عندما  تنصت لقصص المهاجرين في بلاد الغربة وتتذوق لوعة الشوق و الحنين التي تجعل منهم يصورون أوطانهم على أنها جنة الله فوق الارض  .. يكبر فيك السؤال ..

ولماذا تخلوا  اذا عن أوطانهم مادامت بهذا الجمال؟

أو يمكن أن تنقطع سبل العيش في وطن بمثل هذا الوصف؟

تتداخل قصص المهاجرين  و تتقاطع في كثير من التفاصيل .. فاختلاف البلد الأم أو الديانة، أو المعتقدات، أو الوضعية الاجتماعية في البلد المضيف .. أشياء تنصهر  أمام شعور الحنين و تتلاشى ليصبحوا أسوياء لا حول لهم و لا قوة،  يستعينون بشيء من الذكرى و مما ينقل اليهم من أخبار عن أوطانهم  ليكملوا رحلة الحياة هنا  بين أحضان وطن غريب،  كما قدر لهم.

أيما كان الدافع وراء الهجرة.. سواء كانت قسرا أم بطيب خاطر،  الا أنها و  بالتأكيد  شيء موجع  و قاس .. شيء موجع لدرجة أن يطبق النفي عن الوطن كعقوبة من العقوبات السياسية  في كثير من الحالات ..  موجع بأن يظل  لقب مهاجر أو لاجئ أو غريب ملتصقا بك مهما ساهمت في بناء وطنك الجديد و إعماره  …

ويحك يا أصيل لا تبكنا

تحضرني قصته عليه الصلاة و السلام عندما هاجر من مكة الى المدينة .. فكان كلما جاءه أحد منها يذهب اليه ليتقصي أخبارها و يتفقدها .. فقد دخل عليه مرة أصيل الغفاري.. فسأله عليه الصلاة و السلام .. كيف وجدت مكة ؟ فاسترسل أصيل يحكي عن جمالها و ريحها و ترابها .. فأوقفه علية الصلاة و السلام و قال : ويحك يا أصيل لا تبكنا ..

مقالات متعلقة بالموضوع

هذا الشعور بالحنين و الشوق كان حاضرا حتى عند أطهر الخلق، رغم أنه عاش في المدينة عزيزا مكرما .. و من يعرف مكة يعرف أن القران كان صادقا لما وصفها بواد غير ذي زرع الا أن كل محبوب يرى بعين حبيبه .. و لحكم كثيرة دبر عز وجل هجرته عليه الصلاة و السلام  رغم أنه كان قادرا سبحانه و تعالى أن ينصره في عقر مكة على من كادوا له .. لكنه  أخرجه ثاني اثنين ليدخلها بعد ذلك بالألوف المؤلفة قلوبهم ..

إن الهجرة ليست تنكرا للأوطان ولا خيانة لها .. و الذين فضلوا البقاء فيها ليسوا أكثر وطنية من الذين غادروها، فأن تحمل  نفسك بعيدا لتحقق ما عجزت عن تحقيقه فيها أفضل مئة مرة من أن تبقى هنا تلعن و تتذمر… أن تهاجر  ثم لا تتنكر  لأصلك فتعود من جديد تبني وتشيد .. تنفع الناس بعلم اكتسبته أو بتجارب عشتها  … أن تصبر على البعد و تصنع شيئا كبيرا يصل صداه إلى موطنك … لكل هذا نغترب ليس لطلب لقمة العيش فقط بل لنكون سندا لأوطاننا التي كانت أضيق من أن تحمل أحلامنا كلها.

فيديو مقال واد غير ذي زرع ..

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