الناعقون اليوم بغير فهم لآيات المحكم من الذكر الحكيم فقد أساءوا التقدير من جهة و غابت عنهم مقاصد الشريعة لجهلهم للشيخ الفاضل الطاهر و ابنه الفاضل بن عاشور لأنهم فعلا جهلة و إن تخرجوا من الجامعات الكبرى ففهم القرآن له أهل الاختصاص من جهة مع الورع و هكذا كان خلفاء رسول الله رضوان الله عليهم جميعا قد فهموا المحكّم بالحديث القولي و الفعلي و العملي وعمل آل البيت و المدينة إن غاب عليهم في النص و عملوا بالرأي والاجتهاد ورأي عمر كثيرا ما نزل به القرآن .

تاريخيا

إنّه عمر و هل يخفى القمر؟ وإن كان الاجتهاد عمل بشري مع خالق الخلق و علاّم الغيوب إلاّّ أنّهم كانوا أمناء على الآيات المتشابهة فقرؤوها بالتأويل المستند إلى العقل النظيف و بورع و بأخلاق من خلق رسول الله و كان لهم مع الرأي منهج الاستدلال لمنع الخطأ وهو”الإجماع ” قال عليه الصلاة و السلام : ” لا تجتمع أمّتي على الخطأ ” و قد تجتمع و إن كان في أصلهم الخطأ و التاريخ الإسلامي شاهد على ذلك لغياب العصمة على الحاكم و المحكوم وإن كنت لا أثق كثيرا في هذا الإجماع لاستحالة تحقيقه في الواقع ، اللهمّ في عقول الفقهاء . فالإجماع المتبوع بآية (و أمرهم شورى بينهم ) لم يتحقّق في سقيفة بني ساعدة و كان الولاء العائلي و السياسي آنذاك في إختيار الخليفة الأول مبعثا للريبة عند الرافضين و تواصل من بعد.

و ما إغتيال ثلاثة خلفاء من أربعة يقيم الدليل على الخلافات بين الصحابة رضوان الله عليهم و كما قال العلامة الذهبي في معناه “ اللهم طهّر ألسنتنا من الصحابة” اعتمادا على قوله صلى الله عليه و سلّم “ أصحابي كالنجوم بهم اقتديت و بهم اهتديت“.

كيف ظهر الروافض والخوارج الجدد؟

وإن عالجنا بعض هذا التاريخ السيئ الذّكر فمن باب الأمانة التاريخيّة لا غير فلا قداسة إلاّ لله و من رضي عنه فقط و هو أمر طبيعي محكوم بالخاصيّة البشريّة من جهة ومن حبّ التفرّد بالسلطة من ناحية أخرى وهذا طبيعي و جبلّي في السلطان الخاضع بالنقد والإصلاح من أهل الحلّ و العقد فقط إن أمنوا شرّه فالخروج على الظالم يزعزع الوحدة الوطنيّة للأمّة و تكون الفتن قائمة فالصبر على الظالم أولى حتّ يرفع الله أمرا كان مفعولا و قد تشكّلت بما يعني بالمفهوم الحديث نواة الأحزاب السياسية, و كان الخلاف المتبوع برفع السلاح و التقاتل وهذه المواضيع أدركتها كطالب زيتوني قديم من الممنوعات في الخطاب الديني المستبد من بعض الأئمّة المتشددين، فكان خطابهم الترهيب دون الترغيب و من هنا ظهرت الروافض والخوارج الجدد لكل فكر مدني مستنير يواكب الظروف ومتغيرات الواقع، و إن كان لكل إمام قراءة فإن قراءة النص القرآني المحكم الدلالة و الصريح لا يقبل الخلاف، و المثال بين أيدينا الآن و في الصحف و إذا تكلم السفيه فلا تجبه خير الإجابة السكوت.

