لم يعد للشك مجالٌ إذن في كون الإرهاب يستفيد من تجاربه ، و يتعلم من أخطائه –مع الأسف- ، كما لم يعد للشك مجالٌ أيضًا ، في كون مدة الــ “عشر سنوات” هي المدة الكافية التي يحتاجها الإرهاب في كل مرة ، لكي يستجمع قواه و يجمع شتاته ، و يتلافى آثار الضربة التي تلقاها ، و من ثم يعود مرة أخرى أقوى منه في المرة السابقة!
و هذا هو واقع ما يفعله الإرهاب –مع الأسف- في كل مرة و على مرأى و مسمع من الجميع ، و لكن من دون أن يعتبر أحد أو يتعظ!
فبعد أن فشل مساعي الإرهابيين في هدم مصر و السيطرة على الحكم و كذلك في اغتيال الرئيس “عبد الناصر” –رحمه الله- ، و بعد أن تلقى الإرهاب و زبانيته ، ضربة قوية على رأسه و رؤوس قيادته ، من قبل نظام الرئيس “عبد الناصر” في ستينات القرن الماضي ، و أُلقي بعدها بقيادات الإرهاب في غياهب السجون ، حيث يستحقون ، حيث مكانهم الطبيعي و الحقيقي، لم تكد تمر “السنوات العشر” ، حتى عاد الإرهاب مرة أخرى بحلة جديدة ، و قوة شديدة ، لينجح فيما حاول أن يفعله و فشل فيه في المرة السابقة ، فيغتال الرئيس!
لقد كانت الموجة الثالثة للإرهاب الذي ضرب مصر في نهاية السبعينات و بداية الثمانينات من القرن الماضي أعنف من الموجتين السابقتين عليها بما لا يقارن ، و نجحت فيما لم تنجح فيه سابقتها ، فوصلت إلى الحد الذي طالت يدها الآثمة الغادرة يد رأس الدولة ، فاغتالت الرئيس “السادات” ، رحمه الله و غفر له ، و تقبله في الشهداء و الصالحين .
و أثارت تلك الموجة الإرهابية بسبب علوها و قوتها الرعب في البلاد كلها ، شرقًا و غربًا ، وشمالًا و جنوبًا ، و كادت تعصف بالبلاد لولا رحمة الله بنا ، و لولا أنه –سبحانه- لا يصلح عمل المفسدين من الإرهابيين و من على شاكلتهم أبد الدهر .
و لعل أحداث مديرية أمن أسيوط الشهيرة ، أعظم مثال على ما كانت عليه الأحوال في ذلك الوقت ، و إن كان هنالك أحداث أخر مثله أو أشد و لكنها أحداث متفرقة ، لم يسلط عليها الضوء بما يكفي !
و كعادتها ، تحملت الدولة مسئوليتها ، فقاومت الإرهاب و قاتلته ، و كعادته التي لا يتركها أبدًا ، تصدى جيش مصر الباسل ، خير أجناد الأرض –و إن رغمت أنوف العالمين- لكل خائن ، و لكل يمس هذه الأرض الطيبة بسوء ، فاقتلعه من الدنيا .
نعم … لقد تصدت الدولة للموجهة الإرهابية الثالثة في مصر ، و دفعت الثمن غاليًا من خيرة أبنائها ، و لكنها في الأخير انتصرت عليه ، و قضت على عدوها ، و لكنها و كما في كل مرة –مع الأسف- لم تقتله ، و إن كانت أثخنته بالجراح ، فتركته مريضًا لا ميتًا ، و لم تقتلع شجرة الإرهاب من جذورها ، و إنما اجتثتها من فوق الأرض لا من تحتها ، فلم تقتلعه من أساسه ، و إنما تركت الجذور ضاربة في الأرض ، ليرويها من يتعهد بها في كل مرة ، و ليسقيها الشيطان الرجيم من دمه النجس ، فتعود لها الحياة بعد قليل من جديد ، و تبدأ في النمو و التفتح و الإزهار ، لتعود شجرة الإرهاب فتية بعد حين!
