الأقسام إسلام

العولمة والإسلام…و النظرة الشمولية

الشمولية

تعتبر الشمولية مفهوم عميق و معقد من حيث الدلالة و المعنى ، وذالك نظرا إلى نوعية وظيفتها و طريقة استعمالها في المواضيع و الإشكاليات المختلفة الكبرى .

من أهم المفاهيم التي تبني ايديولوجيتها على الشمولية و التعميم نجد مفهوم العولمة ، الذي جاء من اجل مشروع واحد و بمشروع واحد و هو اضفاء طابع الشمولية على الكون في كل مجالات الحياة (الثقافة ، السياسة ، الاقتصاد…) إلا أن هذه الفكرة أو هذا المشروع الموسوعي تعرض إلى الاصطدام مع العديد من الافكار و الثقافات الاخرى المختلفة عنه.

وهذا ما وضحه العديد من المفكرين و خاصة الغربيين منهم ، المدافعين عن هذا المشروع (الشمولي ) امثال المفكر الامريكي صامويل هانتغتون في كتابه ” صدام الحضارات و النظام الدولي الجديد” ، و المفكر الامريكي دو الاصول اليابانية فوكوياما صاحب كتاب ” نهاية التاريخ و الانسان الاخير” ، الذين يعتبرون بأن مشروع العولمة سوف تعترضه عوائق جمة و كثيرة ، إلا أن هذه العوائق ليست بالعظيمة أو بالمستحيل تجاوزها حسب تعبيرهم .

أن الافكار العظيمة و الايديولوجيات القوية لا يمكن وقفها و مواجهاتها إلى من ماهو مشرع و مؤسس من طرف قوى كبيرة ايضا ، و هذه القوة هنا ليست بقوة (المادة و السلطة و السياسة …) بل قوة الافكار و قوة الايمان بتلك الافكار ، وهذا الحاجز الذي اصطدمت به العولمة هو الاسلام ، هذا الفكر القوي الذي يطبع محتوياته على العديد من اشخاص هذا العالم المؤمنين بمشروعيته و بطبعته و ايدولوجياته العالمية الانسانية .

يرجع الاساس في اصطدام هذه الايديولوجتين المختلفتين :

  • العولمة:

هي مشروع يطمح إلى توحيد العالم تحت الافكار و الثقافة الغربية المستوحاة اساسا من وضعية الانسان والتي لا يحكمها لا دين و لا اعراف و لا تقاليد…وهي تستند في افكارها على كل ما هو علمي فلسفي الحادي مادي ، و تغيب تماما الجانب الروحي و اللاهوتي و الغيبي.

مقالات متعلقة بالموضوع
  • الاسلام:

هو فكر قائم على اساس ديني محض حيث يهدف الى رفاهية الانسان و تقدمه ، لكن شريطة الزامه بقوانين و اعراف تجبره على لزم حده في بعض سلوكيات الحياة .

من هنا يتبين لنا أن الاصطدام بين هادين المشروعين هو تناقضهم في افكارهم و منطلقاتهم الايديولوجية ، لكن الباحث في عمق هادين المشروعين يجد أن الاساس في تعارضهم و تناقضهم و صدامهم هو تشابههم في الهدف و الغاية و هو مفهوم الشمولية ، فالعولمة تسعى بشكل اساس إلى تطبيع جل شعوب العالم و جعلها مندمجة تحت ثقافة واحدة ، و الاسلام بذاته له نفس الفكرة و الغاية وهو توحيد بين كل شعوب العالم وجعلهم امة واحدة ، سعين منه في ذالك إلى رفاهية الانسانية جمعاء و ذالك ما يدل عليه قوله تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )…إذن فالشمولية في حد ذاتها هي اساس التلاقي و الغاية لمشروعي العولمة والإسلام ، وهي ايضا اساس الاختلاف و الصراع القائم فما بينهم.

فيديو مقال العولمة والإسلام…و النظرة الشمولية

أضف تعليقك هنا
شارك

Recent Posts

مشاركة تلاميذ ثانوية المتنبي التأهيلية بإقليم آسفي في مباراة الصحفيين الشباب من أجل البيئة دورة 2024

بقلم: نبيل الهومي الكَبَّار: نبتة خضراء يسافر نفعها من آسفي إلى مناطق وطننا الغراء على سبيل… اقرأ المزيد

% واحد منذ

أفكار أعمال صغيرة مربحة جداً وغير مكلفة

بقلم: محمد زيدان أفكار مشاريع صغيرة, كثير هم الشباب الذين يبحثون عن فكرة عمل صغير,… اقرأ المزيد

% واحد منذ

على من نطلق الرصاص؟

بقلم: أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي أين هو العالم عما يحصل في فلسطين؟ هذا المقال… اقرأ المزيد

% واحد منذ

الكوارث تبرز أفضل وأسوأ ما في الناس

بقلم أميمة البقالي. ردود أفعالنا اتجاه الطوارئ والكوارث وسائل الإعلام تبقي الكوارث في طليعة أذهاننا.… اقرأ المزيد

% واحد منذ

فن الشاطئ.. رؤية فنية بحس جمالي فني سياحي لمدينة أصيلة الشويخ عبدالسلام

بقلم: الشويخ عبدالسلام. فنان تشكيلي - استاذ الفنون التشكيلية بفرنسا مدير قاعة العرض البيداغوجية التابعة… اقرأ المزيد

% واحد منذ

نقاء الروح

بقلم: محسن العويسي كلمات من كتابي (نقاء الروح) إلى جياع المدينة.. استعلاء المتحضر على الريفيّ في… اقرأ المزيد

% واحد منذ