الإرث بين الرجل والمرأة

موضوع هذه الأيّام في الجرائد التونسيّة و المجالس التلفزيّة يثير الاستهزاء والبكاء مع النّواح على جمعيات و جماعة البؤس و السّوء المتربصين بالآيات المحكمة من الذكر المحفوظ و هي الدفاع الشرس على محاولات يائسة وبائسة وفاشلة لإخضاع الدولة لتحقيقها بنص دستوري خارجا عن السياق الديني و الأخلاقي و المجتمعي، ولن تتحقق آجلا و عاجلا لاستحالة الموضوع المثار ” المناصفة في التوريث ” بين الذكر والأنثى وذلك أنّ الآية صريحة و متواترة من اللّوح المحفوظ في السماء العلى والمنزلة على الرسول الصادق الأمين عن طريق جبريل روح القدس والمتواترة و المحفوظة في الصدور منذ جمعها سيّدنا عثمان ابن عفان إثر موت الحفاظ في الغزوات و بفطنة شديدة أسرع لسعف النخيل وتدوينه لحفّظه رسميّا وهو المنقول عن الأوائل إلى النقل الكتابي بضبط الثقات كعبد الله ابن مسعود الهذلي والخلفاء الأربعة وزيد ابن ثابت ومعاوية قبل خبثه السياسي وطبيعي جدّا أن يكون كذلك بحكم أن العرب منذ الجاهليّة الأولى حكمتهم الأهواء والقبيلة بالعصبيّة.

وقد شهد بذلك مفكّر علم الاجتماع و مؤسسه التونسي و المصري و المغربي عبد الرحمان ابن خلدون و من ذكروا آنفا أهل جرح وتعديل أخذ القرآن عنهم و تواتر بالتواتر الذي يمنع الباطل وقد تكفل الله بحفظ محفوظه ” إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون ” و هي ميزة خاصة بالقرآن و لو لا ذلك ما وقع التحريف والتزييف لكتب سبقته كالتوراة والإنجيل و كان القرآن شاهدا على التزييف أحكاما ونصّا و قد أدرك حتّى اليهود و النصارى ذلك من الأحبار و العلماء الذين آمنوا بصدق الفرقان فدافعوا عن القرآن و اعتبروا أن الرسول صلّى الله عليه و سلّم حقّق برسالته الوحدة الكونيّة و مجّدوه و نقدوا الكتب السابقة و أثبتوا عليها الباطل و إن كانوا قلّة وعلى كلّ حال نسوق الآية ” نزل عليك الكتاب بالحق ، وانزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وانزل الفرقان “. صدق الله العظيم

و عودة الموضوع المثار اليوم المذكور آنفا لو تحقّقت المناصفة في الإرث بين الرجل والمرأة بعدما تحقّقنا من قوله : ” للذّكر مثل حظّ الأنثيين ” و هي آية قطعية الدلالة و الثبوت لا تقبل رأيا و لا تقبل كذلك التأويل و إلاّ لأوّل سيّدنا عمر ابن الخطّاب المعروف بالرأي و له القراءة الخاصة في المحكم كرأيه في آية قطع يد السارق التي تجاوزها و منع القطع عام المجاعة لظروف اقتصاديّة استثنائيّة و سمّي ” بتعطيل عمر ” و هو موقف وقع عليه شبه الإجماع . و الرأي عندي إذا قبلنا المناصفة في الإرث وهو ممنوع عن المجتهد قديما و حديثا ومستقبلا فعندئذ يتبعه موضوع آخر سوف يثار مستقبلا و هي “جواز إمامة المرأة في الصلاة الممنوعة شرعا ” و إن كان الشاعر و الفقيه ابن حزم أجاز منصب القضاء للمرأة في زمانه فقد كان تقدّميّا و خالف فقهاء سبقوه، و هذا الاجتهاد منطقي سلكته الكنيسة المسيحية بعد ابن حزم . نعم للمرأة إمكانية تحقيق طموحات الدين و الدولة و المجتمع في مواضيع تتماشى مع طبيعة خلقتها الفيزيولوجيّة و مشاعر الأمومة و الحمل و الرضاعة و لذلك أصاب ابن حزم لمّا جوّز كفقيه : جواز الإجهاض إن خافت المرأة على حملها و جمالها ( رؤية تنويريّة )

إن تحقق الإرث مناصفة بين الذكر و الأنثى و مبروك عليهم هذا الطلب إذا أدركنا وتحقّقنا بالتحقيق الثابت أنّ حمّة الهمامي و أتباعه من حزب الجبهة الرمليّة حسب تسميتي الخاصة الباحث حرث البحر بمحراث . و فاقد الشيء لا يعطيه .

و الســـــــــلام

الشاعر القيرواني : محمد الشابي

Email : [email protected]

أضف تعليقك هنا