و لقد كانت الدولة المصرية في كل مرة ، و بعد تصديها لكل موجة من موجات الإرهاب تتصور أنها قضت عليه تمام القضاء ، و أنهته من الوجود ، و أجهزت على حياته ، فأزهقت روحه ، و لكنه كان بدوره في كل مرة يفاجئها بأنه ما يزال على قيض الحياة ، بل و أنها صار أقوى من سابق عهدها به ، و أنه عاد أقوى مما كان عليه في الماضي !
كان التكرار –مع الأسف- يتكرر في كل مرة ، و كأننا نعيش في فصول مسرحية هزلية سخيفة ، تعيد الممثلون فيها أدوارهم كل مرة من دون تغيير أو تطوير!
و كأن هنالك إرادة قوية بعدم التعلم من أخطاء الماضي ، و عدم الاستفادة من دروس التاريخ المؤلمة ، و لا الإفادة من تجاربه ، و ذلك في الوقت الذي يمتلك فيه الإرهاب أقوى الإرادة ، بل و القدرة القادرة ، على أن يستفيد أشد الاستفادة من كل تجربة يمر بها و أن يتعلم من سلبياته قبل إيجابياته ، لكي يخرج من التجربة الجديدة بأقل الخسائر و أعظم المكاسب !
و لأن التكرار كعادته في كل مرة يتكرر ، فقد تكرر كعادته ، و مرت عشر سنوات كاملات! على موجة الإرهاب الثالثة في الثمانينات من القرن الماضي ، و بعد أن ضربته الدولة –حينئذ- ضربة قوية ، و لكنها كالعادة –ومع الأسف- غير قاتلة ، فقد عاد هذه المرة فيما عرف بــ “إرهاب التسعينات” بموجة هي الأعنف من كل ما سبق .
و كما هي العادة قاومته الدولة و قاتلته ببسالتها المعهودة عليها ، في حماية أهلها ، و راح ضحية هذا الإرهاب الغاشم و الغادر ، من راح من شباب ، كانوا ملء العين و القلب ، و حديث الدنيا و شغل الناس ، و لكن دمائهم الزكية ، لم تذهب سدىً ، و لم تضيع هباءً ، و إما كانت ثمنًا غاليًا ، ليبقى هذا البلد الأمين آمنًا مطمئنًا ، غير مروع أهله ، و لا مهددين .
واجهت الدولة الإرهاب كالعادة ببسالة و شجاعة ، و لم تهب قوته ، و يخف رجالها الأشداء من نيرانه الغادرة التي لا ترحم ، بل لقد كانت لهم اليد العليا على الإرهاب و أربابه ، فضربت الدولة الإرهاب الضربة القاسية ، و لكنها –مع أسف الأسف- ليس القاضية ، ليتراجع الإرهاب –كما عادته في الخسة و النذالة و انعدام الشرف و الخيانة و النفاق- خطوتين للخلف ، قافزًا كما الجرذان إلى ما تحت الأرض ، ليختبأ من ضربات الأسود الشوامخ فوقها ، و ليعيد تجمع شتات ما فرقته تلك الضربة ، و لينتظر ساعة غفلة من الدولة و أبنائها ، فيعاود ضرباته الخسيسة ، و يكرر تكراره كما اعتاد!
و ليعود الإرهاب مرة أخرى ليضرب ضربته ، و لتثور فورة بركانه الخبيث ، بعد عشر سنوات كاملات من نهاية إرهاب التسعينات ، بموجة إرهابية هي الأعنف في تاريخ مصر كله ، و هي تلك الموجة اللعينة التي ضربت مصر ، فيما بعد يونيو 2013 م ، و التي ما زلنا نعاني منها إلى هذه الساعة .
فهل يا ترى سوف نغير من طريقة تعاملنا مع الإرهاب ، كي لا يكرر التكرار مرة أخرى ؟!
هذا ما سوف نراه –إن شاء الله في المقال القادم .
بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد
بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد
بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد
بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد
بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد
بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد